وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأعتذر عن طول الانقطاع عن الكتابة والرد على المشاركات
وقد وجدت أخيرًا فرصة للرد بما تيسر
أخي الكريم يحيى غوردو
استراق السمع يحتاج إلى التخفي ، واسم الجن جاء من مادة "جنن" وهي في ستر الشيء المعلوم،
ومنه الجنين الذي يستره البطن مع العلم بوجوده،
والجنون الذي يستر العقل،
والجنة التي تكون في بطون الأودية ولا يعلم بوجودها حتى يوقف على حافة الوادي، وذلك في بداية نشأتها قبل تمكن الإنسان من تحويل المياه وجرها إلى المناطق المكشوفة لزراعتها،
وجنة الآخرة مستورة عنا مع إعلام الله لنا بوجودها،
والجن جنس مستور عنا مع العلم بوجوده،
ولما كان الحديث في آيات سورة الجن عن استراق السمع وطلب خبر السماء؛ ناسب تسميتهم بالجن للفعل الذي يقومون به.
وتسمية الشيطان بالشيطان جاءت من مادة "شطن" التي تفيد التعلق من غير الاعتماد على شيء، والشطن هو الحبل الثاني الذي يجعل الدلو معلقًا لا يرتكز على جوانب البئر، وتفصيل ذلك في الرابط على موضوع :
الشيطان ذلك المعلِّق المعلَّق
ولما كان الحديث عن الزينة والزينة شيء يضاف للشيء ولم يدوم بدوامه، والكواكب غير ثابتة في مواقها في السماء، ولا تبقى نفس النجوم في كل الفصول،
فناسب ذكر الشيطان ذكر الزينة غير الثابتة،ونفي الاستماع للملأ الأعلى، وأن مخاطبة الملائكة القادمين بأوامر من الله تعالى للملائكة في الأرض تتفاوت مكانتهم في السماء، فالشياطن لا يستطيعون الوصول لاستراق السمع للملأ الأعلى الذين يحمَّلَون مهام كبيرة، ومن يحاول ذلك منهم؛ هم مردة الشياطين، وعتاتهم، وتقل المشقة في استراق السمع لمن هم دونهم، ولمشقة وصول الشياطن إلى مكان الملأ الأعلى، وبقاءهم مدة فيها تزيد عن الخطفة السريعة؛ كل ذلك يجعل تسمية الجن بالشياطين أنسب من تسميتهم بالجن .. فلكل مقام مقال. والله تعالى أعلم.
المفضلات