الأدب رسالة يحملها الأديب لإرسالها للأجيال القادمة قبل الأجيال الحالية،رسالة تنوء من حملها الجبال لثقلها وخطورتها،فالكاتب مُحاسب في الدارين.
وضعت هذا الاستهلال،وأنا أتقطع ألما عن حال أدبنا العربي الذي صار يُباع في أسواق النخاسة بأبخس الأثمان.
حين كان الأدب لا يصل القارئ إلا عن طريق الورق،كانت هناك ضوابط ،وقد استغلها البعض لضرب طوق على المغمورين والذين لا يقدمون الولاء،كان هذا هو العيب البين والخطير.ولكم كانت هناك حسنات ،فلن يستطيع أحد أن يدعي أنه أديب إلا إذا كان كذلك،لأن الميدان كان محروسا بالأدباء الحقيقيين،والغيورين على الأدب الذين لا يتركون الباب مشرعة على عواهنها.
واليوم،ومع شيوع الشبكة العنكبوتية،اختلط الحابل بالنابل،وجاء أدب الأنثى ليطفو على السطح،تتبعناه فوجدنا فيه الصالح ليس في هذا شك،وجدنا أديبات يزخرفن الحرف وينقشن الكلمات بمداد الفؤاد،هن مبدعات حقا،منحتهن الشبكة العنكبوتية مساحة كي تزخرفن رقعة الأدب العربي بقوة البوح والمحكي،هؤلاء من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وثلة أخرى اتخذن الأدب مطية لتسجيل اسمهن واكتساب الشهرة والباع الطويل،بل منهن من تحلم بالنجومية،فهل غدا الأدب رخيصا لهذه الدرجة؟.
كان الأديب يكتب ويترك الناس من بعده يحكمون ،وكثير من الأدباء لم يتم الاعتراف بأدبياتهم إلا بعدما قضوا،أما اليوم فنرى كل من عرف فك رموز الخط يتطاول على الأدب،بل ويحلم بالنجومية،وهناك من لا يعرف حتى فك طلاسم الحرف ويدعي أنه أديب،وإن ناقشته استشهد لك بهذا المنتدى أو ذاك،وكأن المنتديات التي أُقيمت من أجل بيع الأجساد هي الحكم وهي أصمعي الحاضر.ما أتعس الأدب في البلاد العربية.
زاد من هذه الآفة بعض المراهقات اللواتي تكتبن بأجسادهن،لتطرح غسيلهن على منتديات يتربص فيها قليلو العفة والحياء،بمثل هذه الشريحة من المتأدبات،فالمال العربي موجود ،والمراهقات تعرضن أجسادهن بالمجان ،فماذا سيخسر العربي إن هو نفخ في شخصية هذه الأديبة أو تلك حتى يقضي منها وطرا؟.
ولله في خلقة شؤون،فكم من منتدى تأسس بُنيانه بغرض صناعة أديبات على مقاس اللواتي تتغنين بهز الأرداف وإظهار ما انستر من مفاتن،فهل الأدب الذي كان في جمال الكلمة صارفي جمال الوجه والمؤخرة ؟
ثم هناك أخريات تنتحلن أسماء لأديبات مرموقات،من أجل الشهرة،وأخريات تسرقن قصائد وقطع من هنا وهناك وتنسبنها لنفسهن،وهناك من تطلب من شاعر متمكن من إنجاز قصائد لهن،كما فعل نزار قباني،وكثيرات من تشتري الشهرة بالجسد،ومن تذهب للإتيان بها من هنا وهناك:الأدب بالجسد من يشتري من يبيع؟،يا لسفالة القوم.
فكيف نطهر الساحة الأدبية من مثل هؤلاء؟
كيف نرقى بالأدب من الجنس(بالمفهوم البورنوغرافي)،إلى الجنس الإبداعي؟
كيف نجعل من الأديبات الراقيات قمة الهرم،وننزل بالسافلات إلى الحضيض؟
ماذا سنترك للأجيال القادمة؟سنترك لهم أدب الجسد والجنس والكتابة بالعِرض عوض الكتابة بالدم ؟
أهذه هي الشهادة في الأدب؟
رحمة الله على أدبنا حين صار يتعرى ككاتباته المراهقات.
المفضلات