بسم الله الرحمن الرحيم
هذه قصيدة أمدح بها عبد العزيز سعود البابطين الذي له فضل شخصي علي بأن مكنني من دراسة العروض وتذوق الشعر مجاناً في احدى دوراته، وفضل آخر على الشعر الذي ينفق عليه من ماله الخاص من اجل نشره والنهوض به.
وفي القصيدة موضوع آخر وهو اثارة مشكلة مدعي الشعر والمروجين للتافه منه
هَنيئـاً لأَهلِ العَزمِ فَيـضُ العَزائِـمِ=وَأَرضٌ بِهـا البابطـينُ أُمُّ الأَكـارِمِ
هُنا دارُ إِخواني الكُوَيـتُ مَلاذُهُـم=لَهـا العِلـمُ وَالأَخلاقُ أُسُّ الدَّعائِـمِ
بِها الشِّعرُ يَسمو وَهوَ بِالقَلبِ شـاكِرٌ= مُؤَسَّـسَةَ البابطـينِ بَيـتَ المَكارِمِ
مُؤَسَـسَةٌ تَروي الحُروفَ وَدَوحَهـا=وَتَحمي القَوافي في بُطونِ المَعاجِـمِ
مُؤَسَـسَةٌ تُعطي المَشاعِـرَ حَقهـا=تَضوعُ عُطوراً مِـن ثَنايا المَلاحِـمِ
دَخَلنا إِلى مِحْرابِ سَـعدٍ على هُدى=شَـبِعنا جَميعاً مِـنْ لَذيـذِ الوَلائِـمِ
وَأَرشِفُ مِن سَـعدِ السُّـعودِ رَحيقَهُ=فَمِن نَحلَةٍ صُغرى " لِسِـتِ الهَوانِمِ"
فَأَنجَبتُ شِعراً بَعدَ أَن كُنتُ عاقِـراً=وَأَنْجَبْتُ فَحْلاً زادَ غَيْـظَ الأَعاجِـمِ
أَقولُ لِنَفسـي كُلَّما الشِّـعرُ هَزَّهـا=غَزى الأَرَقُ المَحبوبُ غَضَّ المَياسِمِ
أَتاكِ الذي يَأتي عَلى حيـنِ غَفلَـةٍ=بِطَعْـمِ المَنايـا بَيـنَ لُـجٍّ لَواطِـمِ
أَتـاكِ الذي كَالحُلْـمِ دونَ مَواعِـدٍ =بِغَيـمٍ وَغَيـثٍ وَالرُعـودِ الهَوازِمِ
وَحُبٍّ وَكُرهٍ وَالتَّباريـحِ وَالضَّنـى=وَأَوجاعَ أُخـرى وَالدُموعِ السَّـواجِمِ
وَأَوهامِ أُنثى فـي تَفاتيـحِ زَهرِهـا=بِقَلـبٍ شَـبابٍ عامِـرٍ بِالضَّرائِـمِ
لِقاءاتِ مَـنْ غابـوا وَظَلَّ مَكانَهُـم=حَريقاً صَلى قَلبي كَكَـيِّ المَواسِـمِ
وَيُسـفِرُ فـي العَتمِ اليَراعُ مُنَـوِّراً=فَيَقذِفُ جَمْـراً فـي فُؤادي المُسـالِمِ
وَبَعدَ عَذابـاتٍ وَطـولِ مَخاضَـةٍ=وَأَزٍ بِغَـورِ الصَـدرِ مِثلِ الزَّمـازِمِ
تَلَوَّيتُ وَجلـى وَالصُراخُ بِمُهجَتـي=أَمـوتُ وَلا أَنجَـبتُ رَثَّ الطَماطِـمِ
تَنَفَّسـتُ فَرحى إِذ وَضَعتُ قَصـيدَةً=مَـآثِرُكُـم كَالغـارِ فَـوقَ العَمائِـمِ
فَلَسـتُ أُبالي بَعدها مـا أَصابَنـي=وَعَبـدُ العَزيزِ الفَخرُ مِسـكُ الخواتِمِ
أَنـا دُرَّةُ الأُردُنِّ لينــا قَصـائِدي=دُمـوعُ النَّـدى يَلمَعنَ فَوقَ الكَمائِـمِ
أَنا الحِكمَةُ الأُنثـى الوَلودُ جَواهِـراً=أَنا الرُمحُ في قَلبِ الدَّواهي الغَواشِـمِ
مِنَ الأُردُنِ المَهيوبِ عِزّي وَمَسكَني=وَأَمسـي وَيَومـي وَالدُّهـورِ القَوادِمِ
