بسم الله الرحمن الرحيم...
سلام الله على الأخت العزيزة أم الفضل ذات الصدر الرحب و الصبر الجميل...و على الأخ يحيى غوردو و على قراء هذه الصفحة...
سأجيبك بإذن الله عز و جل عن الأسئلة كل على حدة إن يسر الله ذلك...و الله المستعان...
1- ما هي في تصورك الأهداف المقصودة من البحث في موضوع "هل للشيطان علاقة بالدوبامين؟" ؟؟؟ أو أية مواد أخرى يعلمها الله عز جل و لم يكشف حقيقتها العلم الحالي لأن التيسير العلم للإنسان و إطلاعه على خفايا خلقه و مخلوقاته من عند الله جل علا...
يقول الحق جل علا: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }الأعراف188
قل -أيها الرسول-: لا أقدرُ على جَلْبِ خير لنفسي ولا دفع شر يحل بها إلا ما شاء الله, ولو كنت أعلم الغيب لفعلت الأسباب التي أعلم أنها تكثِّر لي المصالح والمنافع, ولاتَّقيتُ ما يكون من الشر قبل أن يقع, ما أنا إلا رسول الله أرسلني إليكم, أخوِّف من عقابه, وأبشر بثوابه قومًا يصدقون بأني رسول الله, ويعملون بشرعه.[التفسير الميسر].
هدف كل بحث هو تسليط نوع من الضوء عل مساحة يكسوها نوع من الضباب حتى تتجلى الصورة واضحة لمن يهمه الأمر بطبيعة الحال.فكل بحث هو استكشاف لعالم المجهول حتى يصبح في دائرة المعلوم... في مجال هذا البحث "علاقة الشيطان بالدوبامين..." كما طرحه الأخ يحيى غوردو هو إثبات إلى حد ما العلاقة الموجودة بين الشيطان "كقوة قوية على ضعاف النفوس" و "كقوة هزيلة على قويي الإيمان بما أمدهم الله عز و جل" لأن أصل الفعل لدى الشيطان فهو ضعيف على أقوياء الإيمان و قوي على ضعاف النفوس بلغة أكثر وضوحا...
و الدوبامين و هي مادة كيمائية تسري في خلايا الدماغ، على أساس أن خلايا الدماغ هي ألياف عصبية تسري فيها موجات تنتقل المعلومات فيها بسرعة هائلة...و أن هذه المادة بما أنها كيمائية فلها تأثير على السير العادي للجهاز العصبي...و من تم أي خلل في نسبة الإفراز يؤدي إلى عدم التوازن كما ذكر الأخ يحيى انطلاقا من الدراسة التي استند إليها...و التي تجد من أمثلتها في الباحث غوغل {ومن جهة أخرى فإن زيادة تركيز الدوبامين يؤدي إلى حدوث نشاطاً دماغياً يشابه في نمطه الأنشطة الدماغية التي تترافق والأحلام, وهذا ما يفسر نوبات الهلوسة التي يصاب بها مرضى الفصام, وتكون عبارة عن نمط من الأحلام قد يراها المريض أثناء استيقاظه, وذلك بسبب ارتفاع تركيز الدوبامين في الدماغ عند هؤلاء المرضى.}. ففي الجسم تحدث تفاعلات كيمائية عديدة من مثل التي تحدث عن عملية الهضم أو عند عملية توزيع الفيتامينات على خلايا الجسد. فهذه العمليات تتم في الجسم بناء على ميكانيزمات محددة من طرف الخالق...و كل خلل بالزيادة أو بالنقصان يؤدي إلى عدم توازن الجسم...هذا الميكانيزم عندما ينشط يحدث تفاعلا و تأثيرا على باقي أعضاء الجسم...الشيء الذي يؤدي بذلك الإفراز إلى نوع من التوازن الذي يستقر عليه الجسم في حالته المتوازنة...و أختي الفاضلة...الأمثلة التي وردت في المداخلات السابقة بخصوص الإفرازات التي تجعل الجسم في حالة رعب و اضطراب مثلا في حالة الخوف أو الخجل أو الفرح أو السرور أو أية حالة انفعالية...تكون بناء على منبه...على مشهد...أو كلمة...أو موقف يؤثر إلى حد ما في جهاز الحواس التي تشكل المداخل الأساسية لما هو باطني في جسم الإنسان...فلو دققنا النظر في الحديث النبوي الذي يذكر فيه النبي عليه الصلاة و السلام أن الشيطان يجري في الإنسان مجرى الدم...فهو كائن خفي يتسرب إلى أعماق الإنسان ليحرك خلايا بعينها حتى تفرز مواد بكميات غير متوازنة تحدث خللا في الجهاز ألمفاهيمي للإنسان...الشيء الذي يؤدي إلى فكرة غير سليمة أو تصرف غير محمود...فالأخ الذي يغار على أمه على أخته على زوجته على أمته...إذا وجد مثلا زوجته مع شخص غريب في وضع غير ملائم...فكيف ستكون "ردة فعله...؟"
فردة الفعل هاته هي مدخل من مداخل الشيطان...فالوسوسة التي وردت في سورة الناس...كيف تكون الوسوسة؟ أليس فكرة أو خاطرة أو أمنية أو رغبة{قد تكن مشروعة أو غير مشروعة}...هذه الرغبة تحتاج إلى وقود إما صافي يحمله من جهة إلى جهة حتى يتم قضاء الحاجة المرغوب فيها. و إما وقود ملوث يجعله يرتكب ما لا يرضاه الله عز و جل...فالصافي هو من الفطرة السليمة و الملوث من عمل الشيطان و من النفس الأمارة بالسوء...و هنا يكون درو المواد التي تفرزها الغدد الموجودة في الجسم...
