أنا من مصياف ... بلدة ولا أجمل بتنوع طبيعتها وغنى محاصيلها الزراعية ، فهي بلدة التين والزيتون والكرمة ....
قال فيها الشاعر علي الخش :
إذا يمَّمْتَ حسناً بالمكانِ = فزُرْ مصيافَ رائعةَ الزّمانِ
لئن عُدّت جنان الله يوماً = فمصياف الهوى تاجُ الجنان
يطالعك الثرى منها بوجهٍ = من الريحان أو بالأقحوانِ
مفلَّجةٌ كراحاتِ الصبايا = تشعّب ماؤها مثل البَنانِ
مغانٍ قد حباها الله حسناً = فطِبْ نفساً بهاتيك المغاني
تعانقها الجبال مشوِّقاتٍ = كأن السفح منها الراحتانِ
تنام عليهما فكأن طفلاً = لأمٍ قد غفا والصدر حانِ
تخال ذوائبَ الأشجارِ فيها = مراوحَ، والنسيمَ بها أغانِ
مرابعُ تستضيفُك ضاحكاتٍ = ومن أدب الضيافة والتفاني
يهشّ الكرْمُ للزوّار حتى = يهمُّ الشّاربون إلى الأواني
يروعُك أفقها،والشمسُ تبكي = وقد حرمت بها طيب التداني
فضرّجَ عُريَهُ دمُها فصاغت = له الألوان آلاف المعاني
تحفّ بها العيون على عيونٍ = تساقيك الخمورَ بلا دِنانِ
فما تدري بأيهما ستُروى = فتخرج كالحسير من الرهانِ
وللورّاقة الخضراء طبْيٌ = فعنها لا يُسارُ إلى مكانِ
ظلالٌ تهرب الأنوار منْها = فتمنحها شعوراً بالأمانِ
وأطيارٌ يعفُّ الموتُ عنها = إذا صدحتْ مناقيرَ البيانِ
فما للقاطنين بها براحٌ = ولا للزائرين بها يدانِ
تنافستِ الفصولُ على هواها = فما فصلٌ تفرّد بالأوانِ
إذا رحل الشتاءُ وحنَّ شوقاً = هَفَتْ في الصَّيفِ منه دمعتانِ
أحبّكِ . . ليتَ حُبّكِ كانَ ناراً = تضيءُ وتستقيدُ بلا دُخانِ
وهذه بعض الصور عن مصياف ..
قلعة مصياف
منظر عام
هكذا تبدو بعض معالم مصياف من سفوح جبالها
في الشتاء
طريق جبلي
شلال مياه
بعيداً عن العمران
أرجو المعذرة لأني جمعت الصور من هنا وهناك ولم أقم بتحميلها على موقع ما ..
#ff0000
مصياف أو ( مصياد ) أو حتى مصياب والتي تعني "الحص الحصين " .
مدينة صغيرة يبلغ عدد سكانها حوالي 60 ألف نسمة ..تقبع مصياف على الجانب الشرقي من سلسلة جبال العلويين (جبال اللاذقية) وهي تتبع اليوم إدارياً إلى محافظة حماه .
تتوسط مفترق طرق يربط سوريا الوسطى بالمنطقة الساحلية , وهي تبعد حوالي (45) كم إلى الغرب من مدينة حماه وتشكل أحد الثغور الطبيعية التي تشرف على سهل الغاب وبداية طبيعية للمرتفعات الجبلية المتاخمة للسهل من جهة الغرب.
تشكل مصياف نقطة التقاء واتصال بين الساحل والداخل , وهي حصينة بالجبال التي تحضنها من جهاتها الثلاث :الغربية والشمالية والشرقية مما يشكل موقعاً سياحياً منقطع النظير , غنيّاً بالمياه والخضرة الدائمة والمناظر الطبيعية الخلابة والآثار التاريخية الكثيرة الموزعة في شتى أنحاء المنطقة وهذا يفسر تجاذب القوى التاريخية للسيطرة عليها..
لمحة تاريخية :
إضافة إلى أهمية موقعها من الناحية الاستراتيجية والاقتصادية فهي تتمتع بمناخ لطيف وأمطار غزيرة مما قد يفسر تسميتها بـ "مصياف" والتي تعني لغة ً "المكان المتأخر النبت غزير المطر صيفاً " غير أن اسمها قد تغير حسب ما يقوله المؤرخون فعرفت باسم مصيات ومصيد ومصييت , وأسماها ياقوت الحموي في معجم البلدان باسم مصياد ربما لشهرتها بنشاطات الصيد .
غير أن تسمية المدينة ربما تعود إلى أصول لغوية أقدم . إذ أن بداية العمران في الموقع تمتد إلى أكثر من ألفي عام . ففي قلعة مصياف بقايا من طبقات رومانية ترجع إلى حوالي (44) ق.م
وتعتبر القلعة شاهداً حقيقياً على تتابع أنماط العمارة العسكرية عبر العصور حيث ترتفع فوق الطبقة الرومانية أبراج دائرية ترجع إلى الفترة البيزنطية التي عنيت بالموقع وتحصيناته . أما بعد الفتح الإسلامي فقد تبعت مصياف لمدينة حمص خلال الفترة الأموية ونمت حولها مدينة صغيرة مما يدل على تطور النشاط التجاري فيها.
