سمعت حفيف خطواته، يكسر سكون الليل. ابتهجت. ها هو يمشي الهوينا، صاعدا إليها. يحمل حنينه و لهفته.
حرقتها الأشواق، و هي ترتشف كاسات الغياب، و لوّن شوك السهاد لياليها الثلاثة كآبة.
بعد لحظات، سينبثق أمامها، جذِلا بحلاوة اللقاء. سيعتصرها بين ذراعيه بقوّة، و يمطرها قبلات. بينما تعبث أنامله بخصلات شعرها المنسدل، بحنوّ.
تمدّ ريم رقبتها نحو المرآة، فتلفى وهج فرح يضيء وجهها، و يبدو فستان نومها الأزرق الجميل، يحضن جسدها برقّة، و يبرز غنج مفاتنه.تسكب فيضا من عطر، و تهفو نحو الباب تفتحه.
يسبقها جمال لفتحه.
- مساء الخير!
يرمي التحية ببرود، و هو يدلف إلى الداخل. تجهش ألما، و هي تغض عيونها عنه، كي لا تشي دموعها بها.
" آه ! لو تعرف كم كنت متعبة بدونك"
- أحس تعبا يسري فيّ، سأغفو قليلا!
فلتتركه يرتاح، عّل الكرى يزيح عنه شبح الإعياء، و لْتُهَيّء عشاء مبهجا على ضوء الشموع!
تتردّد بين مائدة زينتها بحب، و لمسات رقيقة، و بين غرفة نوم تضم حبيبها. تود لو توقظه. لكنها تخشى أن تخدش أحلامه بقربها.
يدب فيها الملل رويدا، فتحتمي بالحمّام، يغسل وحدتها، و يبعث فيها من جديد حيويتها.
تشتعل، وهي تحت فيض دفئ، يدغدغ جيدها، ويداعب برقة نهديها، لينثال شلالات لذة تغمرها .
تضع الرّوب عليها، و تترك الحمّام منتشية.
الآن، ستوقظ زوجها، ليتذوق ما صنعته أيديها. و على ضوء الشّمعات، ستهمس له باشتياقها. تمشي على أطراف الفرح. فتصطدم بالفراغ. تعبس حين تفكر أن زوجها الآن هناك، بين أحضانها، تضمها عيونه بولَهٍ، و تعبث أصابعه بأحرفها بلهفة.
- كل هذا الشوق إلها؟
تدعوه للعشاء، فيرجوها أن تؤجله لبعض الوقت.
تخرج على جناح الوجع، لتشارك شموعها البكاء.
وحين تضيق بها الحياة، تسرع إلى الشرفة، تستنشق أملا. فتراه هناك، في الشرفة المقابلة، يتأمل نفور نهديها و تفاصيلها بشبق. تصفع الباب و تدخل، و تنام في حضن الخيال
المفضلات