ثورة ايران ..أنصارها يتآكلون!
نجاح محمد علي
في الذكرى التاسعة و العشرين لقيام الثورة الاسلامية الايرانية ،تواجه ايران تحديات جمة، وهي تسعى الى التمسك يوما بعد آخر بثوابت الثورة الاسلامية التي ارساها الامام الخميني الراحل.
فقد انتصرت ثورة ايران بشعار "الاستقلال والحرية والجمهورية الاسلامية" ، لتبقى متميزة عن بقية الثورات، ولكي لا تتحول - مع مرور الزمن - الى دولة من دون طعم ولا لون ولارائحة مثل باقي دول العالم الثالث التي زخر بها القرن الماضي.
الثورة في ايران، انتصرت بالحشود البشرية وبقيادة الامام الخميني الفذة، ونجحت في السيطرة على مرافق الدولة الشاهنشاهية العتيدة من دون أن تغرق في فوضى مابعد الشاه، وكانت اللجان الثورية التي أسست في المساجد، تحكم سيطرتها على الوضع الأمني والاجتماعي، حتى قبل أن يعين الامام الخميني ، الحكومة المؤقتة .
أهم ما ميز ثورة ايران هو الانتصار للمستضعفين ودعم ما سمي في الدستور بحركات التحرر العالمية.وقد أكد الامام الخميني الراحل كثيرا على دعم حركات التحرر، وأنشيء لهذا الغرض مكتب خاص كان ملحقا بقيادة الحرس الثوري قبل أن تقوم وزارة الخارجية بتأسيس بديل له سرعان ما ألغي تحت ضغوط "الاندماج في المجتمع الدولي".
غير أن ما يظل يميز ايران هو اصرارها على تبني القضية الفلسطينية من منظور اسلامي ، تلاحق بها تلك المفردات الجميلة في الدستور الايراني الجديد،ولكي لا تتخلى عن تلك الثوابت التي أرساها الامام الخميني منذ انطلاق نهضته المعروفة في الخامس عشر من خرداد " 4 حزيران" العام 1963.
وبالرغم من كل شروط العولمة الجديدة، والضغوط الغربية ،بقيادة الولايات المتحدة، التي جعلت الاستقلال الايراني وهو أهم ركيزة في شعار الثورة، يواجه مخاطر كثيرة،فان ايران نجحت بنسبة عالية جدا في فرض استقلالها السياسي على الجميع، بل وأصبحت لاعبا أساسيا في معظم المعادلات الاقليمية والدولية بغض النظر عن أهدافها.
وبينما تسعى بجد الى التخلص من كل قوالب العولمة الأمريكية ، وهي التي حوصرت طويلا من قبل خصمها الشيطان الأكبر - كما سماها الامام الخميني- ،فان ايران كانت الى وقت قريب جدا تبيع جل نفطها للشركات الأمريكية. وقد ارتبط النفط وعموم الاقتصاد الايراني، بعجلة الغرب، وبصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وباقي منظمات العولمة بمواصفات أمريكية.
أما الحرية ، وهي تشاهد في المجتمع الايراني على نطاق واسع أكثر بكثير مما هو موجود فعلا في باقي الدول التي تنتقد الثورة الايرانية.لكن ..وطوال السنوات التسع والعشرين من عمر الثورة،فان العديد من الشخصيات الايرانية ،استضافتها سجون ايران خصوصا سجن ايفين الشهير، وكان تفسير "القانون "هو سيد الموقف في كل المحاكمات التي شهدتها ايران لرموز معروفة اتهمت من قبل محاكم الثورة بالتخلي عن ثوابت الثورة.
تفسير القوانين، جعل عددا ممن أسر الشهداء الذين قضوا في الحرب للدفاع عن الثورة أمام هجوم النظام العراقي السابق، تواجه اتهامات منها العمل على تقويض نظام الجمهورية الاسلامية ، وحرم العديد من أنصار الثورة ورجالتها، من حقوقهم المدنية ومن المشاركة في الانتخابات بذريعة أنهم ليسوا ملتزمين عمليا بمبدأ ولاية الفقيه.
ولقد حل نظام ولاية الفقيه، مكان نظام الشاه الاستبدادي، غير أن نظام ولاية الفقيه لايعني الاستبداد أو الديكتاتورية المطلقة وهذا ما ورد في محاضرات البحث الخارج للخميني عندما كان في النجف الأشرف التي جمعت في كتيب " الحكومة الاسلامية أو ولاية الفقيه" ، و كما تم تثبيته في الدستور،لأن في ايران مؤسسات دستورية يتم اختيار كل أعضائها وحتى الولي الفقيه عبر الانتخاب الحر النزيه.
وحتى إذا كان الولي الفقيه وهو اليوم آية الله علي خامنئي، بيده أن يعلن الحرب والسلام، ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة نيابة عن الامام الغائب المهدي المنتظر، فان انتخابه جاء أصلا من قبل مجلس الخبراء ، وهؤلاء جرى انتخابهم من قبل الجمهور.
ويمكن القول أخيرا ..فان ايران الثورة الاسلامية لم تتحول بعدُ الى دولة اسلامية عصرية كما أراد مؤسسها الراحل، وهي تفقد يوما بعد آخر الكثير من الموالين لها ،بسبب أخطاء - ربما غير مقصودة- من بعض القائمين فيها ، ويتآكل أنصارها، حتى من غير الايرانيين...بانتظار الفرج .
المفضلات