بسم الله الرحمن الرحيم
ان الحديث عن الحركة الصهيونية والصهيونية بحد ذاتها موضوع طويل وشاق فهو يستمد جذوره التاريخية البعيدة منذ عام 1897 اي منذ مؤتمر بازل .والصهيونية كما عرفت نفسها (انها عقيدة سياسية ) وقام بتأسيسها (تيودر هرتزل
وهي ايضا عقيدة قومية لم تولد من اليهودية بل من القومية الاوروبية في القرن التاسع عشر ,ولم ينتسب هرتزل الي الدين فقال (انني لا انقاد لاي دافع ديني ).فقد قبل هرتزل من اجل اهدافه باوغندا او قبرص او الارجنتين كوطن قومي لليهود .ولكن امام معارضة اصدقائه من اصحاب الديانة اليهودية وكان يعي اهمية الاسطورة القوية في يومياته والتي تقول (تؤلف صيحة للم الشعث ذات قوة لا تفهر ). وبذلك يكون هرتزل قد حول الاسطورة الي حقيقة تاريخية وهي (ان فلسطين هي وطننا التاريخي الذي لا ينسي .....وان هذا الاسم سيظل صيحة لم الشمل القوية لشعبنا ).وهكذا تتضح المسألة عند تيودر هرتزل هي مسألة قومية وليست دينية تم توظيفها لخدمة الهدف المنشود.كما ان العقيدية الصهيونية عقيدة استعمارية فكانت الخطوة الاولي في تحقيق - شركة ذات امتيازات - تحت حماية الانجليز انذاك او اي قوة اخري في انتظار تحويلها الي دولة يهودية .ولذلك توجه هرتزل الي نحو المتاجر الاستعماري (سيسيل رودس) الذي استطاع بفضل شركته القوية ذات الامتيازات ان يحولها الي جنوب افريقيا والتي كانت تسمي روديسيا.وكان هذا السبب في مراسلات هرتزل مع رودس مبينا ان برنامجه برنامج استعماري.اذن عقيدة الصهيونية سياسية وقومية واستعمارية خصائص ثلاث تشرح السياسة الصهيونية التي انتصرت في بازل عام 1897والذي قال هرتزل في نهاية المؤتمر - لقد اسست الدولة اليهودية - .كما دأبت الصهيونية السياسية الادبية التركيز علي الامكانات الكامنة لليهودي وقدرتة علي التغييير والتميز عازية ذلك الي الطبيعة غير الاعتيادية والطاقة الخارقة المستمدة من الايمان بالفكر التوراتي وتبني الموقف العنصري تجاه الاخرين من غير اليهود وكانت تستهدف من وراء ذلك تحقيق بعض اغراضها منها اثارة العدوانية تجاه اليهود هذا من جهه والتقليل من القدرات الانسانية والتراث الانساني من جهة اخري .وقد كان اثارة الشعور بالعداء تجاه اليهود طريقا لحمل يهود الشتات علي الهجرة الي الوطن الموعود _فلسطين وابتزاز الشعوب الاوربية من جهة ثانية لحملهم علي دفع المساعدات والوقوف الي جانبهم في اقامة وطنهم الموعود.وكان في شعار معاداة السامية ما يكفي لابتزاز كل من تسول له نفسه بانتقادهم او حتي مجرد التفكير في ذلك.وكان اخر هذا البرنامج محاكمة المفكر الفرنسي المسلم روجيه جارودي - بعد ان قام بنشر كتابه - الاساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية- والجدير بالذكر انه قد تمت محاكمته في بلده الام فرنسا .والجدير بالذكر ايضا ان فرنسا قد سنت قانونا منذ عام 1881 يمنع التشكيك بمعاناة اليهود في العالم كما لايسمح ايضا بالتشكيك في حصول الهولوكوست في عهد النازية في المانيا ابان الحرب العالمية الثانية.والجدير بالذكر ايضا انه لم يجرؤ احد من العرب الوقوف مع المفكر الفرنسي روجيه جارودي ولاتزال دولة الصهاينة تبتز المانيا وتحصل علي التعويضات من المانيا بدعوي المحرقة التي تعرضوا لها علي يد هتلر وكذلك من باقي الدول الاوربية تحت نفس السبب.ويتعرض الممثل الاسترالي - ميل جيبسون - للحملات والتشهير بعد اخرجه وتمثيله فيلما قالوا انه اساء لليهود.

اوروبا واليهود:
كان الكثير من الحكام الاوربيون يدركون مدي غني اليهود في بلادهم وما كان لهم من قدرة علي دعم الاقتصاد وكان هذا احد الاسباب الرئيسة للتقرب اليهم ومجاملتهم علي مر العصور .
