صمود شعب غزة و المقاومة الفلسطينية. نصر جديد لحركة التحرر
ضد الصهيونية والاستعمار
أ.د/سعيد صلاح النشائي , عميد كليتي العلوم الهندسية وتكنولوجيا المعلومات, جامعة سيناء , المساعيد , العريش
حقائق عديدة ظهرت فى الأسابيع الماضية منذ بدء العدوان الصهيوني الأجرامى على غزة:
• شعب غزة لن يقبل أي محاولة تفرضها علية الخطة الصهيونية الأمريكية لتركيعة و قبوله الاستسلام لإرادة الكيان الصهيوني و حلفاؤه المحليين و العالميين. لقد حاولوا و استماتوا لتحقيق ذلك ضد المقاومة اللبنانية في صيف 2006 و كان النصر حليف المقاومة اللبنانية. و صمود غزة شعبا و مقاومة هو مفتاح النصر الآن في 2008-2009.
• التعاطف الشعبي الفلسطيني و العربي و العالمي مع شعب غزة تزداد وتيرتة مع تقدم العدوان و صمود المقاومة.
• تواطؤ النظام العربي أصبح أكثر وضوحا ومحاولات التغطية والتشويش على وعي المواطن لم تعد ذات فاعلية فالمشاركة في الحصار و حرمان أهل غزة من أي إمدادات يمكن أن تمر خلال معبر رفح خلال الشهور الماضية وحتى الآن, يكشف جانبا من هذا التواطؤ.
• دور سلطة أبو مازن ألتآمري و صلاته الوثيقة بالموساد و قيادات العدو الصهيوني أصبح أكثر وضوحا و رصيد السلطة علي المستوي الشعبي بات في تناقص مستمر.
علي ضوء ما تقدم فان الجرائم الجديدة للكيان الصهيوني لن تفلح في جر المقاومة و شعب غزة و الشعب الفلسطيني إلي أروقة الاستسلام, وعلي غرار ما حدث في الأعوام 2000 و 2006 في لبنان, سوف تنتصر غزة مهما كانت التضحيات.
كنت أظن أن القضية ازدادت وضوحا بعد كلمات حسن نصر الله و خالد مشعل في يومي 29 و 30 ديسمبر الماضي , لكن حوارات عديدة خلال بعد ذلك أكدت الحاجة إلي الإجابة علي العديد من الأسئلة الهامة - يبدو أن ثقافة الهزيمة قد ازدادت رسوخا من جراء الهزائم المتتالية للنظام العربي و انجرافه للتواطؤ مع الاستعمار و الصهيونية ضد حركة التحرر العربي خصوصا بعد الغزو الغاشم للعراق- من هذه الأسئلة:
الفلسطينيون منقسمون علي أنفسهم و صواريخ المقاومة عبثية و تعطي المبرر للعدو الصهيوني للاعتداء عليهم و لا يوجد ما يبرر لدعمنا لهم. و الإجابة:
- الانقسام بين الفلسطينيين هو انقسام مؤقت تدعمه الصهيونية و حلفائها المحليين و الدوليين و سوف يزول مع صمود حماس و حلفائهم من فصائل المقاومة الأخرى وتخلص فتح من الجزء الخائن والعميل في صفوفها وإعادة تأهيل الجزء اليائس والمتخاذل.
- جميع حركات التحرر المنتصرة شهدت مثل هذه الانقسامات, فيتنام انقسمت إلي فيتنام الجنوبية الموالية لأمريكا و فيتنام الشمالية التي قاومت المستعمر الأمريكي حتى انتصرت عليه ووحدت فيتنام و قادتها علي طريق التقدم.
- حركة حماس اكتسحت الانتخابات الفلسطينية الأخيرة غير المزورة, و قد بدء فور هذا الانتصار و علي يد "دعاة الديمقراطية" رفض هذه النتيجة و السعي بكافة الطرق و الوسائل لتفريغها من محتواها و تطويقها, حتى تنفرد سلطة أبو مازن بمقادير الأمور. والآن جاءت مظاهرات الغضب في الضفة الغربية لتؤكد من جديد شرعية المقاومة و قيادتها و تحاصر تيار أبو مازن و خياراته التآمرية والخيانية. مما يؤكد علي أن أي انتخابات جديدة في المستقبل القريب سوف تذهب نتائجها إلي صالح تيار المقاومة بقيادة حركة حماس.
- تيار المقاومة علي المستوي القومي في صعود مستمر خصوصا بعد النجاح الرائع الذي حققه حزب الله و المقاومة اللبنانية في صيف 2006 و الانتصارات التي حققتها المقاومة العراقية علي المحتل الأمريكي بالإضافة إلي صمود غزة و مقاومتها الرائعة الآن.
- المقاومة ليست عبثية كما لم تكن صواريخ حزب الله عبثية, العبثي هو مساعي الاستسلام للكيان الصهيوني, هذا الكيان الذي لن يختلف مصيره عن جميع محاولات الاستعمار الاستيطاني في القرن الماضي ( الجزائر, جنوب أفريقيا... الخ) . والعبثي أيضاً هو تصور الكيان الصهيوني و حلفاؤه لإمكانية هزيمة حركة التحرر التي تبنتها الجماهير و التي اعتمدت الكفاح المسلح كوسيلة أساسية للتحرر.
