Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958

Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2968
جولة تربوية في أرجاء المعمورة - نقل مباشر من موقع المعرفة

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: جولة تربوية في أرجاء المعمورة - نقل مباشر من موقع المعرفة

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي جولة تربوية في أرجاء المعمورة - نقل مباشر من موقع المعرفة

    جولة تربوية في أرجاء المعمورة
    - موقع المعرفة الأرشيقية
    المؤلف : بدون

    1- التعليم في ماليزيا خلطة النجاح السرية
    يهدف التعليم في ماليزيا بشكل عام إلى إعداد المواطنين بصورة أكثر ديناميكية وإنتاجية وإنسانية لمواجهة تحديات العصر. كما يهدف إلى إعداد الأفراد عقلياً وروحياً وعاطفياً وجسمياً إعداداً قائماً على الإيمان بالله وطاعته، وتحرص مناهج التعليم على تزويد الطلاب بالمعارف والمهارات ليتحملوا المسؤولية والقدرة على المساهمة في عملية التنمية الوطنية لتحقيق وضع صناعي جديد، ولتحقيق وحدة ورخاء الأسرة والمجتمع والوطن.
    إدارة نظام التعليم إدارة التعليم في ماليزيا مركزية قومية، وتتم على أربعة مستويات هرمية هي:1-المستوى الفيدرالي (المركزي)وزارة التربية هي المسؤولة عن ترجمة السياسة التعليمية إلى خطط وبرامج ومشروعات تربوية وفقاً للطموحات والأهداف القومية، وتضع الوزارة أيضاً الإرشادات لتنفيذ برامج التعليم على المستوى الفيدرالي وإدارته.ويرأس الوزارة وزير للتربية يعاونه اثنان من الوكلاء، إلى جانب المدير العام للتعليم المسؤول عن إدارة الأمور المهنية التخصصية بالوزارة، والسكرتير العام للتعليم المسؤول عن الأمور الإدارية بالوزارة.وتتبع الوزارة نظام اللجان في إجراءاتها لاتخاذ القرار.2- مستوى الولايةيوجد في كل ولاية من الولايات الأربع عشرة في ماليزيا إدارة للتعليم، يرأسها مدير للتعليم مسؤول عن تنفيذ البرامج والمشروعات والأنشطة التعليمية في الولاية، والوظيفة الإدارية الرئيسة لإدارة التعليم في الولاية هي تنظيم وتنسيق وإدارة المدارس في الولاية فيما يخص الموظفين والهيئة التعليمية والشؤون المالية وتطوير المباني. وتتولى هذه الإدارة مسؤولية الإشراف على تنفيذ البرامج التعليمية في الولاية وصياغة وتنفيذ خطط التطوير التربوي للولاية، وتقدم هذه الإدارة تغذية راجعة باستمرار للمعلومات للوزارة حسب الضرورة حول التطبيق المرن لسياسة التعليم الوطنية.3- المستوى المحلي (مكاتب التعليم في المقاطعة/ المنطقة)مكاتب التعليم في المنطقة هي امتداد لإدارة التعليم في الولاية، وتشكل حلقة الوصل بين المدرسة وإدارة التعليم في الولاية، وتساعد هذه المكاتب في الإشراف على تنفيذ البرامج والمشروعات والأنشطة التعليمية في المدارس بالمنطقة.4- المستوى الإجرائي (المدرسة)يتولى مدير المدرسة مسؤولية القيادة المهنية والإدارية في المدارس. ويساعد المدير مساعد أول في إدارة الأعمال اليومية بالمدرسة. وتشمل واجبات المدير بشكل أساسي إدارة المدرسة بشكل عام، والإشراف على تطبيق المناهج الدراسية وفقاً لسياسة التعليم الوطنية وبرامج التعليم الإضافية وخدمات الدعم. ويقوم المدير بالإشراف على الأنشطة المنهجية المصاحبة وتعزيزها، وقيادة المدرسة مهنياً. ويوجد في كل مدرسة في ماليزيا جمعية للآباء والمعلمين، حيث تقدم هذه الجمعيات الدعم والمساعدة في إدارة المدرسة، وتعزيز التعاون بين المدرسة والمجتمع. تمويل التعليم تتولى الحكومة الفيدرالية مسؤولية تمويل التعليم في البلاد. وتخصص الدولة للتعليم 18% تقريباً من الميزانية القومية، التي تكون 6% تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي. وتخصص وزارة التربية 82.5% تقريباً من مصروفاتها للنفقات الجارية و17.5% لنفقات التطوير. وتوزع النفقات الجارية والتطويرية حسب البرامج التعليمية التي تشمل: التعليم الابتدائي والثانوي، التعليم الفني والمهني، الإدارة العامة، رعاية الطلبة، التخطيط والبحوث التربوية، التعليم العالي، إعداد المعلمين وتدريبهم.بنية وتنظيم نظام التعليمالتعليم في ماليزيا مجاني ولكنه غير إلزامي، ومعظم المدارس في البلاد حكومية أو مدارس تدعمها الحكومة. ويتكون التعليم النظامي في ماليزيا من أربع مراحل، يبدأ من المرحلة الابتدائية ومدتها ست سنوات، والمرحلة الثانوية الدنيا ومدتها ثلاث سنوات يليها سنتان للمرحلة الثانوية العليا وسنتان لمرحلة مابعد الثانوية (يطلق عليها الصف السادس).وفيما يلي وصف لمراحل التعليم المختلفة في ماليزيا:التعليم ما قبل المدرسةينتشر التعليم ما قبل المدرسة في جميع أنحاء ماليزيا من خلال أكثر من ستة آلاف مركز يلتحق بها الأطفال من سن الثالثة حتى الخامسة من العمر. ويخرج هذا النوع من التعلم عن نطاق سلم التعليم النظامي، ومع ذلك تتم إدارة 77% من هذه المراكز من قبل هيئات حكومية، أما البقية فتتم إدارتها من قبل المؤسسات الخاصة والمنظمات التطوعية. وتفرض جميع هذه المراكز رسوماً دراسية على الأطفال، ويختلف مقدار كل رسم من مركز إلى آخر.مرحلة التعليم الابتدائييلتحق الأطفال بالسنة الأولى من التعليم الابتدائي عند سن السادسة من العمر ولمدة ست سنوات. وتضم هذه المرحلة الصفوف من الأول إلى السادس، تقسم إلى حلقتين، تتكون الحلقة الأولى من الصف الأول إلى الثالث، والحلقة الثانية من الصف الرابع إلى السادس. ويهدف التعليم الابتدائي إلى تنمية الطلبة تنمية شاملة، وتزويد الأطفال بأساس متين لاكتساب المهارات الأساسية في القراءة والكتابة، بالإضافة إلى غرس مهارات التفكير والقيم لديهم من خلال المناهج الدراسية. ويتوافر التعليم الابتدائي في ثلاثة أنواع من المدارس، تستخدم كل منها لغة معينة للتدريس وهي: المدارس الوطنية، حيث تكون اللغة المالاوية هي لغة التدريس، ومدارس تكون اللغة الصينية هي لغة التدريس، والنوع الثالث تكون لغة التدريس فيها اللغة التاميلية. ومع ذلك تدرس اللغة المالاوية كمادة إلزامية واللغة الإنجليزية كلغة ثانية في جميع المدارس في البلاد.مرحلة الثانوية الدنياينتقل الطلبة لهذه المرحلة بعد إتمامهم المرحلة الابتدائية، ومدة الدراسة بها ثلاث سنوات، ينتقل طلبة المدارس الابتدائية الوطنية للصف الأول من هذه المرحلة مباشرة، بينما يلتحق طلبة المدارس الأخرى (الصينية والتاميلية) بصف يطلق عليه صف الانتقال لمدة سنة دراسية واحدة قبل انتقالهم للصف الأول من الثانوية الدنيا. يهدف هذا الصف الانتقالي إلى تمكين الطلبة من اكتساب المهارة في اللغة المالاوية والتي هي لغة التدريس في جميع المدارس الثانوية. المرحلة الثانوية العليامدة الدراسة في هذه المرحلة سنتان، يلتحق بها الطلبة بعد إتمامهم للمرحلة الثانوية الدنيا. ويتم توزيع الطلبة على ثلاثة مسارات حسب أدائهم في اختبار الثانوية الدنيا، وهي:المسار الأكاديميويضم هذا فرعي العلوم الآداب، يقدم الطلبة في نهايتها اختبار شهادة التعليم الماليزية (MCE).المسار الفنييقدم هذا المسار تعليماً عاماً مع تركيز المنهج على الأسس الفنية، ويقدم الطلبة في نهايته أيضاً اختبار شهادة التعليم الماليزية.المسار المهنييؤهل هذا المسار الطلبة للحصول على الشهادة الماليزية للتعليم المهني.مرحلة مابعد الثانويةتعد هذه المرحلة لطلبة الالتحاق بالجامعات المحلية والأجنبية ومعاهد التعليم العالي الأخرى، ويوجد في ماليزيا نوعان من البرامج التي تقدمها هذه المرحلة وهي:برنامج الصف السادسمدة الدراسة في هذا البرنامج سنتان، يعد الطلبة لاختبار عام ما بعد الثانوية. برنامج اختبار القبول في الجامعاتعبارة عن صفوف تحضيرية مصممة بشكل خاص لتمكين الطلبة من تقديم الاختبارات التي تعقدها جامعات معينة لتحقيق متطلبات القبول بها. مدة الدراسة في هذا البرنامج تتراوح بين سنة إلى سنتين حسب الجامعة التي تقدم البرنامج.التعليم الفني والمهنييقدم هذا النوع من التعليم في نوعين من مدارس الثانوية العليا هما:المدارس الثانوية الفنيةوذلك للتعليم الفني الذي يهدف إلى تزويد الطلبة بتعليم عام أكاديمي ومتخصص فني لتمكينهم من مواصلة تعليمهم العالي في المجال الفني أو الانخراط في سوق العمل، ومدة الدراسة في هذه المدارس سنتان، ويدرس جميع الطلبة في هذا النوع من المدارس المواد الأساسية نفسها التي يدرسها طلبة المدارس الثانوية الأكاديمية إلى جانب مواد التخصص الفنية.المدارس الثانوية المهنيةوذلك للتعليم المهني الذي يهدف إلى توفير القوى العاملة الفنية للقطاعين الصناعي والتجاري، وتوفير منهج مرن وشامل لتلبية الاحتياجات الآنية والمستقبلية للصناعة في البلاد، وتزويد الطلبة بالأسس والمهارات والمعارف للتدريب والتعليم المستمر. ومدة الدراسة في هذه المدارس سنتان أيضاً. ويضم التعليم المهني مجالين من مجالات الدراسة المهنية هما:- التعليم المهني العام: ويؤدي إلى تقديم اختبار شهادة التعليم الماليزية المهنية، تمكن الطلبة من مواصلة الدراسة في الكليات التقنية (البوليتكنيك) والمعاهد التعليمية الأخرى.- التدريب على المهارات: يعد هذا المجال الطلبة لتقديم الاختبار الذي يعقده المجلس الوطني لشهادة الحرف والتدريب الصناعي.وبدأت وزارة التربية الماليزية في الآونة الأخيرة بطرح برنامج تخصيص المدارس الثانوية المهنية، بمعنى أن تخصص كل مدرسة مهنية لصناعة معينة حسب موقعها وقربها من المصنع المعني بتلك الصناعة، بهدف مساعدة الطلبة على اكتساب خبرات علمية أكثر من خلال التدريب في موقع العمل. ومن أجل تعزيز التعليم والتدريب المهني الجيد الذي يلبي احتياجات سوق العمل، قامت الوزارة بتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في تقديم برامج التعليم المهني، وتقوم عدد من الشركات والمصانع بتنظيم برامج تدريبية بهدف جعل المعارف والمهارات المهنية ذات صلة بواقع العمل.وفي هذا الشأن، قامت الوزارة أيضاً بوضع «برنامج خصخصة مشاركة الوقت»، حيث صمم هذا البرنامج لإتاحة الفرصة للقطاع الخاص من الاستفادة من التسهيلات والمرافق الموجودة في المدارس المهنية والكليات التقنية لأغراض التدريب.المناهج الدراسيةيتولى مركز تطوير المناهج بوزارة التربية مسؤولية صياغة المناهج الدراسية لجميع المدارس في ماليزيا، ويعتمد المركز في ذلك على الأهداف والفلسفة التربوية الوطنية. ويتم تطوير المناهج الدراسية تطويراً مركزياً بمشاركة عدد من الممثلين عن المعلمين والتربويين والمسؤولين بمكاتب التعليم في الولاية والمناطق.وتهدف المناهج الدراسية إلى تنمية الفرد تنمية متوازنة ومتكاملة في المجالات المعرفية والتأثيرية والحركية النفسية، وغرس القيم الأخلاقية لدى الطلبة، وزرع قيم المواطنة والضمير الحي تجاه الوطن، وإنتاج قوى عاملة مدربة وماهرة للبلاد.وفيما يلي وصف للمناهج الدراسية حسب المرحلة ونوع التعليم:مناهج التعليم الابتدائيتهدف مناهج التعليم الابتدائي إلى إكساب الأطفال المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب، وتنميتهم جسدياً وعقلياً ونفسياً. ويتحقق ذلك من خلال أسلوب التعلم الممركز حول الطفل، ويشمل ذلك استراتيجيات التعليم والتعلم التي تستخدم طرائق متنوعة مثل التجميع المرن للطلبة الملائم لتدريس مهارات معينة، والاهتمام الكبير بالاحتياجات الفردية للطفل من خلال الأنشطة العلاجية الإثرائية، وتكامل المهارات والمعارف في الدروس التي يتم تدريسها للطلبة، واستخدام المواد المتنوعة. ويتم توجيه الطلبة نحو العلوم والتكنولوجيا من خلال مادتي «الإنسان والبيئة» و«المهارات المحركة»، وتقدم كلتا المادتين ابتداءً من الصف الرابع الابتدائي.تبلغ عدد الحصص الدراسية في الحلقة الأولى من التعليم الابتدائي (الصفوف الأول إلى الثالث)45 حصة أسبوعياً، مدة كل حصة 30 دقيقة. وفي الحلقة الثانية (الصفوف الرابع إلى السادس) 48 حصة أسبوعياً، مدة كل حصة 30 دقيقة.المناهج المتكاملة للتعليم الثانويتعد المناهج المتكاملة للتعليم الثانوي امتداداً لمناهج التعليم الابتدائي. التي تطبق في جميع صفوف التعليم الثانوي الدنيا والعليا في جميع أنحاء البلاد. يهدف هذا المنهج إلى تقديم تعليم عام لجميع الطلبة باستخدام الطريقة المتكاملة التي تدمج المعارف والمهارات والقيم، والنظرية والتطبيق، والمنهج والأنشطة المصاحبة للمنهج، وثقافة المدرسة.ويركز المنهج على اكتساب المعارف والمهارات التي تعزز من تنمية قدرات التفكير لتمكين الطلبة من عملية التحليل والتركيب والتفسير واستنتاج النتائج وطرح الأفكار البناءة والمفيدة. كما يركز المنهج على تدريس القيم الأخلاقية والاستعمال السليم للغة المالاوية لاكتساب المعارف وتعزيز مهارات التفكير.مناهج المرحلة الثانوية الدنياتوفر المناهج المتكاملة للمرحلة الثانوية الدنيا تعليماً عاماً للجميع، وتضم مواد أساسية تتكون من اللغة المالاوية واللغة الإنجليزية والرياضيات والتربية الفنية والعلوم والجغرافيا والدين الإسلامي والتربية الأخلاقية والتربية البدنية والصحية، ومواد إضافية تشمل اللغة الصينية واللغة التاميلية.وتقدم في هذه المرحلة أيضاً مادة المهارات الحياتية وتنقسم إلى قسمين هما: الأساسي، ويتكون من المهارات اليدوية والتجارة والحرف اليدوية والتربية الأسرية. والاختياري، ويتكون من مهارات يدوية إضافية والاقتصاد المنزلي والزراعة. ويشترط على الطالب اختيار مجال واحد من مادة المهارات الحياتية. وعدد الحصص الدراسية في هذه المرحلة 45 حصة أسبوعياً، مدة كل حصة 40 دقيقة.المناهج المتكاملة للمرحلة الثانوية العليا:مناهج المدارس الأكاديميةيدرس في هذه المدارس المواد الأساسية نفسها التي تدرس في المرحلة الثانوية الدنيا، ما عدا مادة الجغرافيا والتربية الفنية والمهارات الحياتية. وتعتبر اللغة الصينية واللغة التاميلية مواد اختيارية إضافية في هذه المرحلة.وتصنف المواد الاختيارية تحت أربع مجموعات هي: العلوم الإنسانية، والمواد المهنية والتكنولوجيا، والعلوم، والدراسات الإسلامية.وتدرس مادة الجغرافيا والتربية الفنية كمواد اختيارية ضمن مجموعة العلوم الإنسانية. وتشمل المهارات الحياتية عدداً من المواد الاختيارية مثل مبادئ المحاسبة، والعلوم الزراعية، والاقتصاد المنزلي، التي تقع ضمن مجموعة المواد المهنية والتكنولوجيا.وقد وضعت شروط معينة لاختيار المواد الاختيارية، لضمان حفظ التوازن بين المجموعات الاختيارية الأربع، بالإضافة إلى ذلك، يكون التسجيل في مادة من مواد المجموعة الثانية الاختيارية (المواد المهنية والتكنولوجيا) إلزامياً.مناهج المدارس الفنية والمهنيةيقدم في المدارس الفنية والمهنية بعض من المواد الأساسية التي تدرس في المدارس الأكاديمية. بالإضافة إلى ذلك يمكن للطلبة في المدارس الفنية اختيار مواد من ضمن ثلاثة مسارات هي الفنية، والزراعية، والتجارة. أما طلبة المدارس الثانوية المهنية فيمكنهم اختيار مواد من المجالات التالية: الهندسة، والاقتصاد المنزلي، والتجارة، والزراعة.وتقدم المدارس المهنية أيضاً برامج تدريبية قصيرة المدى في المهارات تتراوح مدتها من ستة أشهر إلى سنة واحدة. ومن ضمن المقررات التي تقدم في هذه البرامج: التصليح الميكانيكي، اللحام، خدمات الراديو والتلفزيون، السمكرة، صناعة الأثاث، صيانة الأجهزة، التبريد والتكييف.البرامج المصاحبة للمنهجتعد البرامج المصاحبة للمنهج جزءاً مكملاً للمنهج الدراسي. وتوفر المدارس ثلاثة أنواع من هذه البرامج هي: الجهات الموحدة، الأندية، الرياضة. وتطبق هذه البرامج على مستوى المدرسة والمنطقة والولاية والمستوى الوطني. ويتم دعم بعض البرامج المصاحبة للمنهج مالياً من قبل بعض الجهات الحكومية والقطاع الخاص. فعلى سبيل المثال، يقوم البنك العام بتمويل مشروع مغامرة الشباب، ويمول المصنع الماليزي الأمريكي للإلكترونيات برنامج الحرف اليدوية للشباب، وتتولى دائرة الوحدة الوطنية مسؤولية برنامج الجسر الذهبي.تعليم الكبار والتعليم غير النظاميوزارة التربية في ماليزيا غير مسؤولة عن إدارة التعليم غير النظامي في البلاد، ولا توجد خطة وطنية لمحو الأمية. ومع ذلك توفر مختلف الجهات والهيئات الحكومية وشبه الحكومية التابعة للوزارات برامج لتعليم الكبار كل حسب اختصاصها. ويتوفر التعليم غير النظامي للشباب والكبار كشكل من أشكال التدريب في مهارات معينة وحرف مهنية تهدف إلى إعدادهم للأنشطة المنتجة والمشاركة بفاعلية في التجارة والصناعة والعمل في المنشآت الاقتصادية الأخرى، وتعزيز الوعي ببيئة العمل، وإحداث التغييرات في المجتمع. ومن ضمن الجهات الحكومية التي تقدم مثل هذه البرامج: وزارة الموارد البشرية، وزارة الشباب والرياضة، وزارة الزراعة، وزارة الأرض والتنمية الإقليمية، وزارة الريف والتنمية الوطنية. وتشمل البرامج التي تقدمها هذه الجهات الحرف المهنية، تطوير المهارات، المهارات التعليمية الفنية، القيادة، إدارة الأعمال، الزراعة، التعليم ما قبل المدرسة، الهندسة الكهربائية والميكانيكية، والتجارة.تنظيم العام الدراسيتعمل المدارس في ماليزيا حسب نظام الفصلين الدراسيين، ويبدأ العام الدراسي في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر حتى نهاية شهر أكتوبر من العام التالي. وعدد الأيام الدراسية في المدارس 210 أيام في السنة (41 أسبوعاً). وتبدأ المدارس دوامها عادة في الساعة 7.45 صباحاً، وتعمل الكثير من المدارس الماليزية، وبخاصة تلك التي تقع في المناطق الريفية ضمن نظام النوبتين (صباحية ومسائية). نظام التقويم والاختباراتيطبق في جميع المدارس الحكومية نظام النقل الآلي من الصف الأول حتى الصف التاسع.ويقدم للطلبة عند نهاية السنة السادسة من المرحلة الابتدائية اختبار تقييمي في اللغة والرياضيات. وفي نهاية الصف التاسع (الثالث من المرحلة الثانوية الدنيا) يقدم للطلبة اختبار وطني يؤدي إلى الحصول على شهادة التعليم للمرحلة الثانوية الدنيا. وبناء على أداء الطالب في هذا الاختبار، يتم قبوله إما في المدارس الثانوية العليا الأكاديمية، وإما في المدارس الثانوية الفنية والمهنية. ويعتمد هذا الاختبار على التقييم المركزي إلى جانب التقييم المدرسي.ويقدم طلبة الصف الحادي عشر (السنة الثانية من المرحلة الثانوية العليا) اختبار شهادة التعليم الماليزية أو شهادة التعليم الفني والمهني. وبناء على نتائجهم، يمكن للطلبة مواصلة دراستهم ما قبل الجامعية لمدة سنتين لتؤهلهم للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي المختلفة، أو للالتخاق بسوق العمل.المعلمونإعداد المعلمين قبل الخدمةيتم إعداد المعلمين قبل الخدمة في كليات تدريب المعلمين التي تقع تحت إشراف قسم إعداد المعلمين في وزارة التربية. ويوجد في ماليزيا 31 كلية لتدريب المعلمين منتشرة في جميع أنحاء البلاد، تعد المعلمين للتدريس في المدارس الابتدائية والثانوية. ومن ضمن هذه الكليات واحدة لإعداد معلم التربية الإسلامية، وأخرى لإعداد معلمي التعليم المهني والفني.تختلف مدة الدراسة في هذه الكليات حسب نوع البرامج التي تقدمها فتشمل: سنة واحدة للخريجين الجامعيين للحصول على الدبلوم العالي (مابعد التخرج)، سنتين ونصف السنة (خمسة فصول دراسية) يحصل الطالب عند نهايتها على شهادة التدريس، ثلاث سنوات (ستة فصول دراسية) يمنح عند نهايتها شهادة التدريس للمتخصصين في التعليم الفني والمهني.وإلى جانب تلك البرامج، تنظم بعض الكليات برنامجاً مدته فصل دراسي واحد يحصل الطالب عند نهايته على الشهادة الأساسية في التربية.وتتكون المناهج الدراسية في هذه الكليات من ثلاثة أجزاء هي:- الجزء الأساسي: ويشمل علم النفس التربوي، وطرائق التدريس، والتعليم في ماليزيا، واللغة المالاوية، واللغة الإنجليزية، وتكنولوجيا التعليم، والتربية الإسلامية والتربية الأخلاقية، والحضارة الإسلامية، والتطور التاريخي لماليزيا، وشؤون الخدمة العامة للتعليم.- المواد الدراسية: يتطلب من معلمي المرحلة الابتدائية المتدربين دراسة مساقات دراسية في طرائق التدريس، والرياضيات، والإنسان والبيئة، والتربية الأخلاقية، والتربية البدنية، والموسيقا والفنون. أما معلمو المرحلة الثانوية المتدربون فيدرسون التربية الأخلاقية، والتربية البدنية، والتربية الصحية، ومساقاً ضمن مناهج المرحلة الابتدائية.- الإغناء الذاتي: يساعد هذا الجزء على دراسة مساق في الاقتصاد المنزلي، بالإضافة إلى دراسة مساقات في الموسيقا والفنون. ويشترط على جميع المعلمين المتدربين قضاء فصل دراسي واحد في المدارس للتطبيق العملي.وتشكل الأنشطة المصاحبة للمنهج جزءاً هاماً أيضاً في برنامج تدريب المعلمين، حيث يطلب من جميع المعلمين المتدربين المشاركة بفاعلية في هذه الأنشطة التي تؤكد المهارات المتعلقة بالإدارة والتنظيم، والتدريب، وإدارة المكتب والقيادة. وتصنف هذه الأنشطة ضمن ثلاث وحدات هي: الألعاب والرياضة، النوادي والجمعيات، والهيئات الموحدة.الإعداد في الجامعاتتعد الجامعات المعلمين للتدريس في المرحلة الثانوية العليا ومرحلة ما بعد الثانوية. ويوجد في ماليزيا خمس جامعات من أصل سبع بها كليات للتربية، مدة الدراسة بها تتراوح ما بين ثلاث إلى أربع سنوات تمنح خريجيها الشهادة الجامعية الأولى (البكالوريوس). كما تقدم هذه الكليات برنامج الدبلوم العالي في التربية (مابعد التخرج) لمدة سنة واحدة.وتدرس في هذه الجامعات المناهج الدراسية نفسها التي تدرس في كليات تدريب المعلمين. وتتكون المواد الأساسية من: أسس التربية، وعلم النفس التربوي، ودراسات تربوية، والتعليم في ماليزيا، وعلم الاجتماع التربوي، وطرائق التدريس. أما المواد الاختيارية فتشمل الفنون، والتربية البدنية والصحية، وتعليم اللغة، وتعليم العلوم، والعلوم الاجتماعية، والموسيقا. ويقضي المعلمون المتدربون عشرة أسابيع في المدارس للتطبيق العملي في كلا البرنامجين (الدبلوم والبكالوريوس).التدريب في أثناء الخدمةتهدف برامج التدريب في أثناء الخدمة التي تقدمها وزارة التربية للمعلمين والموظفين بالوزارة إلى رفع مستوى المهارات المهنية وتحديثها في مجال الإدارة التربوية والإدارة المدرسية، والتخطيط والبحوث التربوية، والتخصصات الأخرى. وتقوم مختلف الأقسام التابعة للوزارة بتنظيم التدريب.وتطبق وزارة التربية الماليزية نظام التدريب في أثناء الخدمة كل خمس سنوات، إذ يتم إعادة تدريب المعلمين بعد قضائهم خمس سنوات في مهنة التدريس لتلبية المتطلبات الجديدة والحديثة من أساليب التدريس والمعارف الجديدة.وتعد مراكز مصادر التعلم التي توفرها الوزارة في مختلف المناطق والولايات والمدارس نوعاً آخر من أنواع التدريب في أثناء الخدمة، وتعتبر كمراكز للمعلمين، حيث يلتقون ببعضهم بعضاً لتبادل الآراء والأفكار حول مختلف الشؤون التعليمية.النشاط الطلابييعد النشاط الطلابي في ماليزيا جزءاً حيوياً من مهمة المدرسة لا يمكن الاستغناء عنه ورغم أن خطط النشاط متروكة للمدرسة، إلا أن هناك أنواعاً من النشاط ذات صبغة إلزامية مثل فرق الزي الموحد (الكشافة - الإطفاء- العسكرية.. وغيرها).وتقسم أنواع النشاط إلى ثلاثة أقسام كالآتي:- الجمعيات: وتضم عدداً من البرامج والنوادي منها بعض الأندية المبتكرة مثل: نادي العلاقات العامة - نادي العلاقات الدولية- نادي الصحافة- نادي رجال الأعمال الناشئين، وغيرها من الأندية التي تسهم في الإعداد للعمل أو تشجع على التفكير والحوار لدى الطلاب.- فرق الزي الموحد وفنون الدفاع عن النفس مثل: الكشافة- الإطفاء- العسكرية- الكاراتيه- التايكوندو، والمشاركة في واحد منها إلزامي سواء خلال الدراسة أو الإجازة الصيفية.- نوادي الألعاب الرياضية: وتؤدى جميع أو غالبية برامج النشاط في يوم السبت (يوم الإجازة الأسبوعية) والمشاركة في النشاط إلزامي لجميع المعلمين بلا استثناء إلا أن توزيعهم على أيام السبت يكون وفق خطة تُعدها المدرسة.الصحة المدرسيةتوجد شعبة للصحة المدرسية تتبع إدارة شؤون الطلاب التي تتبع بدورها الشؤون المدرسية، مع العلم أن الخدمات الصحية العلاجية والوقائية تقدم من قبل قسم الصحة المدرسية ورعاية الأمومة والطفولة في وزارة الصحة.ويتم التنسيق بين الوزارتين عن طريق اللجنة الوطنية المشتركة للصحة المدرسية التي توجد في المناطق التعليمية الأربع عشرة وتمثل في لجان محلية ثم في لجنة صحة في كل مدرسة يترأسها مدير المدرسة، ويوجد بها أعضاء هيئة التدريس والطلاب (في المدارس الثانوية) وأولياء الأمور ويوجد بالمدرسة قسم يختلف تجهيزه من مدرسة إلى أخرى للرعاية الصحية والإسعافات الأولية يقوم عليه أحد المعلمين أو المختصين، ويقوم الأطباء بزيارة المدارس بشكل دوري.وتعمل اللجان الصحية المدرسية على دعم ستة عناصر أساسية:- تحديد الخطط والاحتياجات والسياسة الصحية العامة من قبل اللجان في كل مدرسة.- إصحاح البيئة المدرسية والبيئة المحيطة بالمدرسة.- الإصحاح الاجتماعي الصحي. -مشاركة المجتمع، حيث يكون أولياء الأمور جزءاً من اللجان المدرسية.- المهارات والمعلومات الصحية، وتعتمد أساساً على المنهج الصحي في جميع المراحل الدراسية، ويتم تأليف وتصميم وطباعة الكتب في الأقسام المتخصصة في المناهج ولا علاقة لقسم الصحة المدرسية بذلك، ويتم تدريس هذا المنهج بالاشتراك مع التربية الرياضية بواقع حصتين أسبوعياً ويقوم بتدريسه معلمو التربية الرياضية، وهم مدربون على التربية الصحية. ويتم تقويم الطلاب مثل أي مادة أخرى على مستوى المدارس، ولكنها ليست من المواد المطلوب الاختبار بها على المستوى الوطني.وفي مجال الخدمات الصحية المدرسية: تقوم وزارة الصحة ممثلة في الفرق الطبية المدرسية وفرق الأسنان التي تزور كل مدرسة مرة واحدة في العام. ويقتصر عملهم على فحص الطلاب في سن (6، 12، 15) سنة فقط، وليس لهم أي نشاطات أخرى. وتقوم وزارة الصحة بالرقابة على البيئة المدرسية والمقاصف عن طريق مراقبين صحيين يزورون المدارس مرة واحدة في العام، مع العلم أن كل مجموعة من المدارس (تصل إلى 200) مرتبطة بمركز صحي تابع لوزارة الصحة وليس خاصاً بالمدارس يحال له الطلاب في حالة المرض أو الإصابة، وتوجد غرف خاصة في أغلب المدارس تستعمل للإسعاف والراحة، وكذلك توجد مواد للإسعاف الأولي في كل مدرسة.الإعلام التربويتعطي ماليزيا الإعلام التربوي اهتماماً كبيراً سواء على مستوى الدولة -ممثلة في وزارة التربية والتعليم- أو مستوى المدارس وأولياء الأمور، ويعد من أولويات العمل التربوي لديهم.ويصدر الإعلام التربوي بعض الدوريات ومنها المجلة التربوية الشهرية الموجهة للمعلمين التي يصدرها معهد أمين الدين باقي، المخصص للقيادات التربوية، بالإضافة إلى نشرة شهرية تُعنى بتثقيف المعلم وتوزع على المدارس وتوضع في غرفة المعلمين للاطلاع عليها بالمجان.وفي مجال التلفزيون، خصصت وزارة الإعلام الماليزية أربع ساعات للبرامج التربوية التي تعدها وزارة التربية بمعدل أربعة أيام في الأسبوع من الثامنة صباحاً حتى الثانية عشرة ظهراً.وقد كان مركز الإنتاج التلفزيوني الذي ينتج البرامج التربوية تابعاً لوزارة الإعلام، وعندما رأت تلك الوزارة أنها لن تستطيع القيام بمهمة الإعلام التربوي أحالت المركز بكافة التجهيزات الفنية والكوادر الإعلامية البشرية إلى وزارة التربية لتعد الوزارة البرامج وتنتجها ثم تقدمها لوزارة الإعلام لبثها خلال الفترة المحددة لهذا الغرض، ويكون العاملون فيها بمنزلة معارين لوزارة التربية ثم يعودون إلى وزارة الإعلام عند الطلب حال تأمين القوى البشرية في وزارة التربية.وفي مجال الإذاعة، تعمل الوزارة حالياً على إعادة بث البرامج الإذاعية التربوية التي كانت في فترة سابقة تعمل لساعات معينة ثم انقطعت.


