آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مناهج التجديد في مشروع التراث والتجديد

  1. #1
    أستاذ بارز
    تاريخ التسجيل
    31/12/2010
    المشاركات
    70
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي مناهج التجديد في مشروع التراث والتجديد

    الدكتور جيلالي بوبكر
    مناهج التجديد في مشروع التراث والتجديد
    يربط 'حسن حنفي' ظاهرة التخلف العام في الواقع العربي والإسلامي المعاصر بغياب مشروع حضاري قومي على المستوى النظري، وبغياب نظرية محكمة في تفسير الواقع ترتبط بها النهضة وينطلق منها التجديد. ولما كان الموقف الحضاري غير واضح بل لم يتبلور ومن أسباب ذلك أزمة التغير الاجتماعي وأزمة المنهج في الدراسات والبحوث أي أزمة البحث العلمي، يقترح صاحب مشروع 'التراث والتجديد' مناهج وبدائل يربطها باللّغة وبمعاني اللّغة وبالأشياء تبعاً لأبعاد الفكر الثلاثة، اللّفظ والمعنى والشيء.
    ولا يقوم العلم بدون لغة، والعلم الجديد مرتبط بلغة جديدة تكشف عنه، والتجديد بواسطة اللّغة هو بداية العلم. وهكذا مع الحضارة التي تتطور وتتجدد بفعل اللّغة وإذا ما ضاقت لغتها تُسقطها وتضع لغة جديدة قادرة على التعبير والتواصل. فالعلوم التراثية عندنا مازالت تستخدم اللّغة القديمة بمفاهيمها ومصطلحاتها في أصول الفقه وفي علوم التفسير وفي علوم الحديث وغيرها. "هذه اللّغة لم تعد قادرة على التعبير عن مضامينها المتجددة طبقاً لمتطلبات العصر نظراً لطول مصاحبتها للمعاني التقليدية الشائعة التي تريد التخلص منها ومهما أعطيناها معاني جديدة فإنها لن تؤدي غرضها لسيادة المعنى العرفي الشائع على المعنى الاصطلاحي الجديد. ومن ثم أصبحت لغة عاجزة عن الأداء بمهمتها في التعبير والإيصال."
    وإذا كانت معاني اللّغة القديمة هي معاني التراث أما اللّغة فهي لغة التجديد، لا يمكن إسقاط لفظ واستبداله بلفظ آخر يرادفه أو يشبهه بكيفية تلقائية. فلا تتجدد اللّغة بالإرادة بل فعل يحصل في الوعي لدى الباحث الذي يكتشف أن عجز اللّغة القديمة عن التعبير عن معانيها لارتباطها بثقافة حديثة وببيئة ثقافية جديدة عليها، والتجديد اللّغوي ضروري في هذه الحالة لأنه لا يتخلص من جمود اللّغة القديمة وعجزها على التعبير عن الماضي بل يتخلص من الغموض في الاستعمال، فيصبح التجديد اللّغوي أمراً ضرورياً طبيعياً لاستبدال اللّغة القديمة بالجديدة لأجل التعبير عن تجدد المعاني وفقاً لحاجات العصر ومتطلبات الواقع، والتجديد بواسطة اللّغة لا يغيّر أو يشوّه مضمون الفكر، فاللّفظ حامل للمعنى وموصول له يعطيه قوّة للتعبير عن نفسه بلفظ جديد يكشف عن معطى كان مخفياً في اللّغة القديمة، وهكذا مع لغة العلم، فاللّغة تلعب دوراً كبيراً في إنشاء العلم وبنائه. "بل إنه يمكن القول بلا أدنى مبالغة إن العلم هو لغة و أنّ تأسيس العلم هو إنشاء اللّغة."
    الحاجة إلى تغيير اللّغة التقليدية تصبح ضرورة عندما يعلن اللسان القديم على عجزه عن أداء وظيفته في التعبير والتواصل ويؤكد أن الخصائص المميزة له التي أدت مهمتها في التعبير والتواصل قديما صارت عيوباً وصعوبات تعيقه على التكيف مع البيئة الثقافية الجديدة. ولغتنا التقليدية أصبحت قاصرة وعاجزة عن التعبير والتواصل في واقعنا المعاصر لأنها ارتبطت بالإلهيات وبلفظة الله التي تحتوي على بعض النقائص في الاستعمال والتداول لكونها مادة لغوية تحدد المعنى أو التصور