وداعًا شـيخ الباحثـين
تلقينا بمزيد من الحزن والأسى نبأ الدكتور إبراهيم الداقوقي شيخ الباحثين، في مساء الأربعاء 16 يناير 2008، في النمسا، عن عمر يقارب الرابعة والسبعين.
وكان الراحل قد أرسل لي سيرته الذاتية منذ أسبوع فقط- بواسطة السيدة ماري تيريز كرياكي رئيس رابطة المرأة العربية النمساوية- وتُعتبر هذه السيرة آخِر ما أقرَّه سيادته من معلومات حول سيرته العلمية، وقائمة مؤلفاته. فأوردتُها بألفاظها. فهو من مواليد محافظة كركوك في 30/ 6/ 1934 (بحسب الجنسية العراقية الصادرة عام 1954).
وقد اتخذ من مدينته الحبيبة (داقوق) بناسها الطيبين، غير الشوفينيين وغير الطائفيين وغير الرافضين للآخر، لقبا له، افتخارا بها.
- تخرج من الدورة التربوية لمعلمي الابتدائية عام 1954، حيث تم تعيينه في مدرسة مدينته داقوق- وليس في القرى المحيطة بها- لأنه كان الخريج الأول مكرر في تلك الدورة، وكانت درجته في اللغة العربية 98 بالمئة، فصار معلما للغة العربية فيها ولمدة ست سنوات. وكانت القاعدة التربوية التقليدية في تلك الدورات التعليمية، تعيين الاوائل الثلاثة، في المدارس التي يرغبون هم فيها. أما الباقون فيتوزعون على مدارس القرى والأرياف في محافظة كركوك، ثم نقلت خدماته كمترجم إلى وزارة الإرشاد عام 1960ثم عمل في وزارتي الإعلام والثقافة والجامعة.
- بدأ حياته الأدبية بالترجمة (1956) ثم في كتابة القصص القصيرة (1958- 1962) في مجلتي (شفق) الصادرة في كركوك و(الإخاء) الصادرة في بغداد.
- أصدر مجلة (التراث الشعبي) ببغداد عام 1962 كأول مجلة فولكلورية في البلاد العربية. وكان يرأس تحريرها حتى عام 1966 عندما تم تعيينه، ملحقا صحفيا (دبلوماسيا) في أنقرة.
- أصبح رئيسا لهيئة رقابة المطبوعات في وزارة الإعلام خلال 1964– 1966.
- خريج كلية الحقوق – القسم المسائي – عام 1969 من جامعة أنقرة (تركيا) بعد أن نقل دراسته- وهو في الصف الثالث- من كلية الحقوق بجامعة المستنصرية، إلى كلية حقوق أنقرة.
- عمل دبلوماسيا (ملحقا صحفيا) في السفارة العراقية بأنقرة خلال 1966- 1972.
- عين مديرًا للصحافة في وزارة الإعلام عام 1972.
- نقلت خدماته إلى قسم الدراسات الشرقية بكلية الآداب– جامعة بغداد عام 1974 كمدرس للغة والأدب التركي.
- كان قد سجل في قسم الدكتوراه بكليتي الآداب والقانون بجامعة أنقرة منذ العام 1970.
- كان موضوع رسالته في القانون (حرية الإعلام في الدساتير العراقية) كأول رسالة في (حرية الإعلام) في العالم العربي.
- تأجلت رسالته للدكتوراه في الآداب، المعنونة (فضولي البغدادي وديوانه العربي المفقود ) لأسباب سياسية عام 1975.
- انتقل من قسم الدراسات الشرقية في كلية الآداب إلى قسم الإعلام فيها بعد نيله لشهادة الدكتوراه في قانون الإعلام عام 1975.
- أصدر خلال (1976– 1982) جريدة الإعلام الأسبوعية كبديل عن جريدة الصحافة الصادرة عن قسم الإعلام بكلية الآداب، ورأس تحريرها حتى عام 1982.
- أصدر مجلة (حوليات الإعلام) عام 1981 كأول مجلة للدراسات الإعلامية في الوطن العربي.
- أصبح رئيسا لقسم الإعلام بالكلية عام 1982.
- قام بتدريس مادتي قانون الإعلام (حق الإعلام وحرية الإعلام) والأنظمة الإذاعية في العالم، في القسم حتى عام 1985.
- زار خلال 1980- 1985 جامعات هالة ( ألمانيا الديموقراطية) وطوكيو (اليابان) ومرمرة (تركيا) و أنقرة (تركيا) وسوسيكس (انكلترة) كأستاذ زائر Visiter Proffessor.
- أحيل عام 1985 على التقاعد وهو في سن الخمسين للحيلولة دون ترقيته إلى درجة (الأستاذية) رغم أن كتابه (قانون الإعلام) كان يدرّس في كليات ومعاهد الإعلام العربية، منذ العام 1984 ولا يزال.
