أنا وتلميذي - سيناريو تربوي -السعيد ابراهيم الفقي
( الصفات الخُلُقية و السُلوكية ) للمعلم
أبرز صفات المعلم السلوكية في الفكر التربوي الإسلامي ؟
الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في أبها
ومدير مركز البحوث التربوية بالكلية
الحمد لله حمد الشاكرين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين ، وعلى آله وصحبه والتابعين ، أما بعد :
فلا شك في أن المعلم يحظى في فكرنا التربوي الإسلامي بمنزلةٍ رفيعةٍ، ومكانةٍ ساميةٍ جعلت منه وريثاً شرعياً للأنبياء ( عليهم السلام ) في أداء رسالتهم الخالدة المتمثلة في هداية الناس وتعليمهم و إخراجهم من الظلمات إلى النور . وقد أشارت مصادر فكرنا التربوي الإسلامي إلى كثيرٍ من النصوص و الشواهد التي تُنوه بفضل المعلم ؛ و تُشير إلى كثيرٍ من صفاته و خصائصه التي تُميزه عن غيره ، وتُكسبه هويته الإسلامية المتميزة .
ومن أبرز هذه الصفات و الخصائص ما يُمكن أن نسميه ( الصفات الخُلُقية و السُلوكية ) التي نُجملها في ما يلي:
1) أن يكون المعلم مُخلصاً في قوله و عمله و نيته : و معنى ذلك ألا يقصد المعلم بعلمه و عمله غير وجه الله سبحانه، طاعةً له و تقرباً إليه . كما يستلزم الإخلاص أن يبذل المعلم قُصارى جهده في الإحاطة بمختلف الجوانب التربوية و التعليمية التي تجعل منه معلماً ناجحاً، متصفاً بالإخلاص في السر و العلن.
2) أن يكون متواضعاً لله عز وجل ؛ متذللاً له سبحانه و تعالى فلا يُصيبه الكبر ولا يستبد به العُجب لما أوتي من العلم ؛ فإن من تواضع لله رفعه ؛ ولأن المعلم متى تحلى بالتواضع وقف عند حده ، وأنصف غيره ، وعرف له حقه ، ولم يتطاول على الناس بالباطل .
3) أن يكون آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر ، متصفاً بالعقل و الروية ، و حُسن التصرف، و الحكمة في أمره ونهيه ؛ لأن ذلك كله نابعٌ من حرصه على حب الخير للناس ، و حرصه على دعوتهم إلى الخير و الصلاح.
4) أن يكون حسن المظهر جميل الهيئة ؛ إذ إن لشخصية المعلم و هيئته تأثيراً بالغ الأهمية في سلوك الطلاب و تصرفاتهم الحالية و المستقبلية . ثم لأن العناية بالملبس وأناقته دونما سرفٍ ولا مخيلةٍ مطلبٌ هام للمعلم حتى ترتاح لرؤيته العيون ؛ وتسعد به النفوس ، ويتأثر به الطلاب في هذا الشأن.
5) أن يكون صابراً على معاناة مهنة التعليم و مشاقها ؛قادراً على مواجهة مشكلات الطلاب و معالجتها بحكمةٍ و روية ؛ دونما غضبٍ ، أو انفعالٍ ، أو نحو ذلك.
6) أن يكون مُحباً لطلابه مُشفقاً عليهم ، مُتفقداً لهم في مختلف أحوالهم ، مشاركاً لهم في حل مشكلاتهم حتى تنشأ علاقة قوية وثيقة بينه و بينهم ؛ تقوم على الأخوة و الحب في الله تعالى.
7) أن يكون عادلاً بين طلابه ؛ متعاملاً معهم بطريقةٍ واحدةٍ يستوي فيها الجميع ؛ فلا فرق عنده بين غنيٍ و فقير ، ولا قريبٍ ولا غريب ، ولا أبيض ولا أسود . ثم لأن العدالة صفةٌ لازمةٌ ينبغي للمعلم أن يتحلى بها و أن يمارسها مع جميع طلابه ؛ فيعُطي كل طالب من طلابه حقه من الاهتمام ، والعناية ، والدرجات ، ونحو ذلك دونما ميلٍ أو محاباةٍ أو مجاملةٍ لطالبٍ على حساب الآخر.
