هل من كان مع الله يخيب سعيه !!؟؟.....
ستمائة ألف من بني إسرائيل يتوجهون إلى صحراء سيناء بأمر من الله لنبيهم موسى كليم الله .. ولما وقفوا أمام شاطئ البحر نظروا وراءهم فوجدوا فرعون وخيله , ودولته العظيمة وإذ بهم يقولون لنبيهم :
إنا لمدركون !!؟؟...
بني إسرائيل على مدى الزمان والعصور قد جُبلت قلوبهم على الجبن والخوف,
ولا يقين لهم , ولا ثقة بالله خالقهم.....
موسى عليه السلام أجابهم إجابة المؤمن الواثق من ربه :
كلا إن معي ربي سيهديني
هل من كان في عين الله يخيب سعيه !!؟؟..
هل من كان مع الله تزلّ قدمه !!؟؟؟...
هل من كان مع الله يخاف ممن هم من دونه !!؟؟..
أبا بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه يقول لمعلمّه , وحبيبه وهما في الغار :
" لو أن أحدهم نظر إلى قدمه لأبصرنا تحت قدميه"
الإمام أحمد والشيخان
ولكن المعلّم الحبيب علم كيف يطمئن الصدّيق الصدوق ,ويهدّئ من روعه وجزعه
لا على نفسه, بل على حبيب الأمة ..
فقال له الحبيب كلمته الخالدة :
فقال:
" يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ".
وأخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما
الحبيب النبي الأمي يعطينا دروسا عظيمة وجليلة لمن أراد أن يعرف ثمرة التوكل ,والاعتماد على الله خالقنا , ومدبّر أمورنا ...
لو عدنا إلى كتاب الله العزيز, ومدرسة النبي الأمي لم نهلك , ولن نضيع ما دامت قلوبنا في اتصال دائم مع الله رب الخلق والعالمين.....
حينها لن نخاف , ولم نخش إلا الله ولو اجتمعت كل جحافل الظلم ,والطغيان للقضاء علينا ...
{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }
الزمر36
آية جليلة لو وعيناها في صدورنا, وحملناها في قلوبنا لوجدنا أن كلّ ما في الأرض ,ومن عليها لا يساوي شيئاً أمام هذه الآية العظيمة..
موقف لا يحتاج إلى دراسة , ولا إلى تفكير ما دام الله معه يحرسه ..
والذين يخوّفونه هم من دون الله...
لنعد معا إلى دار الخلافة الأولى زمن الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسأل أنفسنا :
كيف استطاع سيف الله المسلول خالد بن الوليد أن يحطّم جبهة الفرس في زمن الخليفة الصديق رضي الله عنه !!؟؟..
يقف أمام جيش عدده مائة وعشرون ألفا , وجيش التوحيد لم يبلغ ثلاثون ألفا . .. فلم يرَ من بدّ إلاّ أن يطلب النجدة من خليفة المسلمين ...
أبا بكر الصديق ينظر من وراء الأفق فلم يرَ أمامه سوى جيشا قوامه رجلاً واحداً......
قوامه رجلاً..
لكنّه يساوي آلاف الرجال...
إنه القعقاع بن عمرو ...
أرسله إلى سيف الله المسلول ومعه كتاب عنوانه :
" إن الله لن يهزم جيشاً فيه القعقاع بن عمرو"
صدقوا الله فصدقهم الله فهو حسبهم , وناصرهم , وكافيهم ...
رجال ربّاهم سيّد الرجال ,وخاتم الأنبياء, وخير بني البشر النبيّ الأميّ المعلّم الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ....
يتقدم قائد الجيش سيف الله المسلول , ويبارز العدو بينما قائد الفرس أوصى بعض جنده إذا ما بدأ بمبارزة خالد بن الوليد فليأتي أحداً من خلفه ,ويطعن سيف الله المسلول بسيفه , وليلقه على الأرض صريعاً ..
خالد أستاذ الحروب وفنّها ,وسيف الله المسلول يبارز قائد الفرس ..
وإذ ببعض جنود الفرس يأتي من وراء ظهره ليطعنه , ومن فوره يهبّ القعقاع بن عمرو كالأسد الكاسر ويقتله ...
صدقت يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قلت :
جيشا فيه القعقاع لن يهزم !!؟؟...
تلك هي ثمرة التوكل والثقة , واليقين بالله...
إذا سألت فاسأل الله , وإذا استعنت فاستعن بالله .....
لنسأل أنفسنا بصدق :
لم كان أجدادنا لم يعرفوا معنى اليأس والقنوط!!؟؟....
لو عدنا إلى سيرتهم العظيمة, واقتفينا آثارها لوجدنا أنّهم جاهدوا في الله حق جهاده , وعلموا أولاً وأخيراً أن الثقة بالله , والتوكّل عليه هي من أهم الأسس التي نشأت عليها بناء دولتهم المسلمة ....
فالثقة والتوكل على الله , والإيمان به دفعتهم إلى أن يفتحوا لنا مشارق الأرض ومغاربها , ليس بقوّة السلاح , وكثرة العدد والعدة , بل بقوّة الإيمان والاعتزاز بالعقيدة التي كانوا يحملونها بصدق , وثبات بين جنبات صدورهم ..
علموا أن التوكّل على الله , واللجوء إلى حِمَاه , والانكسار بين يديه , والإخلاص في الطاعة له هو هدفهم , وعنوان حياتهم ..
علموا أن التوكّل على الله , والثقة بنصرة أوليائه على جحافل الظلم والطغيان هي السبيل الوحيد لنصرة دينهم ...
لقمان كان يقول لابنه :
" يابنيّ إنّ الدنيا بحرٌ عميقٌ قد غرق فيها ناس كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى الله , وحَشْوها إيمان بالله عز وجل , وشراعها التوكّل على الله لعلك ناجٍ ولا أراك إلاّ ناجياً"..
نسألك اللهم ربنا صدق التوكل عليك, وحسن الظن بك
إنك سميع مجيب ....
بقلم : ابنة الشهباء
المفضلات