- أسس عام 1987 مطبعة ودار نشر (الفنون) ببغداد مع مجموعة من أساتذة الجامعات العراقية، كشركة ذات مسئولية محدودة.
- أصبح مستشارًا إعلاميا لمركز التوثيق الإعلامي لدول الخليج العربية ببغداد، وعضو هيئة تحرير مجلتها (التوثيق الإعلامي) خلال 1987- 1993.
- قام بإلقاء المحاضرات في مادة (حرية الإعلام) على طلبة الدراسات العليا في (معهد الدراسات العربية) التابع لجامعة الدول العربية في القاهرة– بعد نقله إلى بغداد– خلال 1983- 1987 وأشرف على رسائل طلبتها للماجستيروالدكتوراه.
- هاجر بعد حرب الخليج الثانية إلى أوروبا، واستقر به المقام أستاذًا للغة والأدب العربي في جامعة مرمرة باسطنبول.
- أصبح منذ عام 1993 خبيرًا إعلاميا للشئون العربية في وقف (مؤسسة) الديانة التركية (العلمانية الرسمية) باسطنبول.
- ألقى المحاضرات في اللغة والأدب العربي، على طلبة الدراسات العليا الأتراك في المؤسسة المذكورة والجامعات التركية.
- انتخب عضوا في الهيئة العلمية لـ (دائرة المعارف الإسلامية) الصادرة عن المؤسسة المذكورة عام 1996 وحتى اليوم.
- منحته جامعة مرمرة، حيث كان يدرّس في كلية الإلهيات فيها اللغة والأدب العربي على طلبة الدراسات العليا- لقب الأستاذية، بعد نشر خلاصة رسالته الثانية للدكتوراه في الأدب واللغة (الأدب الشرقي المقارن) عن (فضولى البغدادي وديوانه العربي المفقود) عام 1998 في الكتاب التذكاري لمناسبة الذكرى 500 لوفاة الشاعر التركماني العراقي فضولي البغدادي (888 هـ- 963 هـ) أمير الشعر التركي الكلاسيكي، حتى اليوم.
- أسس عام 2003 في فيينا، بعد أن التجأ إليها عام 2000 (المركز الأكاديمي للدراسات الإعلامية وتواصل الثقافات) الذي يضم 28 بروفيسورا عراقيا وعربيا وأوروبيا، في مختلف الاختصاصات العلمية.
- يتولى اليوم رئاسة تحرير مجلة (عالم الغد) الفصلية الصادرة عن المركز الذي يضم نخبة من الباحثين العراقيين والعرب والأوروبيين، حيث تعمل المجلة كـ (مرصد إعلامي) متميز.
- قام المركز- خلال الخمس سنوات الماضية- بعقد خمس ندوات، بواقع محاضرتين سنويا، صمن اختصاصاته ووفق مستجدات العصر بالتعاون مع وزارة الثقافة النمساوية ومؤسسة العلاقات الثقافية الخارجية، اللتين تمولان المركز والمجلة.
- قام بتأليف وترجمة 35 كتابا باللغات العربية والتركية والإنكليزية في اللغة والأدب والتاريخ والإعلام والقانون والفنون.
- نشر عشرات الدراسات والبحوث العلمية في الصحف العربية والأجنبية: الأهرام، الاتحاد، الشرق الأوسط، مجلة اليسار التركية، مجلة الحوار الصادرة باللغة الإنكليزية في اسطنبول، مجلة الصحافة اليوغسلافية.
- قدم باسم المركز، طلبًا إلى وزارة التعليم العالي النمساوية لتأسيس (الأكاديمية الدولية الحرة للدراسات الإنسانية) كجامعة إلكترونية في فيينا، التي تضم ثلاث كليات: اللغات و(الإعلام والسياحة) و(القانون والعلوم السياسية)، مع ثلاثة معاهد للدراسات: معهد دراسات الأديان المقارنة ومعهد الدراسات الكردية ومعهد الدراسات التركمانية.
- مارس أنواع الكتابة الأدبية في الإبداع والنقد والشعر والقصة القصيرة والبحوث والدراسات العلمية، ونشرها في الصحف العربية والأجنبية منذ العام 1956، وباللغات العربية والتركية والإنكليزية، حتى اليوم.
- شارك في العديد من المؤتمرات الإعلامية والفكرية الخاصة بالحوار العربي- الأوروبي، والندوات الفكرية العربية- التركية، طيلة العشرين عامًا الماضية.
