[font=Arial]

بمناسبة اليوم العالمي للبيئة المصادف للخامس من شهر جوان ..يسر مركز " واتا " للدراسات والأبحاث البيئوية أن يدعو البيئويين العرب للمساهمة في إثراء هذاالمركز بمساهماتهم ونقاشاتهم المتعلقة بالبيئة العربية في مجال التلوث بأشكاله وأرجو أن تكون تلك المساهمات منطلقة من خطورة التلوث الصوتي والبصري أولا..الذي أضحى لا يقل عدوانية وشراسة عن التلوث البحري والجوي والبري وإليكم كبداية لمحة مختصرة عن أهمية المناطق الرطبة في الجزائر:

مدخل أول:
السبخة ، أرض ذات ملح و نزّ ، و جمعها سباخ ، و قد سبخت سبخا فهي سبيخة ، وأسبخت .
و السبخة الأرض المالحة ، و السبخ المكان الذي يسبخ فينبت الملح و تسوخ فيه الأقدام. ( ينبت الملح -- تجاوزا طبعا - لأن الملح معدن وليس نباتا )
و سبخة البيضاء بحمام السخنة لها أهميتها العالمية حسب اتفاقية " رامسار ".
و تعتبر مصدرا لمادة إستراتيجية مستقبلية هي الماء بحسب الدراسات الحديثة ، كما تستقطب أصنافا مختلفة من الطيورالمائية .
يوجد بسبخة السخنة نبات دائم يتكون من مقصبة ( Roselière ) ومنبت الآسل أوالسمار ( jonchaie ) وكذلك نبات البوط ( Typha ) . وهذه النباتات كلها هي من المواد الطبيعية التي يستغلها الإنسان ، لاسيما في الصناعات اليدوية التقليدية .
أما بشط البيضاء بحمام السخنة ، فيوجد بجهة من ضفافه مغرس القطف (Attriplex) وهي نبتة ذات علفية عالية و مقاومة للملوحة ، كما أنّ المناطق الرطبة قد تكون مساحات رعوية هامة طيلة العام ، ولهذا توجب المحافظة على تلك المناطق الرطبة بالتكفل بمتطلباتها الأساسية و ترقية محيطها ، مثل مشاريع التشجير وإعادة التشجير لمكافحة الانجراف ، كما أن الخشب هو مادة من المواد الطبيعية التي تنتجها المناطق الرطبة . أما الجفاف فهو من العوامل الطبيعية المؤثرة سلباً على السبخة .
ونظرا للأهمية القصوى التي تكتسيها هذه الأوساط البيئية الطبيعية والاصطناعية، التقى المعنيون بشؤون البيئة في مؤتمرعالمي جامع - لاتخاذ الإجراءات الضرورية للمحافظة عليها وحمايتها - في لقاء تاريخي سمي باتفاقية " رامسار "
ما هي اتفاقية " رامسار" ؟‏
" رامسار" التي يرد ذكرها كلما تحدثنا عن المناطق الرطبة هي المعاهدة البيئية الوحيدة المتخصصة بنظام حيوي محدد تم اعتمادها في مدينة
" رامسار" الإيرانية عام 1971، وأصبحت سارية المفعول عام 1975.. يزيد عدد الدول الأعضاء المشاركة فيها عن 140 دولة.
تتمثل رسالة هذه الاتفاقية في الحفاظ على الأراضي الرطبة واستخدامها الرشيد من خلال السياسات الوطنية والتعاون الدولي كوسيلة لتحقيق التنمية...
في الجزائر توجد بناحية وهران مثلا ثمانية مناطق رطبة منها منطقة السبخة المعروفة.. وبناحية الجزائر العاصمة توجد بحيرة الرغاية التي لا تبعد عن العاصمة سوى ب 30 كلم شرقا وهي بحيرة طبيعية محمية و فريدة من نوعها وهي منطقة تدخل ضمن اتفاقية " رامسار" وتعتبرمصدرا هاما لقطاعي الفلاحة والصناعة..
تعيش بها أربعة أنواع من الطيور.. وتتميز بنباتات نادرة منها 233 صنفا أرضيا و25 صنفا بحريا..

