كل عام وأنتم إلى الله أقرب وعلى طاعته أدوم، وأسأل الله أن يتقبلنا في الصالحين.
*
ابتسمت حين رأيت مداخلتك، فقد ذكرتني بحوار دار بيني وبين أحد الفضلاء منذ أشهر حول نفس الموضوع، حيث كان لا يؤمن بوجوب المقاطعة، إلا أنه كان مذعنًا للحق، فقال كما قلت أنت: (أنا مع الشرع , فلو كانت المقاطعة واجبا شرعيا ، فنعم أقاطع).
-
حينها قلت: الرجل لا يتكلم بهوى، ولقد أنصف، واستند للحق، وجعله الفاصل في الأمر. فجمعت له بعض فتاوى العلماء حول وجوب مقاطعة منتجات الأعداء،
فلما قرأ قال: نعم الآن اقتنعت، فإذا قال العلماء بالوجوب، نقول سمعًا وطاعة.
-
وسأسلك نفس الطريق مع حضرتك، لما لمست في كلامك إذعانًا للحق، وقبول أقوال العلماء،
وهاهي مجموعة من الفتاوى في هذا الباب، ربما تفضلت بقراءتها، لعل الله يحدث بعد عسرٍ يسرًا:
رأي الشيخ الألباني رحمه الله في مقاطعة من يذبح إخواننا المسلمين
http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=730
دعوة الشيخ ابن عثيمين ولاة الأمر لمقاطعة كل من يحارب المسلمين
http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=799
الشيخ الألباني: حكم الشراء من اليهود والنصارى المحاربين لنا
http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=803
فتوى سماحة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين عن المقاطعة
http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=802
فتوى الشيخ صالح اللحيدان عن المقاطعة
http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=801
فتوى فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي عن المقاطعة الاقتصادية
http://nosra.islammemo.cc/onenew.aspx?newid=800
وهناك عشرات الفتاوى في هذا الباب، وعلى صفحات جوجل زيادة لمن أراد!
*
أما قولك: (و لكن ألاحظ أنك يا أخي تريد أن تجعلها حرب بين المسلمين فتسأل مع أي المعسكرين أنت !!و كأنه معسكر إيمان و كفر و شر و خير و حق و باطل و ضلال و هداية , فاتق الله ولا تغل في دين الله فإنما أهلك من كان قبلنا الغلو).
فأقول: أسأل الله أن يجعلني وإياك من المتقين، الذين لا يغلون في دينه، ولا يقولون على الله إلا الحق.
- سأضع نصيحتك في الحسبان أخي الحبيب، فجزيت خيرًا على نصحك، واهتمامك.
-
لكن ألا ترى أخي أنني برئ من هذه التهمة التي ألصقتها بي؟! فأنا لم أجعل غير المقاطعين، رغم ما أرى من خطئهم، في معسكر الكافرين،
ومن أنا حتى أوقع عن رب العالمين؟!
- ألا تعتقد أخي أنني لم أغل في دين الله،
بل انطلقت من فتاوى الأفاضل الذين ذكرتهم آنفًا، وغيرهم؟
والاستناد لرأي أهل الفضل من العلماء ليس بغلو، حسب فهمي!
*
أما بخصوص الحديث الذي ذكرته عن رهن النبي درعه عند اليهودي،
فأوافقك الرأي حول صحته،
فهو في البخاري (2096)، ومسلم (1603)،
لكني أخالفك في استدلالك به- وهنا أيضًا لا أخالفك برأيي بل بما قاله العلماء العاملين – فاليهودي لم يكن محاربًا، أما من نطالب بمقاطعتهم محاربون. واليهودي كان مسالمًا ومن نطالب بمقاطعة منتجاتهم ليسوا كذلك؛
فهناك فارق في القياس.
*أ
ما احتجاجك بأن اليهود كانوا أعداءً للإسلام في هذا الزمان، ومع ذلك رهن النبي درعه عند أحدهم.
فأقول: هناك فرق بين إضمار العداء، وإظهاره؛ فاليهود كانوا يضمرون العداء للإسلام، ويكيدون له في الخفاء، لذلك أمر النبي بعدم التنقيب عن صدور مثل هؤلاء، لكن من أظهر العداء فلم يكن له إلا حد السيف. ألا ترى النبي رغم معرفته بالمنافقين، ترفع عن ضرب رقابهم، حتى لا يقال إن محمدًا يضرب أعناق أصحابه.
فالحديث قطعي الثبوت، فقد رواه الشيخان، وهما على العين والرأس، لكنه ليس كذلك في الدلالة على نفي وجوب المقاطعة.
أما تساؤلك بقولك : (فلم رهن درعه عند هذا اليهودي و يوجد عثمان بن عفان وهو تاجر كثير المال رضي الله عنه و يوجد عبد الرحمن بن عوف و غيرهم من أغنياء الصحابة ؟؟ )،
فقد أجاب أهل العلم عن ذلك بأنه من المحتمل أنه لم يكن عندهم إذ ذاك طعام فاضل، أو أنه فعله لبيان الجواز.
وكما قلت أنت أخي : (كل هذا ليبين لنا صلى الله عليه وسلم أن الأمر واسع)، نعم السعة في معاملة غير المسلمين من المسالمين،
أما الحربيين فلهم معاملات أخرى!
أسأل الله العلى القدير أن أكون قد وفقت في توصيل الفكرة،
وأنتظر منك أخي الحبيب ما يثلج الصدر، وتقر به العين.
*
واعلم أنك حبيب لقلوبنا، ولو لم تقل برأينا؛ ولم لا فديننا واحد، ونبينا واحد، وقبلتنا واحدة، وكتابنا واحد، ولدينا الكثير من نقاط التوافق مما يجعل
أخوتنا تسموا فوق كل شئ.
المفضلات