حيث قدم فيها عدد من الانجليز عريضة الي حكومتهم جاء فيها -ان الامة الانجليزية من سكان الاراضي المنخفضة سيكونون اول الناس واكثرهم استعدادا لنقل ابناء اسرائيل وبناتها علي سفنهم الي الارض الموعودة لاجدادهم ابراهيم واسحاق ويعقوب كي تصبح ارثا لهم _.
وكانت فرنسا اول من طرح وبشكل جدي توطين اليهود في فلسطين وأعدت حكومة الادارة الفرنسية عام 1798خطة سرية لاقامة (كومنولث يهودي في فلسطين ).
وكان ذلك في وقت الحملة الفرنسية طلبا لارضاء اليهود بغرض تمويلهم لتلك الحملة .
وعليه فان بونابرت كان له وعد بانشاء وطن قومي لليهود في فلسطين قبل وعد بلفور بمئات السنين وكان يرجو من وراء ذلك كسب ثقتهم وتمويلهم لحملته .
كما كان يهدف ايضا الي ايجاد حاجز مادي يفصل بين مصر وسوريا مما يسهل عليه فيما بعد تدعيم الاحتلال الفرنسي لهما.
كما ان اطماع بريطانيا في السيطرة علي المنطقة وطرق التجارة انذاك دفعها للتحالف مع النمسا وبروسيا وفرنسا وروسيا للوقوف امام توسعات محمد علي واجباره علي الرجوع الي مصر.
وهذا الذي جاء في رسالة اللورد بالمرستون وزير خارجية بريطانيا ورئيس وزرائها موجهه الي سفير بلاده في نابولي بتاريخ 31- مارس -1833 حيث قال ان هدف محمد علي الحقيقي هو اقامة مملكة عربية تضم جمييع البلاد العربية التي تتكلم العربية وقد لايحوي هذا المشروع ضررا في حد ذاته ولكنه سيؤدي الي تقطيع اوصال تركيا وهذا ما لانرضي عنه وفضلا عن ذلك فلا نري سببا يبرر احلال ملك عربي محل تركيا في السيطرة علي طريق الهند.
وكعادة بريطانيا بالاعتماد علي الاقليات واثارتها في الوقت المناسب لخدمة مصالحها رأت في اليهود اقلية يمكن الاعتماد عليها في فلسطين وكان ذلك باصدار اللورد بالمرستون بمنح اليهود في فلسطين الحماية البريطانية لضمان سلامتهم وصيانة لممتلكاتهم واموالهم وذلك تجسيدا لتعبيره - بعث الامة اليهودية سيعطي القوة للسياسة الانجليزية
ومما سبق نلاحظ الاتي منع قوة محمد علي من التنامي ليس حرصا علي مصلحة الدولة العثمانية ولكن لان الدولة العثمانية كانت في ضعف شديد وكان التحلل قد بدأ يدب في اوصالها وكانت دولة محمد علي دولة فتية قوية ليس من مصلحة الغرب ان تقف هذه الدولة علي قدميها لتضم الدول العربية الاسلامية مرة اخري تحت لوائها وهم من كان يخطط لتفتيت الدولة العثمانية والسيطرة علي العالم لاسلامي
وان التحالف بين بريطانيا والدولة اليهودية هو تحالف استراتيجي
وهو ما يفسر وقوف بريطانيا دوما مع دولة الصهيانية ,
ونشرت جريدة التايمز اللندنية في 15
اغسطس 1840 مقالا تحت عنوان - اعادة توطين اليهود جاء فيه:ان قيام دولة يهودية سيفصل بين مصر وتركيا وسيدعم النفوذ البريطاني سياسيا وعسكريا واقتصاديا .
وبمعني اخر فان هذه الدولة المقترحة ستكون اداة لخدمة مصالح الاستعمار البريطاني في منطقة الشرق الادني .
وكذلك في انعقاد مؤتمر لندن عام 1840 قدم مشروعا الي بالمرستون اسماه -ارض بلا شعب لشعب بلا ارض
وهكذا تم اوربيا تبني مشروع خلق كومنولث يهودي في النصف الجنوبي من سوريا اي في فوق المساحة التي شغلتها فلسطين التوراتيه


وهكذاوجدنا ان الصهيونية نشأت حول انشاء اي وطن قومي لهم في اي مكان في العالم وان هرتزل المؤسس لحركة الصهيونية لم يعتمد الدين لذلك ولكن تحت ضغط اصحابه ادرجت الفكرة وجري توظيفها لغاياتهم واهدافهم .