ثم تنازعتها القوى المتصارعة على حكم بلاد الشام وانتقلت من يد الإخشيديين والحمدانيين إلى البيزنطيين في نهاية القرن العاشر الميلادي . وأتبعها الخليفة الفاطمي المعز لدين الله إلى الحكم الفاطمي وانتقلت تباعاً بعدها إلى يد المرادسيين إلي بني منقذ الذين حكموا في شيزر المجاورة. ولكن شكل القلعة وتحصيناتها لم تكتمل إلا بعد تأسيس الإمارة الإسماعيلية .
حيث كان أول زعيم للدولة الإسماعيلة في مصياف ( يهرام بن موسى) ثم الشيخ أبو محمد ( شهاب الدين أبو الفرج ) وفي هذه الفترة كانت مصياف تابعة فكرياً وعقائدياً إلى قلعة آلموت في بلاد فارس , ولم تستقل عنها إلا بمجيء (سنان راشد الدين) (الملقب بـ شيخ الجبل) الذي عمل على ربط القلعة مع شبكة من التحصينات الأخرى كقلاع القدموس والكهف والخوابي لتشكل خطاً دفاعياً هاماً بوجه التوسع الصليبي في المنطقة .
وخلال إمارة سنان راشد الدين توسعت المدينة المحيطة بالقلعة وأصبح فيها سوقاً رئيسياً وعدد من الخانات وحمام وتم تدعيم نظام الأسوار والأبراج المحيطة بالمدينة . وما تزال بقايا السور الذي يرتفع إلى قرابة 8-10 م وعرض 2 متر وأبراجه من الجهة الشرقية شاهدة على تطور المدينة آنذاك . كما كان للمدينة أربعة أبواب : شمالي وقبلي وشرقي وغربي .
وبالقرب من مصياف قلعة أخرى هي قلعة القاهر ( القهرة) وهي تقع على قمة جبل مرتفع يحاور جبل المشهد . وقد بناها سنان راشد الدين للتأكيد على حماية المدينة واستقرارها . هذا الاستقرار الذي استقطب كبار الشعراء والفلاسفة والرحالة أمثال مزيد الحلي وحسن البزاعي وعلي سرميني ونور الدين أحمد ومحمد نور الرفني . وبهذا انتعشت في المدينة حركة ثقافية مشهود بها , ولعل أهم الشواهد الثقافية في المدينة هي بقايا قصر ومقام اخوان الصفا وخلان الوفا , وهو مكان رقود أضرحة يعتقد أنها لأصحاب هذه المجموعة التي أبدعت إحدى أهم الأعمال الفكرية من الفترة الإسلامية الوسيطة ونشرتها على شكل رسائل علمية تغطي علوم الفلسفة والأدب والرياضيات إضافة إلى علوم الدين سميت ( رسائل اخوان الصفا )
أعمال الترميم :
انتهت مؤخراً مؤسسة الآغا خان للثقافة وبالتنسيق مع المديرية العامة للآثار والمتاحف من أعمال الترميم والحفاظ على قلعة مصياف ووضع برنامج عمل يهدف إلى تنفيذ بنية تحتية سياحية لزوار القلعة من أجل الحصول على أكثر ما يمكن من الفائدة من خلال زيارتهم لها وتتابع مؤسسة الآغا خان حالياً في وضع خطة عمل لإضافة المزيد من اللمسات الحضارية في عدد من الجوانب الأثرية في المدينة بغية أن تأخذ مدينة مصياف وجهها الحضاري المشرق ليتقدم ويصبح عامل جذب سياحي هام ينعكس ايجاباً على الحركة السياحية في المدينة التي تحتاج دائماً إلى دعم من أجل تنميتها اقتصادياً واجتماعياً.
عن مصياف :
تشتهر مصياف بطبيعتها الخلابة الجبلية وبزراعتها وكثرة مياهها المعدنية ، بها وديان وشلالات وأنهار وجداول و غابات متنوعة صنوبرية وبلوطية وأحراش ، تشتهر مصياف بزراعة التين والزيتون ، وهذا لايمنع من وجود مختلف أنواع الفواكه والحمضيات كالتفاح والدراق والمشمش والكرز واللوز والجوز والتوت بأنواعه حتى البري والأجاص وحتى الكستناء والرمان وأشجار الكرمة..
تكثر في جبالها الأشجار البرية المثمرة كالتوت البري والخوخ البري والإجاص والعنب والقطلب والزعرور
فيها ينابيع عذبة تتناثر بين الجبال بحيث لا يحمل هم الماء أحد ، وهناك شلالات مياه لا يطيب إلا الجلوس بقربها ساعة الظهيرة ...
مناخ مصياف معتدل صيفاً ، بارد شتاءً ، في الربيع تبدو حلة خضراء تزدان بمختلف أنواع الورود والزهور كتلك اللوحة التي تتركتها كتذكار للعين بل وأجمل ..
لاينقطع الهواء في مصياف عن الحركة صيف شتاء ، لكنه لايحمل الأتربة أو الغبار بسبب الغطاء الأخضر الذي تتحلى به المنطقة .
استحقت مصياف مكانة مرموقة في التاريخ الثقافي والسياسي فنمت على جميع الأصعدة وإلى الآن يحاول شبابها المحافظة على هذه المكانة من خلال النشاطات الاجتماعية والثقافية الدائمة المسرحية منها والتطوعية
(موقع مصيافي )
المفضلات