وَمِنْ صَخرَةِ الأَقصى المُبارَكِ حَولَهُ=قَـليـلٌ لَـهُ مِنّـا ذِمـامُ المَحـارِمِ
إِلى مَن سَقى الأَشعارَ مِنْ حُـرِّ مالِهِ=تَحِيَّـةَ حُـبٍ فـي هَـديلِ الحَمائِـمِ
مُضَمَّخَةً بِالشُكرِ تَسري لِمَنْ رَعـى=رَياحينَ رَوضِ الشِّعرِ بَين العَواصِمِ
إِلى رافِـعِ الشِّـعرِ العَزيـزِ مُعَزَّزاً=إِلى السَـقفِ فَالعَلياءِ فَوقَ الغَمائِـمِ
إِلى ناشِـرِ الشِّعرِ الكَريمِ على المَدى=خُزامى وَمِسـكاً فـي أُنوفِ العَوالِمِ
وَأَنّى يَمَسُّ الشِّعرَ في الأَرضِ وَحشَةٌ=وَقلبُ سُـعودِ الخَيـرِ لَيـسَ بِنائِـمِ
أَنيـسٌ لأَهلِ الشِّـعرِ طَوّافُ بَينَهُـم=يُجاذِبُهُـم كَـأسَ القَوافـي الهَوائِـمِ
هُما الشِّعرُ وَالبابطينُ نَجمانِ أَشـرَقا=عُيونٌ سَهـارى فـي مَسـاءِ التَنادُمِ
هُما النَّحلُ وَالرَّيحانُ عِشـقاً تَعانقـا=وَذابـا مَثاني في عَبيـرِ النَّسـائِـمِ
أَلَسـتَ الذي زَيَّنتَ لِلشِّـعرِ جيـدَهُ=وَطَـوَّقتَ بِالغالي بَياضَ المَعاصِـمِ
وَأَنتَ الّذي أَسـعَفتَ لِلشِّـعرِ نَبضَهُ=وَأَلبَسـتَهُ التَّقــوى رِداءَ الكَرائِـمِ
فِداكَ نُفـوسٌ قِرشُـها مـا يَضيرها=خَزائِنُهـا لِلمالِ قُحْـفُ الجَمـاجِـمِ
لَكَ الشُّكرُ مِن شِـعرٍ رَفَعتَ عِمـادَهُ=وَشُـكرٌ لِمـا رَمَّمتَهُ مِـن رَواسِـمِ
وَلِمْ لا أُحَيّي صادِقَ الغَيثِ إِذ هَمـى=وَعَبدُ العَزيزِ الغَيـثُ نَهـرُ المَكارِمِ
وَلَيْـلٍ رَأَيتُ الشِّـعرَ فيهِ مُضَرَّجـاً=مُسَـجّى أَمـامَ شُـوَيعِـرٍ مُتَعـالِمِ
إِلَيكَ أَبوحُ اليَـومَ مُـرَّ الذي جَرى=وَأَبْكي لِلَحـمِ الشِّـعرِ تَحتَ الجَوارِمِ
عَـزاءٌ لِعُيْـني أَنْكَ لِلْشِّـعرِ صَقرَهُ=وَأَنَّ الدَّعايا فـي بُغـاثِ السَّـوائِـمِ
أَبـوحُ لإِدراكـي بِـأَنَّكَ عــازِمٌ=لإِنقـاذِ قَصْرٍ مِـنْ فُـؤوسِ الهَوادِمِ
فَكَمْ مِـنْ أَماسٍ لِلشَّـعاريرِ رُحتُهـا=حَسـدتُ وَرَبّ العَرشِ جَفنَ النَّوائِـمِ
وَكُنتُ أُمَنّي النَّفسَ في عِودَتي لَهـا=عَسـاني أَراني غانِماً غَيـرَ نـادِمِ
بِها هادِمو الأَشعارِ شـادوا خِلالَهـا=قُبوراً خَراباً مِـنْ غُثـاءِ الطَلاسِـمِ
هُنـا الهَذرُ حُـرٌ وَالقَوافي سَـجينَةٌ=وَأَدبارُهـا تُدمـى بِرَفـسِ البَهائِـمِ
وَيَعلو نَقيقُ الصَّوتِ مِنْ غَيرِ حِكمَةٍ=وَصَمتٌ لَهُم لَوْ يُشـتَرى بِالدَّراهِـمِ
أَغورُ إِلـى اللاشَـئِ مَعْ كُلِّ نَعقَـةٍ=وَأَلعَـقُ في الأَجفانِ مُـرَّ العلاقِـمِ
وَما زادَ غَيظي ما بِهِـمْ مِـنْ بَلادَةٍ=وَعُريٍ وَلُـؤمٍ فـي لِسانِ الشَّواتِـمِ
يَقولوا دَوِّيَ الجِـنِّ في حَلقِهِـم عَلا=لَهُـمْ صَخَبٌ بَلْ قُل: شَـخيرُ العَوادِمِ