- اختارت الأكاديمية الاذربيجانية قصيدته (نسيمي البغدادي... إنسانا كاملاً) المنشورة باللغة التركمانية في مجلة الإخاء البغدادية، ضمن (باقة الشعر الإنساني المعاصر) مع القصائد المختارة للشعراء: ناظم حكمت، بابلو نيرودا، ماياكوفسكي، الجواهري، محمد صالح بحر العلوم، محمود درويش وغيرهم، حيث نشرت تلك القصائد في كتاب بباكو عام 1982.
- منح لقب ( شيخ الباحثين ) في الندوة الفكرية العربية السادسة عشرة، المنعقدة بمركز (متبعم) للدراسات بتونس عام 2005.
- تم تكريمه مع 44 عالما ومبدعا عربيًّا ومستعربًا، في كانون الثاني 2006 من قبل (الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب) ضمن تكريمها الأول لنخبة من العلماء والمبدعين والباحثين والمترجمين والشعراء.
- انتخب عضوا في مجلس حكماء (الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب) في منتصف العام 2006.
- تتلمذ على أيدي معلمين وأساتذة أجلاء منذ المرحلة الإعدادية، ومن أبرز أساتذته في تلك المرحلة من دراسته في ثانوية كركوك أستاذ اللغة العربية (قاسم بك الصالحي) حيث كان له ولأستاذ اللغة الإنكليزية، المصري الجنسية (إميل حداد) الخلوق والجاد والمتسامح والعالم في اللغة والأدب، دور كبير في تكوين شخصيته. ويضيف الداقوقي إلى ذلك- في احدى مقابلاته الصحفية- قائلاً: "كما كان للتكية البكتاشية (تكية ده ده جعفر) في مدينتي الرائعة (داقوق) ومنتدياتها الثقافية- الشعرية والعرفانية، أثر كبير في تنمية نظرتي الديموقراطية- الإنسانية، للأمور، وفي تقدير الآخر واحترام مذهبه.
ولكني أود أن اؤكد بمرارة، بأن الإنسان العصامي- في الشرق – يلقى الأمرّين، من الحسد والحقد والاتهامات الرخيصة والتخوين والرفض، ليس من عامة البشر وإنما من انصاف- بل أرباع- المثقفين، من مدعي الثقافة من الشوفينيين أو/ والطائفيين المتعصبين من رافضي الآخر... إلى أن يصل لما يصبو إليه. وعند ذاك يلقى الأمرّين أيضا منهم- لاسيما إذا ما نال شهرة أو مكانة اجتماعية أو علمية- عندها يتسابقون، هذه المرة، لامتلاكه من أجل استخدامه لأغراضهم الخاصة الدنيئة... بالتقرب منه أو بادعاء انتسابه إليهم أو انتسابهم له. والويل لمن يخرج عن الطاعة أو يكفر بالشوفينية و/ أو الطائفية، ويحاول كسر احتكارهم الثقافي- الذي أعلنوه مسبقا- ليتولوه هذه المرة بترهات القول والشتائم والاتهامات، التي لا أول لها ولا آخر.
غير أني مشيت على الطريق التي اختططتُها لنفسي منذ العام 1956- تاريخ نشر أول مقال مترجم- دون التفات للخلف أو إعارة الأهمية لهذه الضفادع التي تنق في المستنقعات الآسنة، لأني أربأ بنفسي... الانجرار إلى معاركهم الجانبية الرخيصة، لأني مثقل بهموم الوطن والمظلومين والمتعرضين للاتهامات الرخيصة. ولأني أحب أن يذكرني التاريخ كرجل إنسان، قال ما يشعر به بصراحة وموضوعية ودقة وكتب بحرية ووعي وديموقراطية... دفاعًا عن حرية الآخر، من كان وأين ما كان، بمقالات وأبحاث تتحلَّى بالحب والخير تجاه الآخر، مع انتقاد موضوعي لفكر الهيمنة والرفض والاستبداد والتكفير،... بعيدًا عن الشوفينية والطائفية الفكرية وإقصاء الآخر".
مؤلفاته ومترجماته:
أولا- المؤلفات:
– فنون الأدب الشعبي التركماني- دار نشر الزمان ببغداد- 1962.
2- المستدرك على الاصطلاحات الموسيقية- وزارة الإعلام- بغداد 1965.
3- تركمان العراق- دار الثقة بانقرة (تركيا) 1970 باللغة التركية.
4- فضولي البغدادي وديوانه العربي المفقود (رسالة دكتوراه ثانية في اللغة والأدب المقارن) انقرة 1972 (غير مطبوعة).
5- حرية الإعلام في الدساتير العراقية- مطبعة الثقة- انقرة 1975 (رسالة دكتوراه في قانون الإعلام: حق الإعلام وممارسته من خلال حرية الإعلام) باللغة التركية.
6- موسوعة تشريعات الثورة- بغداد 1979.
7- المعجم التركي- العثماني- العربي (وزارة الثقافة والإعلام 1979– 1984) في أربع مجلدات، بالاشتراك مع آخرين.
