آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: أربــع نـسـاء

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية محمد المهدي السقال
    تاريخ التسجيل
    12/10/2006
    العمر
    71
    المشاركات
    385
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي أربــع نـسـاء

    قصة قصيرة

    أربعُ نساء

    في انتظار 8 مارس 2001

    محمد المهدي السقال

    حضنتُ البُنَيَّة كما يحضن مُودِّعُُ أمَّهُ في لحظة فراقٍ غير مأمون العودة ,
    لم تكن أكثر من قطعة خشب بين ذراعيَّ , هل بدأت تكبر !؟
    تواصل التحديق في السقف , لعل العناكب العالقة تتحرك ,
    نظرتُ إلى عينيها مُتَجَرِّعاً لامبالاة طفولة بريئة , وحدها في البيت لا تعرف وجهة سفري إلى بلاد بعيدة , تحاشينا التكتم , لا يبدو عليها اهتمام بالموقف , لمحتُ أمي تراود نفسها للتظاهر بالصبر, بينما عينُ زوجتي على يديَّ تمسكان بانفعال ظهر الطفلة إلى صدري ,
    في سن الثامنة , تأخذ ملامح الأنثى في التبلور ,
    رغم انكفاء وجهها بحضن كتفيَّ , كنتُ أتلمَّسُ تفاصيل استدارة زرقة البؤبؤ, بشرتها الناصعة لا تشبهها غير صورة "مريم" على الحائط منذ أربعين عاما , وعيتُ في سن العاشرة بوجود امرأة في البرواز , سموها مريم , تتوسط شمساً ذائبة الجنبات بأشعة أرجوانية , ثم عرفت أنها العذراء , ولم تكن في ذهني أية فكرة عن عذريتها الجنسية , أما " خديجة " , فقد كانت ساعتها وفي حدود علمي عذراء ,
    هل سأجدها كذلك بعد غيبة خمس سنوات ,
    ظلت أمِّي صامدة تقرأ في نظراتي حُرقة الافتراق , بينما ظلَّتْ نظرات زوجتي حادَّة تلتصق بابتسامة عريضة انفرجت لها أسارير الصغيرة ,
    تطلعتْ إلى خدِّي تودُّ أن تقَبِّلُه , شفتاها الدافئتان , لم تلْحقا غير ذقني المُشوَّك ببداية نبْتِ شُعَـيْرات عمرها أقل من أسبوع ,
    منذ أُبْلِغْتُ بموعد الرحيل إلى منفاي الاختياري , لم أفكِّر في تمرير موسى على وجهي ,
    طالتِ الانتظارات , ولولا هذا العقد الذي كلَّف زوج أختي خمسة ملايين , لكنت إلى الآن أرشف مرارة الغد مُعَـطَّلاً بقوة القانون , ينُصُّ قرار عَزْلي عن الوظيفة , بعدم السماح لي بامتهان أي عمل في المؤسسات الحكومية ,
    كم كنت أضحك من نفسي , حين أتذكَّر أنني لم أتقن عملاً يَدوياً واحداً ,لا أعرف كيف أمسكُ حتَّى بمطرقة ,
    ظلت حرفتي الوحيدة الكتابة في جريدة الحزب , حتى كانت تلك المقالة التي قصمت ظهر البعير :
    لا غالب إلا عصا الوزير .
    هـلل الجميع لاجترائي , لكنهم لم يلبثوا أن نسوا اسمي و وجودي , تلك حكاية أخرى ,
    تحركتْ " خديجة " تحاول الوقوف على قدميها , علا وجهَ زوجتي انشراحُُ بعد ضيق , وخجلاً من حضرة أمي, لم أضُمَّها إلى صدري كما كنتُ أفعل في خلوة الوصال , شددتُ على يدها بحرارة , أعلم قسوة انتظارها خمس سنوات إن بقيت في العمر بقية , كنت أتسَمَّعُ شكواها من عُقْم أحَديْنا , رغم تأكيد الطبيبة بأن المشكل ليس منها , لم تُشعِرني بأدنى حَرج ,
    أكثر من مرة , تواعدنا على أن أعرض نفسي على الطبيب , لإجراء تحليلات السائل المنوي , لكن كل مرة , كان يطرأ عارض قاهر يحول دون ذلك , لحسن الحظ أنها كانت تعي الظروف وتتفهم تخلُّفي عن ذلك ,
    انسحبت خديجة إلى المطبخ , ارتمتْ أمي على صدري فانحنيتُ لأقبلها , بينما كانت زوجتي تسرح خلف خطوات البُنَيَّة , أحسستُ كأنها القبلات الأخيرة, لم تكن نظراتُها إليها كتلك التي رمَتْها بها عينُ الرِّضا , حين جاءتْ بها أمُّها تعرضها علينا , لِسَتْر فِعْلتها خوفاً من العار , كما قالت .