  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: جولة تربوية في أرجاء المعمورة - أنقلها من موقع المعرفة

    2- التعليم في ماليزيا : خيارات واسعة للطلاب في المرحلة الثانوية


    بقلم : د. أحمد عبدالفتاح الزكي :




    منذ أن استقلت ماليزيا عام 1957 عن الاحتلال البريطاني أصبح التعليم جزءًا لا يتجزأ من السياسة التنموية التي تنتهجها الحكومة، لذلك تعرض قطاع التعليم لتغيرات وعمليات تطوير مستمرة ودائمة عبر تلك السنوات، وفي خلال السنوات الثلاثين الماضية قامت الدولة بجهود كبيرة للغاية من أجل توحيد جميع فئات المجتمع وكانت أداتها في ذلك النظام التعليمي الموحد بما فيه من منهج وطني والتأكيد على استخدام اللغة القومية باعتبارها أداة التدريس والاتصال، وشهدت تلك الفترة تزايدًا كبيرًا في معدلات الالتحاق في مختلف المراحل التعليمية.



    ومن أجل إحداث الجودة في العملية التعليمية قامت الحكومة الماليزية بإجراء العديد من الإصلاحات في المناهج مع العمل على زيادة استخدام تكنولوجيا التعليم كما اتخذت العديد من الإجراءات من أجل إحداث الفعالية والكفاءة في النظام الإداري للتعليم، وتضمن ذلك الاهتمام بالعملية التعليمية داخل الصف الدراسي والجوانب الإدارية المختلفة في النظام التعليمي وكذلك الاهتمام بالمعلم، ويتوقع إجراء المزيد من الإصلاحات وعمليات التطوير في نظام التعليم والتدريب في ماليزيا وذلك لتحقيق العديد من الأهداف التي من أهمها ضمان إحداث الجودة في التعليم والتدريب لكل المواطنين الماليزيين وتزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة لجعل ماليزيا دولة متقدمة بحلول عام 2020.

    العوامل والقوى الثقافية التي نشأ في ظلها التعليم في ماليزيا

    تأثر التعليم في ماليزيا بالعديد من العوامل والقوى الثقافية التي أسهمت في ظهور النظام التعليمي الحالي بما هو عليه الآن؛ فمن ناحية الموقع الجغرافي والمساحة تبلغ المساحة الإجمالية لماليزيا 329758كم2، وتقع ماليزيا بشطريها الشرقي والغربي في جنوب شرق آسيا قرب خط الاستواء حيث تضم مساحة كبيرة من الأراضي على الطريق البحري من الهند إلى الصين وتتوسط المسافة بينهما، تحيط البحار حول معظم أراضيها حيث يبلغ طول ساحل ماليزيا 3000 ميل من المحيط الهندي إلى بحر الصين الجنوبي، ويبلغ طول ساحل سراواك وصباح أي ماليزيا الشرقية حوالي 1400 ميل.

    ومن ناحية العوامل السكانية يبلغ عدد السكان 27 مليونا و757 ألف نسمة (حسب إحصاء 2008) بما يمثل 0.41% من إجمالي سكان العالم، وقد تنبهت ماليزيا إلى أهمية معالجة المشكلة السكانية خوفًا من الزيادة المستمرة فاتجهت إلى التعليم ببرامجه ومناهجه ليكون القاعدة التي تحاول منها الانطلاق نحو التعامل مع هذه الأزمة ولم تكتف بذلك بل أدمجت مفاهيم التربية السكانية في برامج تدريب وإعداد المعلمين بماليزيا.

    ومن ناحية العامل اللغوي فإن اللغة الوطنية الرسمية في ماليزيا هي اللغة الماليزية أو المالاوية وهي لغة التعليم في المرحلة الأولى منذ سنة 1967، وتكتب اللغة الماليزية بالحروف اللاتينية أو العربية وبها كثير من الكلمات العربية ولكن هناك لغات أخرى ولهجات محلية يستعملها السكان في الأقاليم المختلفة، فالشعب في ماليزيا يتكون من أجناس مختلفة فهناك المالاويون والصينيون والهنود وغيرهم ؛ فالصينيون يتكلمون اللهجات الصينية السائدة والهنود يتكلمون اللغات التاميلية والهندوستانية وغيرها، ويلاحظ استخدام اللغة الإنجليزية على نطاق واسع في دوائر الحكومة والصناعة والتجارة، كما أنها مادة إجبارية في مدارس ماليزيا، وأصبحت اللغة الماليزية هي اللغة التعليمية في جميع مراحل التعليم العام مع بقاء اللغة الإنجليزية كلغة ثانية.

    ومن ناحية العوامل الاجتماعية فقد كان المجتمع في ماليزيا أثناء فترة الاحتلال مزيجًا من عناصر مختلفة وأجناس متباينة وكان المستعمر يبث بين هذه الأجناس المختلفة نار الشقاق والخلاف ومن ثم كان المجتمع الماليزي مفككًا مختلف الطبقات متفاوتًا تفاوتًا واضحًا في الدخول.

    وكانت الوظائف العليا قاصرة على الإنجليز أما طبقة المواطنين فكانوا لا يتولون إلا المناصب المتدنية، وظل هذا الوضع الاجتماعي مسيطرًا على البلاد حتى جاء الاستقلال ليفتح باب الوظائف العليا أمام الجميع ليخلق نوعًا من العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجميع سواء في فرص الالتحاق بالتعليم أو الترقي للوظائف العليا.

    ومن ناحية العامل الديني فإن كان الإسلام هو الدين الرسمي لدولة ماليزيا إلا أن اختلاف نوعيات البشر داخل ماليزيا يخلق نوعًا من تعدد الديانات؛ فالدين السائد بين الصينيين هو البوذية والطاوية وبين الهنود الديانة الهندوسية، هذا بجانب وجود أقلية مسيحية، وقد نص الدستور على أن حرية العبادة مكفولة للجميع.

    ويعتمد الاقتصاد الماليزي على الزراعة والصناعة وصيد الأسماك؛ فماليزيا من أهم دول آسيا إنتاجا للقصدير حيث تمتد منطقة القصدير في ماليزيا من الشمال إلى الجنوب ويعتمد الاقتصاد الماليزي اعتمادًا كبيرًا على الزراعة.

    وقد تأثر التعليم في وضعه الحالي بمختلف تلك القوى والعوامل الثقافية التي مرت بها ماليزيا من عوامل جغرافية وسكانية ولغوية واجتماعية ودينية واقتصادية وغيرها من عوامل أسهمت في تشكيل النظام التعليمي الماليزي في صورته الحالية.

    بنية النظام التعليمي في ماليزيا

    بشكل عام يبدأ العام الدراسي الرسمي في ماليزيا ابتداء من الأول من يناير وحتى الأسبوع الثالث من نوفمبر ويصل الحد الأدنى من أيام الدراسة على مدار العام إلى 190 يومًا.

    ويتكون النظام التعليمي في ماليزيا من عدة مراحل نوضحها فيما يلي:

    التعليم ما قبل المدرسة

    لا يعد التعليم ما قبل المدرسة أو ما يعرف برياض الأطفال جزءًا من النظام التعليمي الرسمي، ويقدم هذا النوع من التعليم عن طريق مجموعة مختلفة من المؤسسات الحكومية والهيئات الخاصة والمنظمات التطوعية وذلك للأطفال بين الرابعة والسادسة من العمر ولكن تخضع جميع مؤسسات رياض الأطفال للإشراف من قبل وزارة التعليم.

