آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: كوكب الوهم / مسرحية ملحمية

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية عاطف علي الفراية
    تاريخ التسجيل
    12/12/2007
    العمر
    60
    المشاركات
    68
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي كوكب الوهم / مسرحية ملحمية

    مسرحية
    كوكب الوهم
    نص مسرحي ملحمي
    تأليف:عاطف علي الفراية
    جائزة الشارقة للإبداع العربي عام 2000




    الشخصيات:-

    1- قمحة (البهلوان)
    2- منقذ
    3- جنية الرصد
    4- طاليس
    5- حرة
    6- النسناس الأكبر
    7- خفوش
    8- خفافيش وجوقه (مجاميع)

    المشهـد الأول
    )تبدأ الموسيقى بإصدار إيقاعات بطيئة تنبيهية. ثم يصعد الراوي أمام الستار. يفتح كتاباً قديماً ويقرأ بصوت عالٍ وإلقاء. يفضل أن يكون الراوي هو طاليس).
    الراوي: هذه قصة قديمة.. وجديدة.
    يعلوها الغبار.. المتراكم مثل تراكم أيام الزمان.
    ويغلفها لمعان العصر المدني..
    ودائماً يأتي من ينفض الغبار عنها ليعيشها مجدداً
    قصة يكتبها الزمن...
    ويخرجها في مسرح هذا الكون جميع الخلق
    لأنها صوت المطلق... والمطلق دوماً يتشكل
    يكبر ثم ينام طويلاً... لكن ينبعث كثيراً
    ويحطم كل الأسلاك الشائكة....
    يتشكل ويهدم جدار الزمن.
    لا تبحثوا للمطلق عن زمان ولا مكان ولا أبطال.
    لأن المطلق هو الكل في واحد.
    والآن يا سكان كوكب قردستان والكواكب المجاورة
    تعالوا... لنشكّل المطلق معاً...
    كان ياما كان...
    ويكون ياما يكون...
    كوكب قردستان.
    )يدخل الراوي إلى الكالوس وتفتح الستارة على المسرح. ثلثا المسرح من اليمين في الداخل سور من القضبان تبدو خلفه أرتال من الموز وجوز الهند المعلقة على ما يشبه الأشجار... وفي الثلث الأيسر يبدو الجزء الداخلي على شكل حجب سوداء كثيفة تغطي الزاوية اليسرى بشكل قطري. أمامها ترتسم على الأرض نصف دائرة حمراء قاعدتها ملاصقة للحجب السوداء. تأتي الإضاءة زرقاء خافتة توحي بأن الحجب السوداء تحجب الشمس عن المسرح.
    (من يمين المسرح يدخل (بهلوان) يرقص ويغني.(
    البهلوان: (يغني)
    حقنت دمي حين خارت قوايْ.
    وأيقنت أني أعيش طويلاً
    أنا البهلوان الضعيف.. أن البهلوان
    فليمت كل شيء سوايْ...
    وأيقنت أني أعيش...
    وقلت بنفسي الجبانة موتوا لأحيا
    ولكن....
    ولكن....
    دمي صار ملكاً لغيري
    وروحي الحبيسة تحيي سواي
    )يدخل أحد الخفافيش من أحد جانبي المسرح بحركة سريعة ويختفي في الجانب الآخر....(
    البهلوان: (يتلفت ويدور حول نفسه) شيء ما مر من هنا... لابد أنه خفاش يا إلهي؛ حتى وأنا أتغنى بضعفي ويأسي واستسلامي يعدون علي كلماتي..! الخفافيش لا تترك شيئاً يمر هكذا
    )يسمع صوت جلبه من يمين المسرح فيلتفت يميناً ثم يهرب ويختفي في الجهة اليسرى.
    يدخل من اليمين النسناس وجنية الرصد.(
    النسناس: القربان... القربان... يجب أن نقدم القربان في موعده هذا العام.. أتدرين يا جنية الرصد. الحياة أصبحت مملة وقاتلة. منذ عامين لم نقدم القربان. لم نذبح أحداً من سكان الكوكب على عتبة مولانا الغوريلا الأكبر
    )في الجملة الأخيرة يتجه بيديه ووجهه نحو الحجب السوداء بما يوحي أن الغوريلا الأكبر يختفي خلفها(
    ولم يحاول أحد أن يدخل الدائرة الحمراء لنمزقه بأظافرنا... خفافيشك تذهب وتعود ولا تأتي بخبر يشبع شهوتي للدم. أتدرين يا جنية الرصد وكبيرة الخفافيش!. إني أخاف على خفافيشك من قلة العمل أن يصيبها الخمول. فإذا جاءت الريح لم تعد تقوى على مصارعتها.
    الجنية: سيدي النسناس الكبير. لا تخف عليّ وعلى خفافيشي من شيء.. ولا من الريح. الريح فضاؤنا الذي نستمتع بالسباحة فيه. ونحن دائماً مستعدون لاستقباله ولكن أرجو يا سيدي أن لا تستعجل الأمور.. فما أجمل أن ننعم ببعض سنين من الراحة والاستجمام بعد كل الوقت الذي قضيناه في النضال (بسخرية).. والكفاح.. من أجل سلام كوكبنا قردستان... (بسخرية أكبر) وراحة بال المعظم غوريلا الأكبر.
    نسناس: أنا لا أحب راحة البال كثيراً.. كل هدوء في هذا الكوكب يذكرني بعاصفة.. الوقت عندما يسير بهدوء يصيبني بالكآبة.
    الجنية: إنها عامان فقط يا سيدي.. ثم.. كيف يكون الوقت كئيباً وأنا دائماً بجانبك. سيدي لقد كنت دائماً أصنع لك العواصف كنت أقدم لك رؤوس الناس على طبق من ذهب. أرتب لك القرابين الواحد تلو الآخر. والعاصفة تلو العاصفة أوسوس.. أرصد.. أفتح بخفافيشي صدور الناس لآتيك بأخبار ما يفكرون فيه. وبعد كل هذا ألا يحق لي أن أنعم معك ببعض الهدوء قبل أن تهب العواصف من جديد؟!.
    نسناس: العواصف… آه كم أشتاق إليها.. الريح.. الريح خارطة الخراب.. ولونها غبش خرافيٌّ يذوب به حليب الرعد.. والبرق جمّعَ بعضهُ زيتاً يقوي شهوتي للدم.. والرعد موسيقى لروحي..
    )مؤثرات صوتية تطلق صوت الريح والرعد من المسرح(
    أتسمعين يا جنية الرصد الريح قادمة.. لا بد أنها قريبة.
    )تقترب الجنية من الكالوس وتشير بيدها فيدخل اثنان من الخفافيش. ينزلان كل من زاوية ويختفيان داخل الجمهور(
    الجنية: ستأتيك أخبارها بسرعة.
    نسناس: أسرعي أيتها الريح الحمقاء.
    )تعود المؤثرات الصوتية من جديد(
    الجنية: يبدو أن خاتم سليمان يستجيب لرغباتك أيها الكبير ولكن ما رأيك يا سيدي قبل وصول الريح أن نتدارس أمر القربان. ونخرج بضحية جديدة نتسلى بها قبل وصول الريح.
    نسناس: هذا كلام جميل.. رغم أن إحساسي يقول أن لا وقت لذلك. ثم أن البقية الباقية من سكان الكوكب تعمل بجد واجتهاد في خدمتنا.. ولا تكلفنا شيئاً. أنهم ينتجون لنا الموز. ونحن ندفع لهم قشور الموز ليأكلوها. وهم يشربون الماء ملحاً أجاجاً.. بينما ينتجون لنا جوز الهند لنشرب ماءه. نحن معشر القردة نحتاج دائماً إلى من ينتج لنا. فنحن العنصر الذي يجب أن يبقى سيد هذا الكوكب.
    الجنية: ولا يجرؤ أحد منهم أن يأكل موزة واحدة حتى وإن ضمن أنه لا يراه أحد. لأن الخفافيش أصبحت هاجساً لدى الجميع. إنهم يرونها أينما التفتوا.. حتى وهم نيام. يحلمون بها. إن كل شيء في عيونهم يبدو خفاشاً يعد عليهم أنفاسهم.
    النسناس: الخفافيش هذه إبداع من صنع يديك أيتها الرائعة
    )تسر الجنية بهذا الإطراء. تنطلق موسيقى إيقاعية ترقص الجنية عليها. تنتشر الخفافيش على المسرح لتشكل جوقة. وتستمر الرقصة. وتنطلق الأغنية(
