إشرب من ذلك الكأس الذي حذرتك منه أول يوم لك في الحب , قلتها لك نحن نعيش لكي نسمع عن الحب لا لنعيشة , نتناقل قصص المحبين ونقرأ أشعارهم , لم نعش لكي نشعر بالشوق وننكوي بالفقد , أجسادنا على الحب لاتقوى , ياصديقي هذا حالنا من زماننا الأول وحتى الأخير . صحرائنا علمتنا أن لاننحني أمام حب الفتيات . فهذا النوع من الطقوس يفقدنا مصداقيتنا ويجعلنا نتلون بغير لوننا . الحب يا أستاذي خلق لأهل الريف والمروج الخضراء , خلق لمن يملكون أمام أسوار بيوتهم أنهارً وبحيرات , خلق لمن يحسنون الكتابة ويتعاملون بالقراطيس , خلق لمن يدرسون في المدارس ولمن يجلسون على مائدة الطعام ليتحدثوا عن الثقافة والفن والأدب . أما أنا وأنت فمجرد بدويان أحدنا يرعى الغنم والأخر يحرث الزرع , أخذنا الصلابة من الأرض وتعلمنا القسوة من أشعة أشمس , لم نجلس يوماً في المسارح لنسمع لفيروز ولم نتابع أفلام سعاد حسني بعد منتصف الليل ينتهي يومنا عندما يبدأ يومهم . ياصاحبي لاتقل أن الحب هد كل مابنته حياة البادية ولاتقل أن اللغات الثلاث التي صرت تتحدث بها أنستك كيف تعدل مجرى الماء للزرع , لاتقل أن وسائل الإتصالات والمواصلات أنستك كيف تشعل النار أخر الليل في أمسية لايتعدى كلامنا فيها نطاق قريتنا فلم ننشغل يوماً بما فعل عبدالناصر وبما ألف نجيب محفوظ , لم نخلق للحب يا أستاذي لم نخلق للحب .
المفضلات