التمثيل بالإضافة إلى كونه يُقلّل من مدى تصوّر العقل للشخصيّة (خاصّة في ذهنيّة الأطفال) ويُعطي انطباعات معيّنة (تتعلّق بالطول أو الشكل العام (معالم الوجه) أو اللحية والشعر واللباس وطبيعة الحياة وغيرها) فله مصيبة أكبر من هذا كلّه، ألا وهي:
أنّ التمثيل لا يُمكن أن يكون مؤدّيًا للأغراض التي يريدها من قام بالعمل في هذا الدور، ومن سانده، فهم يعترفون ويُقرّون أنّهم دون مستوى أداء الشخصيّة، ومهما تلبّسوا بتلك الشخصيّة فإنّهم لن يقدروا على أدائها بالصورة المُثلى، وإذا كان الأمر كذلك فإنّنا نضع إشارة استفهام أمام تمثيل جميع الكبار والمفكّرين وأداء أدوارهم وتمثيل حياتهم وشخصيّاتهم.
وأمّا النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فينبغي أن نضع في اعتبارنا أنّه قد وصل إلى درجة الكمال البشريّ في كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ من صفاته، ولذا فإنّ تمثيل الكمال لن يكون كمالاً، وتمثيل الصفات لن يُعطي الانطباع ذاته، هذا بالإضافة إلى أنّ أكثر من يقومون بهذه الأدوار التمثيليّة لا يفهموم معنى كونهم يُمثّلون شخصيّة عظيمةً متفرّدةً في صفات كمالها، ومن هنا فإنّ تلك الصفات لا يُمكن أن تظهر على وجه الممثل ولا على مشاعره ولا على أدائه، وتلك الصفات (وبخاصّة الخَلْقيّةِ) لا يُمكن أن تُشكّل في ممثّل آخر، فقد:
حاز الجمال وحاز يوسف بعضَهُ
فأنّى لممثّل أن يكون كذلك؟؟
جماله صلّى الله عليه وآله وسلّم جمال شخصيّةٍ وطباعٍ وصفاتٍ وخَلقٍ وخُلُقٍ ... ليس فيه تصنّعٌ، بل هو جمالٌ مخلوقٌ فيه صلّى الله عليه وآله وسلّم ... فكيف يؤدّى دوره في هذه الحياة ...
بالإضافة إلى أنّ التمثيل لن يُعطي صورة عن الحقيقة إلا ناقصةً ومغلوطةً ومجتزأةً، ولذلك فإنّه سيتمّ اختصار السيرة في مائة حلقة أو مائتين إن كنّا سنحسن الظنّ، بل قد يكون ذلك في مائة دقيقة فحسب، وهذا بكلّ تأكيد لن يُصوّر حقيقة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولن يفيه حقّه وإن في جانبٍ واحدٍ من جوانب شخصيّته العظيمة ..
نسأل الله أن يرزقنا لذّة النظر إلى وجه الحبيب الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم ..
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم .
المفضلات