    خفافيش....
    خفافيش....
    خفافيش الظلام.
    لا تظهر أبداً لا تظهر
    تتسلق كل الجدران,
    تتعلق فوق الحيطان,
    تعرف ما يجري تحت الأرض
    وما يجري في بيت النمل
    وما خلف الأبواب.
    خفافيش...
    خفافيش....
    لا تحتاج الشمس ولا في الليل تنام
    وتجوب الكوكب دائبة والخلق نيام
    لا تأكل لا تشرب
    لا تتعب لا تلعب
    تخترق الأنفس وتسجل حتى الأحلام
    خفافيش....
    خفافيش....
    )يدخل خفوش ويهمس للجنية بشيء. ينخفض إيقاع الموسيقى ويخرج الجميع بإيقاع راقص بطيء(
    الجنية: يبدو أن الخفافيش عادت بأخبار الريح أيها النسناس الكبير.
    )ينتهي خروج الجميع. ويعود البهلوان إلى المسرح(
    بهلوان: (يقفز ساخراً) خراخيش... (يهز الخراخيش بيديه)
    خراخيش... إنهم أغبياء هي هيء.. هاهأ.. هو هوء.
    لقد سمعت وراقبت كل شيء... ولم يشعر بي أحد.
    )قهقهة عالية من خلف بهلوان(
    بهلوان: مـ مـ مـ ن… سـ سيدي خفوش
    خفوش: أجل أجل.. (يتابع القهقهة)
    بهلوان: مم تضحك يا سيدي.
    خفوش: من نفسك الغبية
    بهلوان: ماذا تقصد يا سيدي
    خفوش: أقصد أن نفسك وسوست لك بالمستحيل.
    بهلوان: وما هو المستحيل الذي وسوست به نفسي..؟
    خفوش: إنك غبت عنا لحظة واحدة.
    بهلوان: أنا يا سيدي..!
    خفوش: أجل أنت. هل تحب أن أخبرك كم مرة تنفست في الساعة الماضية..؟
    بهلوان: لا لا يا سيدي.. ثم إن لي نفساً طيّعة لا يمكن أن توسوس لي بشيء كهذا....
    خفوش: أهّية.. نفساً طيّعة؟. فلماذا إذاً كنت تسخر من أغنية الجنية…؟.
    بهلوان: لم أسخر يا سيدي.. أنا فقط أبيع الخراخيش.
    هي تغني خفافيش خفافيش.. وأنا أغني خراخيش خراخيش... مجرد صدفة.
    خفوش: بهلوان... ليس على خفوش.
    بهلوان: ثم أنك دائماً تقول إنك صديقي...
    خفوش: حقاً أنت صديقي لذا... سأسرب لك بعض الأخبار...
    بهلوان: (يقفز بفرح) صديقي.. حبيبي.. سيدي أخبار عن عن عن.... عن ماذا يا سيدي..
    خفوش: عن الريح القادمة...
    بهلوان: الريح قادمة يا سيدي؟.
    خفوش: أجل.
    )مؤثرات صوتية تصدر صوت الريح(
    بهلوان: من أين وكيف.. ومتى.. ولماذا.. أقصد.. ماذا تعني؟.
    خفوش: لا يهم من أين ولا كيف ولا لماذا.. المهم أنك في العاصفة لا يمكن أن تكون محايداً… يجب أن تحافظ على حياتك.
    بهلوان: وكيف أحافظ على حياتي؟.
    خفوش: بأن تكون معي…
    بهلوان: ولكني دائماً معك يا سيدي.
    خفوش: ولا تنسَ أنني وقفت بجانبك حين أقنعت النسناس الأكبر بأن لا يقدمك قرباناً للغوريلا الأكبر ويكتفي بجعلك بهلواناً...
    البهلوان: أنا لم أنسَ ذلك يا سيدي.
    )يطفأ المسرح إلا من دائرة ضوء على البهلوان الذي ينهار ببطء ويدخل في حالة استرجاع. صوت النسناس يقهقه عالياً. وصوت خفوش يقول(:
    خفوش: ما رأيك يا سيدي النسناس الأكبر بدلاً من قتله أن نبقي عليه.. ونصنع منه بهلواناً.
    النسناس: بهلوان... أجل منذ اللحظة ستكون بهلواناً يسري عنا ويسلينا... ((يتابع القهقهة))
    )تعاد إضاءة المسرح ويستمر البهلوان في الانهيار إلى أن يضرب الأرض بقبضتي يديه.(
    بهلوان: لم أنس يا سيدي... ولكني لا أحب أن أتذكر.
    خفوش: لا أكتمك يا صديقي إنني بذلت جهدي في ذلك الموقف للإبقاء على حياتك لإحساسي أنني سأحتاجك يوماً.
    بهلوان: ليتك لم تفعل يا سيدي. لكنت الآن في عداد الأموات وارتاحت نفسي من هذا الطلسم الذي يجثم على صدري.
    خفوش: آه.. أنت إذاً غير راضٍ عما أنت فيه. وبهذا تكون مخالفاً لقوانين كوكب الرضى... هل تفكر في الدخول مجدداً إلى دائرة الخطر...؟
    بهلوان: قوانين كوكب الرضى؟
    خفوش: أجل. أليس كوكبنا قردستان هو كوكب الرضى؟.
    بهلوان: أعرف جميع هذه الأسماء يا سيدي. ولكني فقط أعجب من قوانين تحاسب المخلوق على ما يدور في عقله. ألا ترى معي أن كل تلك التهم الموجه لي هي مجرد استنتاجات؟
    خفوش: لا فائدة… قلت لك أن نفسك تتململ. ربما هذا بفعل اقتراب الريح...
    بهلوان: [يدور في المسرح]
    أقبلي إذاً أيتها الريح. لعل فيكِ ما يرفع هذا الطلسم عن صدري.
    خفوش: اطمئن... لا شيء يمكن أن يرفع الطلسم عن صدرك سوى أن تكون معي.
    بهلوان: ولكني دائماً معك يا صاحبي...
    (تدخل الجنية)
    الجنية: بماذا تتهامسان؟
    خفوش: بكل ما يخدم السلام على هذا الكوكب سيدتي.
    الجنية: طموحك يخيفني يا خفوش.
    خفوش: على ماذا تخاف سيدتي.
    الجنية: على رأسك.
    خفوش: ومم تخاف سيدتي على رأسي.
    الجنية: قلت لك.. من طموحك.. فالطموح أحياناً يصبح سيفاً يطيع برأس صاحبه.
    خفوش: أنا لا أطمح لأكثر من رضى سيدتي كبيرة الخفافيش.
    الجنية: أنت تعلم ما يرضيني.
    خفوش: ليتني أعلم يا سيدتي.. إذاً لآتين به ولو كان في آخر الكون.
    الجنية: رضاي لا يكون إلا بالإخلاص للغوريلا الأعظم.
    خفوش: تقصد سيديّ للنسناس الكبير.
    الجنية: خفوش.. تأدب يا خفوش.
    خفوش: لم أخرج عن حدودي يا سيدتي. ولكن طموحك أنت الذي أصبح أكثر وضوحاً. أنت لا ترين إلا النسناس الكبير. وقد نسيت أنه من سلالة القرود التي لا يمكن أن ترضى لغيرها أن يشاركهم. وأننا مهما علت مكانتنا لديهم. لا يمكن أن يرونا إلا خدماً. ولذلك أعتقد يا سيدتي أننا أولى ببعض.
    بهلوان: أرجوكم يا سادتي.. لا تناقشوا هذه الأمور أمامي لأنكم (قد) تحاكموني بعد ذلك بتهمة أنني (قد) أكون أعرف معلومات (ربما) كانت.. خطيرة.
    الجنية: ها.. أنت ما زلت هنا!!! معك حق. (بهمس) خفوش… لماذا تتكلم في هذه الأمور قبل أن تتأكد من ذهاب صاحبك هذا...
    خفوش:- اطمئني سيدتي.. إنه بلا ذاكرة. إلا ذاكرته تجاه مأساته. وهذه يجب أن يبقى يتذكرها لكي يبقى بهلواناً.
    الجنية: فلنجعله ينسى ما سمع
    (ملتفتة إلى بهلوان)
    ما رأيك أن تسمعنا غناءك؟
    بهلوان: (يغني بصوت حزين وإيقاع بطيء)
    باحث في سريرة نفسي التي زرتها في رؤاي.
    عن صبي هنا كان ثم اختفى في سوايْ.
    أي هذا الصبي الذي كنتهُ...
    ذات يوم أضاع الطريق إليّ وما عاد يشبه صوتي
    صداه الذي خنتهُ....
    حائر.. في الذي كنته...
    حائر في الذي صرته...
    )أثناء غناء البهلوان ترقص الجنية رقصة بطيئة وتدخل من الجهة التي جاءت منها ويتبعها خفوش. بينما يستمر البهلوان في غناءه مستعداً للمشهد الثاني. يسير إلى الجهة الأخرى فيسمع صوت الريح ويتسمر في مكانه.(

