قد رُمتُ في حُبِّها نوراً يُناديني = و يملأُ القلبَ آمالاً و يُحييني
لكنَّ حُبِّي قد انْساقَ الظَّلامُ لَهُ = فلم أرَ الشَّمسَ تأتي في بساتيني
يا ويحَ قلبي ، فكم جُرحٍ يسيرُ ِبهِ = من الهوى قد هَوى في بحرِ غِسلينِ
أعيشُ في شَجَنٍ فالوَجدُ أرهَقَني = و الفكرُ أرَّقَني ، و البُعدُ يكويني
و الدَّاءُ يجري بأوصالٍ مُمَزَّقَةٍ = و الدَّمعُ يسري بأشعارٍ تُداويني
و الطَّيرُ يشدو بألحانٍ تُعذِّبُني = يبكي على حالهِ حُزناً و يُبكيني
ما بالُ صوتكَ يا طيري ؟! ، أمِنْ ظَمَإٍ ؟! = قد كانَ لحنُكَ مثلَ الماءِ يرويني
هل متَّ يا طيرَ حُبِّي من جنايتِها ؟! = أم أنَّ موتَكَ من طعنِ السَّكاكينِ ؟!
لمن أعيشُ ؟! ، لمن أشكو صبابَتَها ؟! = و كنتَ في الهمِّ و الأحزانِ تُضويني
إذا قسى طرفُها أو دمعةٌ سُكبتْ = ألفيكَ تحنو على روحي و تُنسيني
قد غبتَ يا صاحبي من غُصَّةٍ سَكَنَتْ = بحلقِكَ العذبِ من فوقِ الأفانينِ
قُتلتُ ظُلماً بأشواقٍ لأعينِها = أودَتْ بقلبي لأشواكٍ بلا لينِ
أرى الصَّبابةَ ما قامتْ لتسعِفَني = و لا نسيمُ الرُّبى قد عادَ يشفيني
و لا الطبيبُ أتى ، فالشَّوكُ أغرَقَني = ببحرِها المرِّ ، و الأمواجُ ترميني
الثَّغرُ يكسرُني ، و الشَّعرُ يأسرُني = و الهمسُ يسحرُني ، و القدُّ يُفنيني !
و العينُ تُرسلُ أنواراً تُضىءُ بها = أقمارَ ليلي ، و في الأسحارِ تَطويني
و جاءتِ الزَّهرةُ الحمراءُ تنعِشُني = و تنثرُ الحُبَّ في طلِّ الرَّياحينِ
يا زهرةَ الحُبِّ ، هل في عشقِها أَمَلٌ ؟! = قولي إليَّ على صدقٍ ، أجيبيني !
أرى الدُّموعَ كهذا النَّهرِ تسأَلُني = و الجفنُ أصبحَ في سُهدٍ يُناجيني
و القلبُ من سحرِها قد صارَ في سَقَمٍ = إن قلتُ : " أحببتُ ! " ، للنيرانِ تُلقيني !
و رحتُ أبحثُ عن أهلي و عن وَطَني = فقد أضاعَ النَّوى خيطَ العناوينِ
يا زهرةَ الحبِّ لم أصبرْ على أَلَمٍ = فالسَّهمُ من نارِها ، و القلبُ من طينِ !
مـحـمــد صـلاح الديـــــن
المفضلات