تصارعت الأمواج وتسابقت ؛ فتصافحت ، وتصالحت لحظة انكسارها على تلك الصخرة العالية .
وتلى هذا المشهد أمواج أخرى متتالية فانتهت كمثيلاتها على صفحة تلك الصخرة الشامخة .
وفجأة تعالت الصيحات من كل قطرات المياه المالحة تدعو الرياح والسحب والأمطار وكل من هو قادر على جمعها ولم شملها كى يستطعوا تفتيت تلك الصخرة العاتية ولكي يستطيعوا الاندفاع دون أي عائق يعيقهم ليتمكنوا من رؤية ما هو قابع وراء تلك الصخرة المتكبرة .
فــــــــتم التوحد لكل تلك العناصر في ميقات واحد .
فالتمع البرق ، وصرخ الرعد صرخته المدوية ، مع تكاثر الغيوم بهذه السحب المتشحة بالسواد ، لتعمى بخفوت الضوء تلك العيون المستيقظة .
واشتدت الرياح لتحمل الأمواج وهي تتسارع بها في قوة واندفاع نحو تلك الصخرة الساكنة والتي ما زالت صامدة.
وصرخت الأمواج صرخة عالية من تلك الصخرة المتكبرة وهي تقول في يأس / لقد أرهقت من كثرة ما احتملت من تلك الصخرة التي ما زالت قائمة ! رغم اصطدامي وانكساري ثم إنحسار الباقي من كثير أمواجي !
ما العمل أيتها الصواعق والرعود المدمرة ، ما العمل أيتها الأمطار والرياح العاتية ؟
لابد من تنظيم صفوفنا لتدمير هذا العائق من أمامنا .
قالت الرياح / أنا سوف أشتد عليها من كل الجهات ، من أمامها ومن خلفها ، سوف أزلزل كيانها بقوة رياحي العاتية .
وقالت الصواعق / ما أشد ما دمرت وأفنيت حياة الكثيرين . اعلموا أن تلك الصخرة لن يكون لها وجود بمجرد أن أضيء ضوئي وأصوبه نحوها بمقدار ، فسيصيبها في الصميم .
وقالت الأمطار / وأنا معكِ أيتها الأمواج سوف أعوضكِ ما قد يفقد منكِ على صفحة تلك الصخرة الساذجة ، وسأزيد من أعداد جيوشك من المياه وعلو الأمواج ، فنحن مثلكِ نراها عائقاً لتحركاتنا وانطلاقاتنا ، لذا كان اتحادنا .
وأخيراً اقتربت الجيوش بجافل عتادها ، وهدير أمواجها مندفعة صارخة تثير الرعب والرهبة بالقلوب الآمنة ؛ وهي ما زالت شامخة تفتح ذراعيها لاستقبال أحبابها دون خوف أو وجل من تكاثر تلك الامواج وتكرار اصطدامها بقوة ،وتفتيت بعض أجزائها .
إلا أنها ما زالت تسعد بتوسيع جحورها لاستقبال صغار الأسماك الشاردة عن ابائها ..
تهامست الطيور وتحاورت ، واتحدت الطحالب والأصداف والقواقع بعد استماعهم لتلك المؤامرة على ملاذهم ومأواهم هم وأقرانهم .
وجاءت الأسماك بكل أنواعها لداخل الشقوق مجتمعة بصغارها ، لكي يسدوا المنافذ ويقوا أساسها .
والطحالب والأصداف والقواقع أحاطت بكل قوتها بتماسك بعضهم البعض ليصنعوا غطاءً خارجياً يحمي تلك الصخرة الرؤم الصابرة .
والطيور حطت بأعشاشها على ربوتها العالية ، وأخذت تبتهل للإله أن يحمي تلك الصخرة من الفناء . فازدادت صلابتها وقوتها ، وأكثرت من ابتهالها بالشكر لله لجوار وسكنى كل أحبابها .
وما زالت صامدة ...
المفضلات