قراءة في وجوه الثوار الليبيين
بدا التأثر عليه واضحاً وهو يتحدث عن الأحداث الجارية في ليبيا، ثم قال :
مما يحز في النفس أن تلك الوجوه العزيزة تم تغييبها عنا لسنين طويلة
إذ نادراً ما اكتحلت عيوننا بمشاهدتها من قبل
وهي بالمشاهدة أحرى من وجوهٍ كالحة مكفهرة
شوَتها نيران الأنانية
وشوهتها شهوات السيطرة ووحمات الصَغار.
في الآونة الأخيرة رأيت بحراً من وجوهٍ ليبية
قال أصحابها كلمتهم التي لا رجعة عنها
وأعلنوا تمرّدهم على طغمة الطغيان.
ثم استرسل:
تأملت أصحاب تلك الوجوه
التي بزغت فجأة من عالم التغييب القسري
وشعرت بانعطاف شديد نحوهم
كما لو كانت تجمعني بكل منهم
وشائج عريقة وروابط عميقة.
ولكم تمنيت لو كنت بينهم
لأعانقهم وأمسح العرق والغبار عن جباههم
ولأهتف بهم عالياً:
ليبيا فيها رجال!
حيّا الله الأبطال!
رأيت وجوهاً ملء البصر
كالأهلة في الدياجي
يشع من قسماتها وهج العزم
وملامح البطولة
وعلامات الإقدام.
رأيت وجوهاً تنبئ عن جرأة نادرة
وهمم هادرة
وتقديس لحرية سليبة
وتقدير دقيق
لقدر اللئيم
وعظمة العظيم.
أجل...
رأيت وجوهاً سِمتها الصدق
تتحلى بفطنة فطرية
وطيبة متأصلة
ونبل أصيل.
رأيت وجوهاً مشرقة
فيها رواء ونضرة
ونخوة وشهامة
وثقة تامة
بأن النصر قريب.
رأيت وجوهاً تتألق ذكاءً
وإباءً
ونباهةً
ومروءةً
وإيمان.
وكأن الفرزدق عنى أصحاب تلك الوجوه
عندما قال:
هم الغيوثُ إذا ما أزمة ٌ أزَمتْ
والأسدُ أسدُ الشرى والبأسُ محتدمُ
.
المفضلات