باعتبار المعنى مطلقاً يقصد التعبير عنه بلفظ محدود مقيد. وترتبط بالدين فألفاظها تشير إلى موضوعات دينية بحتة فأي لفظ ديني أصبح عاجزاً عن أداء وظيفته في الإيصال نظراً لارتباطه بمعاني عديدة جاءت نتيجة لطول تاريخ استعماله وقد تتعارض هذه المعاني أو بعضها مع المعنى الأصلي الأول الذي أعطاه الوحي، فاللفظ هنا مرتبط بالتاريخ وليس بالوحي. ومن هنا نجد اللغة في تراثنا القديم ذات طابع تاريخي لأنها تعبّر عن أحداث التاريخ لا عن الفكر. وكل الألفاظ في اللغة القديمة "لا تشير إلا إلى وقائع تاريخية، وأشخاص أو حوادث أو مناطق جغرافية، وليست مفاهيم علمية لها دلالـتها المستقلة... واللغة في تراثنا القديم لغة تقنينية تضم الوجود وتضعه في قوالب. فهناك قانونية المصطلحات في أصول الفقه، والتقسيمات العقلية في أصول الدين والفلـسفة علـى السـواء...ولكن لغة التقنين لا تصلح لكل عصر. فعصرنا مشابه لعصر الوحي القديم وقت نزوله... فالواقع يقتضي فكرة كما اقتضى الواقع القديم الوحي. صحيح أن تقنين الثورة من قاموسنا المعاصر ولكنه لا يعني فرض قوانين على الواقع بقدر ما يعني تنظيم ما يفرضه الواقع من تغيّر ثوري حتى لا يجهض أحد ما هذه التغييرات أو يستعملها لحسابه الخاص."
    بالإضافة إلى كون اللغة التقليدية ذلت طابع إلهي ديني تاريخي وتقنيني نجدها صورية مجردة، فالتقسيمات العديدة والتفريعات المتعددة في كل علم من العلوم التراثية مثل تقسيمات الوجود إلى ممكن وواجب ومستحيل وجوهر وعرض في الفلسفة أو علوم الحكمة وكذلك في علم أصول الفقه نجد أنواع العلل إلى موجبة وقاصرة ومؤثرة، وملائمة وغيرها. وكذلك الأمر في التصوف دون ربط ذلك بالواقع والتجربة الإنسانية الشعورية البحتة المعاشة حسياً وفكريا ونفسياً. تحولت تلك المفاهيم والتقسيمات إلى تجريد أفقد اللغة المتداولة ارتباطها المباشر بالإنسان والواقع. أما الألفاظ الجديدة مثل الأنا، الآخر، التاريخ، الثورة، التقدم، التخلف، والأزمة فهي تمثل أسلوب العصر ولغة الجيل ومنطق عمل وجدل في التاريخ وبناء في المجتمع. "إن التجريد ينشأ بعد نشأة العلم كموضوع وكمنهج وكبناء، ونحن الآن بصدد إعادة بناء العلوم من حيث النشأة. ومن ثم فمستوى التجريد في العلوم لا يلاءم مرحلتنا الحالية في إعادة بنائنا للعالم ووصف نشأته وتكوينه من جديد." ولما رفض عصرنا اللغة التقليدية لكون ارتباط اللفظ فيها بشحنات تاريخية وخلافات مذهبية. تصبح من غايات 'التراث والتجديد' "عمل ثقافة وطنية يمكن التعبير عنها بلغة يقبلها الشعور العامي. فالألفاظ التي يتقبلها العصر هي التي يمكن استعمالها... ويعني أيضاً تطويع اللغة نشأتها واختيار ألفاظها إلى متطلبات الواقع حتى لا تقع في انعزالية الثقافة بصورية اللغة... اللغة التقليدية إذن قاصرة عن أداء وظيفتها في إيصال المعاني التي يمكن للباحث أن يعبر عنها للآخرين. فإذا بدأ الباحث برؤية الشيء وفهمه لمعناه ثم وضعه في اللفظ المناسب للتعبير فإن السامع يبدأ سماع اللفظ ثم يحدد معناه ثم يرى الشيء الذي رآه الباحث أولا. فإذا كان تجديد اللغة مهمّا بالنسبة للباحث بإعطائه المعنى وإشارته إلى الشيء فإنه مهم أيضاً للآخر باستقباله المعنى ورؤيته للشيء."