    يعد التعليم في مرحلة ما قبل المدرسة في ماليزيا مجانيًا وتوفره العديد من الهيئات الحكومية والهيئات الخاصة والمنظمات التطوعية، وفي عام 1996 وصلت نسبة الأطفال الذين التحقوا برياض الأطفال إلى 70% من بين جميع التلاميذ الذين التحقوا بالعام الأول في المدرسة الابتدائية.

    ويلتحق أطفال ماليزيا برياض الأطفال في سن الرابعة إلى السادسة وقد جعل قانون التعليم لعام 1996 مرحلة التعليم ما قبل المدرسة جزءًا من نظام التعليم الوطني وتلتزم جميع رياض الأطفال في ماليزيا بتدريس الخطوط العريضة للمناهج التي تقدمها لهم وزارة التعليم.

    ويتسم هذا المنهج بأنه يتناسب مع المرحلة السنية لهؤلاء الأطفال ويتوافق مع مرحلة نموهم واهتماماتهم واحتياجاتهم، ويتميز أيضًا هذا المنهج بأنه ديناميكي ويركز على الطفل ويتناسب مع الفئات المختلفة من الأجناس التي قد توجد في الصف الواحد وتتمثل أهداف منهج التعليم ما قبل المدرسة في فهم سمات وخصائص الأطفال وربطهم ببيئتهم المحلية، مع تعزيز الصلة بين البيئة المدرسية والبيئة المنزلية.

    وتتمثل الأهداف العامة للتعليم ما قبل المدرسة في تمكين الأطفال من تحقيق ما يلي:

    - تنمية حبهم لوطنهم.

    - اتباع التعاليم الدينية في الحياة.

    - ممارسة القيم النبيلة.

    - احترام اللغة الوطنية واستخدامها.

    - استخدام اللغة الإنجليزية كلغة ثانية.

    - تنمية احترام الذات وتقديرها.

    - تشجيع حب الاستطلاع والإبداع وتذوق الجمال وتقديره.

    ولتحقيق الأهداف السابقة تقدم رياض الأطفال مجموعة من المجالات التعليمية للتلاميذ وهي: تعليم المواطنة والدراسات الإسلامية والتربية الخلقية واستخدام اللغة الوطنية وتعليم الإنجليزية وتنمية اللغة والتنمية البدنية والتنمية الاجتماعية الانفعالية والتنمية المعرفية والتنمية الإبداعية والجمالية.

    وبشكل عام تصل ساعات التدريس في رياض الأطفال إلى ثلاث ساعات ونصف لكل يوم وتمتد الدراسة في الأسبوع لمدة خمسة أيام.

    التعليم الابتدائي

    يمتد التعليم الابتدائي في ماليزيا لمدة ست سنوات ولكن يلاحظ أنه يمكن إكمال هذه المرحلة من 5 سنوات إلى 7 سنوات ويلتحق بهذا التعليم الأطفال في سن السادسة، والتعليم في المرحلة الابتدائية في ماليزيا مجاني ولكنه ليس إلزاميًا.

    يهدف التعليم الابتدائي إلى ضمان التنمية الشاملة والمتوازنة والمتكاملة لقدرات الطفل والتي تتضمن الجوانب العقلية والروحية والانفعالية والبدنية، ولذلك يسعى التعليم الابتدائي إلى تمكين الأطفال مما يلي:

    - إجادة اللغة الماليزية باعتبارها اللغة الوطنية واللغة الرسمية للبلاد.

    - إجادة المهارات الأساسية للغة وهي الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة.

    - إجادة المهارات الحسابية واستخدامها في حياتهم اليومية.

    - إجادة المهارات الدراسية.

    - تعلم اللغة الإنجليزية كلغة ثانية.

    - الحساسية نحو البيئة والاهتمام بها.

    - إجادة المهارات العلمية والتقنية.

    - الاهتمام بالأنشطة الثقافية والترفيهية المتوافقة مع الثقافة الوطنية.

    - العناية بصحة الفرد ولياقته البدنية.

    - اكتساب مهارات تلاوة وحفظ وفهم آيات القرآن الكريم.

    - التأكيد على أسس العقيدة والإيمان بالله وأداء العبادات.

    - تدعيم القيم الوطنية.

    - تنمية المواهب وتشجيع الإبداع.

    - حسن الخلق والتحلي بالقيم النبيلة.

    وهناك نوعان من المدارس الابتدائية الماليزية؛ الأولى وتقدم للطلاب الماليزيين، وتكون لغة الدراسة بها اللغة الماليزية، والنوع الآخر من المدارس مدارس تقدم للطلاب الصينيين والتاميل، حيث يتم التدريس فيها بلغاتهم الأصلية مع اعتبار اللغة الماليزية مادة إجبارية أيضًا، وتدرس اللغة الإنجليزية في جميع المدارس كلغة ثانية وينتقل التلاميذ آليًا بين صفوف تلك المرحلة من الصف الأول حتى الصف السادس مع إجراء عملية التقييم المدرسي بشكل دائم.

    ورغم أن مدة الدراسة بالمرحلة الابتدائية ست سنوات من الناحية الرسمية يستطيع بعض الطلاب أن يكملوا دراستهم في خمس سنوات فقط كما يمكن لبعض الطلاب الآخرين أن يستمر بقاؤهم بتلك المدرسة إلى سبع سنوات، وعند إتمام الدراسة بالمرحلة الابتدائية يتقدم التلاميذ إلى امتحان عام يسمى الامتحان التحصيلي للمدرسة الابتدائية، ومعدل التسرب في المرحلة الابتدائية لا يكاد ذكر حيث يصل إلى 0.6%.

    وقد أدى تعميم التعليم الابتدائي لجميع أطفال ماليزيا إلى زيادة الضغوط على المدارس القائمة بالفعل مما أجبر وزارة التعليم في ماليزيا إلى جعل الدراسة تتم على فترتين فترة صباحية وفترة مسائية، وقد وصلت نسبة المدارس التي بها فترتان إلى 16.5% في عام 1996، ويبلغ متوسط الكثافة الطلابية في الفصل في المدرسة الابتدائية 32.8 تلميذًا ونسبة المعلم إلى التلاميذ هي معلم واحد لكل عشرين تلميذًا.

    وبالنسبة لعملية التقويم في المرحلة الابتدائية هناك نوعان من التقويم:

    - النوع الأول يعرف بامتحان تقييم المدرسة الابتدائية، ويركز هذا النوع من التقويم على الجوانب المعرفية مؤكدًا على المهارات الأساسية في الكتابة والقراءة والحساب، والمواد التي يتم تقييمها هنا هي اللغة الماليزية والإنجليزية والعلوم والرياضيات، وبالإضافة إلى تلك المواد ينبغي على الطلاب الماليزيين أن يخضعوا لتقييم في التربية الدينية وتشكل النتيجة جزءًا من تقييمهم النهائي.

    - ويعرف النوع الثاني من التقييم بتقييم المستوى الأول Level one assessment، وهذا التقييم اختبار استعدادي أو اختبار أهلية وهو يمكن وزارة التعليم من انتقاء تلاميذ الصف الثالث الذين يجيدون المعرفة والمهارات الأساسية والذين لديهم قدرة عالية على التعلم كي ينتقلوا مباشرة إلى الصف الخامس ويتم اختبار قدرات التلاميذ وإمكاناتهم في المهارات اللفظية والكمية والتفكيرية

    وبالإضافة إلى هذين النوعين من التقويم هناك التقييم المدرسي ويتم تطبيقه خلال العام الدراسي وفي أثناء عملية التعليم والتعلم من أجل تقييم تقدم التلاميذ في الجوانب المعرفية والانفعالية والمهارية ويتم هذا التقييم من خلال العام الدراسي وأثناء عملية التعليم والتعلم من أجل تقييم تقدم التلاميذ في الجوانب المعرفية والانفعالية والمهارية، ويتم هذا التقييم من خلال الملاحظة والأداء الشفهي والكتابي للتلاميذ.

    التعليم الثانوي

    يتكون التعليم الثانوي في ماليزيا من حلقتين:

    - التعليم الثانوي الأدنى أو التعليم الإعدادي Lower Secondary School ويمتد مدة ثلاث سنوات (ولكنه يمتد أربع سنوات بالنسبة للتلاميذ الصينيين والتاميل) وذلك حيث يضاف إليهم عام حتى يساعدهم على اكتساب إتقان اللغة الماليزية حيث إنها لغة التدريس في المدارس الثانوية.

    - وعند إتمام برنامج الدراسة لمدة ثلاث سنوات في المدرسة الإعدادية يتقدم الطلاب للامتحان النهائي الذي يؤهلهم إلى الالتحاق بالمدرسة الثانوية العليا Upper Secondary School والتي مدتها عامان، وتقدمها مجموعة من المدارس الأكاديمية والفنية والمهنية والدينية.

    وتهدف المدرسة الثانوية إلى تمكين الطلاب من تحقيق ما يلي:

    - زيادة إتقانهم للغة حتى يمكن التواصل بشكل فعال مع التركيز على إتقان اللغة الماليزية باعتبارها اللغة الرسمية لاكتساب المعرفة ولتحقيق الوحدة الوطنية.

    - تنمية قدراتهم العقلية من حيث التفكير الناقد والتفكير الإبداعي والعقلاني.

    - اكتساب المعرفة وتنمية المهارات المختلفة واستخدامها في حياتهم اليومية.

    - مسايرة التقدم التكنولوجي والتسارع في جوانب المعرفة المختلفة.

    - زيادة قدراتهم وإمكاناتهم على تحسين أنفسهم ومجتمعهم.

    - تنمية ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على مواجهة تحديات الحياة.

    - الفهم والوعي التام بتاريخ بلاده وبالظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي مرت بها البلاد.

    - الوعي بأهمية صحة الفرد والمحافظة عليها.

    - اكتساب القيم الأخلاقية وممارستها.

    - حب المعرفة والرغبة الدائمة في زيادتها وتنميتها.

    - تنمية الإحساس العميق بالمسئولية والاستعداد بالتضحية في سبيل الدين والوطن.

    ويقدم التعليم الماليزي منهجًا عامًا لجميع الطلاب في المدارس الثانوية وذلك دون إهمال لبعض الفروق الثقافية والعرقية في البلاد ويسعى المنهج إلى تحقيق مجموعة من المبادئ منها:

    - استمرارية التعليم من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الثانوية واكتساب المهارات الأساسية.

    - تقديم تعليم عام لجميع الطلاب.

    - تكامل الجوانب العقلية والروحية والانفعالية والبدنية للطلاب داخل المنهج.

    - التأكيد على القيم.

    - الاستخدام المتزايد للغة الماليزية في التدريس.

    - التعليم مدى الحياة.

    يتعين على الطلاب الصينيين والتاميل أن يدرسوا لمدة عام قبل التحاقهم بالمدرسة الثانوية والهدف من ذلك يتمثل فيما يلي:

    - تمكين الطلاب من إجادة اللغة الماليزية حتى يستطيعوا مواصلة دراستهم بالمدرسة الثانوية.

    - تمكين الطلاب من التواصل الفعال باستخدام اللغة الماليزية.

    - غرس روح المواطنة بين الطلاب.

    - بث قيم المجتمع الماليزي.

    ومن أجل ذلك يتم تدريس المواد التالية:

    - اللغة الماليزية واللغة الإنجليزية واللغة الصينية ولغة التاميل والاستخدام العلمي للغة الماليزية والتربية الصحية والبدنية والتربية الفنية.

    - ويدرس الطلاب في الثانوية الدنيا الإعدادية عددًا من المواد الإجبارية وهي اللغة الماليزية واللغة الإنجليزية والرياضيات ودراسة الدين الإسلامي والعلوم والمهارات الحياتية الجغرافيا والتاريخ والتربية الأخلاقية والتربية البدنية والتربية الصحية والتربية الفنية.

    كما يتعين على الطالب أن يدرس مجموعة من المواد الاختيارية التي تقع في أربع مجموعات وهي:

    - الإنسانيات.

    - والمواد الفنية والمهنية.

    - والعلوم.

    - والدراسات الإسلامية.

    وبعد أن ينتهي الطالب من دراسة تلك المواد يتقدم للاختبار النهائي الذي يؤهله للحصول على شهادة يستطيع بها أن يلتحق بالمدرسة الثانوية العليا.

    ويقدم التعليم في المستوى الثانوي الأعلىUpper Secondary Level في عدة مستويات منها المدارس الأكاديمية والمدارس التقنية والمدارس المهنية، ويلتحق الطلاب بكل نوع من تلك المدارس تبعًا لأدائهم في امتحان المدرسة الثانوية الدنيا، وتستمر الدراسة في تلك المرحلة لمدة عامين ورغم أن الدراسة في تلك المرحلة تتضمن مسارات أكاديمية وتقنية ومهنية إلا أنها تعد دراسة عامة.

    وتصل نسبة المعلمين للطلاب في التعليم الثانوي في ماليزيا إلى معلم واحد لكل 18 تلميذًا ومتوسط كثافة التلاميذ داخل الفصل 34.8 تلميذًا، وتصل معدلات التحاق الطلاب بالتعليم الثانوي إلى 82.9% للمدرسة الثانوية الدنيا و60.6% للمدرسة الثانوية العليا.

    ويسمح منهج التعليم العام في المدرسة الثانوية العليا للطلاب بأن يختاروا المواد بناءً على اهتماماتهم وإمكاناتهم وقدراتهم، ويقوم الطلاب بانتقاء تلك المواد الاختيارية من بين فئات أربع وهي الدراسات الإنسانية والدراسات المهنية والتقنية والعلوم والدراسات الإسلامية،كما يستمر الطلاب في دراسة نفس المواد الإجبارية التي كانوا يدرسونها في المدرسة الثانوية الدنيا مع استثناء الجغرافيا والتربية الفنية والمهارات الحياتية والتي يتم دراستها كمواد اختيارية.

    وفى المتوسط يصل عدد ساعات الدراسة في المدرسة الثانوية العليا إلى حد 25 ساعة ونصف ساعة في الأسبوع مما يغطي حوالي 40 حصة تدريسية تمتد كل منها إلى 40 دقيقة.

    وتقدم المدارس الثانوية الفنية تعليما فنيًا يهدف إلى:

    - تزويد الطلاب بالمهارات الفنية الأساسية التي تمكنهم من إكمال دراستهم بالمؤسسات البوليتكنيكية والجامعة.

    - تقديم التعليم الفني والتقني للطلاب الذين لديهم استعداد وميول لدراسة تلك المواد والتخصص فيها.

    - رفع مستوى ومعدل القوى العاملة المدربة والماهرة للوفاء باحتياجات الدولة من تلك الفئات.

    وتشبه الدراسة في تلك المدارس العملية التعليمية التي تتم في المدارس الأكاديمية حيث يتعين على الطلاب دراسة مجموعة من المواد الإجبارية وأخرى من المواد الاختيارية.

    أما بالنسبة للمدارس الثانوية المهنية فهي تقدم تعليما مهنيا للذين أتموا تعليمهم في المدرسة الثانوية الدنيا ويسعى هذا النوع من التعليم إلى تحقيق مجموعة من الأهداف منها:

    - توفير القوى العاملة الفنية للقطاعات الإنتاجية والتجارية الصناعية المختلفة في المجتمع.

    - توفير منهج مرن وعريض وذلك للوفاء بالاحتياجات المختلفة للصناعات القائمة وما يطرأ عليها من تغيير.

    - توفير أسس المهارات والمعرفة التي يبنى عليها التعليم والتدريب اللاحق.

    ومن أجل تعزيز الجودة في التعليم والتدريب المهني المرتبط ببعض الوظائف الموجودة بالسوق يقوم القطاع الخاص بتشجيع من الدولة بالمشاركة في برامج التعليم المهني، ولذلك تقوم العديد من المؤسسات والشركات الكبيرة بمساعدة وزارة التعليم في تنظيم برامج تدريبية للربط بين المهارات والمعرفة المهنية وسوق العمل كما تنتهج وزارة التعليم سياسة الخصخصة مع مؤسسات التعليم المهني والفني ولذلك تقوم المؤسسات والشركات الخاصة بتوفير ما يعرف بالتدريب على المهن داخل المصانع والشركات حتى تعد العمالة الماهرة والمدربة التي تجمع بين المعرفة الأكاديمية المهنية والنظرية التي تتم دراستها داخل المدارس وكذلك بين الخبرة العملية داخل المصانع والمؤسسات.

    التعليم بعد المرحلة الثانوية

    Post Secondary education

    يعد هذا النوع من التعليم الطلاب للحصول على شهادة المدارس العليا الماليزية، ويقدم هذا النوع من التعليم مجموعة من المقررات التي على الطلاب الراغبين في الالتحاق بالجامعات دراستها لمدة عامين، وبعد النجاح في تلك المدارس يكون خريجوها مؤهلين للالتحاق بالتعليم الجامعي.

    التعليم العالي:

    ويقدم التعليم العالي في ماليزيا فرصًا لمواصلة الدراسة الأكاديمية وزيادة المعرفة في أحد التخصصات ويهدف إلى إعداد المتخصصين في المجالات المختلفة للوفاء باحتياجات الدولة من القوى العاملة المدربة، كما يمنح هذا النوع من التعليم التسهيلات اللازمة لإجراء البحوث والخدمات الاستشارية للمجتمع وتتضمن مؤسسات التعليم العالي ثلاثة أنواع: الجامعات والكليات المتوسطة والمؤسسات البوليتكنيكية وتتراوح مدة الدراسة في هذا النوع من التعليم بين ثلاث إلى أربع سنوات.

    ومن بين الجامعات الماليزية هناك الجامعة الإسلامية الدولية وهي جامعة دولية في طبيعتها حيث تشرف عليها جهات دولية عديدة، وهي لا تكتفي بالدراسات الإسلامية الدينية فقط ولكنها تشتمل على جوانب عديدة وشاملة من المعرفة حيث يمزج التدريس فيها بين القيم الإسلامية والفلسفة الإسلامية في اكتساب المعرفة.

    أما الكليات المتوسطة فهي تقدم تعليمًا يصل إلى مستوى الدبلوم، وبالنسبة للمؤسسات البولوتكنيكية فقد تأسست لكي تقدم تعليميًا وتدريبًا في المجالات الهندسية والتجارية لتخريج الفنيين والعمال التنفيذيين المتوسطين، وتتراوح الدراسة بها بين عامين وثلاثة أعوام.

    وتقوم وزارة التعليم في ماليزيا بالإشراف على التحاق الطلاب بالجامعات المحلية باستثناء الجامعة الإسلامية الدولية التي تضع لنفسها مجموعة من المعايير الخاصة للقبول بها، أما بالنسبة لباقي الجامعات فهناك مجموعة من المعايير العامة التي تتفق جميعًا على ضرورة أن تتوافر لدى الطلاب شروط معينة مع حق كل جامعة في أن تضع بعض المعايير الخاصة بها.

    ومن أهم جوانب التطوير التي طرأت على التعليم العالي في ماليزيا قرار إنشاء الجامعات الخاصة فقد سمحت الحكومة لبعض المؤسسات العامة بإنشاء مؤسسات تعليم عال خاصة تقدم دراسات في تكنولوجيا المعلومات والهندسة كما سمحت الدولة لبعض الجامعات الأجنبية بإنشاء فروع لها في البلاد.

    التربية الخاصة في ماليزيا

    تقدم برامج التربية الخاصة في ماليزيا للطلاب ذوي الإعاقات المختلفة وتنقسم تلك الإعاقات إلى ثلاث فئات أساسية هي الإعاقات البصرية والإعاقات السمعية والأطفال ذوى صعوبات التعلم، وحاليًا يبلغ عدد مدارس التربية الخاصة في ماليزيا حوالي 31 مدرسة، وتتبنى السياسة التعليمية في ماليزيا مبدأ إدماج الأطفال ذوي الإعاقات البسيطة مع الأطفال العاديين في مسارات واحدة وإدماج الأطفال ذوي الإعاقات وذوى صعوبات التعلم في صفوف خاصة داخل مدارس الأطفال العاديين.

    وحاليًا هناك حوالي 4 آلاف طفل من ذوي الإعاقات المختلفة يلتحقون بالمدارس العادية وهناك حوالي 600 معلم متخصص ومدرب على التدريس للأطفال ذوى الإعاقات، وبالإضافة إلى جهود وزارة التعليم هناك مؤسسات أخرى مثل وزارة الوحدة الوطنية والتنمية الاجتماعية والعديد من المنظمات التطوعية وغير الحكومية تقدم خدمات مختلفة تهدف إلى تقديم برامج للتربية الخاصة وذلك للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.

