بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الأمين

لوحة (5): دالة الخبرة

لا شك أن هناك جانباً إيجابياً للخبرة، فهي تعطينا آفاقا للتفكير الواقعي وواقعية التفكير، إذ من أين سيآتي الفرد بالمدخلات التي يحتاجها بناؤه المهني، إن لم يأت من الخبرة؟ لذا فالطفل الصغير محدود الخبرات يقوم باستنتاجات لا تمت إلى الواقع بصلة. ربما يعتقد أنه لو وضع قدمة تحت سيارة فسيوقع السيارة، ويضعها فتدوس قدمة. أو أنه لو قفز بقميص السوبر مان، فسوف يتهادى في نزوله كالسوبرمان أو ميكي ماوس، ولا يعلم أنها ستكون نهايته.

لكن الخبرة لها أيضاً جانب سلبي، فالخبرة أيضاً في الوقت ذاته تفرض علينا حدود للتفكير. حتى الأنبياء قد لا يسلمون من هذا التأثير السلبي للخبرة. وجاء يوم على سيدنا يونس فأحس باليأس من قومه.. وامتلأ قلبه بالغضب عليهم لعدم إيمانهم، وخرج غاضبا وقرر هجرهم ووعدهم بحلول العذاب بهم بعد مهلة ثلاثة أيام. وعندما دعاه ربه للعودة لقومة فإنهم سيؤمنون قال لربه لن يؤمنوا. فعاقبه الله، فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون، فقد يسبح عند ابتلاع الحوت له: : (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).

إطلاق الرصاص على موكب قريع، وهو في تناغم تام مع السياسة الإسرائيلية، فشركته هي التي استوردت الإسمنت لبناء جدار الفصل العنصري، وبالأمس أوقفوه للتفتيش على جسر الأردن، ليس مصادفة! حتى تتولد لديه القناعة بالعجز الذاتي، وهي تسمى Learning Helpless.

أي أن تأثير الخبرة يمثله دالة متضاربةConflicting Function ، لذا فالوضع الأمثل هو الحل في استخدام الدالة، أي عندما يكون التأثير السلبي في وضع النهاية الصغرى والتأثير الإيجابي نهاية عظمى. ونحن نتطلع أخي الكريم عامر إلى الوضع الأمثل لخبراتك حيث النهاية الصغرى للتأثيرات السالبة للخبرة والنهاية العظمى للتأثير الإيجابي للخبرة واستخدامها في دعم واتا.

ثم أقول لأخي الكريم عامر أنت صاحب رسالة، رسالة لتحريك الأمة وإيقاظها، وصاحب الرسالة لا يشتكي، ولا يقيس نجاحه بعدد الدراهم أو المناصب التي جمعها. فلو أتى واحد إلى الرسول عليه الصلاة والسلام في السنة العاشرة من الدعوة (عام 3 ق.هـ.)، ربما ربما لخطأه، عندما رفض منصب ملك المشركين مقابل التخلي عن دعوته. أو شخص آخر أتي للمسيح عليه السلام وقال له إنه لم يعمل شيئاً.

وأقول لأخي الكريم عامر: فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت، إذ نادى ربه وهو مكظوم، لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ في العراء وهو مذموم.

وبالله التوفيق،،،