احذروا المنافقين ... والمنافقات ...!
(الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّنْ بَعْضٍ يَاًمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المَعْرُوفِ) ]التوبة: 67[
في الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خُلُوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل)) رواه مسلم.
المنافقون أعداء دين الإسلام منذ بعثة محمد ـ عـلـيــه الصلاة والسلام ـ يكيدون ويدبرون ويخططون وينفذون، وقد ورد ذكرهم في سبعة وثلاثين موضعاً من القرآن الكريم، وسميت سورة كاملة باسمهم.
لقد بدأ النفاق بابن سلول واستمر النفاق واستمرت مظاهره وصوره المختلفة عبر التاريخ إلى يومنا هذا، ولا يخفى تعاضد المنافقين مع الكفار في حربهم الظاهرة والخفية ضد الإسلام والمسلمين. فالنفاق حقيقة قائمة ثابتة راسخة مرئية ومستمرة وإلا لما أفاض القرآن الكريم في الحديث عنهم وأسهب في التحذير منهم.
ولأن الصراع بين الحـــق والباطل قائم إلى قيام الساعة؛ فإننا لا نزال نرى الصفات نفسها تتوارثها الأجيال المنافـقـــة زمــنـاً بـعــد زمن حتى وقتنا الحاضر. يقول الله عن صفة من صفاتهم: ((وَإذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ)) [المنافقون: 4].
لذلك ما زلنا نشاهد المنافقين في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، يتكلمون باسم العلم والدين، ويتكلمون في قضايا خطيرة، ويتحينون الفرص، ويقطعون الطرق، ويلبسون ويعيثون في الأرض الفساد همزاً ولمزاً وغمزاً وسخرية وخيانة وتآمرا وقتالا في صفوف الكفار وتحت راياتهم: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِى ٱلارْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ - أَلا إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْمُفْسِدُونَ وَلَـٰكِن لاَّ يَشْعُرُونَ [البقرة:11، 12].
ترى منهم الأكاديميين والسياسيين والصحفيين والكتاب والشعراء والمؤلفين، لكن أفعالهم وتصرفاتهم تفضحهم، وظاهرهم يخالف باطنهم، وما ينخدع بهم إلا الجاهلون. يؤدون بعض الشعائر، ويتظاهرون بالحرص على صلاح الدين والشريعة والمجتمع، وهم يتكلمون فيقولون قال الله وقال رسول الله، لكنك حين تدقق في كلامهم تتمثل لك الآيات التي قيلت فيهم لتفضحهم وتكشف بواطن نفوسهم ومكنونات قلوبهم:
(الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّنْ بَعْضٍ يَاًمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المَعْرُوفِ) [التوبة:67]
( ٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ جَـٰهِدِ ٱلْكُفَّـٰرَ وَٱلْمُنَـٰفِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ) [التوبة:73]
(إذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إنَّ المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) [المنافقون: 1]
(الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ) [التوبة: 79].
(قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ)) [التوبة: 65، 66].
(فَإذَا ذَهَبَ الخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشـِحَّةً عَلَى الخَيْرِ) [الأحزاب: 19] [الأحزاب: 19].
(يَاًمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المَعْرُوفِ)[التوبة: 67].
قال ابن القيم رحمه الله: "فلله كم من معقل للإسلام قد هدموه، وكم من حصن له قد قلعوا أساسه وخربوه، وكم من عَلم له قد طمسوه، وكم من لواءٍ له مرفوع قد وضعوه، وكم ضربوا بمعاول الشبه في أصول غراسه ليقلعوها، وكم عمّوا عيون موارده بآرائهم ليدفنوها ويقطعوها، فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبلية، ولا يزال يطرقه من شبههم سرية بعد سرية، ويزعمون أنهم بذلك مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون، ولكن لا يشعرون، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون". وقال رحمه الله: أحذر من عدوين هلك بهما أكثر الخلق : صاد عن سبيل الله بشبهاته وزخرف قوله ، ومفتون بدنياه.
لذلك ينبغي التصدي لهم بكل الوسائل الرادعة لأنهم خطر دائم يتهدد معالم الإيمان والدين.
المفضلات