الموعد
تجولت في السوق الكبير ، المترامي الأطراف ، باحثة عن حاجات لي ، كي ارتديها في الموعد القادم ، الذي حدده لي ، غاب عني أعواما كثيرة ، كان يستعد لأخذ الشهادة العليا ، كي يكون ملائما لي كما قال ، ولم يكن يدري ، إنني أجده الرجل الوحيد الذي يناسبني ، وان لم اذكر ذلك أمامه صراحة
السوق كبيرة ، مزدحمة بالناس ، فاليوم هو عطلة رسمية ، وقد اعتاد الموظفون ،والطلاب على ارتياد هذه السوق وشراء ما يلزمهم منها ، وجدتها اكثر ازدحاما مما كنت معتادة عليه ، فانا لم ادخلها منذ سفره الى الخارج لإتمام الدراسة ، فما حاجتي لشراء البضائع الجديدة ، في وقت ابتعد فيه عني ،من كنت احرص على ان أكون جميلة بعينيه ، وما نفعي من الجمال إن غابت عني ، العينان اللتان ،حرصت طوال عمري على ارضائهما ، ادخل في محل للملابس الفرنسية ،الانيقة ، واستفسر عن نوع منها ، كنت واثقة انه سوف ينال استحسانه ، فانا اعرف ذوقه بشكل كامل ، وأدرك ما يثير إعجابه ، من أنواع الملابس والأحذية والعطور والإكسسوارات ، اتصل بي هاتفيا مخبرا إياي عن عودته ، ومنبئا لي انه سوف يفاجئني بنبأ جميل سوف افرح له وأزغرد
أجرب الملابس التي عرضها علي البائع ، واحدا بعد الآخر ، وانظر الى شكلي في المرآة ، سائلة إياها عن الفستان ، الذي سوف يراني رائعة الجمال ، وأنا أرتديه ، فقد كان من عادته دائما ، ان يردد على مسمعي تلك الكلمات الجميلة عن الجمال والسحر والأنوثة ، والتي كان يعلم تمام العلم ، ان قلبي سوف يثب ،اثر سماعها من شدة الطرب ، انتقيت فستانا احمر اللون ، أبدو حين ارتديه وكأنني اجمل من حقيقتي بكثير ، اتصل بي معلنا عن عودته بعد سنين الغربة ، ونقل لي رغبته المفرحة ، في اللقاء القريب بعد عناء الغربة ، التي ألمت بنا وجعلتنا نبتعد ، عن بعضنا أعواما طويلة ، بعد ان اتفقنا على بناء عش ، يجمعنا على المودة والوئام ، ادخل محلا كبيرا ، لبيع الأحذية الجلدية الجميلة والغالية ، التي تتناسب مع أحدث الموديلات ، أجرب واحدا أنيقا ذا كعب عال ، قد نصحني الطبيب مرارا ان ابتعد عنه ، لأنه يؤلم قدمي من طول الوقوف ، ومن شدة العناء والتعب المستمر ، ولكن لعلمي ان حبيبي القادم من السفر ، يفضل الأحذية العالية الكعوب ، ويرى ان المراة المحافظة على أناقتها ، يجب ان ترتدي حذاء ضيقا أنيقا ، عاليا ، من نفس لون الحقيبة اليدوية ، التي تحرص النساء عادة على الإمساك بها ، او تعليقها على الكتف ، تحتوي على مستلزمات الأناقة النسائية ،التي تحرص عليها المراة العصرية في مقابلتها للحبيب بعد غياب اضطراري طويل
اتصل بي امس مقترحا ، ان نلتقي هذا اليوم في تمام الساعة السادسة ،قرب الحديقة العمومية التي كنا نلتقي بها ، حين نشتعل شوقا الى رؤية بعضنا ، للتخفيف من عناء الوجد والاشتياق ، لدي العطور التي اعرف انه يعشقها ، والساعة الآن الرابعة ولدي ساعتان ، يمكنني ان اذهب فيهما ، الى صالون التجميل كي أقص شعري ، فقد كنت اعلم انه يحب الشعر القصير ، ويجد انه يكسب المراة شكلا جميلا مميزا ، أتحرق شوقا الى لقاء الرجل الوحيد ،الذي أحببته عمري كله ، والذي غاب عني بعد ان اعلمني ،انه مسافر لاكمال دراسته ، ولم يدر احد من عائلتي بعلاقتنا الجميلة ، وكثيرا ما كانوا يعلنون عن دهشتهم عن رفضي للزواج ،بتلك الطريقة غير المبررة بوجهة نظرهم
اليوم لن يستمر رفضي ، فقد عاد حبيبي ، وكنت واثقة انه سيعود ، قلبي كان يقول لي انه عائد ، وان الأعوام التي قضيتها ، بعيدة عنه سوف يعوضني عنها ، بحبه الكبير ، ودماثة خلقه ، ودفئه الجميل ، وكلماته الساحرة التي تستهويني بجمالها الأخاذ
اختارت لي الحلاقة تسريحة جميلة ، تثبت جمالي الذي كان كثير الثناء عليه ، بقيت ثلاثون دقيقة على الموعد ، نظرت الى هيئتي في المراة ، وارتحت لها ، فقد بدوت جميلة في فستاني الأنيق ، والحذاء العالي الذي سوف يرهقني ، ولكن لا ضير في ذلك ، إرضاء حبيبي وإسعاده ، أهم عندي من المحافظة ،على نصائح الأطباء الذين غالبا ما يبالغون ، فتحت الحقيبة اليدوية وتناولت قارورة العطر ، وكنت كريمة في وضع قطرات ، من ذلك السائل السحري على رقبتي ومعصمي ، وتناولت قلم الروج ومررت على شفتي ، وكانت تلك المرة الأولى ، فلم اعتد على وضع المساحيق ، ولكن قدوم حبيبي قد غير بعض قنا عاتي ، ووجدت انه من المناسب ان استقبله ، بشكل جميل يحافظ على شدة حبه لي ، وهيامه بشخصي
بقي من الوقت عشرون دقيقة ، يمكن ان أتمشى لتلك الحديقة العمومية ، التي كنا نلتقي فيها ، ولكني تذكرت ان الحذاء العالي قد يسبب لي ألما ، ينعكس سلبا على هيئتي ، ويسلبني بعض رونق البشرة ، الذي كثيرا ما تحدثني به صديقاتي ، قررت ان استعين بسيارة أجرة ، توصلني الى المكان المنشود ، فقد كنت واثقة ان حبيبي كعهدي به دائما ،حريص على الوصول الى مكان اللقاء قبلي بعشر دقائق على الأقل .
اصل الى المكان المقرر ، لم أر أحدا هناك ، يفرحني هذا ، يمكنني ان انتظر قدوم حبيبي ، على أحدى المصاطب الموضوعة هناك ، اجلس متأهبة للقاء ، أفكر كيف يمكن ان يكون حبيبي ،بعد هذه السنين ، هل أدركه التغير كما يدرك الكثير من الناس ؟ ام بقي محافظا على شكله الأنيق الوسيم ؟ وأنا في أفكاري المتصارعة
اسمع صوتا :
- مرحبا نادية ، اشتقت لك ، أعرفك بنهى زوجتي
صبيحة شبر
27-2- 2007
المفضلات