وَلَوْ سَـمِعَ الجِنِّيُ في الليلِ شِـعرَهُم=تَعَرّى لِزَخـاتِ الشِّـهابِ الرَّواجِـمِ
يَقولوا هُـوَ المَعنى عَلَيهِ اتِّكـائُنـا=وَأَمـا القَوافـي فَهْـيَ شَـرُّ اللَوازِمِ
لَدَيهِـمْ مَعانـي أَبدَعوهـا كَئيبَـةً=عَقارِبُهـا أَدمَتْ رَؤوسَ الضَّراغِـمِ
مَعـانٍ بِهـا كُلُّ المَعانـي قَبيحَـةٍ=وَبِالنّـارِ أَوْلى مِـنْ حَقيـرِ التَّمائِـمِ
يَقولوا عَلى الأَلفـاظِ جُلَّ اهتِمامِنـا=لِتَبدو فَراشـاً لا كَـوَطْءِ المَنـاسِـمِ
"فَعَصْـرَنَةُ" الأَلفـاظِ غايةُ نَظْمِنـا=وَمِنهـا ضِياءُ الشِّـعرِ لَمْعُ الصَّوارِمِ
وَبَعدَ شَـهيقٍ مَعْ زَفيـرٍ تَعـاقَبـا=وَمـا جاءَ عِنْدَ الفَجرِ دودُ الرَّمائِـمِ
لَهُـمْ صُـوَرٌ مِثْلُ الغُرابِ كَريهَـةٌ=تَطيــرُ بِلا ذَيْـلٍ وَدونَ قَــوادِمِ
تَلاوينُهـا كَالقَبْـرِ أَغبَـرَ موحِـشٍ=وَأَحبارُهـا مِـنْ سُـمِّ نابِ الأَراقِـمِ
تَطيرُ تُيـوسٌ مِـنْ عَقيـمِ خَيالِهِـمْ=خَيالٌ عَقيمٌ مُسـرِفٌ فـي المَزاعِـمِ
فَصارَ حِمارُ الوَحشِ يَسْبَحُ في السَّما=وَعَنقـاءُ تَجْري خَلـفَ "أُمِّ الخَماخِمِ"
لَقَدْ أَفرَغوا شِـعرَ العُروبَةِ غُصنَـهُ=لِيَبقى هَباءً عِنْـدَ عَصْفِ الحَواطِـمِ
وَهُـمْ كَفَـروا دَوْماً بَديـعَ جَمالِـهِ=لِيُمسـي قَبيحاً في دَياجـي الهَزائِـمِ
رَصاصٌ تَخَفّـى بَيْنَ طَـيَّ كَلامِهِمْ=وَفي حَلْقِهِـمْ غَـدرٌ كَغَدرِ الكَواتِـمِ
أُولئِكَ هُـمْ حَمقـى كَذا خَطَراتُهُـمْ=وَلا يَنفَعُ الحَمقـى لَطيـفُ المَراهِـمِ
عَلَيهِـمْ عَلَيهِـمْ إِنَّهُـمْ يَذْبَحـونَـهُ=أَصابَتْ عُيونَ الشِّـعرِ عَينُ الأَقازِمِ
أَفـي كُلِّ حينٍ نَعْقَـةً تَنعَقـونَهـا؟=فَهـذا عَزيزٌ فاصِلٌ فـي الجَرائِـمِ
عَزيزٌ يَقـودُ الشِّـعرَ فَوقَ أُنوفِهِـمْ=سَـيُرجِعُهُـمْ لِلحَـقِّ وَقْتَ التَزاحُـمِ
يُجادِلُهُـمْ بالحَـقِّ قَبـلَ وقـوعِهـا=وَلَنْ يَبْـقَ بَعدَ النَّصْرِ غَيْرُ الشَّـكائِمِ
وَما أَنتَ قاسٍ إِنْ لَجَمْـتَ لِسـانَهُمْ=وَلكِنَّهـا نَجْـداتُ راعي التَّـوائِـمِ
وَلَسْـتَ بِفَظٍّ إِنْ فَضَحتَ عَوارَهُـمْ=فَما ذاكَ إِلا بَعـضُ فَيْـضِ العَزائِمِ
سَلامٌ عَلى مَنْ يُسـعِدُ الشِّعرَ جُهْـدُهُ=بِصَوْنِ القَوافي مِـنْ نَقيقِ العَلاجِـمِ
سَـلامٌ إِلى عَبـدِ العَزيـزِ وَإِنْ نَأى=فَكَمْ بُعْـدُ كَفٍّ عَـنْ جُذورِ البَراجِمِ؟
لَقَدْ نالَ سَـيْفُ الدَّولَةِ الأَمـسَ حَقَّهُ=وَمِـنْ حَقِّ عِزِّ الشِّعرِ مَدْحُ المَباسِـمِ
شعر: لينا اسماعيل مطاوع
المفضلات