من روائع الغزل ... ومن عيون الشعر العربيّ :
وتنسب هذه القصيدة الرائعة :
ليزيد بن معاوية ( 25 - 64 ه = 645 - 683 م ) :
وهو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الاموي :
ثاني ملوك الدولة الاموية في الشام . ولد بالماطرون ، ونشأ بدمشق .
وولي الخلافة بعد وفاة أبيه ( سنة 60 ه ) وأبى البيعة له عبد الله بن الزبير
والحسين بن علي ، فانصرف الاول إلى مكة والثاني إلى الكوفة .
وكان من أمرهما ما تقدمت الاشارة إليه في ترجمتيهما ،
وفي أيام يزيد هذا كانت فاجعة المسلمين بالسبط الشهيد " الحسين بن علي " سنة 61 ه .
وخلع أهل المدينة طاعته ( سنة 63 ) فأرسل إليهم مسلم بن عقبة المري ،
وأمره أن يستبيحها ثلاثة أيام وأن يبايع أهلها على أنهم خول وعبيد ليزيد ،
ففعل بها مسلم الافاعيل القبيحة ، وقتل فيها كثيرا من الصحابة وأبنائهم وخيار التابعين .
وفي زمن يزيد فتح المغرب الاقصى على يد الامير " عقبة بن نافع "
وفتح " سلم بن زياد " بخارى وخوارزم . ويقال إن يزيد أول من خدم الكعبة
وكساها الديباج الخسرواني .
ومدته في الخلافة ثلاث سنين وتسعة أشهر إلا أياما .
توفي بحوارين ( من أرض حمص ) وكان نزوعا إلى االلهو ،
يروى له شعر رقيق ، وإليه ينسب " نهر يزيد " في دمشق ،
وكان نهرا صغيرا يسقي ضيعتين ، فوسعه فنسب إليه .
الـقصـيـــــــدة :
نـالـت عـلـى يدها مالم تنله يدي=نـقـشاً على معصمٍ أوهت به iiجلدي
كـأنـهُ طُـرْقُ نـمـلٍ فـي أناملها=أو روضـةٌ رصـعتها السُحْبُ iiبالبردِ
وقـوسُ حـاجـبـهـا مِنْ كُلِّ ناحيةٍ=وَنَـبْـلُ مُـقْـلَـتِها ترمي به iiكبدي
مـدتْ مَـوَاشِـطـها في كفها شَرَكاً=تَـصِـيـدُ قلبي بها مِنْ داخل الجسد
إنـسـيـةٌ لو رأتها الشمسُ ما طلعتْ =مـن بـعـدِ رُؤيَـتها يوماً على أحدِ
سَـألْـتُـها الوصل قالتْ : لا تَغُرَّ بِنا =مـن رام مِـنـا وِصـالاً مَاتَ iiبِالكمدِ
فَـكَـم قَـتِـيلٍ لَنا بالحبِ ماتَ جَوَىً =مـن الـغـرامِ ، ولـم يُبْدِئ ولم يعدِ
فـقـلـتُ : استغفرُ الرحمنَ مِنْ iiزَلَلٍ =إن الـمـحـبَّ قـليل الصبر iiوالجلدِ
قـد خَـلـفـتـني طرِيحاً وهي قائلةٌ =تَـأمـلـوا كـيف فِعْلُ الظبيِ iiبالأسدِ
قـالـتْ : لطيف خيالٍ زارني ومضى =بالله صِـفـهُ ، ولا تـنقص ولا iiتَزِدِ
فـقـال : خَـلَّـفتُهُ لو مات مِنْ ظمَأٍ =وقلتُ: قف عن ورود الماء ، لم يرِدِ
قالتْ : صَدَقْتَ ، الوفا في الحبِّ شِيمتُهُ = يـا بَـردَ ذاكَ الـذي قالتْ على كبدي
واسـتـرجعتْ سألتْ عَني ، فقيل iiلها =مـا فـيـه مـن رمقٍ ، دقتْ يداً بِيَدِ
وأمـطرتْ لُؤلؤاً من نرجسٍ ، وسقتْ =ورداً ، وعـضـتْ على العِنابِ بِالبردِ
وأنـشـدتْ بِـلِـسـان الـحالِ قائلةً =مِـنْ غـيـرِ كُـرْهٍ ولا مَطْلٍ ولا مددِ
واللهِ مـا حـزنـتْ أخـتٌ لِـفقدِ iiأخٍ =حُـزنـي عـلـيـه ولا أمٌ على ولدِ
إن يحسدوني على موتي ، فَوَا أسفي =حـتى على الموتِ لا أخلو مِنَ الحسدِ
وقال العماد الأصبهاني ، في خريدة القصر ، في ترجمة الأديب
أبي الثناء محمود بن نعمة بن أرسلان الشيزريّ :
ومن مشهور شعره بيتٌ جمع فيه ست تشبيهات ولم يسبق إليه ،
فإن أكثر ما جمع خمس تشبيهات بيت القائل :
فأَمْطَرَتْ لُؤْلؤاً مِنْ نَرْجِسٍ وسَقتْ=ورْداً وعَضَّتْ على العُنّاب بالبَرَدِ
وبيت محمودٍ الشيزري :
تَنْضُو السَّحائبَ عَنْ بدرٍ وأَنْجمِه=وتمسَحُ الطَّلَّ عَنْ وَرْدٍ بِعُنّابِ
فشبه النقاب بالسحاب ، والوجه بالبدر ، والحلي والشنوف بالنجوم ، والعرق بالطل ،
والخد بالورد ، والأنامل المخضبة بالعناب .
المفضلات