لقد انهزم العقل و لملم على عجالة بقاياه ... شظايا ذراعه و نعله و شيئا من ساقه و زحف يبغي جحرا يمهل جراحه حتى تيبس ...
لقد نسي الناس ... أكثر الناس ...اسمه و ملامح ابتسامته الواثقة و قسمات فرحته المدفونة عميقا في تربة روحة المتينة ... عندما تساقط وجهه و صار رماديا ... بإمكان أي كان أن يدفعه أو يمسك به أو يرميه بعيدا ...
لقد باع القصاص روايات هروبه و ضعفه و اجهاشاته المتتالية و هو يساق إلى سياف الملك ... و لم يكن قد اصطف بين يدي حواراتهم غير الأقران الذين لطالما أحبوه و سموا باسمه و رفعوا نياشينه على أطراف أغصانهم طلبا للثمر و الخصب و لين التربة و عذوبة الماء و ... فيما انصرف اليافعون ... و ولوه أدبارهم مكتفين بعد خرزات في معاصمهم كانوا يشبعونها من أشعة الشمس ... و وهج ضوء القمر ... أحيانا ...
و إخوته ...
القلب ... و بعد النظر و حسن الانتصات و حسن الخلق و الريث عند تناول حبة الطماطم بين الأصابع ... عندما تطلبها الزوج الحامل ... أو النفساء ...
كلهم تلاشوا و عبروا ... لقد كان لهم تاريخ أبيض و شفاف و مليئ بالأحاجي الطويلة و المدهشة و لكنهم اليوم كالآلهة البالية ... لقد صار الخوخ المعلب خيرا منهم و أصبح جري ميلين صبحا و مساءا أفضل شيئ لعافية شرايين المتعة و حسن نضارة الوجه ...
بينما كان الأخ القائد ... و قد انهار ركام و ردم بئر الفضة ... يخطب منتصب القامة و يحيي أطفال الوطن ... مستقبل الأمة المفعم ... و يبث فيهم روح النخوة و اعتبارات التوكل و التوسل برباطة الجأش حتى يرفع الله العظيم الرحيم ركام الخزف عن الفضة و تعود لسايق عهدها براقة... مخطوبة ... محبوبة ...
و فوق سرير الجد المحتضر تتدلى على جداره الصامد قصاصة اليومية المشهورة و قد كتبت عليها عبارة الحكمة اللغز :
أذنه ورقة و عينه زرقة و متحزم بس للسرقة .
تحياتي و دعائي .
المفضلات