نبذة تاريخية عن 02 فيفري اليوم العالمي للمناطق الرطبة
إن الجهود التي قام بها دعاة المحافظة على الطبيعة والبيئة أثمرت اتفاقية دولية حول المناطق الرطبة بمدينة " رامسار " بإيران وذلك بتاريخ 02 فيفري 1971 وبعد سنوات من ذلك قررت اللجنة الدائمة للاتفاقية اتخاذ 02 فيفري من كل سنة يوما عالميا للمناطق الرطبة ، وهذا بعد إن تبين لها أن الرأي العام العالمي والدولي أصبح يعي الأهمية التي تمثلها هذه الأراضي من حيث التوازن الإيكولوجي والبيئي وكذا التنوع البيولوجي .
والجزائر انضمت فعليا إلى هذه الاتفاقية بتاريخ 04 مارس 1984 .

المناطق الرطبة لحوض البحر الأبيض المتوسط

بعد الاتفاقية السالفة الذكر ظهر تكتلات دولية تعمل وتنسق فيما بينها في نفس الوقت ، وعلى إثر الملتقي الذي تم بقراد و- شمال ايطاليا – في فيفري 1991 وحضره 28 دولة خرج المشاركون بتوصيات تهدف إلى ضرورة الوقف والحد من فقدان وتدهور الأوساط الرطبة المتوسطية وسمي المشروع *med wet * أي الأراضي الرطبة للبحر الأبيض المتوسط .
في البداية ولأسباب مادية أنطلق المشروع بـ05 دول تابعة للإتحاد الأوربي : فرنسا ، البرتغال ، اسبانيا ، ايطاليا واليونان وكان ذلك في عام 1992 .
وسنة 1994 انضمت 05 دول أخرى – ذات دخل أقل من 4000 دولار – وهي الجزائر ، المغرب ، تونس ،كرواتيا وألبانيا .
وفي سنة 1997 تكفلت المديرية العامة للغابات بإجراء أول إحصاء وطني للمناطق الرطبة وقد اتخذت المنطقة الرطبة لبني بلعيد –جيجل ، كمشروع نموذجي تتم دراسته وبعدها يعمم العمل على باقي المناطق الرطبة .

تعريف بالمناطق الرطبة

المناطق الرطبة هي كل وسط تغمره المياه كليا أو جزئيا ، أو به نسبة من المياه أو رطوبة اكان ذلك خلال كامل السنة أو لفترة مؤقتة ، والمنطقة الرطبة قد تكون طبيعية أو اصطناعية .
المناطق الرطبة الطبيعية : وتتلخص عموما في :
- السباخ
- الشطوط
- البحيرات
- المستنقعات
- الأنهار
- المروج

المناطق الرطبة الاصطناعية وتعني:
- السدود
- المحاجر المائية
المناطق الرطبة الموجودة في الجزائر

توجد بالجزائر أكثر من 90منطقة رطبة باختلاف أنواعها ( 20منها مهمة ) وتفوق مساحتها 230.000 هكتار ومنها منطقتان رطبتان ذات بعد – شهرة – دولية وهي تتمثل :
في بحيرة الأوبيرة وبحيرة الطونقا بولاية الطارف .
أما على مستوى ولاية سطيف فتوجد 21 منطقة رطبة منها 03 مناطق مصنفة من بين أهم المناطق الموجودة بالجزائر . ويتعلق بشط البيضاء ببلدية حمام السخنة وسبخة بازر ببلدية بازر سخر و سبخة الحميات ببلدية عين الحجر.

أهمية المناطق الرطبة
الأهمية الإقتصادية:
المناطق الرطبة بإختلاف انواعها تعد ثروة طبيعية منتجة لمواد مختلفة تدخل ضمن المتطلبات المعيشية للإنسان .
فالسدود والمحاجرالمائية والبحيرات والأنهار تمد الإنسان بالمياه الصالحة للشرب وكذا الري .وفي نفس الوقت هي منتجة للسمك ، وهذا بغض النظر على الإنتاج الكهروبائي فيما يخص السدود .
الشطوط والسباخ تستخرج منها الأملاح المختلفة ( مادة مصدرة )
المروج هي منتجة لمادة العلف وهي كذلك تعد مساحات رعوية .