    المشهد الثاني
    ويتسمر في مكانه. تسلط الإضاءة )بعد أن يسمع البهلوان صوت الريح على شكل دائرتين متباعدتين داخل الجمهور حيث يقف طاليس في دائرة وحرة في الدائرة الأخرى. تبدأ الموسيقى بعزف إيقاع صوفي بطيء بعض الشيء. ويمارس طاليس وحرة رقصة صوفية بينما في نفس الأثناء يدور بهلوان في المسرح وهو يقول بلغة إلقائية عالية(
    بهلوان:- أسمع صوت الريح. أقبلي أيتها الريح....
    حرة وطاليس:- (وهما مستمران في الرقصة)
    الريح... الريح... الريح... الريح...
    بهلوان:- أشم رائحة الشمس
    )يردد طاليس وحرة على نفس اللحن(
    الشمس... الشمس... الشمس... الشمس...
    بهلوان:- الشمس التي لم يرها هذا الكوكب منذ أن ارتفعت هذه الحجب.... منذ لم نعد نرى سوى الظلام....
    أقبلي أيتها الريح
    )ينبعث صوت الريح.. مجدداً.. ويهز الستر السوداء.. ثم تعود الموسيقى والرقصة الصوفية. ويردد طاليس وحرة(
    الريح... الريح.. الريح.. الريح
    )بينما يستمر بهلوان في إلقاءه(
    أقبلي لتنثري رماد هذا العالم المحترق....
    وتنثري رماد نفسي التي احترقت في نار الجبن والخوف... والحرص على الحياة.
    آه... كم تعبت من ثقل هذا الطلسم... وكم
    تعب جوفي من أكل قشور الموز... وكم تعب
    صدري لكثرة ما تنفس من غبار مالح
    ولكثرة ما شربت من ماء مالح.. إن
    صدري يبدو كصخرة ملح لا يشققها
    إلا زمزم... أين أنت يا زمزم....