    وإذا كانت اللّغة التقليدية لا تفي بالغرض في تحقيق التغيير والتواصل لأنها تحمل تلك الخصوصيات التي أعطتها القدرة على التعبير والتواصل والإبداع في القديم، وصارت حالياً عيوباً تعيق التعبير والتواصل بل تزيد الأزمة تفاقما وتعميقا وتعقيداً فظهور لغة جديدة تفي بمتطلبات العصر وبحاجات الواقع ضرورة ملحّة وعاجلة، هذه اللغة الجديدة تزيح عيوب اللغة التقليدية وتستبدلها بخصائص أخرى تُسهل التعبير والإيصال. وأهم خاصية ينبغي أن تتوفر في اللغة الجديدة هي أن تكون عامة لتخاطب جميع الأذهان، فمن أهم خصائص العلم المضبوط أن تكون مفاهيمه ومصطلحاته عامة بحيث يستطيع كافة العلماء التعامل معها. وأن تصير قابلة للتغيير والتبديل ذات طابع عقلي غير قطعية لأن الثبات والقطعية والتوفيق في اللغة كل هذه الصفات تجعل منها مغلقة لا تقبل التجديد في ألفاظها وفي معانيها وفي وجودها ككل. ومما هو أساسي في اللغة يجعلها ذات وظيفة في الفكر وفي النفس وفي المجتمع وفي التاريخ والحضارة ارتباطها بما يقابلها في الحس والمشاهدة والتجربة أي ارتباطها بالواقع الذي تعيش فيه تكويناً وتعبيراً وتواصلاً وتجديداً. فالواقع هو المرجع والمحك للمعاني داخل الإشارات اللغوية. وبهذا يُصان الفكر من الألفاظ الخاوية وتختفي عزلة الفكر والمفكرين. والطابع الإنساني للغة يجعل الإنسان يستعملها مهما كان اتجاهه الفكري أو عقيدته، أما اللغة الخاصة فهي اصطلاحية تشير إلى مقولات غير إنسانية إذا عرفت التأويل والتفسير وتغذّت من مدلولات إنسانية. واللغة الجديدة في الواقع العربي والحالي لا ينبغي أن تكون مستعربة أو معربة بواسطة النقل الحرفي والصوتي للغات أخرى. بحجة قصور اللغة العربية، فذلك دعوة إلى ثقافات أخرى دخيلة. 'فالتراث والتجديد' جاء ليعبر عن فعل جماهيري ثقافي وطني يقرؤه الجميع، ويصيغ لغة واحدة مشتركة يستعملها جميع المثقفين بصرف النظر عن اتجاهاتهم المتباينة.
    وفي 'التراث والتجديد' نجد ارتباط التجديد باللغة الجديدة وارتباط هذه اللغة بمنطق علاقة أبعاد الفكر فيما بينها، اللفظ والمعنى والشيء وفي هذا يقول 'حسن حنفي': "يمكن إخضاع التجديد اللغوي إلى منطق محكم يقوم على التعبير المطابق للمعنى والذي يقوم بوظيفته في الإيصال. فالمنطق اللغوي يشمل جانبين جانب التعبير وجانب الإيصال. وهما لا ينفصلان بل يشيران معاً إلى حياة اللفظ ودورانه بين المتحدث وبين السامع. ويمكن وصف هذا المنطق لتجديد اللغة بطرق ثلاث: إما بالانتقال من اللفظ التقليدي إلى معناه وإمّا بالانتقال من معنى اللفظ التقليدي إلى لفظ جديد، وإما بالانتقال من الشيء نفسه الذي يشير إليه التقليدي إلى لفظ جديد." بالنسبة للحالة الأولى وهي الانتقال من اللفظ التقليدي إلى لفظ جديد لا لكون اللفظ القديم معيب لذاته بل لارتباطه بالتاريخ وتجريده من التاريخ لا يضمن صلاحيته مثل لفظ الإجماع أو الاجتهاد أما لفظ الخبرة بين الذوات أو التجربة المشتركة فهو لفظ معاصر ويدل على معنى اللفظ القديم دون كشف لعيوبه. أما بالنسبة للانتقال من المعنى الضمني إلى اللفظ الجديد، ففي حالات كثيرة يكون اللفظ القديم في معناه غير قادر على التعبير والتواصل فيعبر عن معناه الضمني بلفظ آخر جديد يكون قادراً على التعبير عن هذا المراد الضمني وتبليغه مثل التعبير عن معنى الكفّارة والحد بألفاظ جديدة مثل لفظة السلب ولفظة الإيجاب أو السالب والموجب. أما التجديد اللغوي بالانتقال من الشيء المشار إليه إلى لفظ جديد يقوم لوجود شيء يحتاج إلى لفظ يدل عليه و يحدث الأمر نتيجة التفاعلات الحضارية الفكرية والمادية كما يحدث نتيجة التطور والازدهار الحضاري في حياة الإنسان في جميع مستوياتها. "وأنه من التجاوز أن يسمى هذا اللفظ جديداً لأن ليس له مقابل تقليدي يعادله أو يوازيه بل نشأ نشأة تلقائية للتعبير عن الموضوع والإشارة إليه. فمثلاً ألفاظ صورة ومضمون وموضوعية، ألفاظ جديدة يمكن بواسطتها التعبير عن الهيكل العام لعلم أصول الفقه."