    *****
    محمد المهدي السقال
    المغرب

    عــاشــق الـغـجـريـة

  2. #2
    قاص الصورة الرمزية مصطفى لغتيري
    تاريخ التسجيل
    05/10/2006
    العمر
    59
    المشاركات
    430
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    العزيز محمد المهدي.
    دائما ألمس في قصصك نواة حكائية مكثفة تكاد تنفجر ،تصلع لعمل روائي طويل.. الشخصيات هنا عميقة وموحية ،ومن الحيف دفنها في قصة قصيرة.. أطل مدى عيشها يا رجل..
    تحياتي القلبية.


  3. #3
    عـضــو الصورة الرمزية محمد المهدي السقال
    تاريخ التسجيل
    12/10/2006
    العمر
    71
    المشاركات
    385
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي الصديق مصطفى لغتيري

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى لغتيري مشاهدة المشاركة
    العزيز محمد المهدي.
    دائما ألمس في قصصك نواة حكائية مكثفة تكاد تنفجر ،تصلع لعمل روائي طويل.. الشخصيات هنا عميقة وموحية ،ومن الحيف دفنها في قصة قصيرة.. أطل مدى عيشها يا رجل..
    تحياتي القلبية.
    صديقي

    القاص مصطفى لغتيري

    بصدق ,
    وعملا بملاحظاتك ,
    أخذت في استفتاء نفسي حول إمكانية كتابة رواية , علما ـ وأنت أدرى ـ بأن مجاهل النص السردي القصير أصعب ,
    شكرا أخي على التوجيه الذي أقدر نبل دوافعه .
    أخوك
    محمد المهدي السقال

    عــاشــق الـغـجـريـة

  4. #4
    عـضــو الصورة الرمزية اشرف الخريبي
    تاريخ التسجيل
    27/10/2006
    المشاركات
    220
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    الكاتب الجميل محمد المهدى

    ربما اختلف قليلا عن صديقى العزيز مصطفى - ليس اختلاف بقدر ما هو رؤيا مغايرة خاصة
    فى لمحة البناء الذى تجيده بعناصر الأختزال والتكثيف والتى تحيط بالحكاية او بعضا منها
    وكذا الشخصيات والمكان ليظل هذا الجزء الظاهر على السطح هو المعطى الأكثر قربا منا كمتلقين
    وهو الأكثر كشفا لعالم يبدو عميقا شديد الغور وهذا بحد ذاته جلالة الأختزال والتكثيف
    ونصاعة الرؤيا للعالم

    احييك على براءة تبدو فى السطح وخبرة عميقة فى الخفاء

    محبتى لكما
    وشكرى للعزيز مصطفى الذى يلهمنا الكلام


    اشرف


  5. #5
    عـضــو الصورة الرمزية محمد المهدي السقال
    تاريخ التسجيل
    12/10/2006
    العمر
    71
    المشاركات
    385
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اشرف الخريبي مشاهدة المشاركة
    الكاتب الجميل محمد المهدى

    ربما اختلف قليلا عن صديقى العزيز مصطفى - ليس اختلاف بقدر ما هو رؤيا مغايرة خاصة
    فى لمحة البناء الذى تجيده بعناصر الأختزال والتكثيف والتى تحيط بالحكاية او بعضا منها
    وكذا الشخصيات والمكان ليظل هذا الجزء الظاهر على السطح هو المعطى الأكثر قربا منا كمتلقين
    وهو الأكثر كشفا لعالم يبدو عميقا شديد الغور وهذا بحد ذاته جلالة الأختزال والتكثيف
    ونصاعة الرؤيا للعالم

