طهران تتخذ من التصوف قنطرة للتشيع في مصر وسورية

المحرر العربي 3/5/2008

كشفت مصادر عراقية من مؤسسة الإمام الخوئي الدينية، أن إيران بدأت في الفترة الأخيرة بتحريك أدوات عراقية حوزوية في مقدمها المرجع العراقي من أصل إيراني محمد صادق الشيرازي الذي تنتشر مكاتبه في النجف وكربلاء، للخروج بتظاهرات حاشدة في 31 حزيران/ يونيو المقبل والاعتصام ثلاثة أيام متتالية أمام مقار الأمم المتحدة والسفارات السعودية في واشنطن ولندن والعواصم الأوروبية. وكشفت المصادر أن الغاية من هذا التحرك هو الضغط على المملكة العربية السعودية ونظامها للسماح لحوزات قم والنجف وكربلاء بالإشراف على بناء قبور البقيع داخل أراضي المملكة، كونها تمثّل مقدسات شيعية حيث تضمّ رفات أربعة من أئمة أهل البيت هم: الإمام الحسن المجتبى ابن الإمام علي بن أبي طالب، والإمام محمد بن علي الباقر، والإمام علي ابن الحسين زين العابدين، والإمام جعفر بن محمد الصادق. وأصدرت الجاليات العراقية الحوزوية المدعومة من طهران، بياناً أكدت فيه على ضرورة المشاركة في التظاهرات والإعتصامات للضغط على المملكة، وفي هذا السياق أصدرت حركة تطلق على نفسها اسم «لجنة اعتصام البقيع وسامراء» - الولايات المتحدة الأميركية بياناً ذهبت فيه إلى أبعد من المطالبة بالمشاركة، إلى التهديد برفع دعوى قضائية ضد النظام السعودي بخصوص البقيع. وفي السياق ذاته، أيّد التجمع الحوزوي العراقي الإغترابي بيان مرجعية الشيرازي الذي أعلن استعداده الكامل لتحمل مسؤولية بناء مراقد سامراء في رسالة بعث بها إلى رئيس جمهورية العراق جلال الطلباني، ورئيس الوزراء نوري المالكي، ورئيس وأعضاء مجلس النواب العراقي حول سامراء.

دور تخريبي في القاهرة
على صعيد آخر، كشفت المصادر العراقية عن تبني السفير الأميركي السابق في القاهرة ريتشارد دوني مهمة نشر التشيّع الفارسي في العاصمة المصرية، حيث وجهت عناصر شيعية نافذة في الولايات المتحدة دعوة لبعض مشايخ الطرق الصوفية في مصر لحضور مؤتمر عن التصوف عقد في ولاية «كاليفورنيا» خلال الفترة من 25 - 28 نيسان/ أبريل المنصرم، وهو ما أثار ردود أفعال متباينة في أوساط مشايخ الطرق الصوفية. ونقلت المصادر العراقية المعتدلة تأكيدات بعض مشايخ الطرق الصوفية من أن الدعوة مشبوهة لأنها تروج للفكر الشيعي، معتبرين أن الشيعة يحاولون اختراق الطرق الصوفية مستغلين محبتهم لآل البيت، في حين دافع آخرون عن قبولهم للدعوة مؤكدين أن عدداً كبيراً من المصريين القاطنين حول الأزهر الشريف ومقامي الإمام الحسين والسيدة زينب، تحولوا للمذهب الشيعي وجميعهم من المنتمين للجماعات الصوفية.
أبرز المدافعين عن الدعوة المذكورة التي ترعاها مؤسسات إيران الدينية في أميركا، هو الشيخ محمد علاء الدين ماضي أبو العزائم شيخ الطريقة العزمية وعضو المجلس المصري الأعلى للطرق الصوفية والمفوض باختيار مشايخ الطرق الذين يشاركون في المؤتمر، الذي أعلن تلبيته للدعوة. وكشف أن الدعوة وجهت لنحو 12 من مشايخ الطريقة الصوفية في مصر لحضور المؤتمر. وأشار إلى أنه قام بتبليغ المجلس الأعلى للطرق الصوفية بالسفر لحضور المؤتمر وأن المجلس وافق على ذلك الأمر، كون حضور المجلس الأعلى للمؤتمر المذكور لطرح الآراء والملاحظات والتوصيات.
