أما آن الأوان لإصلاح الأمم المتحدة؟
خالد الشطيبي أبو هبة
رئيس تحرير صحيفة "أهلا وسهلا"
الحمد لله خالق الأكوان، العادل الرحمان، الذي خلق الإنسان وخصّه بالعقل والحكمة والبيان، والصلاة والسلام على خير الأنام، وبعد
يتناسل الحديث في الآونة الأخيرة من طرف فقهاء وخبراء القانون الدولي العام، وجميع المهتمين والمتتبعين للشأن الدولي، عن مسار الأمم المتحدة ودورها كأسمى منظمة دولية في بلورة وبلوغ الأهداف التي سُطّرت في ميثاقها، والتي أّنشأت من أجلها..
لم يكن غريبا أن تُركّز الأمم المتحدة جهودها على صيانة الأمن والسلم الدولي وحماية حقوق الإنسان ودعم التعاون الدولي، كما يشير إلى ذلك ميثاقها، وهي التي أُسّست عام 1945 استجابة لحاجة ملحة أفرزتها ظروف دولية عصيبة، تمثلت في الحربين العالميتين المدمرتين اللتين شهدتا أفظع انتهاكات حقوق الشعوب والأفراد.
وإذا كنا لا نُنكر بأن المنظمة الأممية قد اضطلعت بأدوار إيجابية وقامت بأعمال مهمة عبر تاريخها الذي تجاوز الستين سنة، إلا أن إخفاقاتها المروعة – خاصة في الفترة الأخيرة- وفشلها الذريع في النهوض بالمهام المنوطة بها والتي قامت من أجلها، جعل العديد من الأسئلة تُطرح حول جدوى استمرارها وفعاليتها بالشكل الذي توجد عليه اليوم..
لقد تراجع دور الأمم المتحدة بفعل الانتكاسات التي شهدتها، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والمعسكر الشرقي، ممّا ترتّب عنه اختلال توازن القوى، وسيادة الأحادية القطبية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية التي نهجت ما يُسمى بأمركة العالم وتقسيمه إلى محوري الخير والشر وفق رؤيتها ومصالحها، الأمر الذي أسفر عن تهميش مقصود للأمم المتحدة وتعطيل متعمد للدور المفترض أن تقوم به في حلّ النزاعات الدولية للحفاظ على الأمن الدولي..
والأغرب من ذلك، أن المنظمة وُظّفت لتكريس الاحتلال وقمع إرادة الشعوب والهيمنة على الدول النامية ونهب مُقدّراتها وثرواتها، وكان سلاح حق النقض الأمريكي، "الفيتو" السّيء الذّكر، يُسلّط دائما على رقاب الدول المستضعفة، خاصة من العالم العربي والإسلامي، ليحول دون تسوية عادلة وشاملة لقضاياها، كما حدث مؤخرا في قضية مجزرة بيت حانون بفلسطين المحتلة.
هل يُعقل أن يتحكّم مجلس مصغر، ترتهنه دولة عظمى متنفّذة، بالتوصيات والقرارات التي تنظم مجال العلاقات الدولية، وتحدد مصير العالم؟!!
هل يُعقل أن يُحرم العالم الإسلامي، الذي يُشكّل خُمس العالم بما يفوق المليار ونصف مسلم، من تمثيله في مجلس الأمن ضمن الأعضاء الكبار ذوي حق الفيتو؟!!
هل يُعقل أن تُهمّش الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم الغالبية الساحقة من دول العالم، ولا يُعتدّ بقراراتها وتوصياتها بدعوى أنها غير ملزمة؟!!
ثمّة خلل في الموضوع، والأكيد أن استمرار الوضع على ما هو عليه لن يُفضي إلاّ إلى المزيد من الخراب والويلات والمآسي التي ستأتي على ما تبقى من الأخضر واليابس، وحتى إشعار آخر، سيظل تعبير الرئيس الفرنسي الراحل "شارل دوغول" ساري المفعول
عندما سُئل عن مجلس الأمن وحق الفيتو، فكان جوابه:
إنه العبث! Le machin !
فهل من مُستنكر، ولو بقلمه أو بقلبه؟
وذلك أضعف الإيمان!
المفضلات