    إعداد المعلم في ماليزيا

    نالت معاهد إعداد المعلمين عناية كبيرة منذ أن استقلت ماليزيا واهتمت الدولة بها اهتمامًا كبيرًا وتوسعت توسعًا كبيرًا في إنشائها على أحدث الطرق كي يتخرج منها معلمون أكفاء، ونتيجة للسياسة التعليمية التي تسعى إلى تعميم التعليم بمختلف مراحله اضطرت الوزارة أن تزيد عدد معاهد ومدارس المعلمين والمعلمات حتى تساير النهضة التعليمية.

    وبالنسبة لإعداد معلمي المرحلة الابتدائية فقد بلغ عدد المعلمين بالمرحلة الابتدائية حسب إحصاء 1990 حوالي 240 ألف معلم ومعلمة، أكثر من نصفهم غير مؤهلين بمعاهد إعداد المعلمين ولكن اضطرت الدولة إلى الاستعانة بهم لسد الاحتياجات الملحة.

    وبالنسبة لمعاهد تخريج المعلمين للمرحلة الابتدائية فيلتحق بها الطلبة الحاصلون على الشهادة الثانوية القسم الأدنى ومدة الدراسة بها عامان دراسيان ويقوم خريجوها بالتدريس بالمدارس الابتدائية سواء الإنجليزية أو المالاوية أو الصينية أو التاميلية، وهذه المعاهد تستخدم في دراستها اللغات الأربع الأساسية وهي المالاوية والإنجليزية والصينية والتاميلية وفي أحيان أخرى يتم إعداد معلمي المرحلة الابتدائية من الراغبين في العمل بالتدريس من الحاصلين على الشهادة الثانوية العليا في معاهد متخصصة لمدة عام دراسي واحد.

    أما بالنسبة لمعاهد إعداد معلمي المرحلة الثانوية في ماليزيا فإنها تنقسم إلى قسمين؛ القسم الأول معاهد ومكاتب تدريب المعلمين لمدارس المرحلة الثانوية الدنيا، ويلتحق بهذه المعاهد الطلاب الحاصلون على الشهادة الثانوية ومدة الدراسة بها سنتان ولكل معهد مجموعة من المواد التي يدرسها ليعد المعلمين لتدريسها، فبعضها يعد معلمين لتدريس العلوم والرياضيات وبعضها يعد معلمين لتدريس اللغات والمواد الاجتماعية وبعضها يعدهم للمواد التجارية والفنية والعلوم المنزلية وبعضها للفنون الصناعية وغيرها.

    أما القسم الثاني من معاهد إعداد معلمي المرحلة الثانوية العليا فيلتحق بهذا القسم الطلاب الحاصلون على الثانوية العليا ويلتحقون بكلية التربية بجامعة الملايو ومدة الدراسة بها ثلاث سنوات وقد تزيد على ذلك ويحصل بعدها على الإجازة العالية ثم الدكتوراه إن رغب، ويكون إعداد المعلم في هذا القسم على أساس التخصص في فرع أو مادة دراسية واحدة وقد يتم الإعداد في بعض كليات الآداب والعلوم أيضًا لمدة ثلاث سنوات أو يتم الإعداد بدراسة جامعية بإحدى الكليات لمدة أربع سنوات تخصص السنة الأخيرة منها للدراسة التربوية، وبالإضافة إلى ذلك توفد ماليزيا مجموعة من أبنائها إلى بعض الدول العربية للالتحاق بجامعاتها والتخصص في تدريس التربية الدينية الإسلامية واللغة العربية ومن بين تلك الدول مصر.

    تدريب المعلمين في أثناء الخدمة بماليزيا

    تعقد ماليزيا بين الحين والآخر دورات تدريبية وتجديدية للمعلمين في أثناء الخدمة وذلك بهدف تحسين أدائهم ولتمكينهم من النمو العلمي والمهني بالإضافة إلى معاونتهم على القيام بمهامهم الوظيفية بشكل عام ويقدم في وزارة التربية والتعليم العديد من البرامج التي تهدف إلى:

    - توفير التدريب الأساسي اللازم للمعلمين والمعلمات وتنظيم الدورات التدريبية التي تجرى في أثناء الخدمة.

    - تنظيم اختبارات تدريب المعلمين والمعلمات.

    - تقديم التوجيهات والإرشادات لمعاهد المعلمين والمعلمات فيما يتعلق بالسياسة التعليمية للوزارة.

    - المساعدة في اختيار الأشخاص اللائقين للتدريب على مهنة التدريس.

    - معاونة المعلمين على ممارسة الحديث من التربية وطرق التدريس.

    إدارة النظام التعليمي في ماليزيا

    تطورت الإدارة التعليمية في ماليزيا منذ حصولها على الاستقلال حتى الآن حيث مرت بعدة مراحل صاحبتها تغيرات في الهياكل التنظيمية لإدارة التعليم وكانت آخر هذه التغيرات ما حدث عام 1976 وهو ما يعمل بموجبه حتى الوقت الحاضر؛ فعلى المستوى القومي تتولى وزارة التعليم بماليزيا الإشراف على شئون التربية والتعليم على المستوى العام أو المركزي.

    أما على المستوى الإقليمي أو مستوى الولايات فكل ولاية في ماليزيا لها إدارة تعليمية تشرف على شئون التعليم بها، أما في ولاية صباح وسراواك شرقي ماليزيا فإنها تترك للهيئات الدينية والسلطات المحلية متابعة الإشراف على النواحي التعليمية بهاتين الولايتين بما يتفق وظروف كل منهما.

    ويعني ذلك أن هناك أربعة مستويات للإدارة داخل وزارة التعليم في ماليزيا وهي على المستوى الفيدرالي وعلى مستوى الولاية وعلى مستوى المقاطعة وعلى مستوى المدرسة، والمقاطعات التعليمية في ماليزيا ليس لها صلة بالمقاطعات الإدارية لأنها تقوم أو يتم إنشاؤها على أساس الاحتياجات التعليمية وليس على أساس الاحتياجات الإدارية.

    وعلى المستوى الفيدرالي تقوم وزارة التعليم في ماليزيا بترجمة السياسة التعليمية القومية إلى خطط تعليمية وبرامج ومشروعات تتوافق مع الطموحات الوطنية والأهداف القومية، كما تضع الخطوط العريضة لتطبيق وإدارة البرامج التعليمية والتربوية المختلفة، وتقوم عملية اتخاذ القرارات على المستوى الوطني على أساس نظام اللجان، فهناك مجموعة كبيرة من اللجان المختلفة التي تقوم بعملية التخطيط واتخاذ القرار وهناك إدارة تعليمية State Education Department في كل ولاية من الولايات الأربع عشرة في ماليزيا ويرأس تلك الإدارة مدير يكون مسئولًا عن تطبيق البرامج والمشروعات والأنشطة التعليمية في الولاية.

    وتقوم هذه الإدارة بمجموعة من الوظائف الإدارية منها:

    - تنظيم وتنسيق العملية الإدارية في مدارس تلك الولاية فيما يتعلق بأعضاء هيئة التدريس ومختلف العاملين وعملية التمويل وغيرها.

    - الإشراف على البرامج التربوية.

    - صياغة وتطبيق خطط التنمية التعليمية بالولاية.

    - تقديم تقارير بانتظام للوزارة بشأن تطبيق السياسة التعليمية الوطنية في ولايتهم.

    تمويل التعليم

    تعتبر الدولة ملزمة بإنشاء المدارس والمعاهد والجامعات والمؤسسات الثقافية والتربوية، والتعليم بالمجان في جميع مراحل التعليم الأولى ومن أجل ذلك تتكاتف كل المؤسسات والوزارات والهيئات الموجودة في ماليزيا من أجل النهوض بالتعليم وتشارك كل جهة في تمويل التعليم بما تستطيع بالإضافة إلى بعض المساعدات الخارجية التي تتلقاها ماليزيا من بعض الدول والمنظمات الدولية.

    ويعد التعليم في ماليزيا مسألة فيدرالية ولذلك فإنها إحدى مسئوليات الحكومة الفيدرالية ولهذا السبب فإن التعليم يعد أحد بنود الإنفاق العام في ماليزيا، وبدأت الدولة تزيد من المخصصات المالية الخاصة بالتعليم حيث تدرك أهميته الجوهرية لإحداث التنمية الاقتصادية.

    وتؤمن ماليزيا بمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية لذلك فهي تقدم الخدمات التعليمية للجميع، وبالنسبة للطلبة غير القادرين اقتصاديًا على مواصلة تعليمهم تقدم الدولة لهم العديد من المساعدات التي تتمثل في منح دراسية لإكمال دراستهم بالتعليم الجامعي سواء في الجامعات الماليزية أو في بعض الدول الأجنبية مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وكندا واليابان ومنها مصر أيضًا لدراسة العلوم الإسلامية.

    وتتلقى ماليزيا العديد من المساعدات الخارجية للتعليم والتدريب وذلك في شكل مساعدات فنية وبرامج استثمارية، وتأتى هذه المساعدات من مؤسسات دولية مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة اليونيسيف ومنظمة اليونسكو وكذلك بعض الدول مثل أستراليا وكندا واليابان والمملكة المتحدة.

    وبالنسبة للقطاع الخاص والمؤسسات والمنظمات غير الحكومية فإن إسهامها في عملية تمويل التعليم يعد ضئيلًا خصوصًا في المستويات الدنيا من التعليم وتتركز إسهاماتها في التعليم الجامعي والعالي، ولذلك فإن الحكومة تسعى إلى تشجيع المشاركة من قبل القطاع الخاص والمنظمات الأهلية وذلك للمشاركة في التمويل التعليمي لتخفيف العبء عن كاهل الحكومة في إنشاء بعض عناصر البنية الأساسية الخاصة بالتقدم التكنولوجي في التعليم العالي.


  3. #3
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: جولة تربوية في أرجاء المعمورة - أنقلها من موقع المعرفة

    3- التعليم في فلسطين أطفال الحجارة « يخففون » زحمة الصف المدرسي!!

    فاطمة محمد عبدالقادر - الرياض :



    مع نهاية القرن الثالث عشر الهجري بدأت الحركة الصهيونية في أوروبا تدعو إلى إنشاء وطن يهودي في فلسطين، ولأن اليهود كانوا يمثلون مشكلة عويصة في أوروبا الشرقية فقد تبنت بريطانيا دعم فكرة المشروع الصهيوني مقابل تمويل اليهود لها خلال الحرب العالمية الأولى، ومن ثم فإن وزير الخارجية البريطاني بلفور أصدر وعده 1335هـ بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، ووافق مجلس الحلفاء 1338هـ على وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، واعترفت عصبة الأمم بذلك وصدقت على وعد بلفور.

    وقد سعى اليهود بعد ذلك إلى تنفيذ مخططات تهويد فلسطين منتهجين نهجًا غريبًا حيث حافظوا على حالة العداء مع الدول العربية المجاورة مستغلين غضبة المسلمين في فلسطين، وقيام أفراد منهم ببعض أعمال المقاومة، أو دعوة بعضهم لتشكيل المنظمات الفدائية، ثم تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية ذريعة لتنفيذ سياسة الاعتداء على الأراضي العربية في جميع جبهات خطوط الهدنة أو شن حروب دورية كل فترة، وبالفعل كانوا في كل حرب يحققون أهدافًا توسعية، فإذا أصدرت الأمم المتحدة قرارات ضد إسرائيل فهي حبر على ورق، ولا مجال لتطبيقها على اليهود، فكم من مرة رفضت تنفيذ قرارات ضدها وكان الرفض نهارًا جهارًا!
    وحينما شعر الفلسطينيون بالإحباط واليأس بسبب مساندة الدول الكبرى لليهود اندلعت انتفاضة جهادية عارمة بدأت في 16/4/1408هـ حيث جابه الأطفال والشباب المجردون من كافة أنواع الأسلحة إلا الحجارة دبابات العدو ومدافعه غير عابئين بما يصيبهم من قتل وتمثيل واعتقال وتعذيب وهدم بيوت وتجريف أراض وطرد من البلاد وحرمان من التعليم وتفشي الأمراض والأوبئة.
    واستمر الوضع على ما هو عليه إلى أن جرت مفاوضات سرية بين وفد يهودي وآخر من منظمة التحرير الفلسطينية بوساطة الحكومة النرويجية. وقد أسفرت هذه المفاوضات عن إعلان اعتراف متبادل بين المنظمة والدولة اليهودية في يومي 23-24/3/1414هـ، وثم التوقيع على اتفاقية الحكم الذاتي المحدود على قطاع غزة وأريحا بوصفها خطوة أولى .
    إن من يتأمل الوضع الفلسطيني يرى بوضوح وضع الاقتصاد المدمر والوضع الصحي السيئ، والأمن المنعدم، ووضع التعليم المتدهور وكأنه هو المستهدف الأول من جراء أعمال العنف التي تشهدها المنطقة، فها هي وسائل الإعلام الأمريكية مدفوعة من قبل المنظمات الموالية لإسرائيل في تحيزها ضد مناهج التعليم في الأراضي الفلسطينية متهمة إياها بترويج العنف والعداء للسامية. ويجب التذكير بأن الحملة ضد مناهج التعليم في الأراضي الفلسطينية المحتلة هي حملة قديمة تمتد جذورها إلى ما قبل تلك الأحداث وسوف تستمر بعدها بكثير.
    وقد مر التعليم بعدة مراحل إلى أن وصل إلى وضعه الحالي.

    التعليم الفلسطيني قبل 1990م
    عرفت فلسطين التعليم النظامي مبكرًا، وقد سبقت العديد من البلدان العربية، حيث انتشرت المدارس في كافة المدن وأغلب القرى منذ أواخر العهد العثماني، كما اشتهرت مدارس عديدة في المدن الكبرى كالقدس، وعكا، ويافا، وغزة.
    وخضع التعليم بعد الحرب العالمية الأولى لسياسة الانتداب البريطاني وعانى الإهمال والتقصير في هذه الفترة، كما تأثر التعليم بالحرب العربية الإسرائيلية عام 1948م التي نتج منها قيام الكيان الإسرائيلي على غالبية الأراضي الفلسطينية وتشريد الفلسطينيين من ديارهم، وقد هجّرت أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى دول عربية وأخرى أجنبية، وقد تأثر التعليم كثيرًا بسبب هذه الكارثة.
    وقد انقسمت الجهات المسؤولة عن التعليم إلى أقسام عدة وتأثرت بالأوضاع السياسية وبنتائج المؤتمرات الدولية. وتوزعت مدارس فلسطين داخل فلسطين المحتلة وفي الضفة الغربية وقطاع غزة وفي الدول التي هاجروا إليها.
    وفي عام 1967م احتلت إسرائيل الضفة الغربية وغزة، وهو ما زاد الأمر سوءًا وتعقيدًا، ومع كل الكوارث التي حلت بالشعب الفلسطيني فإن مستوى التعليم كان ينتشر انتشارًا عجيبًا، ويتميز تميزًا باهرًا ويتسم بالاختصاص سواء من ناحية المتعلمين أو وجود المتخصصين من المعلمين.

    التعليم الفلسطيني ما بين 1990 - 1994م
    نظرًا لسيطرة الكيان الإسرائيلي على الوضع في فلسطين، وزعمها تبني أهداف التعليم للجميع كما جاء في وثائق مؤتمر جومتين فإن مستوى التعليم كان متدهورًا، ولم يلب إلا الحد الأدنى من الحاجات التعليمية للفلسطينيين في الضفة الغربية وفي قطاع غزة وفي القدس، ويمكن القول إن التعليم في تلك الفترة مني بانتكاسة تعليمية وتربوية شديدة كان لزامًا على وزارة التربية والتعليم الفلسطينية بعد إنشائها 1994م تدارك آثارها.
    وقد كانت هناك بعض الأهداف والاستراتيجيات التي حددتها الإدارات التعليمية المسؤولة عن تنظيم العمليات التعليمية في فلسطين وهي تتمثل في الإدارات الآتية:

    استراتيجيات منظمة التحرير الفلسطينية:
    نشطت إدارة التربية والتعليم في المنظمة في دعم التعليم الفلسطيني في فلسطين وفي الشتات. ومع الحظر الإسرائيلي على نشاطها في فلسطين إلا أنها قامت بنشاطين مهمين، الأول: توفير التمويل لمدارس القطاع الأهلي بشكل مباشر، وعبر اللجنة الأردنية الفلسطينية المشتركة لدعم صمود الأرض المحتلة بشكل غير مباشر، كما وفرت المنح الدراسية للعديد من طلبة الدراسات العليا خارج فلسطين وكذلك أدارت جزءًا من التعليم العالي في فلسطين عبر جامعة القدس المفتوحة. أما النشاط الثاني فقد تمثل في كشف ممارسات سلطة الاحتلال إعلاميًا، وتعبئة الجهود الدولية لدعم التعليم في فلسطين.

    استراتيجيات سلطة الاحتلال:
    كانت سياسة سلطة الاحتلال في إدارة العملية التعليمية بمثابة استلاب تربوي وتعليمي، تهدف إلى نزع القومية والديانة، وزرع الاتكالية، وإضعاف المبادرة الفردية والجماعية، وقتل الإبداع، والتشكيك في وجود الهوية الفلسطينية، وتجريد الفلسطينين من لغتهم العريقة وتاريخهم التليد، ولتحقيق ذلك عبثت سلطة الاحتلال بالمناهج التعليمية، وأعادت برامج صياغة التعليم والتدريب المنهجي لتتجاوب مع حاجة السوق الإسرائيلية، ولا يتوافق بالضرورة مع الحاجة المجتمعية الفلسطينية، فضلاً عن أنها أهملت قطاعات الطفولة المبكرة ومحو الأمية، وتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة.
    كما أنها لم توفر متطلبات العملية التعليمية كالمختبرات والمكتبات، ولا نبالغ إذا قلنا إنها أضعفت ما كان موجودًا من قبل.

    استراتيجيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين:
    اعتمدت الوكالة المنهاج الأردني في مدارسها في الضفة الغربية، والمنهاج المصري في قطاع غزة. أما مدينة القدس فإنها تحت إدارة الاحتلال، وقد بلغ عدد الشعب الصفية في العام الدراسي 1975 - 1976م في مدارس الوكالة 2500 شعبة في 220 مدرسة ضمت 13.360 طالبًا في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكانت تهدف إلى الزيادة وتم فيما بعد.

    استراتيجيات القطاع الأهلي:
    تميز التعليم في القطاع الأهلي عن غيره فقد تأثر بتقديم تعليم وتربية متأثرة بفلسفة الجهات التي كانت تدير مدارسه. وقد أبدى القطاع الأهلي في فلسطين خلال المرحلة الأولى حيوية عالية فقد عمل على زيادة القدرة الاستيعابية الصفية، وسد جزء من العجز المتحقق في المدارس الرسمية، وأسهم في وقف التدهور في نوعية التعليم.
    وقد بلغ عدد الشعب الصفية 506 شعب في 68 مدرسة ضمت 12.775 طالبًا في العام الدراسي 1975 -1976م، وارتفع فيما بعد.
    وقد أنشأ القطاع الأهلي أول جامعة فلسطينية في بير زيت عام 1973م، وتم بعدها إنشاء 10 جامعات ومعاهد عالية، كما تم إنشاء اللجنة العليا لمحو الأمية، وكذلك مجلس التعليم العالي.

    التعليم الفلسطيني ما بين 1994 - 1999م
    تعتبر هذه الفترة بمثابة ميلاد للعملية التعليمية في فلسطين، إذ إنها شهدت تغييرًا جوهريًا ملموسًا فقد رفعت سلطة الاحتلال يديها عن العملية التعليمية ما عدا القدس، وتم إنشاء وزارة التربية والتعليم التي تكفلت بإدارة العملية التعليمية وتنظيم شؤونها.

    الوزارة وعملية صناعة القرار:
    يقف وزير التربية والتعليم على رأس عملية صناعة القرار بما في ذلك إقرار المناهج، وتنفيذ الخطط التي يتم رسمها وذلك بعد توقيعها من قبل رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية بعد أن تقر من المجلس التشريعي، ويساعد الوزير في مهمة صناعة القرار لجنة مشكلة من وكيلها، والوكيلين المساعدين، الوكيل المساعد لشؤون التربية والتعليم في الضفة الغربية، والوكيل المساعد لشؤون التربية والتعليم في قطاع غزة، والمديرين العاملين في الوزارة. وتقوم بالدراسات والتنفيذ والمتابعة، والمراقبة التربوية (15) إدارة عامة يديرها مديرون عموم منهم أربع نساء.