    )يقلب طاليس وحره الغناء(
    زمزم.... زمزم... زمزم... زمزم...
    يتابع بهلوان: وكفّي..
    )يعرض كفه أمام وجهه وينظر إليها بجحوظ(
    كفي كعرجون تيبس دون شمس.
    )يقلب طاليس وحرة الغناء...(
    قمحة.... قمحة.... قمحة.... قمحة....
    )يتوقف بهلوان عن الإلقاء والدوران كأنه سمع صوتهما للمرة الأولى(
    البهلوان: ماذا أسمع؟… قمحة؟؟
    )يستمر طاليس وحرة(
    قمحة... قمحة...
    البهلوان: منذ سنوات لم أسمع بهذا الاسم... أتذكر أنني أعرف أحداً اسمه قمحة.. آه.. تذكرت أنه اسمي...
    )يصمت البهلوان وينظر إلى طاليس وحرة بدهشة وهما يتركان مقاعد الجمهور وينزلان ببطء وهما مستمران في الرقصة الصوفية حتى يصلا إلى الزاوية اليمنى ويصعدا المسرح وهنا تتوقف الموسيقى والرقصة(
    بهلوان: من أنتم.. أنتما..
    حرة: نحن أنت... نحن أنتم.. نحن نحن...
    طاليس: نحن الذين جاءت بنا الريح.... الريح رقص الكون... إما أن تدمر كل شيء وإما أن تقلب الأمور رأساً على عقب.
    بهلوان: أية ريح.. أقصد كيف تقلب... ماذا تقلب ليس ماذا أعني لماذا أو ربما أعني...
    طاليس: (مقاطعاً) ماذا بك؟. هل تعاني من شرخ سيكولوجي؟
    بهلوان: سيكو ماذا؟.. أقصد من انتم؟.
    حرة: قلت لك نحن أنت
    طاليس: نحن أنتم...
    بهلوان: كيف؟
    حرة: اسمع يا قمحة… سأقرب الأمر إليك. نحن الذين تحملنا الريح لكي تعيد بنا الأمور نحو الأفضل. وإذا جاءت الريح بدوننا كانت عواصف مدمرة.
    طاليس: لا يكون التغيير إلا بنا (أنا طاليس) أنا الضوء الذي يفتح الأعين على الحقيقة.
    بهلوان: طاليس..؟
    حرة: وأنا حرة.
    بهلوان: أنا أيضاً حر... إلا من بعض القيود.. عفواً تقصدين أن اسمك حرة؟.
    حرة: أجل. أنا التي بها تكون القلوب قوية. والأجساد تفنى من أجل الأهداف الكبيرة
    لقد جئنا لنعيد الشمس إلى هذا الكوكب.
    بهلوان: شمس؟! هنا في قردستان؟!
    حرة: نعم.. ثم إنه يجب ألا يبقى قردستان.
    بهلوان: ربما يتحول إلى نسناسستان... أو ربما خفوشستان.
    طاليس: وما يدريك.. لعله يصبح بهلوانستان.
    بهلوان: أتسخر مني قبل أن أعرف من أنت.
    طاليس: أنا لا أسخر... ربما أنت الذي لا تعرف ما أعرف.
    بهلوان: سيكو ماذا...؟ أقصد… ما الذي تعرف.
    طاليس: أعرف أن هذا ليس مستحيلاً.
    بهلوان: مستحيل إلا إذا جلس البهلوان مكان الغوريلا الأعظم وهذا مستحيل. إذاً مستحيل يفضي إلى مستحيل.
    حرة: ألم يكن هذا سيحدث قبل زمن ليس بعيداً...
    بهلوان: كيف ومتى...
    طاليس: عندما عرف منقذ سر الحجب وما وراءها.. وكدت أنت تحرقها لولا خوفك وجبنك وطمعك.
    بهلوان: (بذهول) هل قلت منقذ...!
    حرة: منقذ الذي غادر الكوكب ليعود بنا إليكم. ويغير كل شيء.
    ويعيد إشعال النار. النار التي أضعتها أنت.
    بهلوان: وأين هو الآن. ولماذا لم يعد معكم.. وكيف عرفتم منقذ وأين وجدكم. أقصد....
    طاليس: (مازحاً) ألم أقل لك.. أنك تعاني من شرخ سيكولوجي؟
    بهلوان: سيكو ماذا؟.
    طاليس: ربما فرغ إيديولوجي…
    بهلوان: (بغضب) اسمع يا هذا.
    طاليس: بل اسمع أنت وافهم جيداً. إن ما ينتظرك من أحداث يحتاج إلىكل ذرة من عقلك وقوة جسدك. فالأمر لم يعد يحتمل ما أنت فيه مع غيبوبة.
    بهلوان: لا أفهم ما تعني ياسيدي.
    طاليس: أنت بطل شجاع صنديد وقوي وعاقل ومثقف. فلماذا ترضى أن تعيش بهلواناً.
    بهلوان:- وما شأنك أنت؟
    طاليس:- عدتَ إلى المناكفة
    بهلوان: صدقوني يا جماعة.. إن عقلي أصغر من أن يستوعب ما يجري.
    حرة: أنا سأقرب الأمر إلى عقلك. أتذكر قبل سنين قليلة قبل أن تصبح بهلواناً ماذا كنت؟
    بهلوان: كان اسمي قمحة.
    حرة: وما زلتَ قمحة. المهم. أتذكر ماذا فعلت أنت ومنقذ وكيف أصبحت بهلواناً؟.
    بهلوان: أرجوك سيدتي لا تذكري هذا الأمر. لقد كدت أفقد رأسي يومها لولا شفاعة صديقي خفوش.
    حرة: خفوش ليس صديقاً إلا لأطماعه.
    بهلوان: أرجوك سيدتي...
    حرة: ولماذا ترجوني.. لماذا تحب أن يبقى رأسك فوق كتفيك وبين أذنيك ما دمت لا تستخدم عقلك؟
    بهلوان: كفى كفى سيدتي قلت لك أرجوكِ.
    حرة: ترجوني ماذا... أن لا أذكرك من أنت مع أنك تذكر جيداً. ولكنك تخفي أنينك خلف الشفاه جبناً وخوفاً. وتركب بالصمت في غصة الحلق طوق النجاة. وتلهث خلف الملوحة. حين تلمس العذوبة في النبع ولا تجرؤ. ولا تقتفي أثرمن حجبوا الشمس عنك وعن قومك ومن قلبوا حياتكم ظلاماً وملحاً. ترجوني ماذا؟. أن لا أذكرك بصاحبك الذي فقدته بسبب جبنك وطمعك.. ترجوني ماذا؟. أن لا أذكرك بأنك كنت السيد المنتظر لهذا الكوكب ثم أصبحت بهلواناً كي لا تموت؟. أن لا أذكرك أن الجنية أوهمتك.
    بهلوان: (مقاطعاً) كفى كفى.. (مستدركاً) أوهمتني؟
    حرة: أجل
    بهلوان: بماذا؟
    حرة: بأن في صدرك طلسم. وأنك لا تستطيع استعادة قوتك.
    بهلوان: ولكنها الحقيقة.
    حرة: بل وهم. وهم تلبسك لكي تقضي عمرك في بيع الخراخيش للصغار مقابل قشور من الموز واللعب لإضحاك السادة الكبار. تاركاً الكوكب كله يغرق في الملوحة والظلام. ينتظر منقذ ليأتي بعصا سحرية ويغير كل شيء. ويفجر الينابيع العذبة من صدرك المالح.
    )ينهار بهلوان على الأرض باكياً ويضرب الأرض بيديه ويصرخ(
    بهلوان: منقذ... أين أنت ولماذا لا تعود وتحضر تلك العصا... لقد مللت هذا الطلسم.
    طاليس: العصا وهم أنت اخترعته وأنت صدقته.
    بهلوان: ما قصتكم.. العصا وهم.. والطلسم وهم كل شيء لديكم وهم؟. هل ركبكم عفريت اسمه الوهم؟
    طاليس: أجل. إن ريح التغيير لا تأتي بمعجزة.
    بهلوان: وبماذا تأتي إذاً؟
    طاليس: تأتي بأن تضيء رأسك بي. وتملأ صدرك بحرة. لتعرف من أنت. وماذا تريد. ولماذا. وكيف. ومن أين تبدأ.
    بهلوان: عدت إلى الفلسفة... سيكو ماذا؟
    حرة: على أية حالة مادامت لديك الرغبة في الخلاص فالمسألة سهلة. عليك أن تساعدنا في تخليصك من الطلسم قبل أن يعود منقذ.
    بهلوان: مستحيل.. لا شيء يخلصني سوى أن يعود منقذ بالعصا. وأتأكد أنه سامحني.
    طاليس: العصا العصا العصا. أنت العصا. أنت الحل أنت أكبر من كل العصي. ليس مطلوباً. منك سوى أن تثق بنا. وأن تتجاوز الحالة الوهمية التي تعيشها.
    بهلوان: وهل... سيعود منقذ قريباً؟
    حرة: سيعود حالماً تعود أنت.
    بهولوان: من أين أعود؟
    حرة: من بهلوان.
    بهلوان: إلى أين؟
    طاليس: إلى قمحة
    بهلوان: قمحة مات
    حرة: لا لم يمت
    بهلوان: قلت لك مات. يا سادتي ما تزعمون أنه وهم هو الحقيقة الواقعة. أما أحلامكم هذه فهي الوهم بعينه. أنا الآن بهلوان ولست قمحة.
    حرة: لقد أخبرنا منقذ بكل ما حدث.
    بهلوان: كل شيء؟.
    حرة: أجل ولكن يجب أن نسمع منك كل شيء وجهاً لوجه.
    بهلوان: ولماذا أعيد لكم ما تعرفون طالما أن منقذ أخبركم بكل شيء.
    طاليس: لا بأس أن تعيد علينا ما حدث. إنك إذا أعدت ترتيب الأحداث دون أن تنهار تكون قد تجاوزت حالتك هذه. عندها فقط ستخرج مما أنت فيه. وتدرك أن طلسمك وهم. أنت الذي تصنعه بداخلك.
    بهلوان: بدأت أفهمكم.. ولكن لماذا وجهاً لوجه. ألا يمكن قفا لقفا.. أو وجهاً لقفا..؟
    (يضحكان)
    حرة: لا. لا يمكن بالطبع.
    بهلوان: ولكن يا سيدي. (وجهاً لوجه) هذه تجلب لنا المصائب.
    طاليس: لا تخف.
    بهلوان: سيكو ماذا؟.. أقصد لماذا لا تخف
    حرة: لأنني بدأت أستيقظ بداخلك. لقد أرسلني منقذ خصيصاً من أجلك. ومن أستيقظ بداخله لا يغلبه أحد.
    بهلوان: وكيف لا يغلبه ا أحد
    طاليس: لأنها...
    بهلوان: أسكت أنت.. سيكو ماذا؟ أقصد دعني أسمع منها وجهاً لوجه.
    حرة: حسناً يا قمحة. لأنني النائمة في الصدور. إذا صحوت بداخلك فأنا المعجزة التي لا تحتاج إلى انتظار قدومها مع منقذ.
    بهلوان: فهمت... أنت إذاً.. ربما.. أعني أظن أنني بدأت أفهم.
    حرة: مادمت بدأت تفهم سأقص عليك الحكاية... لقد كنا في وادي المفاهيم عندما جاء منقذ وأخبرنا بما جرى.

    المشهد الثالث
    )حرة ما تزال تتحدث. يتحول حديثها إلى مشهد استرجاع (فلاش باك) يطفأ المسرح ثم يضاء النصف الأيمن منه حيث يبدو الجو نهارياً والديكور يوحي بوجود جدول مائي طاليس وحرة واقفان ومنقذ يتقدم ببطء.(
    طاليس: من هذا
    حرة: إنه منقذ قادم من كوكب قردستان يبحث عن منظومة مفاهيم يعيد بها الشمس والعذوبة إلى كوكبه المالح المظلم.
    طاليس: أين وجدته؟
    حرة: عند الماء. كان يروي عطش سنين ويذيب جبالاً من الملح المتراكم في صدره. ويبحث عني.
    طاليس: أقبل أيها المنقذ.. أخبرنا كل شيء عن كوكبك.
    منقذ: ((يدور في المسرح وهو يلقي))
    كوكبي.... كوكبي هو الليل
    هو الليل الذي يغشى (مشيراً إلى حرة)
    قلوب البعيدين عنك... ويأسر أرواحهم
    في النهار الذي ما تجلى على كوكبي
    منذ أن حجبوا شمسه....
    القرود هنالك تبلع كل الفوانيس
    تبلغ أقمارنا في المساء....
    وتبلع آفاقنا في الصباح
    وتبلع أحلامنا العاريات.
    والشمس تأفل في مائهم
    وأنا كنت أصرخ دوماً.
    أيتها الشمس يا أجمل العاشقات.
    تغيبين في حلمي الأزلي....
    فأهذي
    لماذا إذاً اقترب الحلم من أفق الصحو
    عانده القبر....
    والتفّ حول الوسائد شيطان نومي
    وداست سدول الظلام مرابع حلمي
    لماذا إذا زارني ملك الصحو
    تطردهُ الهمهماتْ.
    لأي هزيع من البرزخ السرمديّ
    لأي الهواجس يمتد بعد المسافة
    ما بين دهري... ودهري
    طويل ألا أيها الليل فاصدع بسري.
    )متوجهاً إلى حرة(
    أنت التي صحوت بداخلي يوماً... وبداخل صاحبي
    قمحة... ولكن صاحبي ضعف واستجاب
    لإغراءات القرود... فباع نفسه لهم.
    طاليس: ولماذا فررت أنت؟.
    منقذ: كانوا يأتمرون بي ليقدموني قرباناً. وحين أمسكوا بي لكزت أحدهم فمات. فخرجت أبحث عنكما.
    طاليس: هل كنتم ترونهم حين يقدمون القربان؟
    منقذ:أجل.
    طاليس: هل كانت الخناجر تكبر غضبتها حين تدنو من العنق فتجد فيه رعشة من الخوف؟
    منقذ: أجل. فالخوف من الذبح جريمة.
    طاليس: هل كان الذبيح يرى صمته ذهباً وصراخه فضة.
    منقذ: أجل أجل. ودوماً يرددون. إذا كان الكلام من فضة... فالسكوت من ذهب.
    طاليس: لقد عرفت قصتكم.. إنها تحدث في كل الأزمان والأماكن. ولكن دائماً هناك من يتصدى للظلام ويتوق إلى الشمس.
    منقذ: ولذا خرجت في طلبكم.

