وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأخ الكريم هشام يوسف
أحسن الله إليكم وجزاكم الله بكل خير
وأشكر لكم وقوفك على ما تقرأ
المادة هي مادة "رَوَحَ"، وليس مادة "الروح"؛ لأن المادة شاملة لكل ما بني منها وجرى اشتقاقه. والروح جزء منها.
وعند البحث في المادة يبين استعمالها في مشتقاتها، ولا يظهر هذا الاستعمال إلا بالتعرض لجميع مشتقاتها.
وعندما أتحدث عن أحد المشتقات لا أتحدث عنها جميعًا، فلكل مشتق خصوصيته بجانب الصفة التي يكتسبها من استعمال الجذر.
أخي الكريم
بينت استعمال الجذر "بما يحس أثره ولا يبصر" فأنا تكلمت عن حاسة واحدة وهي حاسة الإبصار، ويمكن التعرف عليه بحواس أخرى، إن كان بالإمكان، فإن كان لا يحس بجميع الحواس فهي من الزيادة في عدم القدرة على التعرف عليه.. لكن الأصل في الاستعمال هو عدم الإبصار.
الرِيح أصلها الرِوح قلبت الواو إلى ياء بسبب كسرة الراء
والريح تطلق على الهواء عندما يتحرك ويحس بحركته، والإحساس بحركته من تحركيه للأشياء، وإذا حرك الأشياء فستجد له أثرًا على جلد الإنسان ببرودة أو حرارة، أو تحريكًا لملابس الإنسان أو شعره أو دفعه .... ودون الحركة لا تحس به. وإذا كانت الحركة ضعيفة لا تسميه ريحًا، فتقول عندها الهواء بارد، ولا تقول الريح باردة، وإذا لم يكن هناك حركة تقول الجو بارد، فالإحساس بالبرد أو الحرارة شيء آخر قد يرتبط بالريح وقد لا يكون مع الريح إحساس ببرد أو حرارة.
والهواء الساكن لا يسمى ريحًا فالتسمية له عند الحركة القوية فقط .. وهو لا يبصر وإنما يبصر أثره على الأشياء والإنسان، والإحساس به أو إبصار أثره هو غير إبصار ذاته فندرك وجوده من غير الإبصار له.
أما جبريل عليه السلام: فتسميته بجبريل له دلالة من هذه التسمية.
وتسميته بالروح له دلالة أخرى، وقد قلت بأنه لا يبصر في معظم الأحيان، ولا من قبل الحاضرين حول النبي صلى الله عليه وسلم وقت نزول الوحي ... وكلامي هذا واضح بأن قد يبصر في أحوال أخرى، بالأمور التي أنت قد أشرت لها في ردك، لكن تسميته جبريل بالروح هو في الحالة التي لا يبصر فيها، ويحس أثره النبي بما يوحى إليه، ويحس من حوله بالجهد الذي يعانيه النبي صلى الله عليه وسلم، وتعرقه أحيانًا، وثقله على من يتكأ عليه.
أما الروح التي هي النفس؛ فهي لا تبصر فلذلك سميت بالروح، وفوق ذلك أنها لا تحس بإحدى الحواس الأخرى،
المادة لا أخي الكريم يجب أن تحس بإحدى الحواس
فالهواء وإن كان لا يبصر؛ لكنه يبصر في أحوال دون أحوال؛ فبخار الماء في الهواء لا يبصر، لكنه يبصر عند تكثفه وتحوله إلى ماء أو برد أو ثلج، أو سحاب أو غيم. وكذلك لو سيل بالضغط والتبريد؛ فهو إذن مادة.
والرائجة لا تبصر لكن تحس بحاسة الشم فهي مادة، وهي تتطاير من مادة تراها، أو ترى لو جمع منها كمية كافية للرؤية.
وهناك من يدرك وجوده ولا يبصر
فالله تعالى يدرك وجوده لكنه لا تدركه الأبصار
والروح يدرك وجودها لكنها لا تدركها الأبصار
ولذلك لا يمكن أن نحكم أن الروح من مادة وهي لا يقع عليها الحس.
لكن الملائكة والجن حكمنا عليهما بأنهما من مادة لأن الحس وقع عليهما في أحوال معينه
والمادة: هي كل شيء مدرك محسوس، فكل شيء يحس به بإحدى الحواس الخمسة فهو من مادة، ويدخل في هذا التعريف النور والحرارة، فالطاقة جزء من المادة، ولذلك كانت الملائكة والجن من مادة، وما كان مدركًا غير محسوس فهو ليس بمادة.
النفس هي الروح بالروابط التي تربطها بأحوال الجسد؛ بحاجاته العضوية وغرائزه، والأحداث التي تحدث له، وما يتميز به؛ من شكل وجينات، وعلاقاته مع من يرتبط بهم في النسب؛ كان أصلا أو فرعًا أو ما كان منهما، وهي سبب الحياة في الجسد. وكل ذلك ناتج من بداية ارتباط الروح بالجسد.
للجان والدواب أرواح لأنها ذات إرادة، أما النبات فلا خيار له، وثابت في مكانه لا يفارقه.
المعلومات التي يحصل عليها الإنسان هي عن طريق الحواس، والرؤية للأشياء تؤدي علمًا، فإن طابق العلم الواقع كان إبصارًا، والتوجه للشيء يسمى نظرًا، وقد فرقنا بينها من قبل؛ عندما تكلمنا عن حذف صورة الواو في (رُءيا)، ولذلك فإن العلم الذي يأتي عن طريق المنام يسمى رؤيا، وهو نادر الحدوث في حياة الإنسان، ولا يعد كسرًا ذا شأن بين ما يعلمه الإنسان، وهذا العلم يصل الإنسان وكأنه حصل عليه عن طريق حاسة البصر.
بارك الله فيك وفي مرورك
ومرحبًا بك بكل ما تشارك به
المفضلات