كما اتضح ان الدول الاوربية واولها فرنسا قبل بريطانيا وعدت بمنح فلسطين لهم كوطن قومي طمعا في الدعم المادي لهم ثم لتحقيق مارب استعمارية هي في الاساس اضعاف الرابط بين الدول العربية والفصل بينها.
و نلاحظ ايضا ان الامبريالية والاستعمار الغربي هو من ساعد علي خلق هذا الكيان المصطنع واوجد له مبرراته ورفع شعاراته لذلك مثل شعار - ارض بلا شعب لشعب بلا ارض - والتي تبناها الصهيانة الي الان .
كما ان هذا الكيان يخدم اطماع الغرب ويحقق اطماعه وساعد علي تفتيت الوطن العربي وما انشاء الجامعة العربية علي يد بريطانيا الا تاكيدا علي الرغبة في التفتيت فالجامعة العربية ما هو الا تاكيد لسيادة كل دولة عربية امام الاخري وترسيخ للانفصال وتقسيم الارض العربية الي دويلات لكل منها رئيسها وحكومتها .
وهكذا بدأ هؤلاء الصهياينة من غير اليهود بالاعداد والتخطيط باذلين كل جهد في انجاح المخطط لتكون فلسطين وطنا قوميا لليهود اذ ستكون هذه الدولة الحل الحاسم لكل المشاكل والمضايقات والقيود التي تحد من حرية اليهود في اوروبا .
اذن اتضح ان عملية الاستيطان اليهودي في فلسطين اعدت وهيئت في محافل الدول الغربية وخاصة بريطانيا ولقد وجدت الطبقات الرأسمالية الحاكمة في هذه الدول ان توطين اليهود في فلسطين يحقق لها فوائد كثيرة ويخدم مصالحها الاستعمارية وللوصول الي ذلك كان لابد للمشاريع الاستيطانية ان تلقي الدعم والتأييد من الاوساط اليهودية فجاء تحرك البرجوازية اليهودية والرأسمالية اليهودية بمصالحها المتداخلة مع الراسمالية الاوروبية.
ان التحالف الذي توثقت عراه بين البرجوازية اليهودية والرأسمالية الاوربية مهد الطريق امام الحركة الصهيونية الجسر الذي افرز الاستيطان اليهودي اولا ثم الدولة اليهودية الصهيونية ثانيا .
وبذلك تكون فكرة الاستيطان اليهودي وتطورها كانت بمثابة امتداد لسياسة التوسع الامبريالي الغربي لتصبح بعد نضوجها فيما بعد اداة من ادواته في المشرق العربي تؤمن مصالحه وتحرس مواقعه .
وكانت بريطانيا هي التي فازت بهذه الادارة منذ عام 1917 اي منذ
وعد بلفور المشئوم وبقيت محافظة عليه حتي قيام الدولة عام 1948 ثم انتقل هذا الامر الي الولايات المتحدة الامريكية ولازالت حتي الان .
ولذلك التحالف بين دولة الصهاينة والغرب تحالف استراتيجي لايمكن ان نفصل بينهما او نفك عري الارتباط بينهما كما لا يمكن ان نجعل الدول الغربية تنحاز الي جانبنا او الي جانب الشعب الفلسطيني الذي اثقلته الهموم الهم العربي والهم الدولي ممثلا بالغرب والمتمعن في الاحداث يري بعد معركة الفرقان كيف وقفت اوربا مع دولة الصهاينة مثل امريكا وفرنسا وغيرها من الدول الاوربية .
كما لازالت الصهيونية ترفع شعار دولة اسرائيل - من الفرات الي النيل -وهي تعمل جاهدة علي ذلك فان لم يكن احتلالا فهو ربط تلك الدولة بها والهيمنة عليها واعداد كتاب ومحللين يتحدثون باسمها وما جماعة المطبعين في مصر وغيرها من الدول العربية مثل الكويت والاردن الا مثالا بسيطا علي ما يحاك ضد هذه الامة حتي من الفلسطينيين انفسهم من ذهب الي اوروبا ليتنازل عن حق العودة وهو المقتل للقضية الفلسطينية ..
والقاريء للمقالات التي كتبت في مصر والكويت والسعودية وغيرها من الدول العربية اثناء معركة غزة الاخيرة الا دليل علي ذلك .
ولقد اصدرت دولة الصهاينة قائمة الشرف بحق بعض الكتاب العرب يستطيع القاريء العربي الحصول عليها من شبكة المعلومات
فهل من سامع او من مجيب؟ ؟
المرجع :1-موسوعة الصهيونية واسرائيل -دار هرتزل نيويورك1971.2-هرتزل اليوميات 1958.بقلم د. محمد خطاب سويدان