    أهداف العملية التعليمية في تلك الفترة:
    لم تكن هذه الفترة التي انتقلت فيها إدارة العملية التعليمية من سلطة الاحتلال إلى وزارة التربية والتعليم الفلسطينية الوليدة سهلة لسببين: الأول: الفترة الزمنية القصيرة التي تمت فيها عملية التسليم والتسلم. والثاني: المشكلات الكبيرة التي ورثتها الوزارة من سلطة الاحتلال.
    وعلى أية حال فإن الوزارة حرصت على تنمية رؤى مستقبلية واضحة للتعليم الفلسطيني تتجاوز الماضي، وتعمل على إعادة بناء ما أحدثته سلطة الاحتلال من تخلف في العملية التعليمية، والتطلع إلى مستقبل يعيد ارتباط الأجيال الجديدة بتاريخها وينير طريقها إلى المستقبل، وانطلاقًا من ذلك تهتم الوزارة بتحسين نوعية التعليم، وذلك بإتمام صوغ المنهاج الفلسطيني الأول وتطبيقه وتحسين البيئة التعليمية.
    هذا بالإضافة إلى تدريب المعلمين، وإدخال التقنيات الحديثة، وإشراك المجتمع في العملية التعليمية، كما تهدف إلى تلبية الطلب المتصاعد على المقاعد الدراسية وذلك نظرًا لتزايد أعداد السكان وعودة بعض المهجرين الفلسطينيين. وتطمح الوزارة من وراء ذلك إلى تحقيق أمرين مهمين:
    الأول: تهيئة الجيل الجديد لتنمية قدراته وتفجير طاقاته الداخلية ليكون قادرًا على التطلع إلى المستقبل بروح متفائلة وواثقة.
    الثاني: مساعدة الأجيال الفلسطينية على فهم أنفسهم، ومعرفة أفضل الخيارات المفتوحة أمام مجتمهم، مع إكسابهم الفرصة على التفاعل مع الثقافات الأخرى بروح ناقدة.

    الاستراتيجية والتخطيط:
    اتبعت الوزارة في البداية خططًا قصيرة الأجل، ثم اتبعت بعد ذلك الخطط الخمسية. كما أن الوزارة عكفت على وضع منهج فلسطيني يأخذ في حسبانه تطوير وتوحيد النواحي الإيجابية في المنهج الأردني والمنهج المصري المعمول بهما في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد تمت الموافقة على وثيقة المنهج في المجلس التشريعي الفلسطيني بتاريخ 31/3/1998م، واستكملت صياغته وعمل به ابتداء من العام الدراسي 2000 - 2001م في الصفين الأول والسادس، وفي العام الدراسي 2001 - 2002م في الصفين الثاني والسابع، وهكذا حتى تم تطبيقه كاملاً في العام الدراسي 2004 - 2005م، وقد قامت الوزارة خلال الخطة الخمسية بمراجعة دورية للخطة والمنهج، وذلك بهدف تحديثهما وتطويرهما وتكييفهما على ضوء تجربة المجتمع الفلسطيني وعلى ضوء المستجدات العلمية والاقتصادية والاجتماعية في المحيطين المجاور والعالمي.

    ٭ نظام التعليم:
    يتكون التعليم في وزارة التربية والتعليم من مرحلتين هما:
    المرحلة الأولى: مرحلة التعليم ما قبل المدرسي: وهذا التعليم لم يأخذ مكانته داخل السلم التعليمي الرسمي فيما قبل 1994، ولم يعتبر أساسًا لتنمية الطفل وتطوره، ولا يعتبر ركيزة للتعليم الأساسي آنذاك، ولم يتناسب عدد رياض الأطفال خلال تلك المرحلة مع النمو السكاني والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، ونتيجة لذلك تحققت فجوة بين ما هو متوفر من رياض الأطفال والحاجة المجتمعية إليها، وكذلك كان توزيع رياض الأطفال من الناحية الجغرافية غير متوازن فقد تركزت معظم رياض الأطفال في مدن الضفة الغربية وافتقرت إليها المناطق الريفية والمخيمات، أما قطاع غزة فكان محرومًا منها جزئيًا.
    أما المنهج التعليمي في تلك المرحلة فلم يكن موحدًا، ولم تكن أدواته متجانسة واتسمت العلاقة بين رياض الأطفال والعائلة في كثير من الأحيان بالفوقية.
    كما أن هذه المرحلة تفتقر إلى الأنشطة التربوية التي تسهم في تطوير شخصية الطفل وحثه على التواصل، وعلى تمكينه من إدراك اللغة، ومازال تعليم الطفل في هذه المرحلة يتم بالتلقين، وكذلك تفتقر هذه المرحلة إلى الوسائل التربوية والترفيهية والبرامج المنهجية، وآليات استخدام التقنية الحديثة. ولذلك من غير المتوقع أن يتم تحسن سريع في التعليم قبل المدرسي لعدة أسباب منها:
    - عدم تكريس الوقت والخبرة والمصادر الكافية لتطوير سياسة وبنية وخطط عمل داخل المؤسسات المعنية في الوقت الحالي.
    - استهلاك معظم الوقت والخبرة المتوفرة والمصادر المتاحة في معالجة المشكلات اليومية.
    - القيود التي يفرضها المانحون على الإنفاق على تطوير وتنمية القدرات الخاصة بالتعليم قبل المدرسي وحل مشكلاته وشح المصادر المالية الأخرى.
    - ضعف التنسيق والتعاون والتكامل بين الوزارات والمؤسسات المعنية المختلفة.
    - ضعف مشاركة الوالدين.
    - ضعف الوعي المجتمعي بضرورة المساهمة في تكاليف الخدمات المقدمة.
    أما الوزارة فهي تحاول جاهدة في معالجة تلك المشكلات، وذلك من خلال الإشراف غير المباشر والمراقبة على رياض الأطفال العاملة، وعلى الكادر البشري الذي يعمل فيها، ونوعية المناهج والبرامج والمعاني والمرافق، وإصدار التراخيص اللازمة لها وفق مواصفات محددة.
    المرحلة الثانية: مرحلة التعليم المدرسي
    ومدة التعليم المدرسي اثنتا عشرة سنة دراسية تبدأ من الصف الأول الأساسي وتنتهي بالصف الثاني عشر. وتتكون فترة التعليم المدرسي من فترتين.
    الأولى: فترة التعليم الإلزامي أو التعليم الأساسي وتشمل الصفوف من الأول إلى العاشر، وتقسم إلى قسمين: المرحلة الأساسية الدنيا، وتشمل الصفوف الأساسية من الأول إلى الرابع، ويلتحق بها الطلاب من سن خمس سنوات وثمانية أشهر إلى عشر سنوات.
    والفترة الأساسية العليا وتشمل الصفوف من الخامس إلى العاشر، وتتراوح أعمار الطلاب ما بين عشر إلى ست عشرة سنة.
    وتتحمل وزارة التربية والتعليم مسؤولية إدارة وتمويل المدارس الحكومية وتراقب وتشرف على المدارس التي يديرها القطاع الأهلي، وكذلك على مدارس الوكالة، وتتابع الأداء التعليمي والتربوي فيها. وكذلك تدير الوزارة مجموعة من البرامج التعليمية والتربوية مثل برنامج التعليم الجامع وبرنامج التعليم الموازي وبرنامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها. كما اعتمدت الوزارة برنامج التعليم السائد أيضًا وهو برنامج وقائي يهدف إلى الحد من ظاهرة تأخر التحصيل الدراسي، وخصوصًا بين طلاب المرحلة الدنيا الناتج من عوامل بيئية أو عوامل ذاتية.
    الثانية: فترة التعليم الثانوي:
    يغطي التعليم الثانوي الصفين الحادي عشر والثاني عشر وينقسم إلى مسارين: التعليم الأكاديمي والتعليم المهني، ويجتاز طلاب التعليم الأكاديمي في الصف الحادي عشر المباحث العلمية أو الأدبية وفقًا لقدرة وخيار كل واحد منهم. يكمل الناجح منهم دراسته حسب اختياره العلمي أو الأدبي في الصف الثاني عشر. ومن ناحية ثانية يشتمل التعليم المهني على عدد من التخصصات (التعليم التجاري، والزراعي، والصناعي، والتمريضي، والشرعي، والفندقي). ويعطى الطالب الذي ينهي الدراسة في الصف الثاني الثانوي (الثاني عشر) شهادة المدرسة التي تشهد بإنهائه اثنتي عشرة سنة دراسية وإكماله المرحلة الدراسية ضمن التعليم العام، ويتقدم الطلاب لامتحان شهادة الثانوية العامة. وتتراوح أعمار الملتحقين في هذين المسارين من التعليم الثانوي من 16 إلى 17 سنة.
    ٭ المدارس في فلسطين:
    لم تبن معظم المدارس الفلسطينية على أسس تربوية سليمة، وخصوصًا بعد 1967، وذلك من حيث المواصفات المتعلقة بمساحات الغرف الصفية وغير الصفية، والبنية التحتية المتعلقة بالخدمات والمرافق العامة والملاعب والساحات والمرافق المتعلقة بالأنشطة غير الصفية وكذلك من حيث موقع البناء المدرسي.
    وقد بدأت الوزارة بوضع مواصفات تربوية للبناء المدرسي وفق المواصفات المتبعة في مدارس الدول المجاورة وذلك سنة 1994م ولكنها واجهت قيودًا وعوائق تحد من تعميمها، ومن هذه القيود المساحة والموقع، ومع ذلك تفرض الوزارة المواصفات المذكورة على الأبنية المدرسية التي تقوم حاليًا بإنشائها وتتمكن من التحكم في الموقع الأنسب ومساحة الأرض بصعوبة في المدينة بشكل خاص، وذلك بسبب ما تعانيه المدن الفلسطينية من اكتظاظ ناتج من الهجرة من الريف إلى المدينة، ومن قيود وقوانين التنظيم المفروضة من قبل السلطة المحتلة التي تحد من توسع المدينة وبسبب تطويق المدن الفلسطينية بالمستوطنات الإسرائيلية، وارتفاع سعر الأراضي، وتعاني القرى الفلسطينية المشكلات نفسها، ولنفس الأسباب تقريبًا.
    ومن الممكن أن يقال إن تحديد مواقع المدارس الحكومية في القرى لم يكن يخدم التجمعات السكانية الكثيفة بقدر ما كان يخضع لعنصر توفر الأرض، ولذلك نشأ سوء توزيع المدارس في تلك الأماكن، ومن ثم فإن معاناة الطلاب، والطالبات خاصة، كانت شديدة، وذلك بسبب بعد المدارس، وقلة المواصلات بين المدارس وبيوت الطالبات. هذا بالإضافة إلى أن المكان الذي تؤسس فيه المدرسة لم يكن في منطقة نقية ذات جو صحي بل كان غالبًا في مناطق صناعية أو قرب مواقف السيارات، والأسواق. كما أن العقبة الكؤود التي كانت تعترض الطلاب في أثناء ذهابهم إلى مدارسهم هي قرب بعض المدارس من المستوطنات الإسرائيلية، وهو ما يعرض الطلاب والطالبات لانتهاكات نفسية وجسمية في معظم الأوقات، فضلاً عن عرقلة الذهاب والإياب في أثناء التفتيش والإجراءات الأمنية المكثفة.
    أما من حيث المرافق الحيوية كالغرف المخصصة للمكتبة والمختبرات وللتدبير المنزلي، ولمختبرات الحاسوب، ولغرف الإدارة والمعلمين وللمقاصف وغيرها فإنها غير متوافرة، وتكاد تكون منعدمة في بعض الأماكن، والمرافق الحيوية في بعض الأماكن حالتها سيئة، ولا تفي بالغرض. وإذا كانت بعض المدارس الحكومية تتوافر فيها بعض أنواع التقنية التعليمية فإنها لم تخل من كثير من المشكلات التي تعيق استخدامها في تفعيل العملية التعليمية، وقد تكون هذه المشكلات تربوية أو اجتماعية أو اقتصادية، وتتمثل المشكلات التربوية في عدم توفر البرامج التربوية في إطار تقنيات التعليم الحديثة بشكل متكافئ لجميع المؤسسات التعليمية، وكذلك تردد بعض المعلمين في إحداث التغيير المطلوب. وتتمثل المشكلات الاجتماعية في بطء المجتمع في المساعدة على التغيير الاجتماعي. أما المشكلات الاقتصادية فتتمثل في كلفة تقنيات التعليم الحديثة العالية. وأهم مشكلة هي الاستخدام الأمثل للتقنيات المتوفرة في بعض المدارس من قبل المعلمين عند تنفيذ مهماتهم التعليمية. وقد عبر المؤتمر الصحفي حول المبادرة الوطنية لتعزيز استخدام الحاسب في المجتمع الفلسطيني بتاريخ 20 أيلول (سبتمبر) 1999م عن مدى التخلف وشيوع الأمية في استخدام الحاسب الآلي بين الفلسطينيين، وقد دعا رئيس الجهاز المركزي للإحصاء من خلاله إلى تعزيز انتشار الكمبيوتر في الريف، وإلى إلزام جميع رياض الأطفال باستخدامه كأداة ترفيه وتعليم.

    ٭ الطلاب في التعليم الفلسطيني:
    حقق التحاق الطلبة في المدارس قفزة نوعية مع بداية 1994م ويبرز هذا التطور الارتفاع المطرد في معدلات التحاق الطلاب في سن التعليم الأساسي منذ تم توفير التعليم للأفواج الجديدة من الطلاب (الزيادة الطبيعية مضاف إليها عودة آلاف العائدين الفلسطنيين من الشتات مع قيام السلطة الوطنية الفلسطينية).
    ويستوعب القطاع الحكومي 79.4٪ من مجموع طلاب الضفة الغربية، و50.1٪ من مجموع طلاب قطاع غزة، وتستوعب الوكالة نسبة أكبر من طلاب قطاع غزة من النسبة التي تستوعبها في الضفة الغربية بسبب الكثافة العليا للاجئين في قطاع غزة منها في الضفة الغربية. فتستوعب مدارس الوكالة في الضفة 10.7٪، وفي قطاع غزة 48.6٪ من مجموع الطلاب ويستوعب القطاع الأهلي في الضفة الغربية 9.9٪، بينما لا تزيد حصته في قطاع غزة على 1.3٪ من مجموع الطلاب. أما عن اختيار الأهالي المدرسة لأبنائهم فإنها تعتمد على جودة المدرسة من حيث مستويات تأهيل المعلمين وتوفر مواد تعليمية ومرافق جيدة، وإن كانت هناك ظاهرة ملموسة خلاف الاعتبارات السابقة وهي أن نصف الطلاب اللاجئين يترددون على المدارس الحكومية، ونصفهم الآخر على الوكالة، أما الطلاب من غير اللاجئين فيترددون في الغالب على المدارس الحكومية. يذكر أن معدلات التحاق الإناث تفوق معدلات التحاق الذكور في جميع صفوف المرحلة الأساسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويزيد متوسط معدل التحاق الإناث على الذكور في كلتا المرحلتين في الضفة وغزة وفي المقابل يتفوق الذكور على الإناث فقط في الصف الثاني الثانوي.

    ٭ العاملون في الجهاز التربوي:
    بلغ مجموع العاملين في جهاز التربية والتعليم نحو 25.902 موظف وموظفة من أعلى مرتبة في السلم الوظيفي إلى أدناه، يمثل عدد المعلمين والإداريين والفنيين والمستخدمين في المدارس 24.382 موظفًا 94.1٪، من بينهم 19.263 معلمًا ومعلمة بنسبة (79٪). منهم 12٪ إداريون، و2٪ فنيون والباقي مستخدمون موزعون على مديريات التربية والتعليم. يبلغ عدد الموظفين العاملين في مدارس الضفة الغربية 17.949موظفًا وموظفة، تبلغ نسبتهم 73.6 ٪ والباقون يعملون في قطاع غزة، ونسبتهم 26.4٪. وتم توظيف نحو 6700 معلم بعد 1994م، وقد أدى ذلك إلى زيادة عدد المعلمين في المدارس الحكومية في الضفة الغربية بنسبة 49.5٪، وفي قطاع غزة بنسبة 64.6٪ وانصب اهتمام الوزارة على توظيف أصحاب المؤهلات الجامعية 80٪، وعلى توظيف الباقي من حملة الدبلوم المتوسط. كما أعطت فرصًا للحالات الخاصة كالحالات السياسية والاجتماعية وللأسر الفقيرة والمحتاجة والجرحى، وقد شجعت الوزارة من هم أقل تأهيلاً على الانتساب للجامعات والحصول على الدرجة الجامعية الأولى، وتمر الوزارة حاليًا بمرحلة انتقالية سوف تفضي إلى رفض تعيين من يحملون مؤهلات تقل عن البكالوريوس.
    ويتوزع المعلمون في المدارس الأساسية والمدارس الثانوية بين معلم صف وذلك من الصف الأول إلى الرابع، ومعلم مرحلة أساسية أو ثانوية أو المرحلتين الأساسية والثانوية معًا، ويدرس المدرسون في مدارس الذكور، ومدارس الإناث، والمدارس المختلطة دون تفريق.
    ٭ التوجيه والإرشاد التربوي:
    نظرًا لأهمية التوجيه والإرشاد التربوي قامت الوزارة بإنشاء قسم التوجيه والإرشاد التربوي 1996م وانتشر في جميع المديريات التربوية وعدد 16 مديرية. ولتأهيل المرشدين التربويين تم عقد العديد من الدورات على مستوى الوزارة، كذلك ساعدت الوزارة على توفير مكتبة متخصصة في الإرشاد التربوي في كل مديرية، كما أمدت أقسام الإرشاد بعدد من الأجهزة اللازمة من قرطاسية وتلفزيونات ومكنات تصوير، وغيرها. وقد تم تمويل البنية التحتية للإرشاد التربوي على حساب المشروع السويدي (). وصارت جميع الأقسام الإرشادية تمد الطلاب بإرشادها في أغلب المدارس وتوزع خدماتها على الإرشاد العلاجي والتربوي والمهني.

    ٭ المناهج الدراسية:
    وهي من أشد التعقيدات التي تواجه وزارة التربية والتعليم في فلسطين، ومع استلامها زمام مبادرة التعليم على مناطق الضفة وغزة إلا أنها مازالت تدرس بالمناهج الأردنية والمصرية أغلب الفصول، إذ إنها وضعت خطة متصلة لفلسفة تلك المناهج ركزت من خلالها على القضية الفلسطينية وتطوير تلك المناهج، وقد تعاونت الوزارة مع اليونسكو والدول المانحة في تطوير هذه المناهج، وقد صدر منذ عام 2000 - 2001م المنهج للصفين الأول والسادس، وما تبقى من الصفوف تدرس المناهج المصرية والأردنية منذ 1950م، ووضعت الوزارة خطة لتطبيق المناهج في الصفوف كافة حتى نهاية 2005م.
    وفيما يتعلق باللغة الإنجليزية فقد تم تعميم اللغة الإنجليزية في جميع المراحل الدراسية ابتداء من الصف الأول الابتدائي منذ العام الدراسي 2000 - 2001م. وذلك انطلاقًا من حرص الوزارة على مواكبة التطورات الحديثة.

    ٭ برنامج التعزيز الصحي المدرسي:
    بدأ المشروع 1995م من قبل وزارة الصحة، ووزارة التربية والتعليم، والتعاونية الإيطالية، ومن اليونسيف، وقد طبق على نحو 70٪ من المدارس في القطاع والضفة، واستهدف البرنامج طلاب المرحلة الابتدائية وقد اختير معلمان من كل مدرسة للمشاركة في التدريب الفعال للارتقاء بالوعي الصحي والبيئي والتغذية السليمة. وتم تأسيس لجنة صحية في كل مدرسة، والابتداء بالأنشطة الصحية المختلفة التي تعود بالنفع على الطلاب والمجتمع.

