بسم الله الرحمن الرحيم
أعتقد أنني لن أتجاوز بالأمر حدود ما انتهى إليه الإخوة والأخوات . لكن أرى أن هناك مايجب توضيحه أكثر . . بداية أشتم أن الدكتور شاكر شبير لايريد أجوبتنا ، ولكنه يريد أن يرى طريقة قراءتنا للقضية - إن كانت كذلك - . . حيث بدت الصورة التي وضع عليها (( القصة )) هي قصة والله !! . . اجتمعت فيها جل عناصر القصة القصيرة ؛ من شخوص ، وحدث ، وزمان ، ومكان ، وعقدة ، وفتح الحل على إشراك القاريء في إيجاد الحل . وهو نوع من السرد معروف عند كتاب هذا الجنس . أما وأن يكون الأمر من الواقع فهذا شيء آخر !!
أتجاوز (( القصة )) وأتجاوز كل ماقاله الإخوة والأخوات - وهو مهم ومفيد في النازلة ( هي نازلة ) وإن انحرف السرد في جعلها ( نازلة فقهية !!! ) يمكن طرحها على الفقهاء باعتبارها تمس جانبا مهما من الدين وهو ( الزواج ) كما عبر الدكتور شاكر . وأتوجه مباشرة إلى الأسئلة :
السؤال الأول : هل هناك ظرفية يمكن فيها إتمام هذا الزواج؟ وما هي هذه الظرفية؟
السؤال يتغيا البحث في ظرفية قابلة للإمكان يتم فيها ( هذا الزواج ) ؟
أنا لاأعتبر هذا زواجا لانتفاء شروط ( الزواج )الشرعية عنه ، وهي معروفة عند الجميع . ولنركز على هذا المسمى ( العود ) وسلطته اللاشرعية هنا ، والتي هي من مخلفات القبلية الجاهلية التي انتهت بنص قاطع في سورة آل عمران حسما لما جرى بين الأوس والخزرج (( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا )) . . ومن اعتصم بحبل الله بدا له ( العود ) وسلطته ، وأمنياته المريضة ، هباء في مؤسسة الزواج العتيدة . . وليس هناك من دليل يبدي خطل هذا ( العود ) وكل من لبس لباسه أكثر من هذا العسف والتعسف على حرمات الله ، وحقوق أعطاها لعباده ؛ أولها اختيار الزوجين لبعضهما ضمن ضوابط شرعية معروفة . إن اختيار الزوجين لبعضهما سر من أسرار الحياة الجميلة . ليس الأول فيها ما نخشاه في هذه العلاقة وهو الميول الجسمية - وهي هنا مرفوضة لوجود المانع ( المرض الخطير الكامن )عند الفتاة وتعريض الفتى والأولاد للخطر نفسه - وإنما الأول فيها إكساب الأسرة منعة ببنائها من زوجين متآلفين يأنس كل منهما إلى الآخر ، ويتعاونا سعيا لصفاء العيش وابتهاج النفس البشرية ؛ حيث محبة الزوجين لبعضهما مضمونة ، ناهيك عن صفات أخرى يوفرها اختيار الزوجين لبعضهما الاختيار الشرعي ، والنصوص الدالة على هذا كثيرة نعرفها ، وهل هناك زواج بدون أولاد ؟ حيث تتقوى الآصرة بين الزوجين عندما يصيران أبوين ، وينبني على ذلك حقوق وواجبات . . هل هذا كله أو بعضه يتحقق في ( زواج العود ) ؟ إن تحقق شيء من هذا في ( زواج العود ) مستبعد إلى أقصى الحدود خاصة في وقتنا هذا !!!.
