عجز الأحزاب حتى الآن عن استكمال قوائمها الانتخابية
هل هو عجز في كوادرها أم صراع في ترتيب قوائمها
الدكتور عادل عامر
استعداد القوى السياسية للانتخابات البرلمانية الأولى بعد ثورة 25 يناير وسط مخاوف من عودة "الوطني" إلى المشهد السياسي كان تبذل لجنة التنسيق الانتخابي بالتحالف الديمقراطي قصارى جهودها للانتهاء من قوائم التحالف خلال ساعات على أقصى تقدير أن القانون يمنع خوض مجموعة من الأحزاب الانتخابات باسم أي تحالف أن حزب الحرية والعدالة ـ الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين ـ يخوض الانتخابات بنحو 83 مرشحا على المقاعد الفردية لمجلس الشعب بينما يخوض التحالف الديمقراطي الانتخابات بنحو 678 مرشحا. الآن إقبالا كبيرا من (فلول) أعضاء الوطني المنحل على الترشح على المقاعد الفردية في الدوائر الانتخابية وزيادة عدد المرشحين بمحافظات الصعيد عن الدوائر الانتخابية بمحافظات الدلتا وإحجام الأحزاب حتى الآن عن إعلان قوائمها الانتخابية واستمرار اتصالاتها بالراغبين في الترشح لاستكمال المقاعد الخالية في القوائم الحزبية ومحاولاتها جذب العائلات الكبرى في الريف والصعيد لخوض الانتخابات. إن إصدار قانون العزل السياسي بعد تلقي أوراق بعض المرشحين من الأعضاء السابقين في الحزب الوطني المنحل «لن يعوق تطبيقه عليهم حال إصداره من جهة أخرى، حيث شكل حزبا النور والأصالة السلفيان أول تحالف، ويسعيان لضم حزبي العمل والوسط إليه،والتنمية والسلامة الجناح السياسي للجماعة تشكيلُ القوائم الانتخابيّة ليس عمليّة بريئة، فهو يقول ما لا تقوله البيانات، ويضع الشعارات على محكّ الممارسة، ويؤكّد أو يُفنّدُ النوايا المُعلنة، ويكشف عن الرؤى الفكريّة والسياسيّة التي قد لا تكشف عنها الخُطَبُ والبرامج. وإذا كان من السابق لأوانه تحديد ملامح المشهد السياسيّ لما بعد الانتخابات النيابية فإنّ من المُغري قراءة القائمات المترشّحة بوصفها مؤشّرًا على الذهنيّة التي أصبحت أو ما انفكّت تحكمُ الأطراف السياسيّة، حتى الآن.
من هذا المنطلق أريد التوقّف عند أربع نقاط:
أوّلاً تقديم المستقلين حزبيا بنسبة 40 بالمائة من الدوائر.
ثانيًا عجزُ أكثر من 50 حزبًا عن تقديم أيّ قائمة انتخابيّة في أيّ دائرة من الدوائر.