    احييك على براءة تبدو فى السطح وخبرة عميقة فى الخفاء

    محبتى لكما
    وشكرى للعزيز مصطفى الذى يلهمنا الكلام


    اشرف
    أخي أشرف
    القاص والقارئ الأجمل
    حدثت الأخ مصطفى عما يراودني من تفكير , حول التعامل مع النص السردي الروائي ,
    غير أنني إلى إشعار آخر ,
    أظل متعلقا بالقصة القصيرة , كاختيار فني للتعبير عن رؤيتي للواقع والوجود ,
    رغم اجترائي على الشعر أحيانا , لتمثل لحظة كينونة أراها بحاجة إلى موسيقى أو إيقاع .
    أخي أشرف
    عكست بتعليقك هموم التجاذب بين الظاهر التعبيري والخفي الذهني , خلال الاشتغال على النص السردي القصير ,
    لأن ثمة صراعا لا أراه إلا عنيفا ,
    بين الرغبة في التماهي مع الذات خلال نزوعها إلى البوح ,
    والرهبة من الافتضاح أمام تفس تلك الذات , بالسقوط في المباشرة دون تكثيف ورمزية فنية إيحائية.
    تحياتي
    أخي أشرف
    محمد المهدي السقال

    عــاشــق الـغـجـريـة

  6. #6
    أستاذ بارز الصورة الرمزية حسام الدين نوالي
    تاريخ التسجيل
    19/10/2006
    العمر
    46
    المشاركات
    641
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    أربع نساء قبالة الريح يعصفها الحزن وانتظار مبهم هن أربع نساء من أجيال مختلفة في نقطة تحول يخلقها غياب الرجل.. الذكورة فعل مرّ: "عصا الوزير" التي نصبها النظام أو"انتصبت" لوحدها هي العنصر المحول والفعل الخالق لارتباك وحزن الأسرة.. وبالمقابل هناك رجل "عقيم" كانت زوجته تحدثه عن "عقم أحديهما" - وهو عقم غير خلقي إذ عقب إنجاب الطفلة- مع أن الطبيبة أكدت أن الزوجة سليمة، وهناك رجل آخر غائب ترك عارا تسعى امرأة لستره في دار الراوي..
    وإذا كانت الذكورة في النص إما عنفا يفصل من الوظيفة ويُحزن ويُبعد.. أو غيابا سواء بفعل العقم أو الرحيل أو الهروب، فإن الأنوثة بالمقابل على طول النص هي فعل حيادي أحيانا وإيجابي حينا آخر كما في في حالة البحث عن ستر العيب..
    وفي انتظار 8 مارس 2001 ما الذي ستفعله أربع نساء سيخرجن كالعادة في مسيرة ضد العديد من النصوص التشريعية وضد "عصا الوزير"، ..الأكيد أنهن سيخرجن من دون مؤازرة رجل.. لأن الرجل الذي كان سيرحل فيما يشبه رحيل الذكر في قطعان الحيوانات حين يضعف ويقوى بالمقابل ذكر آخر يستأثر بالإناث، ولأن الرجل الذي كان لم يخلف ذكرا..
    هل صار ملف المرأة ملفا نسائيا بالحصر؟
    هناك إضاءة في النص ، مفادها هم السارد حول عذرية "خديجة " في غيابه..والطفلة كانت ""تواصل التحديق في السقف , لعل العناكب العالقة تتحرك" فهو هم إذن عن نقاء الجيل النسائي القادم هم يحلم بشمس تحضنهن مثلما تحضن الشمس مريم العذراء في الصورة.. المشكل أن الفعل بعد الهم هو الغائب، وخطاب النص انتقاد لهذا الغياب ربما لدرجة تجعله يوازن بين العار الذي رحّلته امرأة ليُستر في بيتٍ آخر والعار الذي سيرحل من البيت ليُستر خارج البلاد خمس سنوات..
    من جانب آخر استطاع الكاتب التعامل مع الحكايات الصغرى داخل النص بنسج تتنامى عبره المادة الحكائية الكبرى في سلاسة وتكثيف يجعل المتلقي يتشبث بخيوط عديدة تقوده خطوة خطوة نحو فضاء أرحب في خاتمة النص. وإلى جانب إعجابي بمستوى الكتابة المختزلة والمكثفة في النص التي أشار إليها الأستاذان "مصطفى وأشرف" أنوه أيضا بتقنية الإضاءات الموزعة على طول النص والتي في غيابها سينغلق النص في اختصاراته.
    ويا محمد المهدي أعانقك.