    [align=center]وما كنت صوتا لغيري
    .......... وما كنت يوما صدى مستعار
    ..............................................
    زوروا مجموعتي في الفيس بوك للعضوية إن طابت لكم هنا
    http://www.facebook.com/group.php?gi...6323528&ref=mf

  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية عاطف علي الفراية
    تاريخ التسجيل
    12/12/2007
    العمر
    60
    المشاركات
    68
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    المشهد الرابع
    )ينتهي استرجاع حرة فيطفأ المسرح ويعود الثلاثة (حره وطاليس وبهلوان إلى ما كانوا عليه(
    طاليس: وهكذا جئنا قبله لنأخذ بيدك ونخلصك من أوهام نفسك. حتى تعود قمحة الذي كان.
    بهلوان: (يبدو منهاراً) كيف أعود إلى قمحة وقد فعلت ما فعلت..!؟ لقد كان كل شيء قاب قوسين أو أدنى فأضعت كل شيء. وتسببت بهروب صاحبي. إن ذنبي يلاحقني في كل لحظة حتى وأنا نائم. لذا فإنني أعيش الحالة التي أستحقها.
    حرة: ولكنه سامحك وأرسلنا لنقف إلى جانبك.
    بهلوان: حتى وإن سامحني. فهل سامحت أنا نفسي؟ قمحة لا يكون قمحة بغير منقذ.
    طاليس: ما زال الوهم يسكنك. لماذا منقذ؟ لم لا تكون أنت المنقذ. ما الفرق بينك وبينه؟
    بهلوان: لأني بهلوان.
    حرة: بل قمحة البطل الصنديد الخيّر الفارس الشهم
    طاليس: حين تتخلص من أوهامك سينتهي الأمر
    بهلوان: أي أمر..؟
    طاليس: أمر الطلسم.
    حرة: الانتظار لا يأتي بخير. تصور معي أن منقذ لم يعد أو أنه مات مثلاً.... ماذا تفعل؟
    بهلوان: (يتأمل قليلاً) ننتظر منقذاً آخر…
    طاليس: وهكذا.. نظل ننتظر وهم يكبرون. ولا ينتظرون شيئاً. بل يصطادوننا واحداً واحداً. حتى لا يبقى منا سوى البهلوانات.
    بهلوان: حسناً أنا معكما... ماذا أفعل الآن؟
    حرة: تذكر كل شيء وأخبرنا به دون أن تنهار. لكي تتجاوز ما حدث وتبدأ من جديد.
    )يتأمل بهلوان قليلاً ويمشي في المسرح ويتجه إلى الجمهور حتى يأخذ شكل الملقي(
    صديقين كنا....
    كان كما قال لكما... يحلم بالشمس دوماً
    ولكنه لم يكن يتردد مثلي....
    (متوجهاً إليهما) حرة.. طاليس لقد عشت سنواتي الأخيرة كأني في حلم...
    علامات صحوي من الحلم أن تخرج الشمس من خلف هذا الحجاب
    وأن يلد القلب ربته فأغني...
    وداعاً ألا أيها البهلوان... فتأتي الكواكب
    تهذي بشعري...
    أنا مارد الشعر لو أعتقتني الطلاسمْ.
    لصار غنائي مدى الدهر أسطورة
    للصبايا...
    أنا أجمل العاشقين.. سوى أن قلبي ينشفه الملح لا يلتقي الخافقان
    ((مشيراً إلى صدره)) فهذا أُجاجٌ
    ((مشيراً إلى حرة)) وهذا فرات.
    أنا فارس للحكايا... سوى أن
    خيلي (يُدَوّخها) الملح تجثو
    لترفع حلمي... فتخذلها القادحات.
    أنا أنت يا كوكبي.....
    نومي طويلٌ
    وهاجس حلمي ثقيل...
    وما زلت أصرخ... آه صديقي
    متى ستعودُ...
    لقد فاض بصدري طوفانُ ذنب
    وفاض بصدرك طوفانُ صفح
    فعد... كي أعود إليّ...
    وعد... كي أكف النواحْ.
    )يعود إلى حرة وطاليس كمن استيقظ من حلم(
    سأقص عليكما ما حدث عندما أردت أنا وصاحبي منقذ تغيير واقع هذا الكوكب. دون أن أنهار وأعدكما أن أتجاوز كل ما حدث.
    )صوت جلبة من جهة الستر. تخرج الخفافيش من الكالوس تحمل عرش النسناس. وإلى جانبه تسير الجنية. يضعون العرش ثم تتحلق الخفافيش حول المسرح بما يشبه الجوقة استعداداً للاحتفال(
    النسناس: أهلاً أهلاً... مرحى مرحى أيها الضيوف القادمون. مع الريح.. الريح رقص الكون منتشياً بلون الموت.
    الجنية: الريح يا مولاي لا يمكن أن تأتي بغير ما نشتهي لقد دجنّاها منذ زمن بعيد. ولابد أن ضيوفنا سيهديهم عقلهم الكبير إلى التعاون معنا. فلم يعد أحد يملك غير هذا الخيار.
    النسناس: لقد جاءتنا أخباركم أيها الأحبة. أنت طاليس الذي عرف علوم الأولين. وحفظ ما فعله الغابرون وأنت حرة الوادعة الطيبة. ولا بد أن نغيّر تشكيلك على هوانا.
    حرة: لعل الريح أخطأت بحقكم هذه المرة. فجاءت بما لا تشتهون.
    النسناس: مرحباً بالعواصف.
    حرة: لماذا ترحب بالعواصف كثيراً؟ ألا تخشى أن تطيح برأسك؟
    النسناس: (يقهقه)
    لا تبدؤوا اللعبة مبكراً... حتى لا تفسدوا علينا احتفالنا. فمنذ زمن لم نقم هذا الكرنفال. ومن حسن الحظ. إننا نقيمه اليوم بوجودكم أيها الأحبة.
    )تعزف الموسيقى ويشكل النسناس والجنية والخفافيش جوقة ثم يبدأ طقس الولاء للغوريلا الأكبر بالاتجاه بالنشيد إلى الستر السوداء(
    النسناس: أتيناك يا آخذاً بالرقاب
    الجوقة: أتيناك يا آخذاً بالرقاب
    خفوش: بصمت نناجيك يا ممسكاً بنواصي السحاب
    الجوقة: بصمت نناجيك يا ممسكاً بنواصي السحاب
    الجنية: وهمساً نناديك من خلف ألف حجاب.
    الجوقة: وهمساً نناديك من خلف ألف حجاب.
    النسناس: بك الروح تسمو لك الابتهال.
    الجوقة: بك الروح تسمو لك الابتهال.
    الجنية: بغير جمالك كل الوجود خيال.
    الجوقة: بغير جمالك كل الوجود خيال.
    خفوش: نصوم ونبني من الجوع زلفى إليكَ.
    الجوقة: نصوم ونبني من الجوع زلفى إليك.
    النسناس: نصلي ونرفع صرحاً من الملح نصعد نقبس نور بهاك.
    الجوقة: نصعد.. نقبس نور بهاك.
    بهلوان: ونقبض جمرك بين الحنايا
    ونوغل في الليل حتى ننام على صمت
    روح الصقيع....
    فجنية الرصد تكشف صدر القطيع...
    الجنية: عطاش ببابك رحماك لا تسقنا
    غير نور سناك
    الجوقة: نور سناك
    خفوش: جياع بعفوك رحماك قطّع كما
    شئت أمعاءنا واتخذ من دمانا علاك
    الجوقة: من دمانا علاك.
    بهلوان: سجود بمحراب عشقك
    نفرش كل الدروب جباهاً
    لكي لا نراك إذا ما تهتك ألف حجابْ.
    النسناس: آتيناك يا ممسكاً بالرقاب.
    الجوقة: أتيناك يا ممسكاً بالرقاب.
    حرة (من بعيد): أتيناك يا موغلاً في الخرابْ.
    )لحظة صمت مفاجئ. وصوت موسيقى الخطر... الأنظار كلها تتجه إلى حرة(
    النسناس: ألم أقل لكم لا تستعجلوا اللعبة. وتفسدوا علينا احتفالنا... (يقهقه) ولكن لا بأس. أخبريني ألم أجعلك تنامين طويلاً داخل القلوب الميتة. من الذي أيقظك الآن!؟.
    حرة: أنا مهما طمستم معالمي لا أموت. لا أحد يستطيع قتلي مهما بلغ بطشه. أعود دائماً لأصحو في الأنفس وأبعث فيها القوة. منذ بدء الخليقة وأنا أصارعكم وأعود دائماً مهما اختفيت.
    النسناس: ولكنك أطلت الغياب هذه المرة. ولا أظنك قادرة على الصمود من جديد. لقد مرت أزمان وأزمان ولم تظهري. لقد قمنا بتغيير الناس من الداخل اخترقنا كل شيء فيهم. دخلنا على مسام جلودهم جعلناهم يخوضون حربنا وهم لا يعلمون. دجّناهم على ما نريد. حددنا نمط حياتهم. لا يأكلون إلا ما نريد. ولا يشربون إلا ما نقرر أية مفاهيم تلك التي يمكن أن تنسف كل ما فعلنا في هذه السنين الطويلة.
    حرة: أنت واهم. أنتم تصنعون الوهم وتصدقونه. ودائماً وعلى مر الزمن. يأتي من يكشف الحقيقة. ويعيد الحق إلى نصابه. أية حجب هذه التي ترفعونها وتحجبون بها الشمس.
    خفوش: إنها الحجب التي تقي العيون من نور الغوريلا الأعظم.
    حرة: ليبقى الناس في ظلام الوهم. الغوريلا وهم انتم صنعتموه (مشيرة إلى النسناس والجنية) واستعبدتم به الخلق.
    النسناس: كفى جدلاً. يبدو أنها هذه المرة ستكون عصية على التطبيع. لذا أحضروا لها مهدها لتنام فيه إلى الأبد.
    )يدخل خفاشان إلى الكالوس ويحضران تابوتاً يضعانه داخل الدائرة الحمراء ويحملان حرة إلى داخله(
    النسناس: هنا في هذا التابوت ستنامين إلى الأبد. ولن تستيقظي في قلب أحد.
    طاليس: إنها لا تنحبس طويلاً أيها النسناس إنها متوالدة. وسرعان ما تنتشر بين الناس كانتشار النار في الهشيم.
    النسناس: سنرى أيها المثقف... (ملتفتاً إلى الخفافيش) كل من يقترب منها احرقوه.

