الفيلم السياسي/ تعقيب اخير
----------------------------------
لايمكن لاي مهتم بالحركة الثقافية في العالم العربي تجاهل اهمية السينما في البنية الثقافية ككل – لان المنظور الواقعي للسينما يرتبط بالمنطق والعقل مع الالوان الثقافية ان كانت في الميادين الادبية او السياسية او الاجتماعية او العلمية .. الخ
وقد اختار , بعض الدخلاء على السينما العربية , ان يقدموا لنا الفيلم الهزلي والتافه , بشكل طغى على كل الالون السنمائية الاخرى ولا يمكن لهؤلاء الدخلاء ان يقللوا بمنظورهم , اهمية السينما ودورها الحقيقى الذي يتبناه عدد لابأس به من المخرجين والممثلين في الساحة العربية .
وهم النوعية التى خاضت تجربة الفليم السياسي , كشكل من اشكال النقد البناء للبنية الفوقية , التي تهدف في نهاية الامر الى فضح وتعرية الخطايا والاخطاء لبعض القرارت الفوقية التى تؤثر على مجموع الناس بشكل عام .
ومن هنا نجد امامنا مجموعة من الافلام السياسية التي تنتقد الناصرية كواقع فكري , ثم تجد امامنا مجموعة من الافلام السياسية التى تنتقد الساداتية كواقع اقتصادي , وهذا يوصلنا الى نتيجة اتفق عليها السينمائيون المعارضون او المؤيدون لهذا النظام او ذاك ... وتلك النتيجة تتخلص في محاكمة الناصرية من واقع فكريي وهو امر عادى .
اما محكمة الساداتية من الواقع الاقتصادي فهو امر غير عادي .
الامر العادي ان الفكر يمكن الاختلاف عليه فى كل زمان ومكان .. اما الامر غير العادي هو ان الاقتصاد امر ثابت لا يمكن الاختلاف عليه , فاما ان تكون لصا فاسدا واما ان تكون نزيها مخلصا ..
واللصوصية يحاسب عليها القانون الإلهي , والقانون الدنيوي , وهي أمر مادي محسوس وملموس , متفق على حدوده وضوابطه ...
من خلال هذا المقياس الذي قدمه لنا الفيلم السياسي المصري , يمكن بالسهولة لكل مثقف عربي من المحيط إلى الخليج أن يقف مع أو ضد الناصرية , أو يقف مع أو ضد كتاب هيكل " خريف الغضب " أو يقف مع أو ضد رواية نجيب محفوظ " أمام العرش " .
وماذا نريد من السينما أكثر من ذلك الوضوح والتبسيط ..
وكان لا بد للسينما العربية من موقف سياسي , في هذا الطوفان التجاري الرهيب من الأفلام الحقيقية والهادئة , ومن نجوم الإخراج السينمائي على مستوى الفيلم العربي السياسي نذكر " برهان علوية " الذي نجح في تسليط الضوء على أحداث كفر قاسم , نجده في فيلم آخر يسلط الضوء على الاغتيال السياسي كردة فعل ضعيفة , وعلى الطفرة المادية التي يعيشها الإنسان العربي في هذا الزمان ولكن إلى أي حد نطاحن هوليود ..؟؟
هناك أفلام عربية تحمل أسماء كثيرة لم يسمع بها المشاهد العربي مثل فيلم " الصمت العنيف " لمؤمن السميحي المغربي , وفيلم " سجنان " للمخرج عبد اللطيف بن عمار التونسي , وفيلم " عمر قتلته رجولته " للمخرج الجزائري العظيم " مرزاق علوش " أو فيلم " السفراء " للتونسي ناصر ألقطاري أو فيلم " اليازلي " العراقي للمخرج قيس الزبيدي أو " السيد التقدمي " للمخرج السوري نبيل المالح , او فيلم " يوم عادي في حياة قرية سورية " للمخرج عمر أميرالاي .
ويمكن أن نسجل هذه الأفلام ضمن الفيلم السياسي , أما بشكلها الروائي التسجيلي , أو بشكلها الموضوعي المنهجي , وهي تمثل لونا سياسي في سماء السينما العربية يعمق الوعي بأهمية دور السينما في حياتنا
إلا انه يظل ناقصا في تلك المسحة الجماهيرية التي يحتاجها المشاهد العادي وهو يتابع الفيلم السينمائي , باحثا عن قدر من الترفيه مع قدر من الجدية
أما الترفيه الكامل , والجدية الكاملة , فهي مضرة في اغلب الأحيان حين تقديمها كوجبة سينمائية للمشاهد العادي ..!!
مع الاعتراف بصعوبة أن يكون لدينا فيلما روائيا وسياسيا متكاملا ضمن التقنية السينمائية المتواجدة لدينا , واتي تحتاج إلى خبرات قوية في ميدان الفيلم الروائي السياسي الكامل , والجماهيري المثير .
ولو أننا نسجل لفيصل الياسري نجاحه في إخراج فيلم " القناص " عن الحرب اللبنانية , كما نسجل " لمارون بغدادي " بعض محاولاته في هذا المجال أيضا .
وبالتأكيد فان كل محاولاتنا تبقى قاصرة بجانب الإنتاج الهوليودي الضخم عالميا