    حسام الدين نوالي- المغرب

  7. #7
    عـضــو الصورة الرمزية محمد المهدي السقال
    تاريخ التسجيل
    12/10/2006
    العمر
    71
    المشاركات
    385
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي أخي حسام الدين

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام الدين نوالي مشاهدة المشاركة
    أربع نساء قبالة الريح يعصفها الحزن وانتظار مبهم هن أربع نساء من أجيال مختلفة في نقطة تحول يخلقها غياب الرجل.. الذكورة فعل مرّ: "عصا الوزير" التي نصبها النظام أو"انتصبت" لوحدها هي العنصر المحول والفعل الخالق لارتباك وحزن الأسرة.. وبالمقابل هناك رجل "عقيم" كانت زوجته تحدثه عن "عقم أحديهما" - وهو عقم غير خلقي إذ عقب إنجاب الطفلة- مع أن الطبيبة أكدت أن الزوجة سليمة، وهناك رجل آخر غائب ترك عارا تسعى امرأة لستره في دار الراوي..
    وإذا كانت الذكورة في النص إما عنفا يفصل من الوظيفة ويُحزن ويُبعد.. أو غيابا سواء بفعل العقم أو الرحيل أو الهروب، فإن الأنوثة بالمقابل على طول النص هي فعل حيادي أحيانا وإيجابي حينا آخر كما في في حالة البحث عن ستر العيب..
    وفي انتظار 8 مارس 2001 ما الذي ستفعله أربع نساء سيخرجن كالعادة في مسيرة ضد العديد من النصوص التشريعية وضد "عصا الوزير"، ..الأكيد أنهن سيخرجن من دون مؤازرة رجل.. لأن الرجل الذي كان سيرحل فيما يشبه رحيل الذكر في قطعان الحيوانات حين يضعف ويقوى بالمقابل ذكر آخر يستأثر بالإناث، ولأن الرجل الذي كان لم يخلف ذكرا..
    هل صار ملف المرأة ملفا نسائيا بالحصر؟
    هناك إضاءة في النص ، مفادها هم السارد حول عذرية "خديجة " في غيابه..والطفلة كانت ""تواصل التحديق في السقف , لعل العناكب العالقة تتحرك" فهو هم إذن عن نقاء الجيل النسائي القادم هم يحلم بشمس تحضنهن مثلما تحضن الشمس مريم العذراء في الصورة.. المشكل أن الفعل بعد الهم هو الغائب، وخطاب النص انتقاد لهذا الغياب ربما لدرجة تجعله يوازن بين العار الذي رحّلته امرأة ليُستر في بيتٍ آخر والعار الذي سيرحل من البيت ليُستر خارج البلاد خمس سنوات..
    من جانب آخر استطاع الكاتب التعامل مع الحكايات الصغرى داخل النص بنسج تتنامى عبره المادة الحكائية الكبرى في سلاسة وتكثيف يجعل المتلقي يتشبث بخيوط عديدة تقوده خطوة خطوة نحو فضاء أرحب في خاتمة النص. وإلى جانب إعجابي بمستوى الكتابة المختزلة والمكثفة في النص التي أشار إليها الأستاذان "مصطفى وأشرف" أنوه أيضا بتقنية الإضاءات الموزعة على طول النص والتي في غيابها سينغلق النص في اختصاراته.
    ويا محمد المهدي أعانقك.
    أخي
    حسام الدين

    تحية تنويه تقدير

    قرأت تعليقك ,
    فشدتني متابعتك القيمة للبنية العميقة في النص ,
    من خلال الإحالة على الشروط التي كانت بالفعل , خلفية الاشتغال على وضعية المرأة ,
    وشدني أكثر ,
    صبرك على احتمال متاهات الحكي ,
    وتحملك تأويل مجازات التكثيف الدلالي والفني في النص السردي .
    أحييك على قراءتك التحليلية ,
    و صدقني القول ,
    بأنني اكتشفت إيحاءات متجددة من خلال متابعتك ,
    أتمنى لهذا الحسام ألا يتوقف عن القراءة النقدية للنصوص السردية , فلا وقت لترك الحسام في غمد يواريه عن الأنظار
    تحياتي
    أخي حسام الدين نوالي

    محمد المهدي السقال

    عــاشــق الـغـجـريـة

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •