احترنا يا أقرع منين نبوسك
لدى اطلاعنا على وضع دولنا العربية عامّةً ندرك صعوبة ما يعانيه مواطننا العربي سواءً كان إنساناً بسيطاً أو مثقفاً أو مشتغل بالسياسة فرغم كل المعاناة العامة التي يعيشها الإنسان العربي و لاسيما الظروف الاقتصادية التي تجعله رغم أنفه مهتمّاً فقط بتحصيل لقمة عيشه و السعي في مناكب الحياة لتحصيل رزقه و ربما قوته فقط و قوت عياله في خضمّ وضع مزري صعب يلقي بثقله على كاهل الإنسان العربي و يجعله جسداً فقط لا يجب أن يهتمّ إلا بلقمة عيشه المغمّسة بالتعب و الضنك و ربما الذلّ أيضاً و فوق هذا كله يعاني إنساننا العربي مما تلقيه السياسة بظلالها على كاهله رغم أنفه ، فالإنسان العربي أضحى متهمّاً حتى تثبت براءته .. متهمٌ بشتى التهم حتى يثبت براءته عبر بيع آخر ما تبقى له كإنسان و هو الضمير ليكون عبداً مستعبداً لحيثيات السياسة الأمنية التي أصبحت لها صورة نمطية واحدة في أغلب الوطن العربي و ربما أغلب دول الأرض .
الإنسان العربي أضحى هو نفسه الجلاد و الضحية معاً مع تبادل الأدوار بين الجلاد و الضحية على كرّ أيام حياته .
الإنسان العربي أضحى مخيّراً بين أن يكون جلاداً و بين أن يكون ضحية الجلد ، و هو نفسه من يكون ضحيّة للجلد و في ذات الوقت جلاداً للضحية و الضحايا .
الإنسان العربي لم يكفيه أن يكون مصفّقاً دوماً و محيّياً دوماً ومع ذلك فهو قد ( بلع الموس على الحدّين ) كما يقال .
قالوا عن اليهود أنهم الشعب المختار و نقول عن الشعب العربي أنه الشعب المحتار
و هو فعلاً محتار .
محتارٌ كيف يرضي وطنه العربي باختلاف دوله و محتارٌ كيف أنه يكون عبداً مطيعاً و مع ذلك فهو يتلقى الصفعات دوماً من دون أن يدري لها سبباً .
محتارٌ كيف أنه يتلقى التهاني على موقفه اليوم ثم تأتيه العصى على أم رأسه غداً فلماذا ؟ !
فعلاً أمرٌ محيرٌ
اليوم يطلب منك أيها المواطن العربي الصدح بشعارات إسقاط الصهيونية و غداً يطلق الرصاص عليك لأنك معادٍ للصهيونية و ذلك حسب الوضع السياسي و موقفه بين اليوم والغد والضحيةُ دوماً من لاحول لهم و لاقوة إلا بأن يكونوا قطيعاً رغماً عنهم .
و القطيع ليس دوره إلّا الإنتاج
إنتاج الصوف و الحليب و اللحم .
هل ثقافة القطيع المسيطرة طوعاً أو كرهاً و على مدى ليس فقط عقود وإنما ـ ربما قرون ـ لم تخلق الحافز المشجع على التغيير و تغيير سلبيات النفس و الفكر معاً و لو على قاعدة نظرية الفعل و رد الفعل .
ألسنا كشعوب نمتلك كل مقومات التغيير
فلماذا لم نتغيّر و بقينا كما نحن سامعون طائعون خاضعون مستخضعون خانعون و راضون بواقعنا و كأننا استمرانا الخضوع حتى أصبح من صفاتنا الوراثية البيولوجية و أضف للخضوعِ الضياعُ و مزيداً من الضياع المستجدّ الذي يناسب ما يستجدّ من ظروف الواقع السياسي للعالم كله أو الجغرافية الإقليمية أو المحلّية.
العولمة سواءً عارضها من عارضها أو أيّدها من أيّدها هي موجودة واقعياً و عملياً ، سياسة الإنسان المقهور هي عولمة موجودة ومطبّقة و خاصةً في وطننا العربي .
عولمة الخضوع و السمع و الطاعة العمياء بكلّ تفاصيلها السياسية و الأمنية و الاقتصادية و الثقافية و السيكولوجية عامّة هي واقع يفرض نفسه على الجميع .
و الإنسان العربي أضحى بين نارين لافكاك لها ، نارٌ السلطة العربية التي تؤمن منذ أكثر من ألف سنة بـ { حبّذا الإمارة و لو على الحجارة } و مازالت مؤمنة بها و كل إيمانها منحصرٌ بذلك ، و بين نار العدو المتربّص و المراقب و الذي يرى في الشعوب الأخرى عدوّه الأبدي .
الوطن العربي الأقرع يريد أن يزرع شعراً على رأسه بنتف رؤوس الشعب
فعلاً و بلسان الشعب العربي القائل لوطنه العربي بكافة دوله :
( احترنا يا أقرع منين نبوسك ) .
المفضلات