    مؤسسات التعليم والتدريب غير النظامي:
    - محو الأمية:
    تشرف وزارة التربية والتعليم على المراكز الأهلية العاملة في مجال تعليم الكبار في فلسطين وتزودها بالخطة المتبعة تدرجها في برنامج الزيارات الميدانية وتمدها بالكتب مجانًا، وتقدم لها التوجيهات الفنية اللازمة. ورغم الجهد المبذول من قبل الوزارة والمؤسسات الرسمية والأهلية فإن الأمية مازالت متفشية في فلسطين، هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية لا تساعد وسائل القياس المعتمدة على تحديدها بدقة. وفي السياق نفسه لا توجد بيانات دقيقة، وذلك لاعتمادها على تقدير الفرد لذاته، ولذلك مازال التقدير الحقيقي لواقع الأمية في فلسطين غير معروف ولم تجر دراسات شاملة عليه حتى الآن.
    - معالجة مشكلة المتسربين:
    تهتم وزارة الشؤون الاجتماعية بمعالجة مشكلة المتسربين وهي تدير 12 مركزًا في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتعمل هذه المراكز على محو أمية الملتحقين بها من المتسربين، وتحرص على إكسابهم مهارة في مهنة من المهن التي يتضمنها برنامج المركز، وتدرب وزارة الشؤون الاجتماعية المعلمين في هذه المراكز على أساليب التدريس وإدارة الصفوف، والتعامل مع المشكلات السلوكية للأحداث، ووسائل إثارة دافعية التعليم عندهم. وفي المقابل تدير وزارة التربية والتعليم برنامج التعليم الموازي الذي يعالج المشكلة نفسها والفارق بين البرنامجين هو في التركيز على سن الفئة المستهدفة، فبينما تركز وزارة الشؤون الاجتماعية على الفئة العمرية من 16:12 سنة تهتم وزارة التربية والتعليم بالطلبة المتسربين من المدارس 15:11 سنة والطلبة المتسربين من المرحلة الإعدادية 15 - 18 سنة.
    - ذوو الاحتياجات الخاصة:
    تدير وزارتا الشؤون الاجتماعية والتربية والتعليم برنامجين مختلفين لذوي الاحتياجات الخاصة. يقوم برنامج وزارة الشؤون الاجتماعية على مبدأ الفصل بين هذه الفئة والطلبة العاديين، فهي تدير مركزين للمكفوفين، ومركزًا واحدًا للمعاقين عقليًا، وأربعة مراكز تأهيل وتدريب المعاقين، وفي المقابل تتبنى وزارة التربية والتعليم مبدأ دمج بعض ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم النظامي.
    وأنشأت لذلك قسم التربية الخاصة الذي يعتني بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير البيئة المناسبة لهم وبدأ المشروع في العام الدارسي 1997 - 1998م بتمويل من بعض الجهات التربوية الأوروبية واليونسكو وتم عقد العديد من الدورات للمعلمين، ودعم المدارس بمبالغ إضافية لتطوير التعليم لذوي الاحتياجات الخاصة.
    - تأهيل وتدريب النساء الفقيرات:
    تعنى وزارة الشؤون الاجتماعية بتأهيل النساء الفقيرات ومساعدتهن على البدء بمشروعات صغيرة، وتطويرها، وقد قامت فعلاً بتأهيل وتدريب عدد كبير من النساء.
    - تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها:
    تدير وزارة التربية والتعليم برنامجًا لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من العائدين من الشتات، ويحظى هذا البرنامج بأهمية عالية عند الوزارة لأنه ييسر على العائدين الاندماج في المجتمع الفلسطيني.
    - التدريب المهني:
    مازال التعليم والتدريب المهني في فلسطين هامشيًا يستوعب في الغالب الطلاب الذين فشلوا في الدراسة الأكاديمية، ومازالت منظومته مشتتة الأهداف والأنواع والمؤسسات وجهات الإشراف.
    وتشرف على هذه المؤسسات وزارة التربية والتعليم، والعمل، والشؤون الاجتماعية، وكذلك الوكالة ومؤسسات تنموية غير حكومية.
    التعليم الجامعي في فلسطين
    في فلسطين الكثير من الجامعات بعضها حكومي وبعضها أهلي وبعضها تتبع لمؤسسات تبشيرية خارجية.
    وقد أنشئت وزارة التعليم العالي بعد قيام السلطة بسنتين أي في عام 1996. وتقوم بالإشراف على الجامعات هناك في الضفة الغربية وبالإشراف غير المباشر على جامعات القدس.
    ويتم تخريج الآلاف من الطلبة سنويًا في الجامعات والمعاهد المتعددة ومن الجامعات العريقة في فلسطين:
    ٭ جامعة بيرزيت التي تأسست عام 1924 كمدرسة صغيرة في بيرزيت ثم تطورت هذه المدرسة لتصبح إعدادية ثم ثانوية ومن ثم جامعة مشهورة تعد مركزًا للنضال الفلسطيني ومازالت.
    ٭ جامعة النجاح الوطنية في نابلس، هذه بدأت مسيرتها التعليمية من مدرسة ابتدائية عام 1918 ثم تطورت حتى وصلت عام 1914 إلى كلية النجاح وفي عام 1965 إلى جامعة النجاح.
    ٭ الجامعة الإسلامية في غزة وهي من أكبر الجامعات هناك وكانت تحت إشراف الجامعة الكويتية قبل قيام السلطة، وتدرس المواد الأدبية والشرعية وغيرها وتمتاز هذه الجامعة بكبرها وسيطرة حركة حماس عليها.
    ٭ الكلية الإبراهيمية في القدس: أنشئت عام 1971 كمدرسة ابتدائية ثم أصبحت ثانوية ثم كلية.
    ٭ جامعة القدس: في مدينة القدس المحتلة ويدرس فيها الطلاب الفلسطينيون المقيمون هناك.
    ٭ جامعة الأزهر في غزة التي تأسست عام 1991 وقد خرجت ما يقارب 47 ألف خريج في التخصصات الشرعية والقانونية .
    ومن الجامعات هناك أيضًا جامعة بيت لحم وكلية بيت لحم للكتاب المقدس وجامعة الخليل والجامعة العربية الأمريكية في جنين وغيرها، كما أن في فلسطين عشرات المعاهد التي تمنح دبلومًا مدة الدراسة فيها سنتان وتسمى كليات المجتمع.


  4. #4
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: جولة تربوية في أرجاء المعمورة - أنقلها من موقع المعرفة

    4- التجربة اليابانية.. نموذج الترقي بعد التردي

    بقلم : د حسن الباتع عبدالعاطي



    كتب السفير الأمريكي «إدوين أشاور» كتابًا تحت عنوان «اليابانيون»، طرح فيه سؤالًا جوهريًا، ما سر اليابان؟ وما سر نهوضها ؟ وأجاب: بأن سر نهوضها شيئان اثنان، هما: إرادة الانتقام من التاريخ، وبناء الإنسان، هذا هو الذي نهض باليابان إرادة الانتقام من تاريخ تحدى أمة هزمت وأهينت فردت على الهزيمة بهذا النهوض العظيم، وبناء الإنسان الذي كرسه نظام التعليم والثقافة.

    فالنقلة النوعية التي أحدثها الشعب الياباني في التاريخ الإنساني المعاصر تعد مثلًا أعلى لشعوب العالم، ولا غرو فهزيمة كبرى تلحق به في الحرب العالمية الثانية تثير في نفوس أبنائه الغيرة على بلادهم، وتلهب نيران الحماسة في صدور شبابه على مستقبلهم ومكانتهم بين دول العالم، ولذا فهم استمروا في المحاولات وظلوا وما زالوا يبحثون عن السبل التي تمكنهم من الرقي والتقدم، وما انفكوا حتى حولوا بلادهم إلى مكانتها المتقدمة بين شعوب الأرض قاطبة، فأصبح اسم اليابان مطبوعًا في أذهاننا ؛ لما يقدمه ذلك البلد من اختراعات وصناعات للعالم، ذلك البلد الذي لم تثنه الحروب عن التقدم والازدهار، وعكف على بناء نفسه، وأدرك قادته أن لا سيادة لهم إلا بالعلم واليد العاملة.



    بعد كارثة مفجعة تمثلت في هزيمة مؤلمة من قبل قوات الحلفاء عند نهاية الحرب العالمية الثانية فقد كثير من الناس والسياسيين الأمل في قدرة هذه الدولة على أن تقف على قدميها من جديد؛ لأنها تراجعت إلى دولة مهزومة من دول العالم الثالث، لم يكن من المتوقع لها أن تقف على قدميها، فكيف بقدرتها على أن تهيمن على الواجهة العالمية بعد عقدين من نهاية الحرب العالمية الثانية. تلك الهزيمة النكراء والخسائر البشرية الهائلة والدمار غير المحدود كانت أسبابًا حقيقية لتموت تلك الدولة بمن فيها، لكن العزيمة والإرادة كانتا تملآن نفوس اليابانيين..

    اليابان... في الجغرافيا

    لقد تضافرت مجموعة من الظروف التاريخية والجغرافية كي تدفع بالتجربة اليابانية إلى النجاح، حيث أعطت الجغرافيا لليابان خصائص فريدة، فخُمس مساحتها لا يصلح للاستغلال، وما تبقى من مساحة يضيق عن استيعاب البشر، كما يصعب أن يعطيهم الإنتاج الزراعي الكافي لحاجتهم، فلجؤوا إلى زراعة كل أرض فضاء في المدن المهدمة كي يحصلوا على لقمة العيش. لذلك فإن هذه الطبيعة أعطت اليابان القدرة على العمل الشاق قرنا بعد قرن وحقبة بعد أخرى، حتى أصبح لدى الياباني «أخلاقيات عمل» يصفها بعض الخبراء بأنها (أكثر أخلاقيات العمل عمقًا وأصالة في العالم كله)، كما أن هذه الجزر الممتدة بموقعها الجغرافي المعروف الذي يعرضها إلى أكثر الأعاصير والهزات الأرضية عنفًا، جعلت لسكانها سمة هي قدرتهم على التكيف السريع. كما أن الذات الجماعية لدى اليابانيين ملحوظة، والعمل كفريق سمة من سمات شخصيتهم الوطنية، وكذلك التنظيم الاجتماعي، وذلك كله ليس نتاج التاريخ الحديث، إنما يضرب في تاريخهم قدمًا، فقد انصهر المجتمع الياباني منذ القدم في بوتقة واحدة.

    واليابان تقع في شرق القارة الأسيوية، وتتكون من سلسلة من الجزر (حوالي أربعة آلاف جزيرة) تمتد بين الشمال والجنوب على شكل أرخبيل طوله 3000كم، أربع منها رئيسية (هونشو- شيكوكو- كيوشو- هوكايدو)، وجزر اليابان مقسمة إداريًا من قبل الحكومة إلى 43 ولاية وأربع بلديات، مساحتها الإجمالية 881,369 كيلو مترًا مربعًا، والمسافة بين اليابان وأرض القارة عند أقرب نقطة تبلغ حوالي 180 كلم, وهذا الوضع الجغرافي جعلها وحيدة نسبيا على الصعيد الجغرافي والثقافي، فأنتجت ثقافة خاصة بها بالغة التميز. ويبلغ إجمالي تعداد سكان اليابان حوالي 127 مليون نسمة، وهي بذلك تعتبر سابع دولة أكثر تعدادًا بالسكان، عاصمتها طوكيو. ويشكل اليابانيون حوالي 99,4٪ من السكان، والكوريون 0,5٪، وما تبقى وقدره 0,1٪ فهم من الجنسيات المختلفة. يعيش أكثر من 79٪ من السكان في المدن الكبرى، والباقي في القرى والأرياف. ويعمل 35٪ من السكان في الصناعة، بينما يعمل 27٪ منهم في الزراعة , وهناك ما يقرب من 700 ألف صياد يعملون في مهنة صيد الأسماك، أما باقي السكان فيعملون في التجارة والمهن الحرة، وكموظفين في الدوائر الحكومية للدولة والمؤسسات الخاصة., واللغة اليابانية هي اللغة الرسمية، والين هو العملة المستخدمة. وتغطي الجبال والغابات الكثيفة ثلثي الأراضي اليابانية، وتنحصر الصناعة والزراعة والمناطق السكنية ونحوها في السهول المحاذية للسواحل. لهذا فإن الكثافة السكانية في المدن الساحلية عالية جدا, مما تسبب في ارتفاع أسعار الأراضي.

    عوامل النهضة اليابانية بعد الحرب

    في كتابه المتميز «أسرار الإدارة اليابانية» حاول الدكتور حسين حمادي أن يجيب عن السؤال المهم: «ما الذي فعله إنسان اليابان لتخطي خسارة الحرب؟ وكيف وضع نفسه على الطريق لكي يجعل من اليابان واحدة من أكبر ثلاث قوى اقتصادية في عالمنا المعاصر؟» فيقول إن هذا الإنسان لم يغب عن باله أن أكثر من مئة مليون من الناس يجب أن يعيشوا في رقعة من الأرض لا تتجاوز مساحتها 380 ألف كيلو متر مربع تغطي الجبال البركانية نحو 85% منها، هذا مع غياب شبه كامل لأي نوع من الثروات والموارد الطبيعية. وقبل ذلك، ومنذ تولي الإمبراطور ميجي مقاليد الحكم بمساعدة رجال الساموراي عام 1867م، كان التصور أن حل المشكلة القومية لليابان هو التحديث، بأن تصبح اليابان دولة عصرية قوية تدخل في المجال الصناعي بكل قوة، ولا بد لها من فتح الأسواق الخارجية بالقوة، والحل يكمن في التوسع الأفقي على حساب الجيران، حيث القوة العسكرية هي المفتاح لتحقيق هذا التوسع. وهكذا انتصر الجيش الياباني في حربه مع الصين عام 1895م، ثم انتصر على روسيا عام 1905م، ثم على كوريا عام 1910م، ثم دخلت اليابان الحرب العالمية الأولى، ثم الثانية لتستولي على الهند الصينية والفلبين والملايو وسنغافورة وبورما وتايلاند. ولكن هذا كله لم يوصل إلا إلى الاستسلام غير المشروط عام 1945م، والذي كان البديل الطبيعي له الانتحار القومي لليابان بأسرها. من هنا انتهى إنسان اليابان، كما يقول الدكتور حمادي في كتابه الشيق، إلى البحث عن طريق آخر وقرار جديد، وكان أساس هذا القرار الجديد أن الحل يقع داخل حدود اليابان، وأنه مرتبط بالإنسان الياباني وبالعقل الياباني. ومن هنا جاء دور النظام التعليمي في اليابان لكي يأخذ القرار القومي ويصبه بكل قوة في عقل إنسان اليابان الجديد، ومن ثم انتهى إنسان اليابان بعد الحرب العالمية الثانية إلى أن القرار القومي يكون بالتوسع الرأسي من خلال إنسان اليابان وعقله، وليس بالتوسع الأفقي باستخدام السلاح الياباني. ويمكن تلخيص عوامل النهضة في اليابان من خلال استعراض النقاط التالية:

    الإدارة اليابانية: من أبرز عوامل النهضة اليابانية بعد انهيار الاقتصاد الياباني عقب هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية ما عُرف «بالإدارة اليابانية»، بمعنى تطبيق مبادئ إدارية حديثة من بينها إدارة الجودة الكاملة، والعمل ضمن فريق عمل «روح الفريق»، وإتقان العمل الإداري وتحويله إلى قيمة اجتماعية مرتبطة بالثقافة اليابانية، والابتكار والتطوير، إلى غير ذلك من المبادئ والمفاهيم الإدارية الفعالة.وإذا ما علمنا أن اليابان لا تمتلك أي موارد طبيعية، وتقع في موقع جغرافي ناءٍ، أدركنا أن العنصر البشري هو عماد وركيزة التنمية والنهضة اليابانية، والذي ركزت عليه برامج التنمية الاقتصادية اليابانية. ولا غرو أن العنصر البشري أهم ركائز التنمية والنهضة في أي مجتمع، لذا يأتي الاستثمار في العنصر البشري من أوليات خطط التنمية والنهضة في كل المجتمعات. ومرد ذلك يعود إلى عدة عوامل من بينها: التنشئة والتربية الاجتماعية، ومناهج التعليم، وأنظمة وبيئة العمل، وغير ذلك.إن العمل ضمن فريق عمل محدد له تنظيم إداري، كفيل بأن يتيح لفريق العمل إنجاز المهام المنوطة به، ولعل من أبرز ملامح ذلك ما يلي: تحديد مهمة الفريق بشكل واضح، وحجم فريق العمل، وتعيين رئيس لفريق العمل مع تحديد واجبات وصلاحيات كل عضو في الفريق، وتحديد الوقت اللازم لإنجاز المهمة، ويتوجب أن يكون تشكيل فريق العمل متماشيًا مع أهداف ومهام الفريق.

    الشخصية اليابانية: فالشخصية اليابانية منضبطة،‏ تقدس الوقت،‏ وتحترم النظام‏،‏ وتبدع من ضمن الفريق الواحد‏،‏ وتلتزم وبشدة بآداب التعامل‏،‏ وأخلاقيات المتاجرة رفيعة وموصوفة بالصدق والأمانة‏.‏ وهناك إحساس عام بالأمن والأمان في اليابان لتوافر الوظيفة المنتجة والتأمين لمعظم الخدمات الاجتماعية‏.‏ وهذه الأخلاقيات نابعة من الاهتمام بالبرامج التعليمية المتعلقة بالأخلاقيات والسلوك للمواطن‏، ومنذ الصغر في البيت والمجتمع والمدرسة‏.‏ كما أن محاسبة القانون صارمة للمخالفين،‏ والإحساس بالعيب المجتمعي الذي يخلق بالمواطن الياباني منذ صغره قاسية‏.‏ ولا يرحم القانون الياباني الغني أو الفقير‏،‏ الوزير أو الغفير‏،‏ فحينما تكتشف المخالفات‏،‏ تدرس أسباب حدوثها،‏ ويحاسب مرتكبوها‏,‏ وتمنع تكررها‏.‏ بالإضافة إلى أن القيم المجتمعية اليابانية تفرض على الشخص الاعتذار‏.‏ لذلك يعتذرون ويعترفون بأخطائهم في معظم الأحيان‏.‏ ولقد حاولت الثقافة الأمريكية تعزيز الشخصية الفردية والقيم الفردية في الإنسان الياباني من خلال الدستور وقانون التعليم‏،‏ والذي يخالف تماما القيم اليابانية الأخلاقية والدينية في التأكيد على أهمية المجتمع والطبيعة والتناغم الجميل بينهما‏.‏وفي عام‏1989‏ نجح اليابانيون في مراجعة البرامج التعليمية وتطهيرها من القيم الفردية المستوردة‏،‏ وأضيفت برامج السلوك والأخلاقيات بصيغة متكاملة على أن تراجع كليا كل عشر سنوات‏.‏ وقد أدخلت مادة السلوك والأخلاقيات بتناغم في جميع المواد المدرسية ونشاطاتها بالإضافة لبرنامج متخصص في الأخلاقيات يقدم ساعة كل أسبوع على مدار السنة وفي جميع السنوات الدراسية‏.

    المعلم الياباني: يعكس دور المعلم في اليابان في مختلف المراحل اهتمام اليابانيين بالتعليم وحماسهم له، ومدى تقديرهم له، فالمعلمون يحظون باحترام وتقدير ومكانة اجتماعية مرموقة، ويتضح ذلك من خلال النظرة الاجتماعية المرموقة لهم، وكذلك المرتبات المغرية التي توفر لهم حياة مستقرة كريمة، ويتساوى في ذلك المعلمون والمعلمات. ويتضح كذلك من خلال التهافت على شغل هذه الوظيفة المرموقة في المجتمع. فمعظم هؤلاء المعلمين هم من خريجي الجامعات، ولكنهم لا يحصلون على هذه الوظيفة إلا بعد اجتياز اختبارات قبول شاقة، تحريرية وشفوية. وبالطبع نسبة التنافس على هذه الوظيفة شديدة أيضًا، وهم بشكل عام يعكسون أيضًا نظرة المجتمع إليهم، ويعكسون أيضًا صورة الالتزام وروح الجماعة والتفاني في العمل عند اليابانيين. فهم إلى جانب عملهم في المدرسة وقيامهم بتدريبات ودراسات لرفع مستوياتهم العلمية، فهم يهتمون بدقائق الأمور الخاصة بتلاميذهم، كما يقوم المعلمون بزيارات دورية إلى منازل التلاميذ أو الطلاب للاطمئنان على المناخ العام لاستذكار التلاميذ من ناحية، ومن ناحية أخرى يؤكدون التواصل مع الأسرة وأهمية دورها المتكامل مع المدرسة.