    المشهد الخامس
    )يطفأ المسرح. يغادر النسناس والجنية والخفافيش وهم يحملون العرش. ويبقى على المسرح التابوت وفيه حرة وعلى جانبيه خفاشان. يدخل طاليس ويتقدم من الجمهور ليأخذ دور الراوي(
    طاليس: هكذا هم دائماً يقلبون الحقائق والقيم والمفاهيم أو يعجنوها ويعيدوا تشكيلها بما يجعلها تخدم هواهم. فإن لم يتمكنوا من ذلك دفنوها في توابيت معتمة. داخل صدور أصحابها حتى تنطفئ جذوتها في القلوب. ولكن هل يدوم هذا الحال؟
    )يدخل خفوش ويوجه كلامه إلى طاليس(
    خفوش: صاحبي العالم الجليل. احترامي أيها المبجل.
    حرة: لا تصدقه إنه مراوغ مخادع.
    خفوش: سيدتي. بل أنا اعني ما أقول. وأقوله باسمي ولست هنا ممثلاً لغيري.
    حرة: لو كان هذا صحيحاً. فكيف تجرؤ على قوله أمام هذين الحارسين؟ ألا تخشى أن يبلغوا أسيادك؟
    خفوش: لا تخافي عليّ يا سيدتي. الكثير من الخفافيش اشتريت ذممهم.. أعني أعني… أنهم يدينون لي بالولاء. وقد تعمدت أن يكون هذين الحارسين من أتباعي. وذلك للتسهيل عليكما.. ولتسهيل مهمتي أيضاً.
    )يدخل بهلوان فجأة(
    بهلوان: حسناً فعلت أيها الصديق العزيز.
    حرة: قمحة ماذا أصابك.
    بهلوان: لا عليك (يقترب منها) دعينا نستفد منه الآن. (يتوجه إلى خفوش)
    وما الذي تريده بالضبط منهما؟
    خفوش: أن يكونا معي.. أقصد معنا أنا وأنت.
    بهلوان: نحن معاً. ومن الأسهل أن تصبح أنت معنا.
    خفوش: لا فرق ما دامت المصالح تلتقي.
    طاليس: إذاً أسمع جيداً. حاول أن تمنع أي أحد أن يتدخل في زياراتنا.
    خفوش: حسناً (لنفسه) مادام كل ما يفعلونه يعود إليّ.
    )يغادر خفوش المسرح(
    طاليس: مرحى قمحة. عقلك الآن يعمل جيداً.
    بهلوان: (متجهاً إلى حرة) جئت لأكمل لكم الحكاية.
    حرة: مرحى قمحة.