ورد على المخاوف التي تتردد من أن تكون الصوفية جسراً لدخول التشيع إلى مصر، قائلاً: يوجد عدد كبير من المواطنين في مصر تحولوا للشيعة وهم ليسوا من أصول صوفية، لافتاً إلى أن مصر كانت شيعية أيام الدولة الفاطمية وكان فيها صوفيون ولم يتشيعوا.
ونقلت المصادر عن المهندس محمد عبد الخالق الشبراوي شيخ الطريقة الشبراوية، إننا قبلنا الدعوة من باب مكارم الأخلاق كما إنها جاءت من إخواننا أهل التصوف، فهذه أول دعوة تأتينا من أميركا ولذلك ذهبنا وشاركنا في المؤتمر. وتابع الشبراوي قائلاً: لا نرفض أي دعوة توجه لنا من أي مكان بما في ذلك إسرائيل، وقال سنذهب إليها وليس لدي مانع من زيارة إسرائيل على أساس إحلال السلام الشامل، مشيراً إلى أن الجالية الإسلامية الصوفية في إسرائيل إذا وجهت لنا الدعوة سنذهب لمناصرة إخواننا فالرئيس أنور السادات فعلها وذهب إلى إسرائيل.
فيما حذر الدكتور محمد أبو هاشم شيخ الطريقة الهاشمية الخلوتية الأحمدية وعميد كلية أصول الدين في مدينة الزقازيق من خطورة حضور هذا المؤتمر، قائلاً: «إن هذا المؤتمر شيعي صرف، والهدف من دعوة بعض مشايخ الطرق الصوفية للمؤتمر هو محاولة تجنيدهم لدخول التشيع إلى مصر، لأن المنظمين للمؤتمر هم من الشيعة». وقال أبو هاشم، إن الأميركيين وجدوا أن الطرق الصوفية تمثل التيار المعتدل في مصر ولهم أتباع كثيرون ولذلك يحاولون أن يستثمروا هذا الأمر في توجيه الدعوات لبعض مشايخ الطرق الصوفية لزيارة أميركا، غير مدركين الهدف من وراء هذه الدعوة. وكشف أبو هاشم عن اتخاذ المجلس الأعلى للطرق الصوفية قراراً يقضي بعدم سفر أي شيخ طريقة إلا بعد موافقة المجلس ومعرفة سبب الدعوة، خوفاً من أن تكون نابعة من (التيار الأميركي، والتيار الإيراني الشيعي)، فالمجلس الأعلى للطرق الصوفية هو الهيئة العليا التي تدير التصوف في مصر. وأشار إلى أن مشاركة بعض مشايخ الطرق في المؤتمر من دون علم المجلس، ستعرضهم للمساءلة القانونية وعقوبات تصل إلى حد العزل من المشيخة، مضيفاً أن الشيخ حسن الشناوي شيخ مشايخ الطرق الصوفية سلبي ولا يتخذ قرارات حاسمة، وهذا ما أدى إلى ما وصلت إليه المشيخة حالياً.
أما الداعية الإسلامي المصري الشيخ يوسف القرضاوي فقد حذرَ من اختراق الشيعة الإيرانيين لمصر، منبهاً إلى أنهم يحاولون نشر مذهبهم في مصر لأنها تحب آل البيت ويوجد على أرضها مقام الحسين وشقيقته السيدة زينب - ع -. منبهاً من اتخاذ الشيعة من التصوف قنطرة للتشيع، وأنهم اخترقوا مصر في السنوات الأخيرة من هذا الجانب. وكان زعيم الشيعة المصريين محمد الدريني رئيس مجلس رعاية آل البيت، زعم في وقت سابق أن هناك تحولات من السُنة في مصر إلى المذهب الشيعي، مفصحاً عن تقديرات أمنية بوجود نحو مليون شيعي متسترين وراء 76 طريقة صوفية، بينما التقديرات الأميركية تصل بعدد الشيعة المصريين بوجه عام إلى 1% تقريباً من إجمالي المسلمين في مصر، أي حوالى 750 ألف نسمة. وطالب الدريني باستعادة الأزهر الفاطمي، وتدريس المذهب الشيعي في جامعته الخاصة «الغدير» الممولة إيرانياً، إسوةً بالمذاهب السُنية.
