التصحرالثقافي والمعرفي.. هل هو انعكاس للتصحرالطبيعي

يعرف التصحر بصفة عامة بأنه " تدهورإنتاجية الأرض المنتجة " سواء كانت تلك الأرض مراعي طبيعية أم أراضي زراعية مروية أم بعلية ، بصورة تؤدي إلى انخفاض الإنتاج البيولوجي للأراضي، فتصبح أقل إنتاجية وربما تفقد إنتاجيتها كلية وتفقد المناطق الرعوية غطاءها النباتي الطبيعي ويحل محله النباتات غيرالمستصاغة لرعي الحيوانات والنباتات الشوكية السامة كما تختفي الأشجاروالشجيرات ويحل محلها الأعشاب الأقل قيمة اقتصادية والتي لا تتمكن من حماية التربة وتثبيتها .
عرفت الجزائر في هذا المجال تجربة ناجحة جدا وتمثلت في تثبيت الرمال عن طريق إقامة أحزمة نباتية اصطناعية وأخرى طبيعية جعلت تلك الكثبان الرملية مغطاة كلية أو جزئيا، ولم تتمكن الرياح من تعريتها مرة أخرى. تتدهورالأراضي في المناطق البعلية وتصبح بسبب الحرث في الأوقات الجافة عرضة للانجراف الريحي وتفقد التربة قدرتها على الاحتفاظ بالماء وتوفير الوسط المناسب لنمو النباتات كما تتدهور خصوبة الأراضي المروية نتيجة للري الجائر بحيث تتملح أو يرتفع مستوى الماء الجوفي فيها وتنخفض إنتاجيتها أي أنه يمكن القول بان التصحرهوتدهوركلي أو جزئي لعناصر الانظمة البيئية ينجم عنه تدني القدرة الإنتاجية لأراضيها وتحولها إلى مناطق شبيهة بالمناطق الصحراوية بسبب الاستغلال المكثف لمواردها من قبل الإنسان وسوء أساليب الإدارة التي يطبقها بالإضافة إلى عوامل بيئية أخرى
كالظروف المناخية وتكرار ظاهرة الجفاف أي إن التصحر هو:
إحداث تغيرات في الانظمة البيئية يؤدي إلى خلق ظروف أكثر جفافا أواكثرصحراوية...
تبلغ المساحة المتصحرة في العالم 46 مليون كلم2 يختص الوطن العربي منها ب 9.76 مليون كلم2 من إجمالي مساحة الوطن العربي والتي تعد بنحو 14.1 مليون كم2 وبهذا تعد مشكلة التصحر في الوطن العربي كبيرة جدا بحجمها ونتائجها
تتباين الأقاليم العربية في نسبة المناطق المهددة بالتصحر حيث نجد أعلى نسبة في المشرق العربي التي تصل الى48.6 % يليها إقليم حوض النيل والقرن الإفريقي % 28.6 ثم المغرب العربي 16.5% وأخيرا شبه الجزيرة العربية 9% ...
مما سبق يمكننا القول أن النظرة الصحيحة إلى البيئة وضرورة المحافظة عليها يمكن تلخيصها في طرح التساؤل التالي:
ماهي أسس الوسطية الاقتصادية المثالية والواقعية في نفس الوقت لإعادة الأمورالبيئية إلى وضعها الحقيقي؟
فإن استطعنا إيجاد الإجابة لهذا التساؤل الذي يدل من خلال تركيبته اللغوية والبنيوية أنه يستهدف بالأساس الدفاع عن البيئة ومكوناتها وإمكاناتهاالمتعددة، والمحافظة على المحيط الطبيعي لكل اليابسة، التي يعيش على أديمها ستة ملاييرمن البشر..سهل علينا معرفة مدى عمق الدعوة للحفاظ على إنتاج وإنتاجية الأرض.. ومن ثم وجوب حمايتها من التدهوروالتصحر ، فقد نجد وبالأخص في الوطن العربي أن كل من يملك أرضا ملكية خاصة قانونية وشرعية سواء عن طريق التوارث أم عن طريق التقادم المكسب أم عن طريق الشراء ، وقام بتسييجها وإحاطتها بسياج ، ولا يقوم باستغلالها الاستغلال الأمثل، بحجة أنها ملكية خاصة، مما يسمح له من الحؤولة دون منح فرصة لها لتعطي خيراتها للمجموعة البشرية المحيطة بها.. يكون قد عطل مهمة الأرض الأساسية في الإنتاج وأتاح فرصا كبيرة لتعرضها للتدهور والتصحر...
الأساس الأول: هو الضروريات..كأن يقيم عليها منزلا وبالشكل الذي يريد..
الأساس الثاني: هوالحاجيات..كأن يقوم بزراعتها بما هو غير ضروري وإنما بما يتماشى وأهوائه..
الأساس الثالث: هوالتحسينيات.. كأن يخصصها لإقامة ملعب للغولف مثلا غير مهتم بما ترتب عن ذلك من هضم لحقوق الآخرين.
ذلك ما يعرف بالوسطية الاقتصادية ، فإن تم تجنب مساويء هذا الأمر وتم اللجوء إلى الحلول المثلى وعرفنا كيفية توظيف عملية استغلال الوقت وإمكانات الموارد البشرية وما تتيحه الأرض من نتائج.. فلن تعرف بعد ذلك أية نكسات بيئوية أو تدهور طبيعي لأديمها، ويصبح الإنسان بالتالي متحكما بما لديه من وسائل تكنولوجية تحول دون تعرضها لعملية التصحر المميتة...
القضية تبقى مطروحة للنقاش والإثراء.