    المشهد السادس
    )المشهد استرجاع ما يحكيه بهلوان لحرة وطاليس (فلاش باك) يخرج طاليس وحرة والتابوت ويبدأ المشهد من الزاوية البعيدة عن الحجب والدائرة الحمراء حيث يدور الحديث بين قمحة ومنقذ.(
    قمحة: بعد قليل سيحضرون. ويبدأ الطقس كالعادة. ويصطادون واحداً ممن يشكون في ولائهم. ويذبحونه أمامنا. ولا أحد يدري متى تكون نهايته بهذه الطريقة.
    منقذ: لذا يجب أن نتحرك بسرعة. لقد عممت دوافع التغيير على بعض من أثق بهم. والذين يخافون أن يكون دورهم اقترب في أن يكونوا ذبائح جديدة. ولكن أتدري يا قمحة. الذي يحيرني أن كل واحد مادام يعتقد أنه لن يكون الذبيح. فإنه لا يتحمس لإجراء أي تغيير. والذي يذهلني أكثر أن البعض يمضي في حياته المالحة هذه بل ويمضي إلى الذبح وكأنه يؤمن بما تزعمه هذه القرود. مع أنني لا أعتقد أن أحداً يعتقد بذلك حقيقةً. وإنما هو الخوف. الخوف الذي يعقد على القلوب. ويسيطر على العقول. ويشل الأجساد
    قمحة: آه صديقي... كيف تنتظر ممن لا تطاله العصا أن يتألم.
    منقذ: ولكنه يراها وهي تطال غيره.
    قمحة: لا يكسر العصا إلا من اكتوى بها جلده يا صديقي.
    منقذ: أفننتظر حتى نصبح تحت الحصى؟ إن الذي يريد أن يغير. يجب أن يغير من أجل أن يكون الفضاء لكل العصافير. وإن يكون نور الشمس لكل الناس. وأن يعود الهواء نقياً لكل الصدور. والماء عذباً لكل الأفواه. لا أن يغير بكف الأذى عن نفسه. لأنه بذلك لا يفعل شيئاً. ولا يجمع جهداً.
    قمحة: المهم الآن أين وصلنا فيما نحن بصدده من تغيير.
    منقذ: عناصر النار الآن مجتمعة. ستكون ناراً عجيبة تغير كل شيء في لحظات. نارٌ غذاؤها الفكر والعقيدة والقوة والعقل والحب والإرادة معاً.
    قمحة: هل تظن أن الظرف الآن ناضج للتغير؟
    منقذ: كل يوم أفضل من الذي يأتي بعده.
    )تنطلق الموسيقى لتمهد لقدوم النسناس. يدخل النسناس على عرش تحمله الخفافيش وإلى جانبه الجنية. الخفافيش تضع العرش وتتحلق حول المسرح(
    الجنية: يا سكان الكوكب... من أجل سلام قردستان... من أجل أن يبقى الهدوء والسلام والطمأنينة.. من أجل رضى الغوريلا الأكبر.
    النسناس: يحيى الغوريلا الأكبر.
    الجميع: يحيى الغوريلا الأكبر
    النسناس: لقد منحنا كوكبنا الرضى والآمان... وجنبنا الذل والهوان وقد حان وقت الشكر والعرفان.
    الجنية: حان وقت القربان.
    النسناس: وقد وقع الاختيار هذا العام. على اثنين من العوام منقذ وقمحة لينالوا شرف الذبح على عتبة مولانا الغوريلا الأكبر.
    فلتباركوا لهما هذا الشرف. ولتحتفلوا بهما ثلاثة أيام.
    )يظلم المسرح. وتسلط الإضاءة على منقذ وقمحة في الجهة الأخرى(
    منقذ: أرأيت أيها الصديق. علينا أن نحتفل ثلاثة أيام بذبحنا..!!
    قمحة: ثلاثة أيام كافية لنتدبر أمرنا.. سأعد النار وأحرق الحجب.
    منقذ: أما أنا فسأتسلل خلف الحجب لأرى هذا الغوريلا وجهاً لوجه.
    قمحة: وجهاً لوجه مستحيل. أبدأ بالنسناس أو الجنية وبعد أن أحرق الحجب ينكشف كل شيء.
    منقذ: لابد من فضح سرهم أولاً لتنكشف لنا قوتهم.
    )يطفأ المسرح ثم تسلط الإضاءة على قمحة وهو يحمل شعلة النار ويحاول دخول الدائرة الحمراء ليحرق الحجب يراه النسناس ويقترب منه(
    النسناس: ويلي ماذا أرى... قمحة أيها الحبيب العاقل ماذا تفعل.
    قمحة: سأحرق هذه الحجب. لقد آن لنا أن ننعم بالشمس.
    نسناس: ستحترق يا قمحة قبل أن تصل الشمس إليك أيها المجنون. أنت لا تدري ما الذي تفعل. أنت لا تعرف ماذا خلف هذه الحجب.
    قمحة: أحترق أحترق.. سأموت على أية حال. إما أن أحترق وإما أن أُذبح في يوم القربان. فلماذا أخاف وعلى ماذا أخاف؟
    النسناس: على حياتك الغالية علينا. على مستقبلك وشبابك أيها الحبيب الغالي.
    قمحة: أية حياة؟ إن هما إلا يومان ويأتي موعد القربان النسناس: ((يضحك ضحكة صغيرة وخبيثة)) دعك من القربان كل شيء قابل للنقاش وإعادة النظر…
    قمحة: لم أفهم..
    النسناس: الحوار يا صديقي.. لا شيء يحل الخلافات مثل الحوار.. نتحاور.. نسمع وجهات نظر بعضنا في الأمور التي نختلف عليها ثم نتفق ونخرج بقرار واحد. فتصبح واحداً منا...
    قمحة: ممن؟
    النسناس: من علية القوم…
    قمحة: كيف؟
    النسناس: بسيطة. تأخذ منصباً عالياً. وتأكل الموز وتشرب ماء جوز الهند مثلنا.
    قمحة: والقربان؟
    النسناس: دعك من أمر القربان. قلت لك إن الحوار كفيل بتبديل كل المواقف والقرارات.
    قمحة: هه... ومنقذ؟.
    النسناس: دعك من منقذ تدبر أمرك ودعه يتدبر أمره. وهو فيما أظن عاقل.. وشاطر في الحوار. وقد يحصل على مكتسبات مناسبة.
    قمحة: أشم رائحة الخديعة في كلامك.
    النسناس: هل علمت أني خدعت أحداً من قبل.
    قمحة: لا أظن.. أولاً أذكر.. ولكن.. الحق أنني في حيرة...
    النسناس: سأدعك تفكر قليلاً ولكن لا تطل التفكير فموعد القربان قريب.
    (يدخل خفوش(
    خفوش: إسمع كلامه ولا تحترق.
    قمحة: ها... (يستدير إلى الخلف ويسير ببطء)
    قمحة: (لنفسه) الموز.. الماء العذب. الحياة السعيدة الهانئة حياة السادة الكبار.
    (أصوات شيطانية تنبعث من حوله)
    الأصوات: اكسب عمرك أيها المجنون فكر بنفسك... حل مشكلتك ودع غيرك يحل مشاكله
    قمحة: ولكن... الكوكب... الآخرون...
    الأصوات: ألا يوجد على الكوكب سواك؟ لماذا أنت بالذات الذي يجب أن يتعرض للموت من أجل الآخرين… عد إلى رشدك أيها المجنون… فكر بنفسك أيها الأحمق أنها فرصتك الأخيرة لتصبح من السادة الكبار.
    )تنتشر على المسرح شخصيات شبحية. وتتقلب الإضاءة بين الإطفاء والإنارة بشكل سريع وتنبعث موسيقى مربكة بحيث تشكل تلك الأشباح دائرة حول قمحة ويبدو حائراً متخبطاً يتلفت إليها وهي ترقص وتؤدي حركات غريبة بأيديها حوله(
    الأصوات: هل يستطيع منقذ أن يرد لك روحك إذا خرجت؟
    قمحة: لا…
    الأصوات: هل يستطيع الآخرون أن يثوروا ويحطموا السجن إذا كنت بداخلة؟
    قمحة: لا
    الأصوات: هل يجرؤ أحد على إطفائك إذا احترقت؟
    قمحة: لا
    الأصوات: هل يطعمك أحد إذا جعت
    قمحة: لا كفى كفى أرجوكم دعوني وحدي
    الأصوات: لا لن ندعك تضيع نفسك
    قمحة: (ينهار على الأرض) قلت كفى لم أعد أحتمل....
    )تختفي الأشباح.. وتتوقف الرقصة. يضاء المسرح على قمحة يتلفت ويجد نفسه وحيداً)
    يخاطب النار التي في يده وقد ضعفت(
    قمحة: أيتها النار الحبيبة.. لماذا جئت في يد رجل متردد وخائف مثلي.. لم لم تكوني في يد منقذ.. ربما أنا إذا اقتربت احترقت. وهو إذا اقترب اخترق كل شيء وهانت عليه نفسه. إنه من أصحاب الأحلام الكبيرة الذين تكتفي أنفسهم بأقل القليل من الطعام والشراب ومتع الحياة. ولكنها تتوق إلى المجد من كل أطرافه وتتوق إلى الحق والعدل والنور... أما أنا فمن أصحاب الأحلام التافهة التي لا تتجاوز الموز والماء العذب. يا إلهي (ينظر إلى شعلة النار وهي تخبو في يده) يا إلهي لقد كان الأمر قاب رمية من يدي.
    )يدخل منقذ(
    منقذ: يا إلهي.. أما زلت متردداً..؟
    قمحة: أهرب بسرعة أيها الأحمق.
    منقذ: ولماذا أهرب؟ لقد كشفت السر الذي وراء الحجب..
    قمحة: قلت لك أهرب ولا تتردد. فلا وقت لتوضيح شيء الآن.. هيا.
    منقذ: كيف والنار ما زالت في يدك.. وأنا عرفت السر؟ نفذ الآن بسرعة.
    قمحة: وما هو السر..؟
    منقذ: تقدم الآن وأشعل هذه الحجب. ولا تخف
    قمحة: (ينظر إلى النار في يده وقد خبت تماماً)
    ولكن النار لم تعد تصلح لشيء. إنها منطفئة كما ترى
    منقذ: أيها الجبان المتردد. إن جبنك وخوفك الكبير كفيل بإطفاء كل نيران الغضب.
    (يدخل النسناس والجنية وخفوش ومجموعة من الخفافيش تحيط الموقع .وتمسك بمنقذ وقمحة)
    النسناس: ((يقهقه قهقهة عالية)) الآن انتهى أمركما أيها اللعينان.
    الجنية: (تقهقه) أنتما الآن ضيوف جنية الرصد. التي ترصد كل شيء.. ترصد الأنفاس.. وما يدور بين الناس.
    (يلقي منقذ بالخفاش الذي يمسك به على الأرض ويهرب يتبعه خفاش آخر)
    الجنية: (تقهقه) يعتقد هذا الأبله أنه يستطيع الإفلات من قبضة يدي...
    النسناس: (متوجهاً إلى قمحة) وأنت أيها اللعين.
    قمحة: ل ل ل لقد وعدتني يا سيدي
    النسناس: ها.. بماذا؟
    قمحة: بأن تعفو عني. وأن تكافئني
    )يقهقه النسناس.. والجنية والخفافيش.. وتعلو القهقهة بينما ينهار قمحة ويجثو (على ركبتيه)
    النسناس: لقد خبت نارك أيها الغبي. وليس في مقدور مثلك أن يشعلها مرةً أخرى. وهذا يعني أنك لم تعد تملك ما يجعلني أبرّ بوعدي لك.
    قمحة: ماذا ماذا ماذا تعني يا سيدي؟.
    النسناس: عندما كنتَ قوياً بنارك:. علمتك الحوار.. والحوار لا يكون إلا بين المتكافئين في القوة أما الآن. وقد وقعت في الخديعة. وانكشف جبنك وخوفك وترددك لدرجة جعلت نارك تخبو.. فقد أصبحت أضعف من أن أحاورك. ولم يعد أمامي إلا أن أبر بوعدي للغوريلا الأكبر.وأقدم القربان في موعده.
    قمحة: القربان..؟! هل ستذبحني يا سيدي؟
    النسناس: لقد خارت قواك أيها الخائف الأبدي.. أنت بلا نارك لا شيء… (يقهقه)
    قمحة: أرجوك يا سيدي... أتوسل لك.. بل أقبل الأرض بين يديك. دعني أعيش...
    النسناس: تعيش...! ها.. لماذا تعيش؟.
    قمحة: أعيش بأي شكل.. أعيش أي شيء.
    النسناس: وما شأني أنا.. الاختيار أصلاً وقع عليك هذا العام.
    قمحة: لقد أخبرتني أن كل شيء قابل للأخذ والرد. أي أنك تستطيع أن تغير القرار. سيدي... سأفعل أي شيء. أقدم كل ما تطلبون... فقط دعوني أعيش.
    )يتقدم خفوش(
    خفوش: ما رأيك يا سيدي النسناس الكبير أن أشفع له أنا...
    النسناس: تشفع له؟.. لماذا
    خفوش: أشفع له ليبقى على شكل بهلوان. يسِري عنا…
    النسناس: بهلوان...! (يفكر قليلاً) بهلوان ا م م...
    أجل أجل. منذ اللحظة ستكون بهلواناً.
    )تتقدم الجنية وتضع يدها على صدر (قمحة(
    الجنية: بهلوان.. شرط أن أضرب في صدره طلسماً لا يستفيق منه. فلتسكن أيها الصدر في غياهب طلسمي. ولا تغادر خوفك إلى الأبد.
    قمحة: بهلوان بهلوان. المهم أنني نجوت.
    (كمن اكتشف أمراً خطيراً)
    نجوت...؟! أجل نجوت… هيه هيه نجوت.
    )يقفز ويغني بحركات بهلوانية(
    هيه هيه نجوت... بهلوان... بهلوان
    هي هي... ها ها... هو هو... نجوت