وختاماً؛ فإن خلاصة الصفات الأخلاقية و السلوكية السابقة يمكن أن تجتمع في ضرورة أن يكون المعلم قدوةً حسنةً في قوله و عمله ؛ و سره و علنه ؛ و أمره و نهيه ؛ و جميع شأنه لأن القدوة الحسنة هي جماع الصفات الأخلاقية و السلوكية اللازمة للمعلم ؛ وخير ما ينبغي أن يتحلى به من سمات و صفات ؛ ثم لأن طلابه يعدونه المثل الأعلى لهم فهم يقلدونه ويتأثرون به في كل صغيرةٍ و كبيرةٍ من حيث يشعرون أو لا يشعرون ؛ فكان واجباً عليه أن يكون قدوةً حسنةً في إخلاصه وتواضعه ، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، وقدوةً حسنةً في حُسن مظهره ، وصبره على طلابه ، وحبه لهم ، وشفقته عليهم ، و عدله بينهم .
وفق الله الجميع لما فيه الخير و السداد ، و الهداية و الرشاد ، و الحمد لله رب العباد.
هل الفطرة أصلٌ في تربية الإنسان المسلم ؟
هل الفطرة أصلٌ في تربية الإنسان المسلم ؟
الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في أبها
ومدير مركز البحوث التربوية بالكلية
تُعد الفطرة السوية التي خلق الله سبحانه الإنسان عليها أصلاً ثابتاً من الأصول التي قامت عليها تربية الإنسان المسلم انطلاقاً من قوله جل في علاه: {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكـثر الناس لا يعلمون} ( الروم :30 ) . وحتى يمكن المحافظة على هذه الفطرة سليمةً صافيةً نقيةً كان لابد للإنسان من تربيةٍ تقوم على رعاية هذه الفطرة والعناية بها في كل شأن من شئونه ، وفي كل جانبٍ من جوانب حياته .
وعلى الرغم من أن معظم الأمم والحضارات،وكثيراً من المذاهب والفلسفات ؛ قد حاولت منذ فجر التاريخ إيجاد هذه التربية المطلوبة لرعاية الفطرة الإنسانية على الوجه الصحيح الذي يحقق للإنسان إنسانيته ، ويساعده على أداء رسالته في هذه الحياة ، إلا أن ذلك لم يتحقق بالصورة المطلوبة التي يرتضيها الله سبحانه لعباده في هذه الحياة الدنيا، حتى أَذِنَ الله ـ جل في علاه ـ ببعثة خير البرية ومعلم البشرية النبي الأمي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فجاء بدين الإسلام الحنيف وتـربيته الإسلامية العظيمة التي استقت أصولها وأصالتها ، وشمولها وتوازنها ، ووضوحها وعالميتها ، من كتاب الله العظيم وسُنة نبيه الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .
هذه التربية التي جاءت بمنهجٍ فريدٍ ومتميز يهتم بالإنسان كله ، و يُعنى بفطرته التي خلقه الله عليها ؛ فلا يُخالفها ولا يزيد عليها ، ولا يُنقِص منها ، و إنما يُوافقها و يسير معها في توافقٍ عجيبٍ ، و تكاملٍ بديعٍ بين مختلف جوانبها الروحية ، و العقلية ، و الجسمية ؛ التي تحظى جميعاً بالعناية ، والرعاية ، والاهتمام دونما إفراطٍ أو تفريطٍ ، أو زيادةٍ أو نقصان.
ومع أن التكامل بين مختلف جوانب شخصية الإنسان هو الأساس الذي تنطلق منه نظرة التربية الإسلامية المتوافقةِ مع الفطرةِ السويةِ؛ إلا أن من مستلزمات هذه الفطرة أن يحظى كل جانبٍ من جوانب شخصية الإنسان بحقه الكامل، وحظه الوافر من العناية، والرعاية، والاهتمام؛ لأن أي نقصٍ أو تقصيرٍ في ذلك إنما هو إخلالٌ بأحد مستلزمات الفطرة السوية التي على أساسها يتم بناء شخصية الإنسان المسلم بناءً صحيحاً.
ولماَّ كان للفطرة السوية هذه الأهمية الواضحة،والاهتمامُ الكبير في ديننا الإسلامي عامةً، وفي تربيته الإسلامية خاصةً، فإن ذلك يفرضُ علينا جميعاً أن نُعنى عنايةً خاصةً بسلامتها، وحمايتها، وصيانتها من كل ما من شأنه الإضرار بها، أو التأثير فيها سواءً أكان ذلك بطريقةٍ مباشرةٍ أم غير مباشرة.