لقد ادركت روسيا ولو متأخرا أن الغرب لا يريد الشراكة المتكافئة ولا يريد تعدد الأقطاب ولا يريد عودة الدب الروسى الى الساحة الدولية كقوة ثانية إن لم يكن كقوة الى الأبد.
منذ انتها الحرب الباردة فى بداية التسعينات وأنا استغرب على تقديم التنازلات الروسية للغرب تلو التنازلات. واستغرب على الرعونه الأمريكية والأروبية فى التعاطى مع روسيا والتى يفترض أن تكون شريكا فى حل الأزمات الدولية.
أصبح الغرب تنتابه الحساسية من وجود روسيا كلاعب ,اصبح يريد من الدب الروسى التفرج والتصفيق خارج الملعب، وقلمت أظافره وهو سعيداً بالتدليل الأمريكى وأحب أن يستريح فى القفص الغربى ولو لبعض الوقت. ولكنه فوجىء بأن السيف الغربى يشحذ كل يوم بحجة ضرب ايران وكوريا الشمالية والإرهاب بعمل الصورايخ قريبة من موسكو. فأى عاقل يصدق أن الدرع الصاروخية على حدود اوربا الشرقية الهدف منه حماية الغرب من إيران وكوريا. الا يكفيها القواعد فى الخليج والعراق وتركيا واسرائيل والمحيط الهندى وأفغانستان لصد إيران. الا يكفيها القواعد فى اليابان وكوريا الجنوبية والمحيط الهادى لدفع الخطر الكورى الشمالى.
كان الأجدر على روسيا قبل ترك الحلفاء القدامى فى جميع العالم أن ترتب اوراقها قبل الإنسحاب والا تترك الاماكن فاضية للغول الأمريكى. كان يجب عليها أن تبقى على علاقات الود والاتصال مع دول المعسكر الشرقى سابقا. كان يجب أن تتخلى عن بخلها والذى هو مازال مستمرا حتى الان. بخلها فى دعم اصدقائها فكما قال الرئيس السادات أنهم بخلاء وفعلا هم بخلاء فتركوا ليبيا للضرب الامريكى فى 86، وتركوا حلفائهم العرب يخسرون الحرب تلو الاخرى مع اسرائيل حتى على مستوى المحافل الكلامية الدولية، واعطوهم فتات الاسلحة، رغم أن العرب يشتروها بفلوسهم وليس هبة من روسيا. وعندما بدات الإزمة الإقتصادية تعصف بروسيا فى التسعينات. تصرفت كالمتسول من الغرب ولم تتصرف وكأنها تملك مخزونا جبارا من الاسلحة تستطيع بثمنه أن تعيد بناء اقتصادها، وعلماء يستطيعون النهوض بها واخراجها من الأزمات الاقتصادية عبر شراكات اقتصادية مع دول العالم الثالث، لا سيما الدول المظلومة من العالم والدول العربية. قعد الروس يتسولون فضاعت هيبتهم. وكم دول اختارت طريق التسول فكانت نهايتها ضياع هيبتها ونفوذها واذكر على سبيل المثال مصر التى كانت تقود العالم العربى خاصة والعالم الثالث عامة أيام جمال عبد الناصر. أين مصر الأن من دولة قطر التى تهب اموالها وتلعب دورا ايجابيا فى السياسة العربية. أين مصر الأن من إيران التى دعمت حزب الله فى حربه ضد اسرائيل وبذلت وما زالت تبذل اموالها بعد حرب تموز من أجل إعمار لبنان. أين الجامعة العربية التى تحذوا حذو الإتحاد السوفياتى السابق فتفرط فى الصومال وتفرط فى دارفور وتفرط فى العراق بل وكادت تفرط فى لبنان لولا نصر من الله لنصر الله. هذا هو عاقبة التفريط.
نصيحتى الان الى العرب وايران اللعب على المتناقضات الدولية والإستفادة من الأزمة الحالية بين الشرق والغرب الى أقصى درجة، كيف ؟ اقول هى مسؤلية الحكام والساسة واصحاب الإستراتيجية فهم ادرى كيفية الاستفادة اذا ارادوا ذلك. ولا بد من العمل على استمرار هذا النزاع (الروسى - الغربى) يكى نرتاح من المؤامرات المتتالية من كلا الطرفين على امة الاسلام. وفى الوقت ذاته لا نركن الى هذه الخلافات، على امة الاسلام أن تعى أنها هى المستهدفة والنزاع القائم بين المعسكرين الشرقى والغربى هو على كيفية تقسيم الغنيمة (العالم الإسلامى). فالمعسكر الشرقى يرى التقاسم العادل بين المعسكرين او على الاقل أن يكون له حصة بينما يرى المعسكر الغربى أنه لا يجب على أحد أن ينازعه هذه الحصة ولو كانت روسيا بل ويفضل أن يقسم التركة ويتخلص من روسيا، فان شاء الله يكون مصيرهم مصير "خمسة عشر رجلا ماتوا من أجل صندوق".
تحياتى لاستاذ الكبير شاكر شوبير و لكل القراء.
المفضلات