إخوتي الأفاضل كما ترددت في التعليق أول مرة ترددت في الدخول والتعليق للمرة الثانية
وذلك لأنني لم استطع المرور على بعض التشبيهات المتكرر كون أدوات الشعر هي القواعد والبحور والاوزان كما هي الريشة والألوان للفنان!!!؟؟؟.
وأنا لا اتفق بتاتا مع هذا القول وذلك لان الريشة والألوان بالنسبة للفنان يقابلهما القلم والورقة بالنسبة للشاعر.
وأنا أظن كما أسلفت بان الشاعر كالفنان (الرسام) كالموسيقي أو كأي موهوب ومبدع في مجال عمله وفنه لا يعتمد على قاعدة في عمله بتاتا... وأدواته هو الحلم والخيال والمقدرة على صياغة أفكاره بما منحه الله من موهبة.
وإذا أحببنا أن نقتصر الأمر على الشاعر والشعر فان أول ملكة يجب ان يتمتع بها هي
الموهبة لا قبل ولا بعد فإما هناك موهبة وهناك شاعر أم لا... وعلى هذا الأساس فالشاعر الموهوب يكتب الشعر دون أن ينتبه إلى وجود نظم وبحور وأوزان وشعره يأتي موزونا دون إرادة منه أو قصد... ولا أظن أي كان من الشعراء في الجاهلية أو بعدها أو في زمننا الحاضر كتب الشعر ووقف ليقيس جمله وعباراته إذا ما كانت تتفق وبحر معين أم لا!!!؟؟؟.
لأنه بذلك لا يتقدم خطوة واحدة للأمام... فالشعر (بتفعيلة أو وزن أو غيرها) حالة خاصة تنتاب الشاعر (تشبه الغيبوبة) وهو لا يختار بتاتا لا الموضوع ولا اللحن ولا سياق القصيدة... هو يمر بحالة الهام فيمسك في الورقة ويكتب... وقد يصحو ليجد نفسه أمام عمل لا يخصه وكأنه من فعل غيره...
ولهذا شبه الشعراء الأوائل هذه الحالة بحلول شياطين الشعر عليهم... وأنا لا اعتقد بان الشاعر الموهوب يحتاج لمدرسة ليتعلم بها أصول وفن كتابة الشعر (كما يحلو للبعض أن يأخذ به) لان الفنون على أنواعها هي موهبة في الدرجة الأولى وقد نجد طفلا لم يسمع الشعر في حياته ولم يمسك قلما في حياته ولا آلة موسيقية ويعزف ويرسم ويكتب شعرا ويتجاوز كل من سبقوه... وأنا هنا لا أتكلم بتاتا عن النبوغ ( لان في بعض حالاته يشبه المرض قد يظهر فجأة ويختفي فجأة دون تفسير) أنا أتكلم عن الموهبة... الموهبة يمكن صقلها ورفدها بالمعارف والنظم والقوانين ولكن لا يمكن ولا بشكل من الأشكال نقلها إلى الغير عن طريق التعليم والممارسة.
والشاعر الموهوب قد يتطرق إلى كتابة الشعر في المناسبات أو إلى أشخاص وهنا يكون قد استخدم موهبته وسخرها لغرض إعلامي ويكون عمله وشعره عملا تقريريا (ككتابة المقالة) وهو يختلف كليا عن أعماله التي تهبط عليه فجأة دون تحضير تبعا للحالة التي يعيشها... حيث يظهر الفرق واضحا بينهما... وهناك أمثلة كثيرة لذلك لا يسعها المكان.
أما من يتعلم الأدب والشعر والرسم والموسيقى ويجيدها ويجيد الخوض والتفنن فيها، فهو يشبه الرسام الممتهن للرسم فهو يتبع نظم وقوانين وشروط تعلمها وكلها صحيحة وقد يستطيع نقل ونسخ عمل كامل وطبق الأصل بل أحسن من الأصل (من اعمال الفنانين الكبار) ولكن لا يمكن أن يكون ولا بشكل من الأشكال مبدعا في فنه وعمله وشعره.
وإذا قمتم بحساب عدد المتعلمين والمتخصصين في الأدب والذين يكتبون الشعر وينظمون القصائد وعدد الكتاب والشعراء الذين تركوا أثرهم في الحياة الثقافية والأدبية والاجتماعية وحتى السياسية فهي بما نسبته واحد من أصل مئة ألف (انظر عدد خريجي الآداب في العالم العربي وكلهم لديهم تجارب شعرية وقصصية وإعلامية -ومنهم من له إصدارات ويتبوأ أعلى المراكز في بلدانهم- وانظر عدد من ترك أثرا واوجد مدرسة وغير واقعا وعلم أجيالا تعرفون الفرق).
فالإبداع قاعدته الأولى والأخيرة هي الموهبة وأدواته هي الخيال والبلاغة في الوصف والتأثير على الغير... ولقد كتبت مقالات عن الإبداع و
الموهبة والإلهام وميزت عنهم موضوع الذكاء والعبقرية... وقد انشرها في المنتدى قريبا.
أرجو مسامحتي على تطفلي لأطرق بابكم مرة ثانية ولكن لم أتمكن من العبور واسمع بعض التشبيهات والخلط في الأدوات دون أن أوضح الفرق -(حسب رأيي المتواضع وأنا لست بأكثر من هاو ومجتهد وقد أخطئ وقد أصيب)- بين ممتهن للأدب وبين الأديب وأرجو ألا يفهم انتقاصا لأي منهما فلكل منهما دور وعلى عاتق كل منهما مسؤولية ولكن احدهما قادر على الخلق والآخر لا يملك سوى المتابعة والتقليد.
---------------------
يحيى الصوفي جنيف في 01/02/2007
لقراءة مقالة حول الموهبة (
الموهبة وأثرها في صناعة الأديب)
المفضلات