ودور آخر في سورية
في هذه الأثناء حاول بعض زعماء القبائل ومشايخ الطريقة الصوفية السوريين المنحدرين من منطقة الجزيرة الشرقية السورية المجاورة للعراق، مقاطعة أو التحريض ضد الدعوة الأميركية الموجهة لقادة الطرق الصوفية الساعي بعضهم بتمويل إيراني إلى نشر التشيع الإيراني، عبر تجسير العلاقات الدينية النفعية مع قادة الصوفية في مصر وسورية والأردن والعالم الإسلامي.
وقد قامت أجهزة الاستخبارات السورية أخيراً باعتقال عدد من الشخصيات الصوفية السورية المعتدلة الرافضة كل الرفض لعملية نشر التشيع الفارسي في الساحة السورية، على خلفية اعتراض تلك الشخصيات المرموقة على تنامي حركة التشيع التي تمارسها بعض الجهات الشيعية السورية المدعومة من قبل السفارة الإيرانية في دمشق داخل المحافظات السورية». واتهمت «اللجنة السورية لحقوق الإنسان»، في بيان أصدرته، المخابرات العسكرية السورية باعتقال شخصيات صوفية سورية في محافظة «دير الزور» شرقي البلاد، على خلفية معارضتهم لحملات التشيع الفارسي. وقال البيان «علمت اللجنة السورية لحقوق الإنسان من مصدر مطلع في محافظة دير الزور شمال شرق سورية، أنَ المخابرات العسكرية السورية هناك أقدمت منذ أوائل شهر شباط/ فبراير الماضي وحتى هذه الساعة على اعتقال مجموعة من المواطنين السوريين لمعارضتهم نشر التشيع في منطقتهم، ولا سيما في بلدة «خطلة» المجاورة لمحافظة دير الزور. ونقلت المنظمة عن المصدر السوري المطلع، أن الموقوفين ينتمون إلى (المدرسة الصوفية) وهم من ذوي الأخلاق والسيرة الحسنة والمعروفين جيداً بين أهالي منطقتهم.
الحاخامات .. والمؤتمر الصوفي !
وفي سياق متصل كشفت المصادر العراقية المعتدلة ذاتها، عن إشراف مجموعة من الحاخامات اليهود الإسرائيليين في واشنطن على عملية الإعداد للمؤتمر الصوفي المظهر، الشيعي الجوهر، الذي عقد في نهاية شهر نيسان/ ابريل الماضي، في ولاية كاليفورنيا الأميركية، بحشد وترتيب من السفير الأميركي السابق في القاهرة ريتشارد دوني. ولهذا السبب وصل إلى العاصمة الإيرانية طهران وفد من كبار الحاخامات اليهود الأميركيين من أصل إسرائيلي، ليلتقي عدداً من المسؤولين الإيرانيين وشخصيات دينية وثقافية إيرانية إضافةً إلى الجالية اليهودية في طهران، بهدف دعوة الجهات الإيرانية المذكورة سلفاً إلى مؤتمر لـ«حوار الأديان والمذاهب» سيعقد في نيويورك والذي سيتزامن مع الإعتصام الذي ترعاه إيران للتحريض على بناء قبور البقيع في السعودية، أمام مقار الأُمم المتحدة والسفارات السعودية في أوروبا وأميركا، بذريعة ترطيب الأجواء بين شيعة العالم الإسلامي وسنته المتصوفين، وستوجه الدعوة بشكل رسمي إلى الرؤساء الإيرانيين الحالي محمود أحمدي نجاد، والسابقين محمد خاتمي وهاشمي رفسنجاني، لإشراف الأخيرين على هيئة الحوار بين المذاهب والأديان. وسيرأس الوفد الذي يضم 21 حاخاماً رئيس ومؤسس معهد شومر شالوم اليهودي الحاخام لين غوتليب، وهو زعيم الحركة اليهودية التجددية في الولايات المتحدة المرتبطة بشكل وثيق باللوبي اليهودي في الكونغرس الأميركي. وأعلن الحاخام لين وتليب: أن زيارته لطهران تأتي في إطار مساعي معهده للحيلولة دون حصول أي مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران، ومحاولة وقف التصريحات التحريضية والتهديدات التي يطلقها الساسة والمسؤولون الأميركيون حول تنفيذ عمل عسكري محتمل ضد إيران.