    لم يكتف 'حسن حنفي' بمنطق التجديد اللغوي الثلاثي الأبعاد والمكونات والذي يعطي قدرة كبيرة على التعبير عن المدلولات والبناءات المثالية الموروثة التي أغلقتها اللغة القديمة. بل اعتمد على مستوى حديث للتحليل في نظره يعطي مجالا خصباً وواسعاً تتكشف فيه خصوبة التراث واتساعه. ويعني بمستوى التحليل "المنظور الذي يُنظر منه إلى تراث.وهذا لا يتم إلا برؤيا معاصرة له. فالتراث يمكن قراءته بمنظورات عدة كلها ممكنة، والتجديد هو إعادة قراءة التراث بمنظور العصر. ليس معنى ذلك أن القراءات القديمة له خاطئة أو أن القراءات المستقبلية له غير واردة. بل كلها صحيحة، ولكن الخطأ هو قراءة التراث من المعاصرين بمنظور غير عصري. هنا يكمن الخطأ، خطأ عدم المعاصرة." والمستوى الحديث لتحليل الموروث القديم هو مستوى الشعور. لأن الشعور "مستوى أخص من الإنسان، وأهم من العقل، وأدق من القلب وأكثر حياداً من الوعي، يكشف عن مستوى حديث للتحليل موجود ضمناً داخل العلوم التقليدية نفسها ولكن نظراً لظروف نشأتها لم يوضع في مكان الصدارة، ولم تعط له الأولوية الواجبة، ولكن يُفهم ضمنا، ويُقرأ فيما بين السطور... لم يظهر الإنسان واضحاً في الحضارة كبعد مستقل كالإلهيات أو الطبيعيات لأن الإنسان كان موجوداً بالفعل. ومع ذلك فنجد أن الإنسان و بوجه أخصّ الشعور موجود ولكنه متخفيا وراء الإلهيات وداخل العلوم التقليدية." فكل العلوم التقليدية العقلية النقلية أو العقلية أو النقلية نشأت في الشعور الذي يظهر في البنية الثلاثية لأصول الفقه، الأدلة واللغة والأحكام وكذلك في الفلسفة وأصول الدين والتصوف والفقه والسيرة وغيرها. "ونصوص الوحي ذاتها نشأت في الشعور، أما في الشعور العام الشامل وهو ذات الله أو في الشعور المرسل إليه والمعلن فيه، وهو شعور الرسول أو شعور المتلقي للرسالة، وهو شعور الإنسان العادي الذي قد يشعر بأزمة فينادي على حل ثم يأتي الوحي مصدقاً لما طلب." وإذا كان القرآن عبارة عن مواقف يعمل فيها الشعور العام وكانت السنّة مواقف إنسانية يعمل فيها شعور النبي فإن في الإجماع والاجتهاد مواقف إنسانية يعبر فيها عن التجارب المشتركة والتجارب الفردية، فهذا يعني أن الشعور أساس المعرفة والوجود قديماً وحديثاً وفي عصرنا، ولغته لغة شائعة وهو جزء من وسطنا الثقافي بواسطته تتكشف الحقائق ويصبح العقل التجديدي المعني بالموروث أمرا ًممكناً.
    يقترح 'حسن حنفي' فيما سبق منهجين لتجديد التراث، المنهج اللغوي والمنهج الظاهراتي الشعوري على أساس عجز اللغة الكلاسيكية عن التبليغ والتواصل، وعجز المناهج في الساحة الثقافية عن حلّ أزمة التراث والتجديد لكونها تقع في خطأ قراءة التراث وتحليله بمنظور غير عصري، خطأ عدم المعاصرة. ويؤكد على اللّجوء إلى مستوى ثالث إلى جانب منطق اللغة ومنطق الشعور هو مستوى تغيير البيئة الثقافية لأن العلوم التقليدية التي تمثل موروثنا نشأت في واقع معين له ظروفه وأحواله والعلوم ليست مطلقة حدثت وتثبتت بصفة مطلقة، فالعلم نسبي ومتطور باستمرار، فالبناء في العلم لا يتغير بينما مادته تتغير تعطيها البيئة الثقافية