محمد جبريل عاشق الإسكندرية:
«نجيب محفوظ» هو الكاتب الوحيد صاحب فلسفة حياة

محمد جبريل أحد أهم كتاب جيل الستينيات الأدبي، صدر له أكثر من خمسة وأربعين كتاباً، أعدت عنه عدة رسائل للماجستير والدكتوراه في مصر والعالم العربي، ترجمت أعماله إلي عدة لغات منها: الإنجليزية والفرنسية والألمانية والماليزية، كتب عنه وعن إبداعه القصصي والروائي حوالي خمسة عشر كتاباً نقدياً. يعمل صحفياً بدار التحرير ويشرف علي صفحة «قضايا أدبية» في المساء. تم اختيار روايته «رباعية بحري» كواحدة من أحسن مائة رواية عربية خلال القرن الماضي ويتم ترجمتها تحت إشراف اتحاد الكتاب العرب.


وعن البداية والإسكندرية والوالد المترجم وأول قراءة قال: لا أعرف متي عرفت القراءة ولكني أذكر أنني كنت قارئاً صغيراً لأنني وعيت علي مكتبة أبي، وكانت جزءاً من حجرة الجلوس. تعلمت القراءة في إعلانات الشوارع والملصقات، كنت أقرأ الأسماء التي لا يعرفها الكبار واشتريت أول كتاب من مكتبة أبي حيث أعطاه لي أخي بقرش صاغ كي يؤجر دراجة!! وكان كتاب «الأيام» لطه حسين ثم بدأت رحلة القراءة للعقاد والمازني والمنفلوطي، وكان ذلك قبل قراءة كتب الأطفال لمحمد سعيد العريان، وعرفت مرحلة أخري من القراءة علي يد ممدوح الطوبجي فأعطاني كتب الأطفال والأدب الروسي.
وعن التحاقه بالصحافة وخاصة «المساء».. قال: كان ذلك بفضل الكاتب «كمال الجويلي» الناقد التشكيلي الكبير، وبدأت في «الجمهورية» مع رشدي صالح وسعد الدين وهبة، وحين رحلا وجدت صعوبة في البقاء، في «الجمهورية» فذهبت لكمال الجويلي وعملت في «المساء» وبدأت أتنفس أدبياً مع الكاتب الكبير عبدالفتاح الجمل، الذي قدم أغلب فرسان هذا الجيل.
وسافرت إلي عمان للعمل هناك وتوقفت حوالي ثمانية سنوات عن كتابة الأدب حتي كتب عني الناقد د. سيد حامد النساج في إحدي كتبه فقالوا له إنه توقف، فبدأت مرة ثانية وعدت للمساء وأشرفت علي صفحتين أسبوعياً بعنوان: «شباب الأدب».
وعن صفحة شباب الأدب وندوة المساء قال: أنا ضد تسمية «شباب الأدب» وكنت أود أن أسميها الأدب فقط، لأن الأديب أديب طالما نشر وطالما كتب كتابة جيدة. كما أن تلك التسمية قد تصرف القارئ عن القراءة، خاصة مع انخفاض أعداد القارئين وكنت أهتم بكتاب الأقاليم خاصة الذين تصل أعمالهم إلي من خلال طابع البريد.
وكانت ندوة «المساء» متنفساً لتلاقي الأجيال وخاصة الشباب وقدمت الندوة العديد من الأسماء اللامعة والمهمة هذه الأيام وشق الجميع طريقه.
وعن أول رواية كتبها وعن الرغبة في كتابة جديدة ومختلفة.. قال: اكتشفت أنني أكتب كتابة عادية مثل الجميع وعرفت أنه لابد من كتابة جديدة ومختلفة، أكتب شيئاً يخصني أنا وأخذت قراراً أن أقرأ عن القصة والرواية من خلال صورة المجتمع، ولم يكن علم الاجتماع الأدبي معروفاً وقتها في مصر ونشرت كتابي «مصر في قصص كتابها المعاصرين» وهو كتاب ينتمي إلي علم الاجتماع الأدبي. وكنت مشتاقاً للفن، فكتابة عمل بعد سنوات طويلة من القراءة وكانت رواية «الأسوار» واستفدت فيها من الفنون جميعاً وأخذت من الموسيقي والمسرح والفن التشكيلي والنصوص القديمة وحاولت تحقيق تناسق بين تلك الفنون، وأحقق ما أعتقد فيه أنه وحدة للفنون أو تفاعل الفنون جميعاً مع بعض.
وعن الأدب وفلسفة الحياة.. قال:
أحاول دائماً أن أخوض أرضاً بكراً في الكتابة وأحاول أن تكون لي فلسفة حياة كما في الأدب العالمي ونفتقد ذلك أحياناً في الأدب العربي وأعتبر أن نجيب محفوظ هو الكاتب الذي له فلسفة حياة وظهرت بوضوح كبير من خلال أعماله الروائية والقصصية، سنجد الدين والعلم والعدالة الاجتماعية وأشبه فلسفة محفوظ بأن العدالة هي العربة التي يجرها حصانان، الدين والعلم. وأحرص علي التلقائية في كتاباتي، كلها مع قليل من الوعي حتي لا تتحول إلي مقالات بعيدة عن الفن والأدب.
وعن حبه الشديد للتاريخ وكتابة عدة روايات عنه.. قال: أنا مولع جداً بالتاريخ، لأنني في حالة حنين دائم للمكان وأري «بحري» أهم حي في الإسكندرية وله حضور طاغ في رواياتي وأشعر دائماً بالحنين إلي فترة زمنية ما في تاريخنا وأجد أنها تصلح كمادة خام لعمل روائي فأقرأ عن تلك الفترة جيداً وعن الحياة فيها والعمارة والناس والأشياء والسلطة والمثقف حتي أتشبع تماماً فأبدأ بالكتابة وقد وظفت التاريخ في عدة أعمال منها «قلعة الجبل» و«من أوراق أبي الطيب المتنبي» و«غواية الإسكندر» وأشعر أن رواية «غواية الاسكندر» الصادرة استشرفت المستقبل قبل أن يحدث بعام، فبطل الرواية الدكتور وليد يخشي علي الإسكندرية من الغرق ويبحث عن الطلسم كي يحمي الإسكندرية من المد الذي سوف يغرقها والمعروف أن الإسكندرية الحالية هي الإسكندرية الثالثة بعد الفرعونية والبطلمية وقد حدث مد وزلزال «تسونامي» الذي أغرق العديد من القري والمدن والرواية صيحة تحذير لكي لا تغرق الإسكندرية الثالثة وأجزاء كبيرة من الدلتا.
بقلم:
محمد عبد الحافظ ناصف
جريدة الكرامة