يضطلع المجلس الأعلى للثقافة في مصر بمهام كثيرة ومتعددة في مجال رعاية الأنشطة الثقافية والعمل على ازدهارها في جميع المستويات. ويأتي في مقدمة تلك الاهتمامات، تنظيم المؤتمرات الفكرية والثقافية، وإصدار العديد من الكتب المؤلفة والمترجمة التي يجسدها 'المشروع القومي للترجمة' الذي بدأ نشاطه الفعال في عام 1995 وتوج نجاحاته على مدى عشر سنوات بصدور الكتاب 'الألف' في يناير 2006، ويرجع الفضل في هذه 'النهضة' والوثبة التي يشدها المشروع الدكتور جابر عصفور الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة - إيمانا منه بما 'للترجمة' من دور مهم في إثراء الفكر العربي والمساهمة في الاستنارة والحد من العلو والتطرف في مجتمعنا العربي بوجه عام.
وبالنظر إلى إصدارات 'المشروع القومي للترجمة' التي بلغت ألف كتاب في مختلف مجالات الفكر الإنساني، نستطيع القول: إن المشروع جاء محققا لكثير من الأحلام والآمال، لكثير من الباحثين والكتاب والمؤلفين والمترجمين - لاسيما الشباب منهم - لما لمسوه من عناية واهتمام بجهودهم وعطاءاتهم في مجال الترجمة في مختلف المجالات الأدبية والعلمية والتاريخية والسياسية والاجتماعية والدينية والثقافية عامة.
والميزة الثانية التي ساعدت في إنجاح هذا المشروع هي اعتماده على جملة مبادئ أساسية حيث كانت الموضوعية احد الأسس التي ينهض عليها المشروع، التي تتمثل في حرصه على الترجمة إلى اللغة العربية عن اللغة الأصل، والأخذ عنها بشكل مباشر، وعدم اللجوء في ذلك إلى لغة وسيطة قد يكون الكتاب المراد ترجمته ترجم إليها هناك.
إضافة إلى انفتاح المشروع على مختلف ثقافات العالم المعاصر، بلغاتها المتعددة والمتنوعة، وتياراتها الفكرية والثقافية والسياسية أيضا.
ومن أبرز الشواهد على ذلك أن المشروع ترجم عن ثمانية وعشرين لغة، على مستوى لغات العالم.. هي الإنكليزية، الفرنسية، الألمانية، الاسبانية، الروسية، اليونانية، التركية، الفارسية (الإيرانية)، الإيطالية، العبرية، الصينية، الهوسا، البولندية، البرتغالية، التشيكية، الأرمنية، الهيروغلوفية (المصرية القديمة) الأوردية، الحبشية، والسريالية... وغيرها من تلك اللغات.
أما الميزة الثالثة - وليست الأخيرة للمشروع القومي للترجمة الذي اعتبره شخصيا مشروع د. جابر عصفور وجامعته الثقافية في القرنين العشرين والحادي والعشرين للميلاد - فهي استثماره لجهود عدد ضخم من المترجمين الأكفاء في مصر والعالم العربي، بل والمقيمين منهم في دول أجنبية. فقد بلغ عدد الذين أسهموا بترجماتهم في هذا المشروع القومي الفريد، حوالي 521 مترجما وهو رقم قياسي لم نجد له نظيرا في مراكز أو مؤسسات ثقافية عربية مماثلة، تدرج الترجمة نشاطا ضمن اهتماماتها أو مشروعاتها الثقافية الوطنية.
ومن مميزات المشروع أيضا أنه لم يحبس أو يقصر استثماراته في الترجمة في مجالاتها المختلفة على جماعة أو 'شلة' أو أسماء بعينها لمجموعة من المترجمين: على نحو ما نلاحظ ذلك في مشروعات عربية مشابهة، وإنما وسع المشروع من دائرة استفادته بجهود أكبر عدد من المترجمين المتميزين والمحترفين، إلى جانب احتفاظه بالتعامل مع أسماء آخرين تميزوا باتقانهم لأكثر من لغة، فتعددت إسهامات بعضهم في هذا المشروع من خلال ترجماتهم المتنوعة، فأثروا وأضافوا للمشروع. وبلغ عدد هؤلاء نحو العشرين مترجما، أجاد بعضهم الإنكليزية، والأوردية، والفارسية، والاسبانية في وقت واحد.
المشروع القومى للترجمة
http://www.scc.gov.eg/esdarat-mashro3%20kawmi%2015.htm
المفضلات