المعينة في الزمان والمكان، وهذا ما فعله فلاسفة الإسلام إذ غيّروا مادة الفلسفة اليونانية بمادة إسلامية، ففي أصول الفقه طغت العبادات على المعاملات، وفي أصول الدين طغت مشكلة التوحيد على مشاكل الإنسان الاجتماعية وتكثر في الفلسفة المشكلات التي لم تعد مواكبة لعصرنا الحاضر لارتباطها بظروف نشأتها في عصرها الماضي. "أما الآن فهذه المادة لم تعد ذات دلالة فالأفلاك موضوع لعلم الفلك، والطبيعة موضوع لعلم الطبيعة، والعقل والنفس موضوعات لعلم النفس، والتوحيد ذاته موضوع لعلم النفس والاجتماع لتحديد نشأة الأفكار الدينية في ظروف نفسية واجتماعية معينة اضطهادا أو غلبة... إن الخطر علينا الآن هو الخرافة والأسطورة والخلط بين المستويات...وهناك مشاكل تاريخية خالصة لا تلزم العصر الذي نعيش فيه... كل ذلك حوادث تاريخية صرفة ووقائع لا تهمنا إلا من حيث أنها تحقيق لنظم، وحتى في هذه النظم يفرض واقعنا المعاصر نظمه ولا يحتاج إلى شرح للنصوص أو تأويل للماضي مناف لتطور الحاضر ومانع له."
    يؤكد 'حسن حنفي' على إمكانية تغيير المادة العلمية والتأسّي بالقدماء مع تعاطيهم مع الحضارات والثقافات والديانات الأخرى. فتجديد مادة العلم تتم بتجريد الموضوع من كافة شوائب الحضارات التي علقت به وبمعناه وبكيفية عرضه وتحليله وبنتائج فهمه. ويُعاد بناء الموضوع الأولي، بناء معناه بعد أن تجرّد من الشوائب، والبناء يكون داخل الشعور والواقع ثم إطلاق المعنى حتى يتجاوز حدود اللفظ فتصبح المعاني مباحث الوجود العام وإطلاق المعنى يكون من الاشتقاق ويمكن إطلاقه مجازاً إذا اقتضى الأمر ذلك. ولما كانت الغاية من تغيير البيئة الثقافية هو اكتشاف الواقع في العصر الحاضر والعيش فيه بدل من العصر القديم وثقافته من خلال قراءة هذه الثقافات وتجديد مادتها، هذا لا يحصل إلا من خلال تحليل القديم وتخليصه من الشوائب وتحليل المعاصر بواسطة نظرية في التفسير تعطي موقفاً من الواقع ثم مقابلة القديم بالمعاصر، "أو تركيب الأولى على الثانية وتأسيس الموضوع المثالي على الواقع العصري، وإعطاء النفس بدناً، والروح طبيعة والفكر واقعاً، والله عالماً. وهناك لا يخطئ الباحث فهو ليس مسئولا عن الموضوع المثالي ولا عن روح العصر وإنما مسؤوليته في توجيه أحدهما بالثاني والربط بين القديم والجديد، وإحياء التراث، وتأصيل العصر." كل هذا ليبدأ 'حسن حنفي' في محاولاته لإعادة بناء العلوم التراثية على الرغم مما تواجهه هذه المناهج التجديدية من صعوبات ومشاكل في الواقع المعاصر


  2. #2
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: مناهج التجديد في مشروع التراث والتجديد

    دكتور جيلالي بو بكر الفاضل

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

    أشكرك على طرحك الكريم ، ولو تتكرم لي لدي استفسار

    يرى الأستاذ " حسن حنفي " التجديد في اللغة ، والتجديد في اللغة يشمل الألفاظ والمعاني ..

    فهو يرى أن هذه ألفاظ تاريخية تراثية تناسب حقبة ما ..

    طــــــيب ...

    هناك ألفاظ نص بها القرآن الكريم الذي هو كلام الله تعالى ... فهل تعتبر ألفاظ القرآن الكريم تراث قديم ؟!! فمثلا الكفارات والحدود هو عبر عنها بالسالب أو الموجب هل فعلا لفظ السالب والموجب يكون أعمق دلالة ومناسب للغة العصر أكثر من اللفظ القرآني ؟!!


    تحياتي وتقديري لشخصك الكريم

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •