بسم الله الرحمن الرحيم
كلٌ منا يمُر خلال أنشطة الترجمة التي يمارسها بواحدة أو أكثر من الكلمات الأجنبية التي يختارٌ لها كلمة او أكثر من كلمات لغته المترجم إليها والعكس واردٌ أيضا. ويرى أن في ذلك الإختيار تفرداً في الإستخدام لكلمة او تعبير يميل له هواه ويجد فيه خروجاً عن المعتاد الرتيب ويكاد يجزم أنه لو مر بتلك الكلمة المنتظرة فسيسعد جدا لو آلت له الفرصة لترجمتها بالشكل الذي يتنظره وبخلاف ما نحى عليه بقية القوم.
وفي كثير من الأحيان، يخرج المترجمون، وأنا واحد منهم، بتراجم صحيحة وفصيحة بل فصيحة قُحة لكنها بنفس الوقت غير مألوفة على المتلقي فتنشأ الفجوة بين المعنى والمفهوم ويحدث في بعض المناسبات أن يتم انتقاد المترجم لأنه لاذ بتلك الكلمة المنسية دون غيرها ويُسائَل:
( هل كان قصدك منها التفذلك في إخراج الترجمة بينما ذهبَتْ سهولة المعنى أدراج الرياح؟)
وألمسُ، بما أنا عاملٌ به، أن رغبةً ما تحدو المترجم المتعشق بلغته لكي يبث النشاط لجملةٍ من الكلمات والتعبيرات المنسية التي ركنها المترجمون فركنت هي بدورها للإضراب والإعتصام بين صفحات المعاجم.
وأتحسس أن الدافع وراء هذا التعاطي التنقيبي مع الكلمات يُعزى إلى دعوة يريد المترجم توجيهها ليس لأقرانه فحسب بل لمن يقرأ لغته ومفادها: ( هذه لغتنا التي لم نتفنن - كعادتنا مع بقية القواسم المشتركة - في جعلها تفرقنا فصارت رغماً عنا جامعة تجمعنا حتى في خلافاتنا فنحن نختلف ونتقاذف ونتشاتم ونتنابز ونعزز كل يوم خلافنا، وكيف ذلك؟ بواسطتها! فهل تستحق منا أن نحجمها وهي المتسامية التي فضلها الله لكتابه المحكم بآخر الرسالات النبوية ؟ لمَ لا نتحرك لإزالة الركام عن كثيرٍ من الكلمات التي، وإن بدت غريبة، لكنها ضمن اللغة وكانت في يومٍ من الأيام من إفصاحات البلغاء؟ )
وأرى أن الإعداد يبدأ بالكلمة فإن كسبناها حاورنا الجملة وإن أقنعنا الجملة حددنا القطع اللغوية الكبيرة لنرقى بها وترتقي بأفكارنا.
عليه، أطرح هنا موضوعاً للمشاركة بكلمة واحدة تجد عزيزي القارئ أن ترجمتها إلى العربية يعود علينا بكلمة عربية جميلة تُلمِِع اسلوب كتابة الجيل وترفع من مستوى تعاطيه مع الكلمات وتشحذ فيه حب اللباقة والفصاحة فما أصعب أن نجد متحدثاً عفوياً في الشارع يحاوره مقدم برامج على الهواء فلا يجد المتحدث المسكين منفذاً من الهروب من التعبير الفصيح سوى اللغة الدارجة فإن اجتهد نراه يجود علينا بجملة جاهزة تفوح منها رائحة ( وأحيي القيادة السياسية وعلى رأسها ...)
أرجو أن يكون هذا الموضوع بذرة لما آمل أن أراه يوما ما شجرةً باسقة تطرح ثمر الفصاحة والأسلوب المترف.
مع تقديري المُصفى
أياد العاني
المفضلات