ثالثًا ترشُّحُ عدد من «نجوم» المال وفلول الحزب الوطني في عدد من الدوائر
رابعًا غيابُ المرأة عن رئاسة القوائم بنسبة مناقضة أو في الانتخابات الفردية
والمستقلّون هم في نظر البعض خزّانٌ لن تلبث الأحزاب أن تستمدّ منه طاقتَها، بينما هم في نظر البعض الآخر أيتامُ العمل الحزبيّ المريض وثمرةُ سلوك عدد من الأحزاب تُجاه نشطاء المجتمع المدنيّ الذين تواصل تهميشهم لعدم إتقانهم لعبة البراغماتيّة السياسيّة. من الممكن طبعًا أن يختلف حساب البيدر عن حساب الحقل وأن تكشف لنا التحالُفات عن أنّ مستقلّين كثيرين لم يكونوا كذلك. إلاّ أنّ من بين المترشّحين من لاشكّ في استقلاليّته. وفي انتظار نسبة الذين سيحصلون فعلاً على مقاعد، يمكن القول إنّ ضخَّ المجلس بعددٍ كافٍ من المستقلّين سيكون ظاهرة إيجابيّة، لأنّه يضمن وجود إلكتروناتٍ حرّة لا تخضع لمنطق الحساب السياسيّ المحض وضمائرَ مُستنفرة لا تحكمها قواعد الانضباط الحزبيّ. أمّا عجْزُ عددٍ كبير من الأحزاب (يكاد يبلغ نصف عدد الأحزاب المرخّص لها) عن تشكيل قوائم انتخابيّة، فالبعض يراه دليلاً على صعوبة تجديد المشهد السياسيّ المصري في ضوء مخلّفات الاستبداد، بينما يراه البعض الآخر برهانًا على ظهور أحزاب كثيرة بغاية التموقع والتربّح من السياسة، وهو جزءٌ من تبعات الترخيص العشوائيّ للأحزاب بعد سقوط النظام البائد، وكأنّ الهدف بلبلة المشهد السياسيّ وجعله قابلاً للاختراق. إلاّ أنّه قد يعني أيضًا، بمنطق العرض والطلب، أنّ جانبًا كبيرًا من العرض السياسيّ المصري ليس استجابة إلى طلبٍ بقدْر ما هو انتصابٌ فوضوي وابن طبيعيّ لحالة الانفلات العامّ. وأيًّا كان الأمر فهو ظاهرة طبيعيّة في مثل هذه المراحل، وكم من صغير يكبر وكم من كبير يتلاشى. والمستقبل كفيلٌ بالفرز، ليذهبَ من الأحزاب ما هو زبد ويبقى ما ينفع الناس. نصل الآن إلى مسألة حضور بعض النجوم في عدد من القوائم. البعض يراه ضخًّا لدماء جديدة وخروجًا من دائرة الاحتراف السياسيّ الضيّقة واستئناسًا بوجوه من مجالات مختلفة يمكنها الإسهام كلٌّ من مجال اختصاصه. وهو أمر طبيعيّ ومطلوب. فالمجلس، مثل كلّ تشكيلة مُنتخبة، يجب أن يكون تعبيرًا عن مختلف مكوّنات المجتمع. وقد رأينا في العديد من بلاد العالم نجومًا من هذا النوع تشارك في العمل السياسيّ فإذا هي تقدّم الإضافة وتثبت أنّها ليست ديكورًا وأنّ حضورها ليس صوريًّا وأنّها لم توضع هناك للزينة أو مثل الدمى المُحرّكة. إلاّ أن ذلك مشروط بأن يكون لهذه الوجوه شروطُ كفاءة وجدارة غير الثراء أو الوجاهة أو الشهرة، وأن يكون لحضورهم دواعٍ تتجاوز منطق البراغماتيّة وحسابات الكسب الانتخابيّ المحض، قريبًا ممّا كان ينتهجه التجمّع. بقيت الآن نسبة حضور المرأة في رئاسة القوائم. ولنلاحظ بدايةً أنّ من الأحزاب والتحالفات الحزبيّة المترشّحة من كان وفيًّا لمبدإ المناصفة فعلاً في تشكيل القوائم وفي اختيار رئيس القائمة. إلاّ أنّ من سار على هذا النهج أقلّ بكثير ممّن خالفه. البعض يعزو ذلك إلى أسباب موضوعيّة من بينها ارتطامُ فكرة حضور المرأة بجدار الواقع في ظلّ ذهنيّةٍ ذكوريّةٍ عامّة، والخشية من تقليص حظوظ بعض القوائم في عدد من الجهات. والنتيجة: شبهُ انقلابٍ على مبدأ المناصفة يكاد يُغري بالزعم أنّ إقراره لم يتمّ عن قناعة حقيقيّة.
