من المجموعة القصصية (اخبار بلا صوت)
يوم جميل
د. صلاح الدين محمد ابو الرب
أزاح الستارة ... وفتح الشباك ... فتسلل نسيم الصباح الجميل ... سحب منه قدراً وافراً وحبسه في صدره ... وبدأ يقلب النسمات في أنفه وينقلها بهدوء المستمتع الى صدره ... يشم عبق الربيع ... يميز بين انواع الروائح التى يشمها .. ليسرح مع كل نوع منفرداً ... فهذا ناعم برىء يصلح لبنت العشرين .. وذلك عطر قوى حاد عنوان النشاط ...
وهذا عطرهادىء يسرق الانسان من سكوته هو عنوان الانوثة... ان هذه التشكيلة من الروائح الجميلة تختلط في جوفه ،تثير جميع الأحاسيس الكامنة والساكتة، فتعجنها في صيحة واحدة من الإستمتاع.
ويرشف من فنجان القهوة رشفة، تتسلل مسرعة من فمه الى جوفه، فيشعر بها في رأسه... قوة ونشاطاً وإقبالاً على يومه .. إنه حقاً يوم جميل...
كيف لا وهو يشعر بالملمس الناعم من النسيم يداعب خده الى رقبته فيرفع رأسه نشواناً بجمال الحياة التي وهبها له الله... يحمده على يومه الجديد الذى رزقه اياه...
ضحك بابتسامة المطمئن ، من أولئك الذين لايحبون الا أن تسير الدنيا على هواهم ، مع اعطائهم الصلاحية المطلقة بان يغيروا مايريدون من واقعهم وعلى هواهم...
كيف لا يرضى هؤلاء بنعيم الله ،كيف لا يستمتعوا بجزيئات الحياة انها نعمه والأهم من ذلك نعمة الشعور بهذه النعمة .
انتهى وقت التامل وبدأ وقت العمل ....مد يده يتلمس الأوراق التي وضعها على الطاولة والمكتوبة بطريقة (بريل) لفاقدي البصر... أخذها وفتح عصاه البيضاء يتلمس طريقه باحثاً عن وظيفة يعمل بها.
المفضلات