إن من أمراضنا الخطيرة انقياد الكثير من الناس لبعض الناس بدعاوىمعينة ، وتحت ضغط عادات وتقاليد باطلة وواهية ، وهم مجانبون للشرع ، وللحق ، وللصواب . وهؤلاء ليسوا إلا كتلا لحمية تأسنت بالجهل ، والدجل ، والمال ، والجاه !!! . . وعلى ضوء هذا ، فهذاالمسمى زواجا لايمكن تسميته ( زواج ) البثة . وإنما هو(( صفقة )) على حد تعبير الدكتور شبير ، عززتها سلطة اكتسبها بعض الناس على الخلق تغييبا لسلطة الخالق ، وتهميشا لها في حياة الناس ، حتى التبست على البعض الطريق . . فظنوا صورة اليوم يجب أن يبحث لها عن حل محايث لحلول ابتدعها الغرب لأنه لا دين له . فديننا براء من ( الصفقة ) في بناء مؤسسة (( الأسرة )) . وديننا براء من الرغبة الخصة ، والذوق ، و العاطفة المريضة في بناء كيانه العام الصلب ، إذ لم يترك رب العزة شاردة ولا واردة - كما يقال - وهو يؤسس لبناء الأسرة ، لما فيها من علاقات معقدة . وإنما بنى بناء محكما . . وهذا موضوع طويل عريض كما يعرف الجميع . . يمكننا أن نتعاطف مع هذه الفتاة ، ويمكننا أن نلوم من شئنا ، ولكن الشىء الذي لايمكننا أن نتجاوزه أبدا ، هو أنه لبناء (( عقد النكاح )) ضوابطه الشرعية ، التي لم يغفل عنها الشرع . ولا يجب أن يغفل عنها المتعاقدان في مؤسسة ( الزواج ) . . وأن ما حدث للفتاة - إن حدث لها فعلا - ننظر إليه على أنه ابتلاء لها ، وعبرة للجميع ، ومطالبة بحقوق الناس ورعايتهم ؛ متى ما وضعوا بين أيدي ( الأطباء ) ،وتعويضهم على الابتلاء / الاعتداء عليهم نتيجة الإهمال بالعناية الطبية اللائقة ، وفيه دعوة لما ينبغي أن تستعد الأمة لمواجهته في بلداننا في زمن العولمة الظالمة التي تفرض على وجودها إكراهات ، وفيه دعوة إلى العودة إلى صفاء ونقاء العلاقة الأسرية كما حددها الشرع الإسلامي ، وعدم الاكتراث بالنادر ، وأن لايشغلنا النادر عما ينبغي أن يكون عليه الحال والمآل ؛ سواء بالنسبة للأمة أو بالنسبة للأزواج أو للأفراد . . .
نستنتج أن هذا الذي يريده ( العود ) باطل دينيا - لما أسلفنا من توضيح - وطبيا - السيدا مرض قاتل ، وليس له علاج قبل إجراء عقد اليوم ، وإجراء العقد اليوم لهذين ( العروسين ) مجازفة و إلقاء بالنفس / النفوس إلى التهلكة ، وهي مخالفة شرعية واضحة - واجتماعيا - إن قوة المجتمع في أبنائه ألأسوياء الأقوياء لا في مرض كامن يكمن لصاحبه كمون الحية لضحيتها الغافل - و . . . وعليه ف(( ما بني على باطل فهو باطل )) . . وما بقي من الأسئلة يذهب أدراج الرياح ، ففي التفكير فيها مروق عن الشرع الإسلامي ، وما فيه من مصلحة الإنسان ، وهو الأصل :
ومن سعد حظ المرء وجدان زوجة .............. تطيب بها هذي الحياة وتعذب
لا إرضاء من كان ، لتصريف ما لاينبغي أن يكون ، لأنه كائن ، وهو في الطريق إلى أن لايكون ... !!! .
ولا أظن الدكتور يريد أن ينبه لأكثر من هذا ، إنه جهد المقل في موضوع التوى ثم التوى حتى صار أعقد من ذنب ضب . لكن الطريق سالكة إلى الحق لمن يسعى إليه .
مع أطيب مودتي لمن دعاني لهذه الوليمة الساخنة .
المفضلات