بسم الله الرحمن الرحيم...
معاني في كلمات...
لكل كلمة معان متعددة إن تم توظيفها في المكان المناسب و في سياقها الذي يتلاءم ضمن مكونات النصيص...كان لها الأثر البليغ و حققت المراد من حمولتها المعرفية و من شحنتها العاطفية و من أهدافها الفكرية...
الانتفاضة هي جزء من الثورة التي تشكل الأساس في عملية التغيير...و الفرق بينهما أن الأولى أي الانتفاضة هي مرحلة من مراحل الفوران التي يتحرك فيها الشعب بمد و جزر من خلال درجة ما وصل إليه محرار الضغط الاجتماعي...
أما الثورة فهي تبدأ عندما يفكر الإنسان في تغيير الوضع من حسن إلى أحسن.. من سيء إلى جيد... من تفكير عقيم سقيم إلى تفكير سليم قويم...من نقد قائم على المجاملات إلى نقد قائم على المقولات...من نقد يرى الحسنات دون السيئات...من استعمار إلى استقلال...و من استغلال إلى استثمار...و من اختلال إلى اتزان...و من اختناق في المهانة إلى استنشاق طعم الكرامة...و من عبودية للمادة إلى حرية حقة لا ترى معبودا غير الله جل و علا في فضاء من العدل و الحق و العلم و البناء...
و التساؤلات التي تطرحها شجرة الحياة أو شجرة معاني الكلمات أو شجرة التاريخ التي تفرز من ثمارها حلاوة البذور أو مرارة العصور التي شيدتها الطيور على اختلاف أنواعها...تظل في بحث متواصل عن أجوبة لما هو أفضل مذاقا و أجمل عيشا و أحسن تقويما...فالشجرة لا تنتفض إلا إذا هبت الريح من فوق...أو تحركت الجذور من تحت...فالواقع / الطبيعة لا يقبل الفراغ كما يقول بذلك الفيزيائيين...فهو بحث مستمر عما هو أفضل و أحسن لكن في أي اتجاه يسير هذا الأفضل الأحسن...؟ كما أن السماء/ الما-فوق الأرض من رياح و تيارات و موجات لا تتحرك بفعل الصدفة...فالذي يحركها هو المدبر لكل أمر لمصلحة و منفعة الإنسان في ظل فضاء التسخير على المستوى المناخي /البيئي/الطبيعي/الاجتماعي/الاقتصادي/الثقافي إلخ...فالرياح التي سخرها الحق جل و علا سخرها لتنقل السحب المحملة بالغيث و الأمطار و الخيرات لتسقي بها الأرض و تنبت الحب و الزرع و الزيتون...و بالمثل فالتيارات الفكرية لا تتحرك إلا لتنقل ما لها من أفكار و تصورات و مفاهيم و قيم لتزرعها في بيئة قد تكون مناسبة لها و قد تكون غير مناسبة...كما أنها قد تكون بناءة أو هدامة...و من تم فعملية الانعكاس التبادلي في عملية التأثير...تخترق أو تتسلل أو تدب بين الأغصان و الأوراق لتخط ما وصل إليها الإنتاج و النشاط الإنساني...
فشجرة التاريخ و فيها من السنن ما يتكرر و فيه ما يتم تجاوزه لما هو قابع في أعماق الحياة كي يبرز من جديد ليؤكد حقيقة من حقائق الحق جل و علا في الكون وهي سننه التي لا تتغير و لا تتبدل كآيات جوهرية...و هي تحقيق الحق و إزهاق الباطل كلما شاءت مشيئة الله جل و علا ذلك...
و هي كذلك لا تغدو سامقة شجرة التاريخ إلا في قلب شجرة الحياة...فلا يمكن الحديث عن التاريخ إلا في ظل وجود مقومات الحياة...فلو تأملت دورة الفصول التي جعلها الله جل و علا على مدار اثنا عشر شهرا يوم خلق السماوات و الأرض...لتجد فيها أن شجرة الحياة تمر بالحمل ثم الولادة ثم النمو ثم الشيخوخة لتعود من جديد دورة الحياة إلى بدايتها مع إضافات من جهة قد تكون في صالح الإنسان أو غير صالحة بالمرة...و مع تجاوز ما تم توضيحه و تبيانه على اعتبار أنه لم يعد يشكل مصلحة أو منفعة للإنسان...
و مع كون أن مقولة البقاء للأقوى...فهي و إن صدرت من عقل يمشي مقلوبا على رأسه في واقع الأمر...فهي حقيقة لأن الله هو القوي هو الباقي على الدوام...و لله المثل الأعلى... {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }غافر57.و هو المدبر الأمر من الذرة إلى المجرة...
فبين الموت و الحياة تنمو التيارات و تزدهر ثم تخبو و تئول إلى السقوط و لا يظل إلا ما ينفع الناس...و مع ذلك تظل بعض البقايا عالقة لحكمة يعلمها الله جل و علا فلا تنقرض تماما كما انقرضت الحيوانات التي مرت عبر التاريخ...
لذلك تبدو الانتفاضة كلحظة من لحظات بلوغ حالة المحرار إلى أوجه ضمن حالة عامة هي حالة الثورة المستمرة مع طلوع كل يوم جديد...
فبين التوبة و الثورة علاقات تمتد خيوطها من السماء إلى الأرض في علاقة جدلية تبدو فيها الانتفاضة كحالة غضب وصلت فيها حمى اللاتوازن أوجها...
تحيتي و تقديري...
المفضلات