في البدء كان عطرها ,, ظللت أتعجب يوميا وأنا أشتم هذا العطر المفعم كلما مررت بباب شقتها ,, لم يمض سوي أسبوع علي سكنها بالبناية ,,, في طريقي لشقتي التي تعلو شقتها يستوقفني نفس العبير كل يوم ,,, لم يكن عطرا عاديا ,, بل عطرا أنثويا أخاذ يستوقفك ,,, يعابثك ,, يهدهد مشاعرك ,, يستثيرك .
فكرت أن أرى صاحبة هذا العطر,, تراجعت ,, ظهرت لي الفكرة صبيانية ,, اكتفيت بالوقوف لحظات كلما مررت بباب شقتها ,, استولت علي تفكيري ,,, تخيلتها من خلال عطرها ,, في العشرينات ,, ناهده ,, ذات حسن ,, بل هي أجمل الجميلات ,, تشع دفء ,, تنبض حيوية ,, عايشتها بقلبي وعقلي ,, عقدت العزم علي رؤيتها ,, الحديث معها ,, ماذا سأقول لها ,, لا أدري ,, ربما فقط سأبدي لها إعجابي بذوقها في اختيار العطر ,, أو ربما فقط ألقيت التحية ,, مكثت شهرا أحاول تغيير مواعيد حضوري ,, لم أصادفها ,, مررت بشقتها في كل وقت ,, عاودت الصعود والنزول مرات ,, بقي الباب موصدا ,,, سئمت الانتظار زاد شوقي ولهفتي لرؤيتها ,, أصبحت شغلي الشاغل ,,,
مرت أسابيع تملكني الشوق أكثر تعجبت من حالي ,, كيف استولت علي تفكيري بعطرها أنني حتى لم أراها ,, حاولت صرف تفكيري ,, تشاغلت بعملي ,, لم تفلح حيلتي ,, ظللت علي عادتي ,, أتوقف برهة كلما قاربت بابها ,, أتلفت يمينا ويسارا ,, أواصل الصعود إلي شقتي.
عند عودتي اليوم لمحت عجوزا تجرجر قدميها صاعده الدرجات ,, اقتربت منها ,, أسندتها بيداي ,, تبسمت شاكره ,, نفس رائحة العطر ,, لابد وأنها جدتها ,, واصلت الصعود معها بخطواتها البطيئة ,,,,,,, ألجمني الفرح ,, لقد حانت ساعة اللقاء ,, طار قلبي فرحا ,, تراقصت ضلوعي ,, وصلنا باب الشقة ,, أخرجت المفتاح بصعوبة ,, دعتني للدخول,, لم أتردد ,, ارتميت بجسدي المنتفض فرحا علي أحد الكراسي ,, استأذنت دقائق ,, ما عدت أطيق الانتظار ,, ربما ذهبت لتخبرها بوجودي ,, عادت بخطواتها البطيئة ,, بيدها كأسا من العصير ,, ناولتني إياه ,, حاول لساني النطق ,, السؤال ,, منعني الخجل ,, قالت في هدوء أظنك جارنا ,, أومأت برأسي ,, أردفت لقد رأيتك مره عند انتقالي لهذه الشقة ,, كما تري أنا أعيش وحيده بعد وفاة زوجي ,, لم نرزق بأولاد و,,,,, لم أسمع كلمه بعدها ,, أذهلتني المفاجاه ,, أذن فهذه فتاة أحلامي ,, امرأة العطر ,, نهضت واقفا ,, اتجهت صوب الباب ,, علت الدهشة وجهها ,, صمتت في خجل ,, تلعثمت وهي تقول ,, هل ضايقتك يا ولدي ؟ هل قلت ما يغضبك؟ ,, لم ألتفت ,, أندلفت خارجا ,, ساخرا من نفسي,, تركتها لتساؤلاتها ودهشتها !!!!
تمـت
المفضلات