8 - العلاقات العامة في البلدان النامية، بالاشتراك مع الدكتور مختار التهامي، منشورات جامعة بغداد– 1980.
9- نظرة في إعلام العالم الثالث– مطبعة اليقظة، الكويت 1982– منشورات مركز التوثيق الإعلامي لدول الخليج العربية.
10- الأدب التركي المعاصر، منشورات معهد الدراسات الافرو- أسيوية بالجامعة المستنصرية ببغداد- 1982.
11– القواعد الأساسية للغة التركية، مطبوعات الجامعة المستنصرية– بغداد 1984.
12 – الأنظمة الإذاعية في العالم، منشورات وزارة التعليم العالي العراقية ببغداد 1985.
13– قانون الإعلام: نظرية جديدة في الدراسات الإعلامية الحديثة، منشورات وزارة التعليم العالي ببغداد – 1986.
14– فلسطين والصهيونية في وسائل الإعلام التركية، مطبعة المربد ببغداد 1987.
15- صورة العرب لدى الأتراك، منشورات مركز دراسات الوحدة العربية- بيروت 1996 والطبعة الثانية في 1998.
16- صورة الأتراك لدى العرب، منشورات مركز دراسات الوحدة العربية– بيروت 2001.
17- أكراد تركيا، دار المدي- دمشق (سوريا) 2003 باللغة العربية.
18- القواعد الأساسية للغة العربية– مطبوعات جامعة أنقرة 1972 والطبعة الثانية مهيئة للنشر الآن.
19- حرية الإعلام: سلطة التغيير الديموقراطي في عصر العولمة- 2008 (قيد الطبع) منشورات المركز الأكاديمي للدراسات الإعلامية وتواصل الثقافات- فيينا [1].
20- العلويون: أصحاب دين أم طريقة تصوف أو نظرية سياسية لعصر العولمة- 2008 (قيد الطبع) من منشورات المركز الأكاديمي للدراسات الإعلامية وتواصل الثقافات- فيينا [2 ]
21- المجتمع المدني ضد السلطة، ترجمه عن الفرنسية الدكتور صلاح نيوف، مراجعة وتقديم: إبراهيم الداقوقي، من منشورات المركز الأكاديمي للدراسات الإعلامية وتواصل الثقافات- فيينا [3].
22- أكثر من 50 ورقة من البحوث والدراسات العلمية المقدمة إلى الندوات العربية والأجنبية الفكرية والحوار العربي- الأوروبي وحوارات اليونسكو حو الدين والاختلاف، المطبوعة ضمن المجلات العلمية والأكاديمية.
ثانيا- الكتب المترجمة والمؤلفة باللغات الأخرى:
1 – الاصطلاحات الموسيقية: تاليف الموسيقار التركي كاظم أوز، مترجم عن التركية– منشورات وزارة الإعلام بمناسبة المؤتمر الموسيقي العربي الثاني– بغداد 1964.
2- جذور الصهيونية– للكاتب التركي ضياء اويغور، مترجم عن التركية– منشورات وزارة الإعلام – بغداد 1966.
3 – مذكرات ضابط تركي في زنزانات إسرائيل– تأليف: شهاب طان، مترجم عن التركية– منشورات وزارة الإعلام– بغداد 1968.
4 – السلاجقة– تأليف: تمارا تالبوت رايس، مترجم عن الإنكليزية بالاشتراك مع لطفي الخوري، مطبعة المعارف– بغداد 1968.
5 – تركمان العراق: لغتهم وتاريخهم وأدبهم، مؤلف بالتركية– مطبعة الثقة– أنقرة– 1970.
6 – الجمهورية العراقية: دليل إعلامي سياحي، مؤلف بالتركية– مطبعة الثقة– أنقرة 1972.
7 – النساء الحاكمات في الإسلام– تأليف: بحرية اوج اوق، مترجم عن التركية، ساعدت وزارة الإعلام على طبعه– مطبعة السعدون– بغداد 1973.
8- الصحافة التركية، مترجم منذ عام 1984، مسودات بحاجة إلى توظيب وترتيب. قيد الطبع في المدى البعيد.
هكذا قال الفقيد عن آخر كتاب، فهو- شأن كل العظماء- كان يعيش الحياة العلمية إلى آمادٍ بعيدة، ولكنَّ الأجَل كان قريبًا، فنسأل الله تعالى أن يحتسب له في ميزان حسناته ما هَمَّ بفعله على المدى البعيد، وأن ينفعنا بعلمه، وأن يُلهمنا الصبر على رحيل علمائنا الذين يتفلتون من بين أيدينا ونحن في أشد الاحتياج إليهم.
عبد الناصر عيسوي
شاعر وكاتب صحفي مصري
المفضلات