الأهمية الإيكولوجية:
المناطق الرطبة هي أوساط حيوية جد هامة لبعض الكائنات الحية يتعلق الأمر بالحيوانات والنباتات ، و هي تستقطب خاصة الطيور المائية (الشتوية ) المهاجرة التي تعبر القارات . فإذن هي قد تكون محطات عبور لهذه الكائنات أو محطات توقف أو محطات عيش وتكاثر .
مهام أخرى: للمناطق الرطبة مهام أخرى مثل:
مراقبة الفيضانات والتقليل من مخاطرها
التحكم في الدورة الهيدرولوجية
تجديد دائم للمياه الجوفية
حجر الرواسب والمواد السامة
حجر المواد الكيمائية وتصنيفها وازالتها طبيعيا ( بيولوجية )

البعد الجغرافي للمناطق الرطبة
الثروة الأساسية لهذه المناطق تكمن في احتوائها لعدد هائل من الطيور المائية المقيمة والمهاجرة بين القارات وفيما يخص حالة الجزائر التي تنتمي إلى الشمال الإفريقي الذي يعتبر المعبر الأساسي للطيور المهاجرة بين قارتي أوربا وإفريقيا يجعلها تكون جد معنية بهذا الأمر . و بما أنّ القضية تعني دولا عديدة من الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط و الضفة الجنوبية منه ، يقتضي الحال أن تكون الجزائر عند مستوى تطلعات هذه الدول ، لأنّ هذه الطيور ليست لها جنسية و لا حدود ، فهي تقضي نصف السنة تقريباً بأوربا و النصف الأخر بإفريقيا .
و عليه فإنّ هذه الكائنات تعتبر إرثا حيوانيا مشتركاً. لذا ما يتم إجراؤه من تدابير في بلدان أوربا لحماية هذه الطيور يجب إجراؤه بالبلدان الإفريقية المطلة على البحر الأبيض المتوسط. فالمناطق الرطبة الكائنة بمختلف الدول المذكورة هي حلقات متواصلة ومتممة لبعضها البعض .

ثراء المناطق الرطبة الجزائرية
الجزائر يتردد عليها أكثر من 50 صنفا من الطيور المائية ما يعادل أكثر من 200.000 طير . وولاية الطارف تحوي النسبة الكبيرة من هذا العدد أما ولاية سطيف فيزورها 39 صنفا أي ما يمثل حوالي 10.000 طير سنويا . و سبخة بازر من أهم المناطق الموجودة بالولاية .من حيث العدد الذي تستقبله (أكثر من 5.000 طير ) وهذا كونها دائمة الرطوبة ومن بين الطيور المسجلة على مستوى مختلف المناطق لولاية سطيف ، هناك 13 صنفا محميا قانونا .

العوامل المهددة أوالمؤثرة على المناطق الرطبة
المناطق الرطبة معرضة لتأثيرات شتى والتي هي في مجملها ناجمة عن نشاط الإنسان وقد يترتب على ذلك ما يلي :
- الطمي الناجم عن عامل التعرية والإنجراف بالمناطق المجاورة .
- الاستغلال الزراعي المفرط ( رعي مبرح ......)
- الري اللاعقلاني وغير المراقب المتمثل في ضخ المياه إلى حد غير معقول
- الصيد بنوعيه (اسماك وطيور )
- التلوث بأنواعه
- توسيع الانسجة العمرانية على حساب المناطق الرطبة .
- تصريف مياه بعض الأوساط الرطبة لتوسيع وربح مساحات جديدة من الأراضي الزراعية .
المحافظة على المناطق الرطبة
ـ حتى يضمن الإنسان الانتفاع الدائم من هذه المناطق يتطلب اتخاذ تدابير وقائية بتسيير ومتابعة محكمين وهذا يعود بالفائدة على الإنسان وفي الوقت ذاته على الطبيعة التي هي بدورها تعتبر الدعم الأساسي والوحيد لبعض الكائنات .فإذا خدم الانسان الطبيعة خدمته ، وإذا أفقدها توازنها أفقدته هو الأخر توازن حياته .
وتكون المناطق الرطبة في مأمن إذا توفرت الشروط التالية:
- تفادي ألاستغلال المفرط لها وللأراضي المحيطة بها.
- محاربة التلوث بجميع أشكاله
ـ سن قوانين لتسييرها، والتأكيد على متابعة تنفيذها بصرامة، لأن هذا الأمر لم يعد
مقبولا التسامح فيه.

آفاق المناطق الرطبة بالجزائر
نظرا للعدد الهائل لهذه الأوساط البيئية والمساحات الكبيرة التي تتربع عليها الجزائر ونظرا لما تتطلبه من متابعة علمية وتسييراختصاصين وجب أخذ الأمر بجدية كبيرة من قبل كل المعنيين والمهتمين والمناصرين...
وهكدا، سنة بعد سنة يتم التكفل والعناية والرعاية الكافيتين بالمناطق الرطبة في بلادنا حتى تنتشر - شيئا فشيئا - ثقافة المحافظة على البيئة بمفهومها الواسع.[/
font]