- وجود المشاكل بين صفوف حركة التحرر العربية يأتي نتيجة أسباب عديدة, علي رأسها السعي الدءوب للكيان الصهيوني بدعم أمريكي عربي لتفتيت صفوفها, وهذا لا يبرر لا سياسيا و لا أخلاقيا عدم التعاطف معها ولا التواني عن دعمها في مواجهة الاستعمار والصهيونية.
و السؤال الثاني: ما مصلحة الأنظمة العربية في دعم الكيان الصهيوني ضد المقاومة.. و الإجابة يمكن أن تشير إليها النقاط التالية:
- النظم العربية بما فيها سلطة أبو مازن يخشون انتصار أي تحرك ديمقراطي شريف و معادي للاستعمار و الصهيونية, فهذا من شأنه كشف و تعرية الهوية و المصالح الأنانية الضيقة لتلك النظم و التي تتعارض مع مصالح شعوبها و بالتالي التعجيل بزوالها.
- هذه النظم هي النتاج التاريخي لهزيمة يونيو67 ومسلسل الاستسلام لإرادة الكيان الصهيوني و شريكه الأمريكي و الذي بلورته كافة المعاهدات و الاتفاقات علي شاكلة كامب دافيد و اوسلو.
- هذه النظم هي السند و الداعم الرئيسي لمخطط الهيمنة الأمريكية الصهيونية علي المنطقة و في المقابل و علي ضوء أدائها لهذا الدور تلقي كل الدعم و الحماية من أمريكا والكيان الصهيوني. هي نظم ديكتاتورية تستمد شرعيتها من تلك الحماية الاستعمارية في مواجهة شعوبها. أما المقاومة في لبنان و فلسطين فتستمد شرعيتها من شعوبها و تستند إلي تأييدهم الواسع لمواقفها و أساليبها ولقد حقق هذا الالتفاف الشعبي انتصار المقاومة في لبنان عام 2006 و صمود المقاومة المذهل في غزة هذه الأيام.
- و كما قال حسن نصر الله أكثر من مرة أن معاداة حزب الله و حماس و حلفاؤهم لا يرجع لكونهم تنظيمات إسلامية بل لكونهم في مقدمة المناضلين ضد المخطط الاستعماري الصهيوني و هذا ما يؤكده تحالفات حزب الله في لبنان ( ميشيل عون و الحزب الشيوعي اللبناني وغيرهم) و أيضا تحالفات حركة حماس في غزة (الجهاد الإسلامي و الجبهة الشعبية و الجبهة الديمقراطية وغيرهم) .إن الانقسام لم يعد طائفيا كما كان يراد له أن يصبح بل أصبح انقساما سياسيا واضح المعالم.
إن السؤال يتحول إلي: مع من نقف و من نساند و ندعم؟ المخطط الاستعماري الصهيوني وحلفاؤه من النظم العربية أم شعوبنا المقهورة و رموزها المقاومة؟
ولقد أكدت الأسابيع الأخيرة بعد بدء الهجوم البرى الإجرامي الصهيوني على غزة كثيراً من هذه الحقائق البسيطة:
1- خسائر كبيرة للعدو الصهيوني.
2- صمود بطولي للمقاومة الفلسطينية في غزة.
3- استمرار صواريخ المقاومة على جنوب الكيان الصهيوني.
4- هستيريا أصابت الكيان الصهيوني مع اقتراب هزيمته, أهم ظواهرها تكثيف ضرب المدنيين والمدارس والمستشفيات وعربات الإسعاف, الخ حتى مراكز ومدارس منظمات الإغاثة الدولية ضارباً عرض الحائط بكل الاتفاقيات الدولية.
5- إدانة شعبية عالمية لجريمة العدوان الصهيوني وصلت في بعض الأماكن مثل الرباط وإسطنبول والجزائر إلى مظاهرات مليونية.
6- إدانة رسمية عالمية, ما عدا المتواطئين مع العدوان الصهيوني عربياً وعالمياً وهم معرفون, وصلت إلى درجة طرد فنزويلا للسفير الصهيوني ووصف تركيا للعدوان الصهيوني بأنة جريمة حرب, وذلك على سبيل المثال وليس الحصر.
7- التواطوء العربي والأمريكي والإجرام الصهيوني جعلت الشعوب العربية تفيق, مما سوف يكون له تأثير إيجابي كبير على حركة التحرر العربي.
8- أعادة حماس تأكيد نجاحها السابق الكاسح في الانتخابات الصحيحة الوحيدة في العالم العربي وختمته بدم شهدائها وكشفت أكثر وأكثر حقيقة سلطة أبو مازن\دحلان والداعمين لها عربياً وعالمياً.
حقاً إن الخسائر البشرية ضخمة نتيجة وحشية الصهاينة ومن ورائهم عربياً وعالمياً ولكن ثمن الاستسلام أعلى بكثير.النصر للمقاومة والعار للمستسلمين والمتخاذلين والمتواطئين والعملاء والخونة. وللحديث بقية بإذن الله.
المفضلات