الخاطرة الرمضانية الـ(21) للأستاذ/عبدالجبارسعد ، خصصها للشاعر والشخصية التاريخية المعروفة والمثيرة للجدل حتى التاريخ الحسن بن هاني الملقب (بأبي نواس) ، فقال :


الحسن بن هاني ( أبو نواس )
~~~~~~~~~~~~~~~~~

أبو نواس امتلأت الأقاصيص الشعبية بطرائفه وأشعاره حتى نسب إليه ما ليس له واختلط الخيال بالواقع من حكاياته لكنه كان أديبا وظريفا وشاعرا لا يشق له غبار. قيل أنّه حفظ ستين ديوانا من شعر النساء فضلا عن الرجال بل كان ضليعا في العلوم الشرعية وحفظ الحديث حتى أنّه ينسب لسيدنا الإمام أبي حنيفة قوله .. " لولا مجون الحسن بن هاني لكتبت عن الحديث".
ذات يوم سمعت له من أحد الأساتذة أبيات من الشعر هي قوله..
وَإِذا المَطِيُّ بِنـا بَلَغـــنَ مُحَمَّــــداً
فَظُهورُهُنَّ عَلى الرِجـــالِ حَـــرامُ
قَرَّبنَنا مِن خَيرِ مَن وَطِئَ الحَصـى
فَلَــهـــا عَلَينـــا حُرمَـــةٌ وَذِمـــامُ
رُفِعَ الحِجابُ لَنا فَـــلاحَ لِنـــاظِــــرٍ
قَمَـــرٌ تَقَطَّـــعُ دونَـــهُ الأَوهـــــامُ
فقلت في نفسي سبحان الله إن كان قد قال هذا في سيد الخلق عليه الصلاة والسلام فما ضره بعدها أن يقدم على مولاه بغير زاد سواها.
ورجعت إلى ديوانه فوجدت هاتين البيتين في قصيدته التي مطلعها ..
يا دارُ ما فَعَلَت بِكِ الأَيــّامُ ** ضامَتكِ وَالأَيّامُ لَيسَ تُضامُ
ولشد ما أدهشني أنها كانت في مدح الخليفة محمد الأمين بن هارون الرشيد من زوجته زبيدة
فقلت في نفسي لو كان هذا في غير هذا.
ولكن أبا نواس يقول في هذه القصيدة وهي بشارات الرجوع إلى الله وهو يشرح ما مرّ به من حياة اللهو وندمه عليها فيقول..
وَلَقَد نَهَزتُ مَـعَ الغُـــواةِ بِدَلوِهِـــم
وَأَسَمتُ سَرحَ اللَهوِ حَيثُ أَسامـوا
وَبَلَغتُ ما بَلَـــغَ اِمـــرُؤٌ بِشَبــابِـــهِ
فَـــإِذا عُصــــارَةُ كُـــلُّ ذاكَ آثــــامُ
أبو نواس رؤي بعد موته في المنام من أحد أصحابه فقال له ما فعل الله بك قال غفر لي بأبيات كتبتها في نهاية عمري وتركتها تحت وسادتي فعادوا إلى تلك الأبيات فإذا فيها..
يا ربُ إن عظمت ذنوبي كثــــرة
فلقد علمت بأن عفوك أعظـم
إن كان لا يرجوك إلا محســــن
فبمن يلوذ ويستجير المجــرم
مالي إليك وسيلة إلا الرجــــاء
وجميل عفوك ثم أني مسلم
اللهم أحسن خاتمتنا يا الله وتجاوز عن إساءاتنا بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين.