الكهف
كل شيء كان ضيقا.. الكون والفضاء.. القلوب والسماء.. الأرض كانت كفا.. والمسافات أشبار.. الشمس ظلام.. البدر زنجي في منجم فحم.
كنا ثلاثة أو أربعة وقيل خمسة أو لعلنا ستة.. أكبر من ذلك ربما أو أقل.. كنا حمرا مستنفرة نخترق الاتجاهات ثم نعود حيث كنا لا شيء يكفينا تحاصرنا قهقهات الجميع من كل حدب وصوب تسد علينا المنافذ تمتص الهواء والضياء.
فجأة وجدنا أنفسنا أمام الكهف كان فمه مبتسما.. وكانت ذراعاه مبسوطتين.. وكان قلبه سمفونية يعزف فرحا.
وقفنا أمامه حيارى وكان الجميع خلفنا يضحكون ويصفقون.. وكانوا يزجروننا أن ندخل.
قال أحدنا:
- لقد خدعنا.
قال الثاني:
- أتستبدلون الضيق بالسعة ؟
قال الثالث:
- لا مندوحة من الدخول.
ولجناه متدافعين.. الهامات ساجدة.. المناكب متزاحمة.. ووحدها القلوب تعزف سمفونية الرعب.. تطلعت إلينا العيون ساخرة.. تطلعت منا العيون إلى العيون ونحن نتكوم داخله.
اتسع الكهف أشرقت فيه شمس وقمر ونجوم.. رصعته ورود وأزهار.. زقزقت في جنباته عصافير وأطيار.. حمحمت فيه أفراس وأنهار.. عدونا يملأنا الحبور.. حين نظرنا خارجه كان الكون أضيق من سَم الخياط والجميع يتكومون فيه لاهثين حمرا كلابا مرعوبة.
المفضلات