ابراهيم البهرزي

ثقافة الاسترقاق في بلدان الخليج النفطي ..وصمة عار في وجه الحضارة


لا ينفك النظام الرأسمالي الدولي عن الترويج لأعجوبة التمدن في مشايخ النفط الخليجية متباهيا بان ولاء هذه الأنظمة للغرب وانتهاجها لنهجه وتبعيتها السياسية والاقتصادية له هي معيار هذه ( الطفرة ) الحضارية !
هذا الغرب الرأسمالي نفسه هو الذي يتصارخ على ضياع حقوق الإنسان في الصين وكوبا وفيتنام وغيرها من الدول المغايرة لنهجه السياسي والاقتصادي ..
الرأسمالية نظام قائم على التزوير والنفاق ... فازدواج المعايير وتحسين القبيح وتقبيح الحسن وفقا لمقتضيات المصالح والمنافع ديدنها .. وأظنها المقصودة بقول المتنبي العظيم :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ************** ولكن عين السوء تبدي المسا ويا
تعتبر مشايخ الخليج في أدبيات وتقارير الإعلام الغربي واحة ... وبرهانا على نجاح التجارب الرأسمالية في المجتمعات البدوية ( البدائية ؟!)
وهم يطالبون شعوب العالم بالاحتذاء بتجارب بارونات النفط لبناء جنان الرأسمالية الجديدة ... اعني مخازن تكديس السلاح الفائض مقابل النفط الرخيص ..
لا تدين الرأسمالية التي تحتضن هذه الإمارات والمشايخ والممالك من جميع الاتجاهات , نظام الرق والقنانة الذي لم يزل قائما وبابشع تجلياته في هذه الانحاء ..
انها لا تصغي لصريخ هؤلاء الاقنان ولا لتظاهراتهم ولا للتقارير والاخبار المؤكدة عن جرائم الاستغلال والانتهاك الجنسي والتعذيب المنزلي ( وهي سمة تنفرد بها هذه المشايخ دون بلاد الله ) التي تمارس وحتى الساعة وربما ما بقي هؤلاء الأجلاف الحاكمون على العبيد والجواري المستوردين لأجل الخدمة المنزلية في منازل هؤلاء ...
تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الأخير يكشف النقاب عن أساليب عجيبة من الهمجية والشراسة مما ينال هاته الخادمات المسكينات في بلاد النعمة الإلهية ...
فبالإضافة إلى عدم وجود قوانين عمل تحدد ساعات الاشتغال التي قد تمتد أحيانا إلى عشرين ساعة فان نظام الأجور هو الأرخص من نوعه في نظم التشغيل اليدوي كافة ..حيث يتراوح بالسنتات !....
(( حتى لو خلدت للنوم في الثالثة والنصف صباحا يجب آن استيقظ في الخامسة والنصف صباحا ... يجب ان استمر في العمل حتى الواحدة صباحا وأحيانا حتى الثالثة والنصف صباحا ... ذات مرة قلت لربة عملي : انا بشر مثلك واحتاج لساعة راحة ... فقالت لي : لقد جئت لتعملين .... وأنت كحذائي .. يجب ان تعملي بلا كلل .....))
...هكذا تقول (كوماندا اندونيل )) ذات الثلاثة والعشرين عاما الخادمة المنزلية السيريلانكية في الكويت ..
أي ان ليس من حق هاته العبدات ان يتفوهن حتى تفوها بما يبين عن نوعهن الخلقي كبشر ..فهن أحذية لاغبر في عرف وثقافة هذا المجتمع ال...
كما ان حق الحصول على الأجر في ميعاده رغم بخاسة هذا الأجر غير مشروع وان طالبن به فعقوبتهن الضرب :
((لم اتقاض رواتبي لعام وخمسة أشهر وحين كنت اطلب النقود كانوا ينهالون علي ضربا بالأيادي والسكاكين او يحرقون جلدي .. وقد حرقوا احدي ذراعي ... ان جسدي كله يؤلمني فكله قد تعرض للضرب .. كانوا يمسكون براسي ويضربون به الحائط .. وكلما طالبت براتبي كانوا يفتعلون شجارا )) ب, س,52 عاما , خادمة منزلية في السعودية ..
وغير ذلك فان حق العبيد بإظهار مشاعر الحزن او الألم هو الأخر غير مباح ..ففي الحصيلة هم ليسوا ببشر ... وان أرادوا ممارسة حق الحزن او التعازي لفقدان احد إفرادهم فهو أمر منكر ..فالعبيد غير جديرين بالبكاء ...
تقول أحداهن لمندوبة منظمة هيومن رايتس ووتش :
((ماتت ابنتي في حادث تسونامي وليس لدي ابنة غيرها ..كانت في الثالثة عشرة من عمرها ...وكنت في ابو ظبي حين ضرب تسونامي البلاد , طلبت من أصحاب العمل الذهاب الى سريلانكا فرفضت السيدة وقالت : طفلتك قد ماتت وقد دفنت بقبر تحت الأرض ...فلماذا تريدين الذهاب ..هل أنت طبيبة ؟!))
توجد أكثر من نصف مليون خادمة سريلانكية في الخليج .. ذكرنا عينة بسيطة مما يعانين ..
على الغرب المتبجح الذي يتباهى بحضارة هذه المشايخ ودوره في بناءها وحماية أسرها الحاكمة ..

على هذا الغرب نفسه الذي أفقر بلدان هذه الخادمات في عصور الاستعمار ونهب الثروات .. وجعلهن يهجرن بلدانهن وأهلهن للعمل كخادمات في منازل أصحاب التخمة النفطية ..
عليه ان يقول لخدمه الحاكمين في هذه( الجنان الراسمالية ) ..يا خدمي ...تأدبوا مع خدمكم ...
فقط لاغبر !

ولمن يريد الاطلاع على المزيد من حكايات الالم هذه ان يقرا مجمل التقرير المطول الذي اصدرته الهيومن رايتس ووتش على هذا الرابط :
http://hrw.org/reports/2007/srilanka//07