الاستاذ العزيز / عامر العظم ..
كنت تسال عن الادب وقد حاولت افادتك بما لدى . والان تسال عن الاديب واليك ما عندى عله يكون ذا فائدة . .
الاديب انسان ينزف كتابات مصاغة فنيا لتمس شغاف القلوب وتتوغل فى حنايا النفس البشرية , قد يحمل رسالة لا يألو جهدا فى توصيلها لقرائه وقد يكتب لمجرد حاجته للكتابه فيشبع بها نفسه ويصل بهذا الشبع الى قارئه , وسواء كان هذا الانسان قاصا او شاعرا او روائيا فهو اذا ادلى بدلوه فما تقرأه ادبا تتفاعل معه المشاعر والاحاسيس , و تطير معه باجنحة ملائكيه أو تغوص معه بمخالب الشياطين .
الاديب يا سيدى الفاضل ليس بحاجة لمن يناديه أديبا , تكفيه ان تصل رسالته الى قارئه ولو كان يعيش فى زى زبال أ و عاطل , الكتابة الادبية هبة ربانية لا تاتى بالاكتساب او الاحتراف فلغوى ضليع فى النحو والصرف قد لا يكون اديبا واديب صدقنى قد يخطىء فيهما الا ان ملكته الابداعية اذا اهتم بها أو رعاها احدهم سوف ترتفع به الى مصاف الادباء .
فى مجتمعنا العربى ستجد كثيرين ممن ليسوا كذلك تمتلىء بكتاباتهم الجرائد والمجلات ويجدون من الامكانيات ما يدفعهم الى نشر الكثير من الكتب الغثة والروايات التافهة .
النشر الورقى يا سبدى العزيز ليس معيارا للأديب ولا حتى غزارة الانتاج , وانما جودة " المنتج " العمل ومدى سمو الرسالة فيه , بل ليس ما يثيره العمل من شغب بقدر ما يحمل فى طياته من فهم ومنهاج للحياة جديد , هل اطلعت بالمناسبة على "شفرة دافنشى " ؟ كم اثارت من شغب وكم حققت من مبيعات وكم كان حجمها ؟ لم يكن هذا مهما ؛ فى رايى الشخصى لم تكن ادبا قدر ما كانت رواية تجارية ولعلك تعلم كم كلف كتابة هذه الرواية .
قرات ان كلفتها تعدت المليونى دولار وكانت تتولى عملية الانتاج " وكأنها فيلم " شركة من شركات النشر , فلم يكن كاتبها مجرد كاتب مسكين منكفىء على اعالة اسرة ويذهب للدوام الرسمى يوما بيوم , بل كان الكاتب وطاقم من السكرتارية ومدير اعمال ورحلات سفر وبحث وتحقيق هنا وهناك .
هل يدهشك ان تكون رواية " الخبز الحافى " لمحمد شكري هى احدى اجمل الروايات العربية فى العصر الحديث كما يصنفها ادباء كبار ؟
قد يكون من اللائق بالأديب فى مجتمعنا العربى والاسلامى ان يحمل رسالته السامية وان يعمل من اجل الارتقاء بالذوق العام وان يحاول كشف الغبار عن تراثه الأصيل وألا يخدش حياء قرائه ويرتفع باذواقهم و . . ولكن مالعمل والعمل
والعمل الأدبى يجب ان يحمل وجهى الحياة المعاصرة , فالكتابات التاريخية وان كانت لا تخلو من واقعية الحياة البشرية ؛لكنها تعيدنا الى الاجواء الاسطورية والاحلام مستحيلة المنال فى عالمنا المعاصر وحالنا ماتراه اليوم ,
الحديث ذو شجون وربما تكون لى عودة اذا شاء ربنا , فقط اشير الى ماقال الصدبق العزيز / عبد الرشيد حاجب ببعض العتاب , , " الكاتب الحقيقى " لا يتساوى ابدا مع كاتب عمومى او كاتب تمائم أو عرائض ؛ ذلك انه هو نفسه الأديب الذى حدثتكم عنه ايها السادة , فالكاتب الحقيقى صائغ لغة وفكر وصاحب رسالة .
تحياتى لكم ومودتى .
المفضلات