مُجمل القول
إنّ ملامح القوائم الانتخابيّة المترشّحة تكشف عن جانب كبير من المكتوم السياسيّ. وفي هذا المكتوم ما يُبشّر بالجديد إلاّ أنّ فيه أيضًا الكثير من القديم المُستعاد. ممّا يعني أنّ أمامنا عملاً كبيرًا قبل أن تتغيّر العقليّات والذهنيّات، وقبل أن يتمّ فعلاً القطع مع الثقافة السياسيّة القديمة الغالبة على خلفيّة تشكيل القوائم الانتخابيّة، ثقافة تغليب الرصيد الماليّ على الرصيد الثقافيّ، وتغليب بريق الشهرة على بُعد النظرة، وتغليب الشطارة على الجدارة، وتغليب الولاء على الكفاءة، وتغليب الحسابات السياسواتيّة على الفكر السياسيّ.
إن الصراع الدائر الآن حول مسألة ترتيب القوائم اثبت الصراع الدفين في الثقافة السياسية المصرية التي تعمل من خلال رؤية فردية وليست مؤسسة حزبية سياسية إن التحالف الديمقراطي من اجل مصر الذي يضم 43 حزبا تأجيل اجتماعه الذي كان من المقرر عقده أمس بمقر حزب الحرية والعدالة وذلك لحين الانتهاء من أعداد القوائم الانتخابية للتحالف في شكلها النهائي بعد إعلان حزب الوفد خوضه للانتخابات بقائمة منفردة بالتحالف انه تم البدء في اتخاذ الإجراءات التنسيقية واستعراض أسماء ومرشحي كل حزب بهدف إعلان القائمة الموحدة النهائية وانه تم التنسيق مع أحزاب الغد الجديد والكرامة والناصري والأصالة والإصلاح والنهضة ومصر الحرية والبناء والتنمية وجار استكمال التنسيق مع بقية أحزاب التحالف. إن التحالف الديمقراطي مستمر وبقوة رغم انسحاب حزب الوفد إن أحزاب التحالف عقدت اجتماعا مغلقا بمقر حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين وتم خلاله الاتفاق علي إعادة صياغة لجنة التنسيق الانتخابي برئاسة د. وحيد عبد المجيد وعضوية سعد عبود ود. محمد البلتاجي ود. أيمن نور وتكون قرارات هذه اللجنة منفصلة تماما عن الأحزاب ومختصة بالتحالف. إن الاجتماع تطرق إلي وضع معايير اختيار المرشحين علي قوائم التحالف بشكل موضوعي بحيث تتضمن وجود شخصيات عامة وطنية وكذلك أفضلية للنواب السابقين أصحاب السجل الوطني المشرف ومنع تسرب فلول الوطني لقوائم التحالف بالإضافة إلي ضرورة ضم النساء والأقباط ومرشحي شباب الثورة إلي القوائم. إن هذا التحالف لكل مصر وعلي رأسهم د.عمرو هاشم ربيع وضياء رشوان ود.عمرو الشوبكي وجورج إسحاق كما تم اقتراح بعض نجوم الفن والرياضة للترشح علي قوائم التحالف مثل مني عبد الغني وإيمان البحر درويش وغيرهم من المنتظر إن توجه إليهم الدعوة واستطلاع أرائهم لخوض الانتخابات علي قوائم التحالف خلال ساعات.
أن النسب الانتخابية سوف يتم تقسيمها كالتالي 45% لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين و10% لحزب الغد و %8للحزب الناصري و8% لحزب الكرامة و6% لحزب العمل و2% لحزب مصر الحديثة وباقي الأحزاب تحصل علي 1% من المقاعد بما يعادل خمسة مقاعد وتوافقت معظم الأحزاب علي ذلك.
أن عدداً من الأحزاب الليبرالية أجرت اتصالات بقيادات حزب الوفد من أجل التحالف معه في الانتخابات القادمة عقب انسحابه من التحالف وشمل العرض منح الوفد 50% من المقاعد لكن قيادات الوفد رفضت وفضلت خوض الانتخابات عبر قائمة منفردة خاصة بعد أن وصل الراغبون في الترشح في الانتخابات داخل الحزب إلي نحو 900 متقدم.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي