السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأستاذ الدكتور القدير

محمد إسحاق الريفي

أشكرك على الطرح المتزن القليل الأسطر المتشعب الشجون والمكثف جداً جداً .
دعني أضيف من خلال خبرتي التي لا بأس بها في الكثير من المنتديات الثقافية والدينية والأدبية ولعلّي أوسع دائرة الضوء أكثر وأكثر فالأمر لم يعد يقتصر على الشباب وللأسف الشديد بل من جاوز الخمسين والستين ومن حصل على الماجستير والدكتوراة هم الغالبية العظمى اليوم .. أليس هذا أمراً مستغرباً ؟!!

ظهر في الساحة الإسلامية والعربية تيار يريد أن يكسر الحواجز في النقاشات الدينية خاصةً وبعض النقاشات السياسية والتاريخية فرأيه مقدم على الدليل (( الصريح !! )) من القرآن الكريم والسنة والنبوية المطهرة وبدا وكأن الأمة قد بلغ فيها الإستهزاء بالنصوص مبلغاً فاحشاً ما سبقها به أحد من العالمين وهذا كله في إطار (( حرية الرأي والتعبير )) التي تشدق بها الغرب فأصبحت ديدن المثقفين العرب اليوم بل عقيدتهم الغراء .. أحسبها كذلك ولي العذر ..

إن الحضارة والتطور العقلي والتقني لا تعني بأي حالٍ من الأحوال هدم أسلوب الطرح المتزن ومن ثم هدم النقاش المبني على دليلٍ متين .

وأصبح العقلانيون (( مصطلح ينصبُّ في الذين يزنون الآيات و الأحاديث النبوية الشريفة بعقولهم المجردة دون الرجوع إلى كتب الشروح ومجلدات التفاسير ورأي سلف الأمة وجهابذتها ويتحججون بفقه الواقع وما درسوا الفقه أصلاً )) هم الفرقة الطاغية من جمهرة المثقفين الذين شابت ذقونهم وهم في أبّهة شهاداتهم ظنوا أنهم بلغوا المنتهى في العلم مما خولهم تجاوز الحد المسموح به في التكلم عن مواضيع ومحاولة قلب وغربلة فتاويها التي أجمعت عليها الأمة منذ أكثر من 1000 سنة .

المشكلة أيه السادة الكرام أن المعايير اختلة إختلالاً مجحفاً فنرى العواطف هي التي تقود دفة الأمة لا العقل السليم الذي لا يكون سليماً إلا إذا قدم النقل (( الكتاب والسنة )) على أفكاره وآرائه وأصبح الكل يفتي ويجيز ويلمز أهل العلم الذين ضحوا بجل أوقاتهم في خدمة الدين بالتشدد إن كانت الحجة معهم فقط لإن الفتوى خالفت هواه وحسب وأصبحت الأولويات حماسية محضة وهي للأسف لحظية تختفي باختفاء المحفز والمثير لها .

لا شك أن الطبيعة البشرية لا تتماثل وهي في التباين تتمحور ولا شك أن هذا العصر المكتض بمليارات الكائنات البشرية وآلاف العقائد والمذاهب والملل في وجود الشبكة العنكبوتية .. هذا كله يوسّع هوة الإلتقاء ويفتح جبهات مبثوثة في أدمغة العقلاء من مثقفي الأمة لكن إن كان أصل التحاور ثابت بحيث لنا منهج لا ننزاح عنه قيد أنملة وهو هذا الدستور العظيم (( القرآن الكريم )) والسنة النبوية المكملة لهذا الدستور (( وهو دستور دنيوي وأخروي )) سوف تُحل جميع مشاكلنا الداخلية والخارجية وسوف نهزم العدو في أول جولة لأن الله يقول في محكم التنزيل (( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم )) .. فهلاّ جعلنا ميزان الإختلاف في الآراء أن نردها لهذا الدستور الخالد العظيم ؟؟!!

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى

أكليل ودٍّ ومحبة

أخوكم