فذكر الله مثلا بالاستعادة يؤثر على نوع معين من الغدد تحول بين ارتكاب المعاصي...بإفرازها لمواد تجعل القلب و الضغط الدموي يستعيد من توازنه.... {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً }الإسراء82
وننزل من آيات القرآن العظيم ما يشفي القلوب مِنَ الأمراض، كالشك والنفاق والجهالة، وما يشفي الأبدان برُقْيتها به، وما يكون سببًا للفوز برحمة الله بما فيه من الإيمان، ولا يزيد هذا القرآن الكفار عند سماعه إلا كفرًا وضلالا؛ لتكذيبهم به وعدم إيمانهم.[التفسير الميسر].
و الغفلة مثلا تؤدي إلى نشاط معين في غدد معينة تمارس وجودها بفعل دعوة الشيطان... {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }إبراهيم22
وقال الشيطان -بعد أن قضى الله الأمر وحاسب خَلْقه, ودخل أهلُ الجنة الجنةَ وأهلُ النارِ النارَ-: إن الله وعدكم وعدًا حقًا بالبعث والجزاء, ووعدتكم وعدًا باطلا أنه لا بَعْثَ ولا جزاء, فأخلفتكم وعدي, وما كان لي عليكم من قوة أقهركم بها على اتباعي, ولا كانت معي حجة, ولكن دعوتكم إلى الكفر والضلال فاتبعتموني, فلا تلوموني ولوموا أنفسكم, فالذنب ذنبكم, ما أنا بمغيثكم ولا أنتم بمغيثيَّ من عذاب الله, إني تبرَّأت مِن جَعْلِكم لي شريكًا مع الله في طاعته في الدنيا. إن الظالمين -في إعراضهم عن الحق واتباعهم الباطل- لهم عذاب مؤلم موجع.[التفسير الميسر].
فسؤال السابق حول ولادة الفكرة؟ ينطلق من هذا الأساس؟ كيف يستطيع الإنسان أن يفرق بين ما هو صالح و طالح؟ بمعيار الشرع بطبيعة الحال...و هذا هو الحق..لكن هل هذا هو واقع الحال؟
الإنسان الحالي الموجود في واقع مليء بالمتناقضات، كيف يعرض أعماله على الشرع، و الشيطان قد لبس البعض حتى أصبح له قرين... {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ }الزخرف36
ومن يُعْرِض عن ذكر الرحمن, وهو القرآن, فلم يَخَفْ عقابه, ولم يهتد بهدايته, نجعل له شيطانًا في الدنيا يغويه; جزاء له على إعراضه عن ذكر الله, فهو له ملازم ومصاحب يمنعه الحلال, ويبعثه على الحرام.[التفسير الميسر].
فحديث الغضب الذي ورد عن النبي عليه الصلاة و السلام بترديده لثلاث مرات لا تغضب...لا تغضب ...لا تغضب...هو حديث لو وضعته في مختبر التحليلات لشخص في حالة من الغضب لوجدت العجب العجاب من ارتفاع ضغط الدم و زيادة ضربات القلب و إفرازات لغدد في الجهاز الهضمي و كل الأجهزة الموجودة في الجسم... و أنت أدرى مني بذلك في هذا المجال...
و يظل التشخيص للداء شيء، فهو عمل و علم و بحث متواصل، أما الدواء فيكون من هداية الله عز و جل لما يسره الله جل و علا على أساس تخريج السيوطي : (حم م) عن جابر.
تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 5164 في صحيح الجامع."لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله نعالى"
و الله أعلم و أحكم و بالله نستعين...
و نستغفر الله إن أخطأنا أو نسينا...
و للحديث بقية إن شاء الله جل و علا...
المفضلات