    التعليم الياباني بين المركزية واللامركزية

    يمزج نظام التعليم الياباني بين النظام المركزي كأساس ونظام اللامركزية في التعليم، وتتميز اليابان بشكل عام بأن نظام تعليمها يغلب عليه طابع المركزية. ومن إيجابيات هذا المبدأ في التعليم توفير المساواة في التعليم ونوعيته لمختلف فئات الشعب على مستوى الدولة، وبذلك يتم تزويد كل طفل بأساس معرفي واحد، حيث تُقرر وزارة التعليم اليابانية الإطار العام للمقررات الدراسية في المواد كافة، بل ويُفصَّل محتوى ومنهج كل مادة وعدد ساعات تدريسها، وبذلك يتم ضمان تدريس منهج واحد لكل فرد في الشعب في أي مدرسة وفي الوقت المحدد له. والوزارة مسئولة عن التخطيط لتطوير العملية التعليمية على مستوى اليابان، كما تقوم بإدارة العديد من المؤسسات التربوية بما فيها الجامعات والكليات المتوسطة والفنية. ولكن لا يعني ذلك أن مركزية التعليم مطلقة في اليابان، فهناك قسط أيضًا من اللامركزية حيث يوجد في كل مقاطعة من مقاطعات اليابان مجلس تعليم خاص بها، ويعتبر السلطة المسئولة عن التعليم وإدارته وتنفيذه في هذه المقاطعة.

    بدايات التعليم في النموذج الياباني

    مع أن هذا البلد هو الوحيد الذي قصف بالسلاح النووي، واستسلم بدون قيد أو شرط، وسرح جيشه البالغ خمسة ملايين جندي، ونفض يده من كل الآلة العسكرية المخيفة التي بناها بيديه وعرق جبينه، ولكنه لم يحرر بلده بحرب تحرير فيتنامية أو جهاد أفغاني بل بطريقة امتاز بها هذا الشعب. وذلك لا يعود إلى سبتمبر عام 1945م، عندما وقع على وثيقة الاستسلام على ظهر البارجة الأمريكية ميسوري، بل يعود إلى زمن أبعد، عام 1868م عندما أصدر (العهد الميجي) في عهد الإمبراطور (موتسو هيتو) الذي بدأ حكمه في 3/11/1852م وكان شابا ذكيًا متفتحًا وسمي عهده (الميجي) أي الحكم المستنير. وبواسطة هذا العهد تم إرساء قواعد نهضة اليابان الحديثة. وأهم فقرة في هذا العهد هي الخامسة التي تنص على التعليم: (سوف يجري العمل على جمع المعارف من شتى أنحاء العالم أجمع، وعلى هذا النحو سوف ترسخ الإمبراطورية على أسس متينة).

    فلا تكاد تنظر إلى أي جهة من جهات النهضة اليابانية دون أن ترى موضوع التعليم يقابلك بوضوح، وبدأت إصلاحات النظام التعليمي الحديث في اليابان في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، ثم انتعشت في بداية القرن العشرين. وعندما دخلت اليابان الحرب العالمية الثانية كانت لديها قاعدة صناعية وتعليمية، وبعد الحرب تحول التعليم الياباني إلى تعليم يعتمد التدريب على التفكير أكثر مما يعتمد على النقل والحفظ. ومع مرور الزمن استقرت هذه المفاهيم في نظام تعليمي مركب، أصبح يشد خبراء التعليم في العالم.. وأصبحت مناهج التربية والتعليم اليابانية اليوم من المناهج العالمية التي تنظر إليها وتحاول تقليدها الأمم الأخرى.

    وفي هذا الصدد يعقد «إدوين أشاور» مقارنات غريبة جدًا في كتابه «اليابانيون»، استنتج خلالها أن الطفل الياباني يحصل على نتائج عالية في الاختبارات الدولية التي تقيس القدرات في الرياضيات والعلوم أكثر من الطفل الأمريكي والبريطاني والفرنسي وغيرهم من الجنسيات الأخرى. أما طالب المرحلة الثانوية البالغ من العمر 14 عامًا فيكون قد تعرض لتعليم ومعرفة لم يتعرض له طالب أمريكي إلا إذا بلغ من العمر 17 أو 18 عامًا، لماذا ؟ لسلامة نظام التعليم الياباني، ويقول: إن سر نهوض اليابان هو المورد البشري وتنمية هذا المورد العظيم، مما جعل اليابان تتقدم على الصعيد العالمي في نسبة العلماء والمهندسين (60.000 لكل مليون نسمة)، وينخرط نحو (800.000) ياباني في مراكز الأبحاث والتطوير، وهذا العدد تجاوز ما لدى بريطانيا وألمانيا وفرنسا مجتمعة معًا.

    نظام التعليم في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية

    استسلمت اليابان وقبلت باتفاقية بوتسدام في سبتمبر (1945), ونفذت بنود الاتفاقية، وكان أولها إبعاد جميع العناصر التي كانت في السلطة أثناء الحرب, أدخلت سلطات الاحتلال الأمريكي تغييرات في النظام التربوي الياباني, منها، تسريح المعلمين الذين كانوا دعاة للتعصب والمتعاونين مع السلطات أثناء الحرب. وقد صدرت لائحة إدارة نظام التعليم في تشرين الثاني (1945). ثم أجرت البعثة التعليمية الأمريكية الأولى بعض التغييرات في نظام التعليم الياباني في آذار (1946)، حيث دعت إلى تغيير نمط الإدارة التربوية والتعليمية المركزية إلى إدارة لا مركزية، وتوسيع سلطة الإدارات المحلية في الإشراف، وإنشاء لجان تعليمية تنتخب بطريقة علنية، وكذلك دعت إلى إصلاح اللغة اليابانية واستبدال القنوات المتعددة والمنفصلة في التعليم الثانوي والعالي، وإصلاح نظام تدريب المدرسين وإجراء تغييرات أساسية في التعليم العالي من أجل توفير فرص متزايدة ومتساوية في القبول في الجامعات ومعاهد التعليم العالي.وغيرت مناهج التاريخ والجغرافية بما ينسجم وأغراض قوات الاحتلال, ودعت إلى اهتمام خاص بالتعليم المهني بجميع مستوياته.

    وصدر في آذار (1947) قانونان, الأول قانون التربية المدرسية الذي تضمن مبادئ عامة لنظام التربية والتعليم ومبادئ تفصيلية تخص كل مرحلة ونوع تعليمي بما فيها إنشاء وإلغاء أقسام معينة في الجامعات, ووضع شروط تشغيل مديري المدارس والمعلمين منها؛ أن يمتلك شهادة إكمال الدراسة في مؤسسات إعداد المعلمين, وألا يكون من ذوي الشخصيات الاجتماعية الهزيلة, وسمح لهم باستخدام العقوبات تجاه التلاميذ لكنها محددة بضوابط معينة وحرم العقاب الجسدي, فرض على المدارس الخاصة وضع ميزانية للدخل وتسلم إلى السلطات المختصة.

    أما القانون الثاني, القانون الأساسي للتعليم فحدد أهداف التربية، منها النمو الكامل لشخصية الفرد من أجل رفعة وتقدم الأفراد وتنمية حب الحقيقة والعدالة وتقدير قيمة الآخرين واحترام العمل وتعميق شعور تحمل المسؤولية والاعتماد على النفس والاستقلال, وكذلك تنمية الثقافة من خلال الاحترام المتبادل والتعاون واحترام الحرية الأكاديمية والحياة الواقعية... وأكد أيضا على إعطاء فرص متساوية للجميع من أجل الحصول على التعليم, والدولة سوف تعطي مساعدات مالية للذين لا يستطيعون الاستمرار في نوع التعليم الذي يلائمهم لأسباب مالية. والقانون أرغم أولياء أمور الأطفال على إرسال أبنائهم للمدارس يكملون (9) سنوات التعليم الأساسي. وأكد القانون على أن الأهداف الدينية ومكانة الدين في الحياة الاجتماعية سوف تحترم في الأنشطة التربوية, غير أن المدارس بحكم القانون تحجم أية تربية دينية لدين معين.

    السلم التعليمي في اليابان

    ينقسم السلم التعليمي في اليابان إلى أربع مراحل هي كالتالي:‏ المرحلة الأولى: مرحلة رياض الأطفال: من سن ثلاث سنوات إلى خمس, وتهدف إلى تهيئة الأطفال للمدرسة ومساعدتهم على النمو العقلي والجسمي السليمين من خلال تنمية قدراتهم على التفكير والسلوك، والقدرة على التعبير، وتقديم الأنشطة التي يحتاجها الأطفال. المرحلة الثانية‏: مرحلة التعليم الابتدائي: ويقيد بهذه المرحلة جميع الأطفال الذين بلغوا السنة السادسة, وتهدف تلك المرحلة إلى إتاحة الفرصة للأطفال للنمو المتكامل طبقا لقدراتهم الجسمية والعقلية والنفسية. المرحلة الثالثة:‏ مرحلة التعليم الثانوي: وتنقسم هذه المرحلة إلى مستويين (المدرسة الثانوية الدنيا) وتقابل مرحلة التعليم المتوسط (الإعدادي) في الدول العربية و(المدرسة الثانوية العليا)، أما مرحلة التعليم الثانوي الدنيا, فيدخل بها جميع الأطفال الذي أنهوا المرحلة الابتدائية إجبارا، ومدة الدراسة بها ثلاث سنوات.‏ أما المرحلة الثانوية العليا فيلتحق بها الطلاب بعد اختبار مسابقة صعب, ويضم هذا التعليم ثلاثة أنواع من الدراسة: دراسة كل الوقت، ودراسة بعض الوقت، ودراسة بالمراسلة، ويهدف هذا النوع من التعليم إلى مد الطلاب بالمعلومات الأكاديمية والفنية التي تتناسب مع قدراتهم الجسمية والعقلية، ومدة الدراسة بها ثلاث سنوات بالنسبة لمدارس الوقت الكامل، وأربع سنوات في مدارس المراسلة ومدارس بعض الوقت, والدراسة إما نهارية أو ليلية.‏ المرحلة الرابعة: مرحلة التعليم العالي: وهي المرحلة التالية للتعليم الثانوي، والدراسة بها متنوعة لمدة أربع سنوات أو خمس حسب نوع الكلية.

    أما بالنسبة لإدارة التعليم فيمكن القول بصفة عامة: إن إدارة التعليم تتقاسمها الحكومة القومية والحكومات المحلية، فوزارة التعليم مسئولة عن إدارة الخدمات الحكومية على المستوى القومي وجميع المستويات التعليمية بما فيها المستوى الثالث، كما أن بعض المحافظين ومديري الجامعات الإقليمية والكليات لهم بعض المسئوليات التعليمية.‏ ويلاحظ أن عملية تعميم التعليم الابتدائي، وزيادة مدة الإلزام لم تتم بطريقة عشوائية بل تمت وفق تخطيط دقيق خلال مراحل ثلاث بدءا من عام 1886م.‏ حتى أصبح في الإمكان زيادة الإلزام إلى ست سنوات في عام 1908، ثم أخذ بالنظام الأميركي عام 1947م. فأضيفت المدرسة الثانوية الدنيا إلى التعليم الإلزامي، وبذلك أصبح التعليم الإجباري لمدة تسع سنوات، وبإمكانية استيعاب تجاوزت 99,9%.‏ وإذا كانت الإحصائيات قد أشارت إلى أن اليابان قد أسرفت في استثماراتها في التعليم بالنسبة لنصيب الفرد من الدخل القومي، فإن سرعة التنمية الاقتصادية ووصول اليابان إلى مستوى اقتصادي وتكنولوجي كبير يوحي بوجود رابطة سببية بين القوى العاملة المتعلمة والنمو الاقتصادي هو ما بدأته اليابان حينما وضعت استثماراتها الضخمة في تنمية نظامها التعليمي، فكانت نتيجة ذلك ما حققته من تقدم اقتصادي كبير.‏ كما أن ارتباط مدارس رياض الأطفال بالسلم التعليمي منذ البداية كان له تأثيره في تطوير وتنمية النظام التعليمي وبذلك كانت اليابان دولة رائدة في هذا النوع من التعليم ليس في آسيا فقط بل في العالم أجمع.‏

    خصائص التربية اليابانية

    من أهم ملامح وخصائص نظام التعليم الياباني ما يلي:

    1- يستمد النظام التربوي الياباني أهم مقوماته من طبيعة مجتمعه وروح أمته واحتياجات وطنه، ولا يأتي انعكاسًا لنماذج تربوية خارجية.

    2- يستمد النظام الياباني نهضته الحديثة من جذوره ومؤسساته وتقاليده المتأصلة والقائمة بالفعل ولم يدمرها أو يهملها بدعوى قدمها وتقليديتها.

    3- يعد التعليم في اليابان خدمة وطنية عامة وواجبًا قوميًا يتجاوز أي جهد فردي أو فئوي خاص, وأنه في مناهجه ومقرراته وتوجيهاته يمثل عامل التوحيد الأهم لعقل الأمة وضميرها منذ مراحل التعليم الإلزامية الأولى, إذ لا يسمح فيه بتعددية المناهج والفلسفات التربوية.

    4- لم تأخذ اليابان بالنزعات الليبرالية والسيكولوجية الغربية بل ظلت متمسكة بقيم الانضباط الموحد في الفكر والسلوك رغم الضغط المعاكس من الاحتلال الأمريكي ورغم النقد الغربي لها.

    5- نقطة القوة الأساسية في النظام التربوي الياباني ليست جامعاته, إنما معاهده التقنية المتوسطة التي تمثل عموده الفقري, والممارسة العملية التدريبية هي أهم وأبرز واجبات الياباني منذ طفولته عندما يقوم بتنظيف صفه ومدرسته إلى ما بعد تخرجه عندما يبدأ من جديد التدريب الوظيفي في برامج إجبارية قبل أي منصب ثابت, أما الفتاة اليابانية فإن أهم وظيفة لها هي نجاحها في أسرتها فيقدم لها برامج تربوية عملية ضمن النظام التربوي الرسمي تعلمها كيف تصبح زوجة ناجحة.

    6- استطاعت اليابان أن تجمع بين شعبية التعليم وأرستقراطيته العلمية الفكرية, بمعنى أن التعليم أتيح للجميع في قاعدة الهرم التربوي لتزويد الأمة بالأيدي العاملة المتعلمة لكنه اقتصر في مستوى القمة على القلة الممتازة عقليًا والمتفوقة في مواهبها لتخريج النخبة القيادية والقادرة على مواجهة التحديات.

    7- لم تأخذ اليابان ولم تنبهر باللغات الأجنبية المتقدمة, وحسمت معركة اللغة تعليميًا وحياتيًا منذ البداية. فمن المعروف أنه لا يمكن لأمة أن تبدع علميًا إلا بلغتها الأم, ولا يستمع العالم لأمة تتحدث بلغة غيرها.

    8- وفق النظام التربوي الياباني بين مركزية التوجيه ولا مركزية التنفيذ في معادلة متوازنة.

    9- تعد مهنة التدريس من المهن المربحة اقتصاديًا, فمن بين خمسة يابانيين يتقدمون لمهنة التدريس يفوز واحد منهم فقط بشرف المهنة وامتيازاتها المعيشية. وقد أدى ذلك إلى الحفاظ على مستوى نوعي متفوق للتعليم الياباني, أدى بدوره إلى تنمية نوعية العملية التربوية بأسرها..

    10- لم تَنْسَق اليابان وراء نزعة تحويل الثقافة العامة للأمة إلى منشط من مناشط الإعلام كما حدث في كثير من بلدان العالم الثالث, بل بقت مهمة دعم الثقافة العامة في اليابان من مسؤوليات (وزارة التربية والعلوم والثقافة).

    لماذا الاهتمام بتجربة اليابان؟

    بتدقيق النظر في التجربة اليابانية، فإننا لا نندهش من هذا التقدم الذي يقف أمامه العالم كله مذهولا، مندهشا ففي أميركا وأوروبا وروسيا يعكف أهل العلم والتقدم والتكنولوجيا على دراسة الإنجاز الاستثنائي لهذا البلد الشرقي الذي ينافسهم في أمضى أسلحتهم ومخترعاتهم، كما يثير تقدم اليابان دهشة الشرقيين وإعجابهم، دون أن يتمكنوا من اللحاق به على كثرة ما حاولوا وجربوا.‏ ونحن العرب نتساءل: لماذا تعنينا اليابان، وهي في شرق آسيا، وبيننا وبينها آلاف الأميال ؟‏ ويمكن القول أن لدى العرب أهمية خاصة لدراسة تجربة اليابان للأسباب التالية:‏

    اليابانيون قوم شرقيون مثلنا بدأوا مسيرتهم نحو التقدم من واقع العزلة والتخلف الحضاري كما بدأنا في النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي، ولكن شتان ما بين بداية وبداية, فلماذا هذا الفارق الشاسع بيننا؟!

    اليابان حققت التحديث والتقدم بالمحافظة على تراثها وتقاليدها ومؤسساتها القومية والدينية الأصلية، والعرب يريدون أن يحققوا التقدم والتنمية دون التضحية بتراثهم وتقاليدهم، لكنهم لم يتمكنوا حتى الآن لا من تحقيق المطلب الأول وهو التقدم، ولا من الحفاظ على التراث كما يجب!!‏

    اليابان تمثل طليعة قوة بشرية حضارية هائلة جديدة توشك أن تتسلم زمام القيادة العالمية من الجنس الأبيض, وهي قوة شرقية ليست لها أطماع بالنسبة لنا.. ونحن العرب نقف هنا موقف المتفرج المشجع !!

    يذكر الدكتور حسين حمادي في كتابه «أسرار الإدارة اليابانية» أن المراقبين يفسرون حالة «إدمان العمل» التي يلاحظونها على إنسان اليابان المعاصر بأنها تعود في جزء كبير منها إلى تأثير التربية التي ركز عليها نظام التعليم منذ الصغر. فقد وفرت هذه الجرعة المؤثرة شحنة مستديمة عند اليابانيين إلى درجة تجعلهم يخشون عدم العمل، فهم يدركون تمام الإدراك أن توقفهم عن العمل يعني أن بلدهم سيتوقف عن الوجود! ومن ثم فلابد للأمة من خطة حضارية واضحة المعالم والغايات تتفق عليه الصفوة المثقفة والعقول الواعية مع الأجهزة الرسمية في الدولة، لأن مثل هذه الخطة ستكون بغير قيمة إذا انطلقت من غير أحلام الأمة أو انبثقت عن جهة غريبة عنها. ولا بد من أن تصبح الخطة التعليمية جزءًا عضويًا من الخطة الحضارية للأمة، بحيث تتمثل في مفرداتها روح هذه الخطة ويكون محققًا لها وموصلًا إليها. ولكي تحقق الخطة التعليمية الحالية الشرط السابق لا بد من مراجعة شاملة وتصحيح أساسي في المضمون والأسلوب؛ فأما في المضمون فتجدر مراجعة كل الجزئيات لتعاد صياغتها بما يخدم التوجه الجديد، وأما في الأسلوب فلا بد من نبذ الأساليب التلقينية التي تعطل ملكة التفكير وتشل القدرة على الإبداع. لا ينبغي أن يكون المطلوب من الدارسين استظهار معلومات لا يلبثون أن ينسوا أكثرها عن قريب، بل تنمية حاسة التعلم، وتطوير القدرة على البحث، وتعليم التفكير، وتنمية الإبداع والابتكار.أما تركيز التعليم على تقديم المعلومات بمعزل عن تربية القيم فسوف يقود إلى إجهاض الخطة برمتها وتفريغها من محتواها لتصبح شبحًا بغير روح. ولعل هذا التأكيد لا يكون غريبًا على المؤسسة التي آثرت أن يكون اسمها وزارة التربية والتعليم ولم يقتصر على التعليم فقط.

    إن «المؤسسة التعليمية» هي أضخم تشكيل في جسم الأمة، فهي تضم نحو ثلث سكان الدولة، أما حجم الإنفاق على هذا القطاع فيكاد يصل إلى ربع موارد الدولة، فإذا عجزت هذه المؤسسة الجبارة عن أن يكون لها في خطة الأمة النهضوية الحضارية أعظم الدور وأبلغ الأثر، فحري بالأمة أن تنسى هذه الخطة، وتقنع ببقائها في الذيل من ترتيب أمم الأرض!