    المشهد السابع
    )يطفأ المسرح ويعود قمحة إلى وضعه في المشهد السابق ويعود التابوت وفيه حرة ويعود طاليس لينتهي الاسترجاع ويبدأ المشهد السابع(
    قمحة: هذا ما حدث بالضبط. أرأيتم كم أنا أحمق لقد كان الأمر فعلاً قاب رمية من يدي. ولم أضربها.
    طاليس: المهم أنك. ذكرت كل شيء دون أن تنهار هل صدقت الآن أن الطلسم وهم؟.
    قمحة: أجل. ولكن أخبراني ما السر وراء الحجب ألم يخبركم به منقذ؟.
    حرة: أخبرنا.. ولكن يجب أن لا نخبرك
    قمحة: ولماذا؟.
    حرة: يجب أن تفعل كل شيء. وتحطم الحجب ثم تنظر خلفها لتعرف. وجهاً لوجه.
    قمحة: وجهاً... لوجه.. نعم. لا بد من ال (وجهاً.. لوجه) هذه. والآن ما هي الخطوة القادمة؟.
    حرة: يجب أن نزوج الأجساد
    قمحة: بالأرواح؟
    طاليس: بدأت تستعيد شفافية عقلك وروحك عليك أن تعيد أعداد نارك. ولكن لن تكون وحيداً هذه المرة.
    حرة: سيكون معك الكثير من هذه القبور التي تسير على الأرض. سأعيد إليها ما فقدت من روح. واستيقظ في صدورها.. بينما يتولى طاليس نفض الغبار عن رؤوسها لتعرف ماذا تفعل.
    قمحة: ألن ننتظر منقذ؟
    حرة: إنه لن يأتِ…
    قمحة: (مذهولاً) كيف؟
    حرة: بما أنك استعدت نفسك سأخبرك. إنه قد مات.
    قمحة: ويلي... كيف مات
    حرة: مات كما يموت الناس جميعاً. وآن للجميع أن يتخلصوا من وهم انتظاره. ويواجهوا أمورهم وجهاً لوجه.
    )يتقدم قمحة من الجمهور وتظهر على وجهه علامات الأسى والغضب(
    قمحة: سأجعل من كل جسد في هذا الكوكب منقذاً جديداً
    )يتقدم من حرة. ويحرر قيودها من التابوت. ويتقدم الثلاثة متوجهين إلى الجمهور(
    حرة: أيتها القبور التي تسير على الكوكب. انتفضي... لقد جاء وقت يبعثر ما في القبور من الصمتِ ويحصل ما في الصدور من المقتِ...
    طاليس: أيتها الكتل الملحية المتحجرة في الصدور اصنعي زمزمك بيديك.
    قمحة: أيتها القطع الليلية السائرة على الشوك. هزيعاً خلف هزيع. انتزعي الشمس وازرعيها في عينيك.
    )الثلاثة وهم يخرجون من المسرح(
    تعالوا إلينا جميعاً...
    )يخرجون ويبقى الخفاشان الحارسان مكانهما(
    )يدخل خفوش والجنية(
    الجنية: أيها الغبيان. أين سجينتكما
    )يحاول خفوش إخفاء دهشته(
    خفوش: قلت لك يا سيدتي إنها لا تنحبس طويلاً.
    الجنية: أيها المتواطئ.
    خفوش: المهم الآن أن نستدرك الأمر قبل أن يفلت من أيدينا… إنها تنتشر في الناس كالنار في الهشيم وسرعان ما ستأتي بهم جميعاً.
    الجنية: ماذا تريدنا أن نفعل الآن.
    خفوش: نسبقهم إلى النسناس ونقضي عليه فيصبح الأمر لنا. ونظهر أمامهم بصورة الأبطال.
    الجنية: يبدو أنه لا يوجد حل آخر....
    )يخرج الجميع ثم تدخل حرة وطاليس وقمحة من الجهة الأخرى وخلفهم كثير من الناس. قمحة يحمل في يده شعلة النار يقف الجميع ويتقدم قمحة من الحجب(
    قمحة: عودي أيتها الشمس المسافرة.
    )يقرب النار من الحجب. ليحرقها ويمكن هنا أن يتم إطفاء المسرح ورفع الحجب لتظهر من خلفها الشمس وتتم إضاءة المسرح بلون النهار(
    الجميع: الشمس.. الشمس...
    قمحة: الشمس... الشمس...
    )تتعالى صيحات الفرح بالشمس. ثم تسود لحظة صمت(
    حرة: هل عرفتم الآن السر وراء الحجب؟ لقد عشتم طويلاً تحت سيطرة الوهم. لا يوجد خلفها سوى الشمس.
    قمحة: الغوريلا وهم...
    الجميع: الغوريلا وهم....
    قمحة: هذا هو السر إذاً..!
    حرة: أجل أيها المنقذ الجديد. أجل أيها المنقذون. جميعاً
    طاليس: لو بقيتم تمارسون الرضى.. لما عرفتم شيئاً
    قمحة: لن يكون هناك رضى... سيكون رفض... سنسميه كوكب الرفض... سنرفض حتى اسم الكوكب. سألعب بأحرفه. رضى ستكون رفض... وأعيد ترتيبها لتصبح... (يفكر قليلاً) لتصبح أرض... أرض
    الجميع: أرض... أرض
    قمحة: والآن اتبعوني إليهم وجهاً لوجه.

    انتهت

    [align=center]وما كنت صوتا لغيري
    .......... وما كنت يوما صدى مستعار
    ..............................................
    زوروا مجموعتي في الفيس بوك للعضوية إن طابت لكم هنا
    http://www.facebook.com/group.php?gi...6323528&ref=mf

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •