بسم الله الرحمن الرحيم



الأخ المكرم فضيلة الدكتور :
(( محمد فتحي الحريري ))


حفظك الله ورعاك وهدانا وهداك إلى الصالحات .


ماذا أقول وفي قلبي من الألم ......... ماقد يفجر بركانا من الحمم


أخاطبك قائلا : أتكون كلمتي لك اليوم حول ماكتبته هنا بدعوى أنه كتابـــات إبداعيــــــــة / الشعر (*) ؟ أم تكون حول ماانطبع في ذهني حول ما كتبت ؟ وبذلك يكون مبررا لدي أن أفتتح هذا الرد بالبيت الشعري أعلاه ؟

إن ماكتبته أخي ، وبلامجاملة يدعوني إلى مكاشفتك - وأنت من تجد في المكاشفة لذة - لا إخبارا أو بوحا ، وإنما بالتساؤل العميق ؛ أسألك عن ماهية الإبداع / الشعر و وظيفته عندك ؟ أما عند غيرك فأنا أعرف !!! .

وأسألك : لمن يكتب المبدعون / الشعراء - وأنت منهم - الإبداع / الشعر ؟ .. واعذرني أن أقول لك إن الشعر / الإبداع لايكتب في الزوايا الضيقة ، ولايرمى به في قارعة الطريق . بل الشعر / الإبداع أنفس ما اعتصره الوجدان الإنساني ، وتلونت وتغيرت به النفس البشرية ، وصاغته الروح البشرية وهي تستلهم مافي الحياة والكون من جمال .. الشعر / الإبداع - أخي - لغة ، وفكر ، وخيال ، وإيقاع ، وأساليب ؛ وكلها مما يكدح الشاعر الحق من أجل أن يرش به الحياة الإنسانية في جفافها المنظور .. الشعر / الإبداع أخي رسالة كونية ، وعلى الأقل هو رسالة أمة إلى الأمم الأخرى . الشعر / الإبداع هو الهوية ، و الأمل المنظور لأمة طحنتها الشرذمة ، ومزقها التطاحن - حيث لا موحد لها - الشعر / الإبداع أخي هو الكلمة ؛ كلمة الحق التي لاالتواء فيها ، الكلمة التي لاتبتغي المجاملة ، و لا الإرضاء . إرضاء أيا كان .. وما الشاعر /المبدع - يا أخي اليوم - غير مدافع ، بل هو خط الدفاع الأول عن الهوية ، وعن المقومات ، وعن الكيان بعامة !!! .

إن ماكتبته هنا باسم الإبداع / الشعر ، وجاملك فيه قراء نقدر آراءهم ، ونتمنى أن يقدروا رأينا سجلت حوله مالا أريدكم سوى أن تدحضوه حتى أقتنع بإبداعكم / شعركم وشاعريتكم هنا ، والتي أراها تمتطي صهوة القصيدة العمودية باقتدار :

أولا : تكسير بنية الشعر بما يطلق عليه الإبداع عند من لايأتي بجديد فيه غير مقبول لأن ماجاء به هو في الواقع دون قدراته ، ودون ما يحسن ركوب موجه باقتدار ؛ أعني القصيدة العمودية إطارا ، ومواضيع تخدم الأمة ، والإنسان محتوى .. وإني أرى أن هذا الصنيع جناية على الشعر ، وعلى الشاعر/ المبدع الحق ؛ على الأول لأن الشاعر قد أسف دون قدره في ما هو فارس فيه ... وعلى الثاني لكونه واكب وساند موجة من موجات الهدم ، بل وأعان أصحابها ؛ وهل هناك - أخي المكرم - ماهو أعظم في الجرم من أن نشارك في هدم مقوم من مقومات الذات العربية وهو الشعر العربي بجلاله ، وجماله الأخاذ !!! .

ثانيا : اللغة المعتمدة في نسج حوارية الخطاب / النص عندك أطاحت بجماليته لما فيها من مباشرة ، وتقرير ، وسرد (( ... )) ، وسقوط في المتداول من تعابير الأغرار النتية (( فالحب ليس فيه سيد ومسود ! - ولكن مثلي لايباح له ســــــــــــــــــــــرّ - بصوفية ما ذاقها ولا مارسها الا بنو عذرة ... )) .

ثالثا : إن تمرير ثقافة الغير كلداني ، أو آشوري ، أو ساساني ، أو ... على حساب الثقافة العربية الأصيلة في هذا الوقت بالذات من خلال (( الشعر )) لغاية / لغايات ذاتية محضة ، وليس لغاية / لغايات فنية هو ضرب لمسمار في خاصرة الأمة لمنعها من النهوض من غفوتها / نومتها المفتعلة ، والمشاركة في التآمر عليها .

رابعا : الترويج للتصوف بشتى أطيافه ، وألوانه ، ولمدارسه - ومنها المدرسة الفارسية - في هذا الوقت بالذات بواسطة (( الشعر )) لدوافع ذاتية بركماتية / نفعية هو من الدعوة إلى تحجيم القرآن الكريم ، والسنة النبوية في حياة الأجيال التي من المفروض على من في سننا ، وفي سنكم - أستاذنا الفاضل - العمل على خدمتهما قبل أن نلقى جميعا وجه الله ؛ الذي نطمح إلى أن نلقاه وهو راض عنا كل الرضى ...

خامسا : إن سبر أغوار النفس البشرية باقتدار ، سمة وموهبة خاصة بالشعراء المفلقين ؛ وبخاصة إذا تعلق الأمر بموضوعة (( الحب )) التي من حق الشعراء الذين اتخذوها موضوعة للإبداع اليوم أن يعبروا من خلالها عن تجاربهم ، وتجارب الإنسان بوعي ، ومسؤولية ، وصدق ، وعفة ، وطهر ، وصفاء ، ونقاء ... لكن من حق القارئ عليهم أن لايغتالوا براءة توقعاته بما يعتبرونه من الإبداع .

سادسا : في إطار خارج النص نقول : إن العمل على التأثير بالإبداع / الشعر - وبالتعليق الرزين المصاحب له - من سمة الشعراء / المبدعين الكبار ؛ ناهيك عن التأثيرالإيجابي المحفز ، و المشفوع بالقيم النبيلة ، والسلوك المنضبط بكل مافيه من رزانة لتقوية الشخصية الإنسانية روحا ، وعقلا و . . . وإن تحجيم القيم الإسلامية النبيلة عند الشعراء / المبدعين ، وكذا تحجيم أسس المعاملة الافتراضية النظيفة قبل ، وأثناء ، وبعد عرض المادة الشعرية لهو مما ابتلى الله به كثيرا من خلقه على الشابكة .. وهذا مايقتضي منا أن نقول - أخي المكرم - إنه ينبغي أن تكون هاتين المادتين - وبخاصة في منبر سائر بين المثقفين - مطبوعة بسلوك المسلم الملتزم بتربية النفس ؛ نفسه هو ، ونفس الآخر . بل ينبغي أن تكون ملتزمة بالارتقاء بقدرات النفس الإبداعية ، وما علمها الله ، وما انصبغت به من أخلاق ، مع استبعاد الجانب الذاتي الشخصي في التعامل الإنساني ؛ لسبب وجيه ، وهو أن التعامل بين الجميع يبقى افتراضيا ، مالم تشفعه إرادات صادقة فتكون محركة لتمثين روابط محكومة بقواعد الشرع الحكيم .. إن الشاعر/ المبدع الحق مطالب - أيها العزيز - بالابتعاد عن كل مايظهره أمام القاريء فاقدا لمؤهلات المصداقية ، وفقدان التأثير الإيجابي ، اللذين ليس لهما من طريق في عالم النت اللعين غير الانهيار العاطفي للشاعر ؛ حيث تبدو - مثلا - تعليقاته عن كل مايصدر عن أنثى تعليقات تطفح بما ليس فيه رفق بالقوارير ، وبما يجعل (( الحبة قبة )) كما يقال ، وربما كانت تعليقاته على الجنس المقابل باردة عاطفيا مما يفقد ماكتب كل أو بعض مايتوخاه كل داخل على عتبة هذا الصرح العظيم - النت - إن كان خالص النية لله .




الأخ المكرم فضيلة الدكتور :
(( محمد فتحي الحريري ))


ضمنتَ ما كتبتَه رسائل نفهمُها ، ويفهمُها كل من يقرأُلك ، وتقرأُ له ، ويفهَمُها كل من تتبع خطواتك وجهودك هنا .. وضمَّـنتُ ماكتبتُ رسائل أخالها لاتخفى عليك .. أرجو الله أن يمتعك بالصحة والعافية ، وأن يجعلك لنا ذخرا .



(*) نشدد على أن ماكتبته أستاذنا إبداعا / شعرا لكونكم ألبستموه رداء الإبداع / الشعر ، وانتهجتم به نهج التجارب الحداثية ، وإلا مامعنى (( كتابـــات إبداعيـــــــــــــــــــة )) المدرج نصكم تحتها ؟ .



***



*