    المصادر والمراجع



    - خالص جلبي (سبتمبر: 2000): أثر التعليم في التحرر (النموذج الأفغاني والنموذج الياباني)، جريدة الشرق الأوسط، الأربعـاء 28 جمـادى الآخرة 1421 هـ 27 سبتمبر 2000 العدد 7974

    -خليل حسن (مارس: 2007): مفكرة سفير عربي باليابان الأخلاقيات‏.....‏د‏.‏ علي فخرو‏.....‏التجربة اليابانية، الأهرام العربي: السبت 10 / 3 / 2007، رقم العـدد 520

    رغداء زيدان: ‏التعليم والنهضة، الفسطاط، مجلة تاريخية

    شهاب فارس: التعليم في اليابان: 4 ساعات تنجح.. 5

    ساعات ترسب

    عبد الله بن جمعان الغامدي (ديسمبر:2007): الاقتصاد السياسي للتنمية في اليابان دراسة في تحليل أسباب النهضة، المجلة العلمية - كلية التجارة - جامعة أسيوط العدد الثالث والأربعون.

    مجاهد مأمون ديرانية: مرة أخرى.. كيف نجحت اليابان؟، مجلة المعرفة

    محمد الرميحي: حديث الشهر حديث عن الماضي والمستقبل، مجلة العربي

    -مصطفى رجب (2005): قراءة في التجربة اليابانية - التعليم أنموذجا، جريدة الثورة، الخميس 28/4/2005م

    نيان نامق صابر (نوفمبر: 2005): التربية في اليابان، مجلة علوم إنسانية، السنة الثالثة: العدد 25

    يحيى شراحيلي: اليابان نموذج «النهوض الملهم» من الهزيمة إلى الإنجاز، الرياض، الخميس 8 ربيع الأول 1427هـ - 6 أبريل 2006م - العدد 13800

    www.alriyadh.com

    www.asharqalawsat.com

    www.arabi.ahram.org.eg

    -www.fustat.com

    www.bab.com

    www.ulum.nl/b37.htm

    www.thawra.alwehda.gov.sy

    www.alarabimag.com

    www.almarefah.com

    www.zidan80.jeeran.com

    www.aii-t.org


  5. #5
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: جولة تربوية في أرجاء المعمورة - نقل مباشر من موقع المعرفة

    5- فـي كوسوفا:التعليم ..صـراع الهـوية

    المؤلف : بدون

    كان يوم الثالث والعشرين من مارس عام 89 هو بداية مشوار الطلاق غير البائن بين إقليم كوسوفا الألباني المسلم وجمهورية صربيا، ليس فقط لأن بلجراد جردت الإقليم من حقوقه في الحكم الذاتي وقامت بحل الحكومة والبرلمان وجميع المؤسسات الشعبية الأخرى، ولكن ما حدث في هذا اليوم كان مقدمة لتجريد المسلمين من هويتهم بإلغاء التعليم الألباني، وفرض مناهج صربية جديدة. وشملت قرارات الحكومة الصربية اللاحقة: إغلاق جميع المدارس الألبانية وحرمان 430 ألف طالب من التعليم، وإغلاق جامعة بريشتينا، ووقف الأنشطة الأكاديمية كافة في كوسوفا، وإغلاق المكتبة الرئيسة، ووقف إرسال الإذاعة والتليفزيون باللغة الألبانية. ولم يعد أمام القيادة السياسية والشخصيات العامة الألبانية سوى مشروع «التعليم الأهلي» الذي يحفظ للمسلمين هويتهم. فانتشرت المدارس الليلية في أحواش المنازل، وتحت سلالم البيوت. وتبرع القادرون ببناء مدارس صغيرة كي يواصل التلاميذ دراستهم بلغتهم ومناهجهم الألبانية الإسلامية. أما الجامعة فقد ضاع الأمل في استعادتها بعد قرار حكومة بلجراد الصربية إنشاء «كنيسة أرثوذكسية» في حرم الجامعة! بدعوى أنها رمز الدولة الصربية، فأكدت تلك الخطوة تطرف القومية الصربية الأرثوذكسية. وفرضت على الألبان البحث عن «جامعة ألبانية موازية».

    وفي الجامعة بدأت مهمة استكشاف ما يحدث للهوية الألبانية الإسلامية في كوسوفا، وكان لقاؤنا الأول مع رئيس جامعة بريشتينا الصربي الذي عينته بلجراد بعد طرد الألبان من الجامعة، ودار حوار كشف إلى حد كبير المخطط الذي يستهدف هوية الألبان.ومنذ وصولنا إلى العاصمة الكوسوفية، سمعنا كثيراً اسم الرجل «راديفوي بابوفيتش». فقد سبقته شهرته، ليس لأنه صديق حميم للرئيس اليوجوسلافي المتطرف ولكن لأن تطرفه ضد المسلمين الألبان معلوم للجميع. وفي الطريق إلى مكتب بابوفيتش تقرأ عبارات متطرفة على حوائط الجامعة مثل «الجامعة صربية» و«أنا صربي إذاً فأنا إنسان مثالي» مكتوبة باللغة الإنجليزية الواضحة. ويلاحظ أن اللافتات الألبانية قد اختفت ولا تحمل الأبواب - ومن بينها باب مكتب المدير طبعاً - إلا لافتات مكتوبة باللغة الصربية.وكان أول تصرف يعكس رفض الصرب التعايش مع الألبان هو أن رفضت سكرتيرة المدير دخول المترجم الألباني المسلم المرافق لإجراء الحوار. وبمجرد أن قرأت اسمه «حسن نجيبي» أصرت على أنها هي التي سوف تتولى الترجمة من اللغة الصربية إلى الإنجليزية. وقالت هذه تعليمات المدير. وقال بابوفيتش: إننا نعامل كل الطلاب بالمساواة، والألبان الانفصاليين (كما وصفهم) لا يريدون أن يكون هناك نظام واحد للتعليم، ولا توجد دولة واحدة كما يقول بابوفيتش- في العالم بها نظامان تعليميان. فالألبان يريدون الدراسة وفق خطة قادمة «من تيرانا» - عاصمة جمهورية ألبانيا المجاورة -وهذا أكبر دليل على أنهم لا يريدون الحياة معنا.ü كيف تفرضون عليهم نظاماً تعليمياً صربياً وهم أغلبية مسلمة في كوسوفا؟üü هم أغلبية في كوسوفا ولكنهم أقلية في صربيا. والجامعة رسمية وتمثل الدولة ولابد أن يدرسوا وفق قواعدها إذا أرادوا البقاء فيها!!ü ولكن كيف يمكنهم الحفاظ على هويتهم الألبانية الإسلامية دون جامعة ألبانية؟üü الجامعة ليست وسيلة للحفاظ على الهوية!! وهوية الدولة هي «الصربية» ولابد من احترام قواعدها.ü هل سيتغير موقفك إذا قبل الألبان الحكم الذاتي الواسع، الذي تعرضونه عليهم الآن؟üü إذا كان الحكم الذاتي يعني وجود قوانين تختلف عن الدستور الصربي ولا تحافظ على الهوية الصربية، فلن يكون هذا حكماً ذاتياً لأن الحكم الذاتي لا يعني قومية أخرى! وأعتقد أن أسلوب التعليم الألباني هو الذي أثار كل هذه المشكلات في كوسوفا.ü ما هو المانع في إقامة التعليم الألباني الذي يحمي هوية الأغلبية الألبانية؟üü هذا النظام مرفوض لأنه سوف يؤدي إلى تحول الأقليات إلى «جيتو» في كوسوفا. (من المعروف أن الألبان يشكلون أغلبية كاسحة تبلغ 90 في المائة من سكان الإقليم الذي يصل عددهم إلى مليوني شخص).ü ما هو تفسيرك للعبارات المتطرفة المكتوبة على حوائط الجامعة وتؤكد حرمان الألبان من حقهم فيها؟üü ليس لدي علم بهذه العبارات أو عمن كتبها! ويمكنك أن تجد هذا الاتجاه في كل مكان العالم.ü هل من الحكمة في ظل الظروف الراهنة أن تصروا على بناء كنيسة في حرم الجامعة ثم تتحدثوا عن التسامح الديني والمساواة بين الطلبة؟üü (يرفع حاجبيه مستغرباً السؤال) الكنيسة هي رمز الدولة الصربية وهي مؤسسة تعليمية منذ الصغر ولا يمكن التنازل عنها. ولا تنس أن الجامعة رسمية وتمثل الدولة، والكنيسة بمنزلة المسجد بالنسبة للمسلمين.ü فهل يعني ذلك أنكم سوف تسمحون للألبان ببناء مسجد في الجامعة لو عادوا للدراسة فيها؟üü بالطبع لا: فلن نسمح لهم بذلك لأنهم أقلية والجامعة رسمية تمثل الشعب الصربي. ولا يمكن للألبان أن يعارضوا إقامة كنيسة. وعندما يكون للألبان جامعة خاصة - وليست رسمية - فلينشئوا فيها مسجداً.ü نعود مرة أخرى إلى التعليم: فكيف يكون الألبان المسلمون أغلبية في كوسوفا ويتعلمون وفق مناهج ولغة صربية؟üü ليس من حقهم أن يتعلموا وفق مناهجهم ولغتهم الخاصة والدولة ليست ملزمة بالموافقة على ذلك.هكذا حدد رئيس الجامعة المغتصبة سياسات بلجراد الرامية لطمس هوية الألبان المسلمين، ولهذا فقد آثر الألبان المضي في محاولاتهم إقامة جامعة ألبانية تحمل نفس الاسم «بريشتينا».فما هو موقف قيادات التعليم الألبانية المسلمة من هذا المخطط الصربي، وكيف يواجهون محاولات وأد الهوية الألبانية؟ يطرح البروفيسور زنال كلماندي رئيس الجامعة الألبانية ونائبه أحمد جيتسا رؤيتهما في الحوار التالي:ü ما هي الصورة العامة للتعليم في كوسوفا؟üü تأسست جامعة بريشتينا في عام 1970م واستمر العمل بها في ظل ظروف القهر والاضطهاد الصربي حتى تم رفع الحكم الذاتي من جانب السلطات الصربية التي لم تكتف بذلك بل ألغت عمل الجامعة. وطردت جميع الكوادر العلمية العاملة فيها. واستخدمت السلطات أبشع طرائق القوة المسلحة التي طالت حتى العمال والموظفين، بل حتى المرضى الذين كانوا يعالجون في مستشفى كلية الطب بالجامعة طردوا من المستشفى. وقضوا على كل شيء يتنفس بالألبانية أو له صلة بها. وبذلك جُرد الألبان المسلمون من كل شيء له علاقة بالتعليم. وبعد أن كنا محتلين جزئياً قبل إلغاء الحكم الذاتي أصبحنا الآن محتلين احتلالاً كاملاً. فأصيبت الحياة بالشلل التام. وقررت القيادات التعليمية إيجاد البديل، وتم الاتفاق على ضرورة استمرار العمل في الجامعة رغم اغتصابها، وتقرر إنشاء جامعة بريشتينا الألبانية، وأن يستكمل حوالي 40 ألف طالب في مراحل ما قبل الجامعة دراستهم. ولكن الظروف الصحية للطلبة الألبان بشكل عام تدهورت حتى لم تعد لدينا قدرة مالية على تطعيم التلاميذ وحماية عقولهم وقوة تحصيلهم نتيجة الأمراض الخطيرة. فالسلطات الصربية، التي انتزعت السلطة بالقوة، لا تتحمل مسؤولياتها - وفق القواعد الدولية - في هذه الناحية.وقد ساندنا القادرون من الشعب الألباني في مهمتنا التعليمية، وتمكنا من توفير بعض المقار للمدارس والجامعة، ورفض الأساتذة تقاضي مرتباتهم، وتعرض بعضهم للمضايقات والاعتقال والتعذيب من جانب السلطات الصربية. وكثيراً ما شنت الشرطة المسلحة حملات تفتيش ومداهمة وجردت الطلاب من كل شيء حتى الأقلام، وقد حبس رئيس الجامعة - الذي سبقني - بتهمة إحياء التعليم الألباني.ü وماذا كان رد فعلكم؟üü لم نملك سوى المقاومة، فاستمر العمل بالجامعة حتى الآن. ولدينا الآن 20 ألف طالب موزعون على 14 كلية، فضلاً عن سبع مدارس عليا (ثانوية).ü ولماذا كل هذا العناء ما دام بابوفيتش يؤكد أن أبواب الجامعة الأصلية مفتوحة؟üü الجميع يعرف أسلوب تفكير بابوفيتش منذ كان طالباً في الجامعة، ومن المعروف أنه ليس غير بوق لسيده في بلجراد «سلوبودان ميلو سيفتش»، ولا نقبل أن يتعلم أولادنا وفق برامج الصرب حتى لا تضيع هويتنا. والاستراتيجية الصربية في مجال التعليم قديمة ومع_0روفة ضد الألبان. وقد أصدرت الأكاديمية الصربية تقارير رسمية تؤكد الموقف الصربي من مسلمي كوسوفا المطلوب إبادتهم، أو السيطرة الكاملة عليهم. ومن الطبيعي أن يقول بابوفيتش إن الجامعة مفتوحة ولكن بأي شروط.؟ويتدخل البروفيسور جيتسا قائلاً: عندما كان الحكم الذاتي قائماًَ كانت الإدارة الألبانية لجامعة بريشتينا تؤمن بالتعايش، فأصرت على أن يتعلم الصرب بلغتهم الصربية ويتعلم الألبان باللغة الألبانية. ولكن رئاسة الجامعة «المغتصبة» حالياً تصر على فرض اللغة الصربية على الجميع رغم أن الطلبة الألبان هم الأغلبية الكاسحة، حتى الإعلان عن العام الدراسي الجديد يصدر باللغة الصربية فقط، رغم أن الطلبة الصرب لا يشكلون سوى ثلث عدد الطلبة!ü هل كان العمل باللغتين الألبانية والصربية يسير وفقاً للقانون؟üü عندما قررت سلطات الاتحاد الفيدرالي في يوجوسلافيا السابقة إنشاء جامعة بريشتينا عام 1970م، كان الهدف أن تكون أول جامعة للألبان في يوجوسلافيا لأنه لم تكن توجد لهم كليات أو معاهد عليا باللغة الألبانية. وعندما أنشئت الجامعة أرادت القيادة الألبانية أن تثبت حسن نيتها ورغبتها في التعايش والتسامح وحماية حقوق الآخرين فلم تحرم الصرب من التعليم بلغتهم.ü بابوفيتش يرى أن الجامعة لا علاقة لها بالحفاظ على الهوية؟üü من الطبيعي أن تكون الجامعة هي أعلى مؤسسة لصيانة الهوية. فأي قومية لا يمكن أن تستغني عن الجامعة لأن مواطني هذه القومية لن يتقدموا أو يتطوروا دون التعليم العالي. والمسألة هي أن الصرب يتصورون أن الإقرار بوجود جامعة لنا يثبت اعترافهم بأننا أغلبية وهم يريدون أن يؤكدوا أننا مجرد أقلية.ü المسؤولون الصرب يقولون إنه ليس من حق الأقليات في إطار الدولة أن يكون لهم جامعة؟üü هذا ليس صحيحاً. وهناك أمثلة في دول أوروبية. ويوجد أقليات لايتجاوز عددها 200 ألف شخص فقط ولهم جامعة بلغتهم. وهذا قائم في السويد مثلاً، ولهذا فمن حقنا ألا نقبل نظام التعليم الصربي ونحن أغلبية ساحقة في كوسوفا.وإذا كان الصرب يريدون حرماننا من التعليم الألباني فلماذا لم يعيدوا إلينا منشآت الجامعة التي أقمناها بأموالنا وينشئوا هم جامعة - رسمية أو خاصة - بأموالهم؟ ونعلم أنهم لن يعيدوا إلينا هذه المباني لأنهم يريدون تعجيزنا حتى لا نتمكن من مواصلة مشروعنا التعليمي النهضوي، ولن نتراجع حتى تتحق أهدافنا بإذن الله حتى لو استشهد كل الألبان.ü رئيس الجامعة الصربي يقول إن هناك 157 ألبانياً تخرجوا في الجامعة خلال السنوات الأربع الماضية وبالتحديد من كلية الطب؟üü هذا حق يراد به باطل. فالذي لا يعرف هو أن المستشفيات في كوسوفا ترفض - لأن إدارتها صربية - الاعتراف بشهادة بكالوريوس الطب من الجامعة الألبانية «الأهلية»؛ فالخريجون يضطرون إلى تسجيل أسمائهم في الجامعة «الصربية المغتصبة» حتى يتمكنوا من الحصول على شهادة تؤهلهم للعمل في المستشفيات.ü ما هو موقف المنظمات التعليمية الدولية من جامعتكم الحالية؟üü شهادتنا مقبولة في جامعات العالم. وجامعتنا عضو في المؤتمر العام لاتحاد الجامعات الأوروبية. ونكتب في شهادتنا: جامعة بريشتينا باللغة الألبانية. ولأن المنظمات الدولية تدرك مستوى التعليم بالجامعة وتعرف تاريخنا في التدريس، فإننا لا نواجه مشكلات في الاعتراف بشهادتنا. أما الجامعة المغتصبة الحالية فلا نعرف طبيعة العلاقات بينها وبين الجامعات الأخرى.وبينما تكرس قيادات الجامعة جهوداً مضنية لاستمرار التعليم العالي، فإن التعليم الديني الإسلامي يشهد هو الآخر نمواً مطرداً رغم قلة الإمكانات. ويشرف على هذا التعليم في بريشتينا المشيخة الإسلامية برئاسة الدكتور رجب بويا وفروعها في مختلف كوسوفا.ويسير هذا التعليم في اتجاهين: الأول هو التعليم الثانوي والثاني كلية الدراسات الإسلامية في بريشتينا. ويتمثل الأول في مدرسة «علاء الدين» التي بدأت الدراسة بها في سبتمبر عام 1962م وتخرج فيها حتى الآن 1100 طالب. وتابع كثير منهم الدراسة في الجامعات بالمملكة العربية السعودية ومصر والبوسنة والأردن والسودان وليبيا.ويصف السيد/ أحمد صدر نائب رئيس المشيخة الإسلامية هذه المدرسة بأنها رمز لصمود الشعب الألباني وكفاحه المستمر من أجل استقلال كوسوفا عن هيمنة صربيا واحتلالها. وأصبحت بفضل جهودها الدؤوبة هي المقر الوحيد الذي يتم فيه عقد الاجتماعات على مختلف المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية.ويجري تدريس الـ 25 مادة خلال سنوات الدراسة الأربع وهي: القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، التفسير، العقيدة، الفقه، الأخلاق، أصول الفقه، التاريخ الإسلامي، اللغة العربية، اللغة الألبانية، اللغة التركية، اللغة الإنجليزية، التاريخ، الجغرافيا، الأحياء، طرق التدريس، علم النفس، الدفاع المدني، الكمبيوتر، الرياضة البدنية، الحساب، الكيمياء، والفيزياء.أما التعليم الإسلامي العالي فيتمثل في كلية الدراسات الإسلامية. ويؤكد السيد/ كمال مورينا نائب رئيس الكلية أن هناك إقبالاً كبيراً من خريجي جامعة بريشتينا والمدارس الثانوية على الالتحاق بالكلية.ويشير السيد/ جابر حميدي وكيل الكلية إلى أنها تأسست في عام 1992م فقط. وتعتبر هي الكلية الوحيدة التي تُدرس باللغة الألبانية في كل منطقة البلقان والعالم. وتقبل الكلية من كوسوفا ومقدونيا وألبانيا والجبل الأسود وغيرها. ومدة الدراسة بها أربع سنوات، وتقبل الطلبة الحاصلين على الشهادة الثانوية «الشرعية» أو الثانوية العامة وخريجي الجامعات غير الإسلامية. وتجري مقابلة شخصية واختباراً تحريرياً للمتقدمين. ويبلغ عدد الطلبة الآن عشرين طالباً.ويبقى أن التعليم في كوسوفا المسلمة - بكل فروعه - يواجه مشكلة خطيرة في التمويل في ضوء محاولات الحصار والخنق الصربية. ويوجه القائمون على المؤسسات التعليمية نداء إلى الحكومات والمنظمات الإسلامية بتقديم المساعدات سواء في شكل أموال أو منح دراسية للطلبة من أجل إعداد الكوادر العلمية للحفاظ على الهوية الألبانية الإسلامية حتى تحصل كوسوفا على استقلالها.


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •